هذا الكتاب عبارة عن رواية شعبية جزائرية من أمتع ما جادت به عقول المؤلفين ، وهي لمحمد بن إبراهيم بن مصطفى باشا ، تروي قصة حبيبين التقيا في لحظة من لحظات العمر فإذا بهما يعشقان بعضهما ولا يقدر أحدهما على  مفارقة الآخر ، وبين الشعر والخمر والفراق والقرب وكيد الكائدين ينتصر الحب في آخر المطاف.

وصاحب العمل ولد عام 1806 بمدينة الجزائر وأنهى كتابه هذا حوالي عام 1845 م (1266ه) وقد توفي حسب بعض المصادر عام1886م ويرجّح أن تكون له أعمال أخرى غير التي بين أيدينا رغم أن الدكتور سعد الله لم يقف عند غيرها.

الرواية مليئة بالأخطاء الإملائية وفي الكثير من الأحيان تكون العبارات عامية ، ورغم وجود الكثير من المقاطع الشعرية إلاّ أنّ الأخطاء أيضا وصلت إليها حتى أفسدت وزنها ومعناها مثال :

حبا زايدا كل يوم حلأة      وقول العوادل الرياح تهويه

أضافة إلى فساد الوزن فإننا لم نفهم كيف نقرأ " زايدا " وما حكم إعرابها ، ولا كلمة "حلأة " رغم أن كلمة " العوادل " تقرأ الدال فيها ذالا  وكان من المفروض أن ينتبه المحقّق لذلك لا أن يجمع بعض الأخطاء القليلة من العمل في جدول صغير لينبّه إلى خطإها ويعطي التصويب .

" وفاضوا عيونها بالدموع " والأحرى "فاضت عيناها بالدموع "

"وقبّل ثغرها وعنقها" والأصح " وقبّل ثغرها وعانقها "

ثم " أقبلوا عليهم الجوار"   والصواب "أقبلت عليهم الجواري "

الدكتور سعد الله يشير في بداية العمل إلى أنه لم يغير شيئا في المتن كي لا يرمى بعدم الإمانة ولكن تعلمنا من الكتب التراثية المحقّقة أنّ المحقّق يصحّح الأخطاء الموجودة في العمل ومثاله إذا نسي الناسخ كتابة اللم في "ذلك" فكتبها "ذك" فالواجب على المحقق أن يصحّحها بدل أن يتركها ، وليضعها بين قوسين ليعرف القاريء أنها خضعت للتصويب الذي لا يمس أبدا بالأمانة العلمية في شيء قليل أو كثير.

بل إنّ المحقّق هنا لم يقم إلأ بدور الناشر فهو لم يفعل شيئا سوى إخراج الكتاب من رفوف المكتبة الجزائرية ليدفع به إلى المطبعة ليقرأه الناس ويستفيدوا منه مثلما استفاد. رغم أنّ استفادت العامّة لن تكون كبيرة للأسباب التي ذكرناها.

هناك الكثير من الألفاظ لم يفهم القاريء معناها بل زادها المحقّق سوءا حين وضعها على الهامش قائلا :

" هكذا في الأصل ولا أدري لها معنى الآن" مثل:" ثم قدموا لهم مائدة المدام، منوّعة من الفواكه و الحلاوات

وصففت الأبارق وملوا الكيسان من عتيق الخمر المللون "

فكلمتي " ملوا " يضعها المحقّق في الهامش ويشرحها على أنها تعني "ملأوا " أمّا كلمة " المللون " فعلّق بأنّه لم يعرف معناها وهو ما حدث مع كلما عديدة أخرى فلم َ إذن يحقق رواية لا يعرف معاني ألفاظها؟

وغاية القصد من هذا الحديث أنّ فنّ التحقيق ليس لأيّ كان ، له المتخصّصون فيه علماء أجلأء ويكفي أنّ نذكر الدكتورة بنت الشاطىء لنعرف الأمر كما لا يجب الاعتماد على النسخة الواحة إلاّ في الحالات القصوى ولا أن تكون فكرة الأمانة العلمية حجّة على عدم تصحيح الأخطاء ،وهذا ليقدّم العمل للقاريء كاملا لا غبار عليه ، أمّا أنّه يوضع بين يديه بهذا الشكل كما هو عليه في " حكاية العشاق في الحب والاشتياق " فالأولى أ، ينشر الكتاب دون تحقيق أفضل بكثير من تحقيق ليس له في الحقيقة إلاّ الاسم.

              


المراجع

odabasham.net

التصانيف

أدب  مجتمع   الآداب   قصة   العلوم الاجتماعية