مفكّر إسلامي،  فقيه عراقي بارز،  أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلاميّة بكليّات الحقوق والآداب والدراسات الإسلاميّة  بجامعة بغداد،  مراقب عام جماعة الإخوان المسلين بالعراق.

ينتمي الشيخ عبد الكريم زيدان إلى عشيرة المحامدة إحدى فروع قبيلة الدليم العربيّة. 

ولد في بغداد،  نشأ يتيماً في أسرة فاضلة متديّنة،  وكان والده قد توفي هو في الثالثة من عمره،  حفظ القرآن الكريم في كتاتيب العاصمة،  تخرّج في دار المعلمين الابتدائيّة،  واشتغل في التعليم،  ثم التحق بجامعة بغداد بعد حصوله على الشهادة الثانوية،  ونال منها درجة بكالوريوس في الحقوق عام 1950،  وعيّن مديراً لثانوية النجيبيّة الدينيّة،  سافر إلى القاهرة لإكمال دراسته العليا،  وحصل على دبلوم الشريعة الإسلاميّة من كليّة الحقوق بجامعة القاهرة عام 1958،  والدكتوراه في الشريعة الإسلاميّة من جامعة القاهرة في عام 1962 بمرتبة الشرف الأولى.

وتتلمذ على علماء العراق وخاصّة الشيخ أمجد الزهاوي،  والشيخ عبد القادر الخطيب،  والشيخ نجم الدين الواعظ،   ومحمد محمود الصوّاف،  وتحدث عن مدى تأثّره بشيخه الزهاوي فيقول: ما تأثرت بشخص رأيته بعيني بمثل ما تأثّرت بأستاذي الزهاوي رحمه الله،  وما رأت عيني مثله على كثرة من رأيت وعرفت وخالطت.

ويقول: لقد صحبت الشيخ رحمه الله في إقامته وفي سفره،  وفي صحّته وفي سقمه،  وحضرت مجلسه العام والخاص،  فما رأيت منه ضعفاً أو فتوراً فيما تحدثت عنه من إخلاص وخوف من الله واهتمام بأمر المسلمين.

ولقي في مصر كبار علماء الأزهر وفي مقدمتهم: الشيخ علي الخفيف،  والشيخ محمد أبو زهرة،  والشيخ حسن مأمون وغيرهم من العلماء.

انضمّ إلى (جمعيّة الأخّوة الإسلاميّة) الي أّسّسها في العراق تلميذ الإمام الشهيد حسن البنّا: الشيخ محمد محمود الصوّاف،  وخلفه بعد وفاته في قيادتها.

اختصر العقيدة الطحاوية،  وقررها على جماعة الإخوان في العراق،  ولذلك تجد الإخوان العراقيين والكويتيين سلفيين في العقيدة.

أسس كلية الدراسات الإسلامية نهاية الستينيات ليتيح العلم الشرعي على منهاج السلف،  فتخرج من الكلية عشرات الطلاب.

اشتغل بعد عودته إلى العراق بالتدريس في كليتي الحقوق والشريعة بجامعة بغداد،  وتقلد فيها   مناصب علميّة: أستاذ الشريعة ورئيس قسم الدين بكلية الآداب بجامعة بغداد،  وأستاذ الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية.

وخلال عهد البعث صودرت الحريّات،  فقلَّ النشاط الإسلامي السني،  ولا سيّما بعد إغلاق كليّة الدراسات الإسـلاميّة عام 1975 وإلغاء الحلقات العلميّة كحلقة الشـيخ عبد الكريم المدرّس في مسجد القادريّة،  وكذلك إلغاء المدرسة الآصفيّة في بغداد،  وإلغاء منصب المفتي عام 1976 وهي سنة وفاة أخر مفتي للعراق،  وإلغاء كليّة الإمام الأعظم وتأسيس كليّة شرعيّة مختلطة ومسيّسة،  وكانوا قد أجبروا الأستاذ زيدان على وقف نشاط الإخوان المسلمين في العراق وحلّ التنظيم،  وضيّق عليه في الدعوة والعمل الإسلامي،  ووضع في الإقامة الجبريّة  في منزله نحو عشر سنوات.

هاجر إلى اليمن،  وعمل أستاذاً للشريعة الإسلاميّة والفقه المقارن بقسم الدراسات الإسلاميّة بكلية الآداب في جامعة صنعاء،  وجامعة الإيمان،  وأشرف على العديد من شهادات الماجستير والدكتوراه،  وشارك في تحرير بعض الموضوعات العلميّة بموسوعة الفقه الإسلامي بالكويت،  واختير كأحد أمناء الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة.

ألّف العديد من الكتب الفقهيّة منها: (أحكام الذميّين والمستأمنين في الإسلام) 1382/1963 و(المدخل لدراسة الشريعة الإسلاميّة) 1386/1966 و(الفرد والدولة في الشريعة الإسلاميّة) و(اللقطة وأحكامها في الشريعة الإسلاميّة) مجموعة بحوث فقهيّة،  وله كتاب (أصول الدعوة الإسلاميّة) 1970 تحدّث فيه عن موضوع: الدعوة،  والداعي،  والمدعي،  وأساليب الدعوة،  ووسائلها،  و(القيود الواردة على الملكيّة الفردية للمصلحة العامة في الشريعة الإسلاميّة) 1402/1982 و(موجز الأديان في القرآن) 1408/1998  و(الوجيز في أصول الفقه) 1422/2002 و(بحوث فقهيّة معاصرة) 1423/2003 و(المفصّل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلاميّة) في أحد عشر جزءاً،  و(المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة) في جزئين،  و(الإيمان بالقضاء والقدر) و(القيود الواردة على الملكيّة الفرديّة) و(القصاص والديّات في الشريعة الإسلاميّة) و(نظرات في الشريعة الإسلاميّة مقارنة بالقوانين الوضعيّة) و(نظام القضاء في الشريعة الإسلاميّة) و(الإلهيّة في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة) و(العقوبة في الشريعة الإسلاميّة) بالإضافة إلى عدد من البحوث والدراسات المنشورة.

أكّد على تقديم العلم على العمل مستشهداً بالآية الكريمة: (فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) فقال ـ رحمه الله  ـ:  فقدم العلم على العمل ؛ والواقع أن تقديم العلم على أي عمل ضروري للعامل حتى يعلم ما يريد ليقصده ويعمل للوصول إليه،   وإذا كان سبق العلم لأي عمل ضرورياً فإنه أشد ضرورة للداعي الى الله لأن ما يقوم به من دين منسوب إلى رب العالمين.

تابع أحداث العراق بعد هجرته إلى اليمن في مطلع التسعينات،  وأصدر العديد من الفتاوى الشرعيّة ومنها بيان صدر في 31/12/2012 أوضح فيه وجهة نظره لما يحدث في العراق من اعتصامات أكد  فيه شرعيتها ووجوب مناصرتها،  داعيا القائمين عليها إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات.

كما أعلن وقوفه إلى جانب المعتصمين في مطالبتهم بإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات وإزالة "المادة الرابعة إرهاب" من الدستور العراقي والتي اتخذها الظلمة -حسب قوله- للتضييق والتنكيل بكل مقاوم للظلم،  موصيا المعتصمين في نهاية هذا البيان بالصبر والثبات حتى تحقيق ما أسماها المطالب الشرعية.

فاز بجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلاميّة سنة 1417/1997،  عن كتابه (الموسوعة): )المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم(،  أحد عشر مجلداً.

توفي في صنعاء يوم الإثنين 26 ربيع الأوّل 1435 الموافق 27/1/2014 بعد شيخوخة صالحة تاركاً تراثاً علميّاً قلّ نظيره،  وسيرة عطرة في نفوس تلاميذه وعارفي فضله.

وأشادت هيئة علماء المسلمين في بيان نعيه بمآثره ووصفته بأنّه كان رمزاً من الرموز العلمية والفكرية في العالم الإسلامي.. مؤكدة انه كان مدافعا بالكلمة الشجاعة عن حقوق الامة الاسلامية وقضاياها العادلة،  وحريصا على وحدة العراق ارضا وشعبا.

ولفتت الهيئة،  الانتباه الى انه بوفاة الشيخ (عبد الكريم العاني) تفقد الأمة بصورة عامة والعراق خاصة علما وسندا ومثابة شرعية وفكرية كبيرة،  كان لها اثر مهم وبارز في ترشيد المنطلقات وتصويب الأفكار والمواقف المضطربة طيلة سنوات الاحتلال الغاشم،  وتصويبها باتجاه الالتزام بثوابت التحرير والوحدة والمحافظة على السيادة والهوية.

ووصفه تلميذه الدكتور سامي الجنابي فقال: لم أر مثله في عمق فقهه وغوصه على درر المعاني الأصولية والفقهية،  والقدرة على تصور القضايا والتمييز بين المتشابهات العويصة،  والفرز بينها،  وترجيح الراجح منه وفق الدليل.

كتب في سيرته: الدكتور حسين الدليمي رسالة دكتوراه تحت عنوان )الدكتور عبد الكريم زيدان ومنهاجه في الدعوة).

               

(1) من أعلام الحركة والدعوة الإسلاميّة المعاصرة ص 326 عبد الله العقيل. (2) منتديات ساندروز ـ أهل السنّة والجماعة. (3) هيئة علماء المسلمين 27/1/2014 بيان وفاة العلامة المجاهد عبد الكريم العاني. (4) الصحوة نت 28/1/2014 عبد الكريم زيدان وضع قلمه ورحل،  عبد المغني المقرمي. (5) مفكرة الإسلام 27/1/2014 وفاة العلامة عبد الكريم زيدان عن عمر يناهز 97 عاماً،  سامي الجنابي.


المراجع

odabasham.net

التصانيف

أدب  مجتمع   الآداب   قصة   العلوم الاجتماعية