تمهيــد:
المصطلح والدلالـة
مصطلح الأدب الإسلامي مصطلح قديم وحديث: هو قديم باعتبار الميلاد والنشأة، وهو حديث
باعتبار التداول والدلالة. والذين وقفوا حديثا موقف الخصومة من مصطلح الأدب
الإسلامي إنما وقفوا ذلك الموقف من منطلق إيديولوجي أحيانا،ومن منطلق الجمود على
فهم دلالي ساد فترة من الزمن،أحيانا أخرى،ولم يستوعبوا مستجدات الاصطلاح، وقلما كان
هنالك مسوغ علمي جدير بالتأمل وراء هذه الخصومة أو الرفض.والدليل على ذلك أمران:
أوّلهما أنهم ظنوا أن مصطلح الأدب الإسلامي بدعة لم يكن للدرس النقدي والأدبي به
عهد من قبل، وأن هنالك دوافع غير علمية – ولنقل بصريح العبارة دوافع إيديولوجية-
كانت وراء ظهور المصطلح، فهم يتساءلون:وما الأدب الإسلامي؟ وما علاقة الإسلام
بالأدب؟. والحال أنهم يتلقون بالقبول مصطلحات مماثلة تتصل بالعلوم والفنون، فهم لا
ينكرون الحديث عن الفلسفة الإسلامية،والتاريخ الإسلامي، بل والفن الإسلامي، بل صنف
بعضهم في ذلك مصنفات، يستوي في ذلك العرب والمستشرقون، كصنيع وليم مارسيه في كتابه
عن (الفن الإسلامي)، وهو كما يقول أوليغ كرابار من أبرز المختصين في الموضوع. ومن
هؤلاء أوليغ كرابار نفسه في كتابهكيف نفكر في الفن الإسلامي) (6).
ويراد من وراء هذا المصطلح أمران هما:الفن الصادر عن الشعوب الإسلامية، أو فنون
العالم الإسلامي، كما يعبر كرابار،ثم الفن النابع من عقيدة المسلمين، هذه العقيدة
التي غلّبت فنا دون فن، فانصرف الناس مثلا عن النحت أوالتصوير، ولاسيما ما فيه
روح، وتقدم في مقابل ذلك بشكل نادر فنون أخرى كالخط والهندسة المعمارية والزخرفة.
وقد صار الحديث عن الفن الإسلامي متوافراً ومعروفاً في عدة لغات، وفي حضارات كثيرة،
وقد ذكر أوليغ كرابار، في مقدمة كتابه، أنه علم( بوجود دراسة حول الفن الإسلامي في
كوريا وهي لغة لا تذكر في العالم الإسلامي). أو تبقى العربية وحدها ممنوعة من الخوض
في هذه المواضيع إرضاء لبعض النفوس الضيقة الأفق والرؤيا؟
وقد بين الأستاذ أبو صالح الإلفي، وهو من خير من كتب عن الفن الإسلامي، أن
الفن الإسلامي لم يستهدف محاكاة الطبيعة عند معالجة الموضوعات الفنية في مشروعاته
المختلفة، وأنه بذلك كان مخالفا للفن الإغريقي والروماني، وحتى فنون عصر النهضة في
أوربا، وقد استند إلى عدد من الغربيين،من أمثال،ل.برهير،وتيراس، ونلسن، ولامانس،
لتأكيد هذه الخصوصية الإسلامية في الفن.(7)
وهكذا كان الحديث عن الفن الإسلامي،وعن الزخرفة الإسلامية، وعن الفلسفة الإسلامية،
وعن العمران الإسلامي. حتى إذا تعلق الأمر بالأدب الإسلامي استنكروا واستغشوا
ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا.
وثانيهما أن عددا من أولئك المنكرين قبلوا مصطلح الأدب الإسلامي وتداولوه، ودرَسوه
ودرّسوه لطلبتهم عقودا من الزمن، يوم كانت دلالته التاريخية مهيمنة، وجادلوا فيه
وأنكروه يوم تطورت الدلالة، أو لنقل تجددت، فهم كانوا وما زال بعضهم لا يفهم من
مصطلح الأدب الإسلامي إلا ذلك الأدب المقترن بفترة معينة من الزمن، هي فترة البعثة
والخلفاء الراشدين لا تتعدى ذلك عند طائفة منهم، وهي عند طائفة أخرى تتسع بعض
الاتساع لتشمل عصر بني أمية، وقلما التفتوا إلى ما خالف هذا التقسيم،سواء أكان
المخالف من الأقدمين، مثل ابن خلدون رحمه الله تعالى، أم كان من المحدثين، مثل كارل
بروكلمان، ومن سار على آثارهم قصصا.
والحال أن مصطلح الأدب الإسلامي قديم في ظهوره، قد يعود إلى نهاية القرن
الهجري الأول وبداية القرن الثاني إن نحن تقصينا الأمر وأحسنا التقصي، ومما لا شك
فيه أن استعماله شاع في القرن الثالث واستفاض في القرن الثالث، ثم صار مصطلح
الإسلامي والإسلاميين تتداوله الألسنة فيما بعد، وقد عرف الناس من مؤلفات القرن
الرابع كتاب أبي الحسن الأشعري الشهيرمقالات الإسلاميين).إلا أن دلالة المصطلح
شهدت من التطور ما يقتضي التتبع لفهم ما آل إليه المصطلح في هذا العصر. وإجمالا
يمكننا أن نجمل هذه المراحل التي شهد فيها مصطلح الأدب الإسلامي تطورا إلى أربع
مراحل رئيسية، وهي ما نسعى إلى تبيانه فيما يلي من الفصول.
المرحــــلة الأولى
أدب
فترة
(من أين علم الأفوه أن الشهب التي يراها إنما هي قذف ورجم،
وهو
جاهلي،ولم يدع هذا أحدٌ قطّ إلا المسلمون؟ )
الجاحظ
اصطلح الناس على أمور واجتمعوا عليها، وأخطأهم الاصطلاح على أمور فاختلفوا
فيها. وفي ذلك يقول شيخنا عبد الله الطيب رحمه الله تعالى:"والحقّ أن ما نسميه
مصطلحا قلّ أن يصيب من الناس اصطلاحا جامعا عليه، انظر إلى هذا الاختلاف في معنى
الطبقات من عهد الخليل إلى زمان ابن رشيق، وقل مثل ذلك في أسماء أخرى كالجناس
والمقابلة وما أشبه".
فهذا مثل على أن المصطلح الواحد يكون له أكثر من دلالة،فهو مصطلح،إلا أنه لم يصطلح
الناس على معنى واحد حوله.
وعندما وقف العلماء على قوله تعالى، من سورة البقرة 273: "للفقراء الذين أحصروا في
سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم
بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم"،صح عندهم أن
هذا الأسلوب وجه بلاغي متميز، ولكنهم اختلفوا في النعت، ولم يصطلحوا على اسم واحد
يتفقون حوله لوصف هذا الوجه البلاغي. وقد التمسوا شواهد أخرى للظاهرة من غير
القرآن، فوقفوا على قول امرئ القيس:
على
لاحبٍ لا يهتدى بمناره إذا سنّه العَوْد النباطيّ جرجرا
وقول الآخر:
لا
تفزع الأرنبُ من أهوالها و لا ترى الضبّ بها ينجحر
فلما جاءوا إلى المصطلح لم يصطلحوا على اسم،فهو عند ابن جني داخل في باب توجه اللفظ
الواحد إلى معنيين، وعند ابن فارس يدرج في باب التوهم،وهو غير التوهم الذي أراد به
بعضهم ما هو داخل في سبب منع أشياء من الصرف، مما يدل على أن اسم التوهم يقع على
أشياء متباينة، بحسب العلماء، كما هو الشأن في المطابقة والمجانسة والمقابلة وما
إلى ذلك.وسمى ابن رشيق الظاهرة نفي الشيء بإيجابه، وعند ابن الأثير يسمى عكس
الظاهر، وعده الخطيب القزويني والسكاكي من الإيجاز،مع اختلاف بينهما في طبيعة ذلك
الإيجاز، فعده أحدهما من إيجاز القصر، وجعله الآخر من إيجاز الحذف، وأضافه
السجلماسي إلى المبالغة.(8) فليس ما أصاب مصطلح الأدب الإسلامي إذن من تطور في
الدلالة بدعا في الدراسة المصطلحية.
عندما نعود إلى أقدم ما ألف في النقد العربي،مما وصل إلينا، مثل فحولة الشعراء
للأصمعي (216)، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي (231)،ثم فيما ظهر بعد ذلك
بقليل، فإننا نجد دورانا لمصطلح الأدب الإسلامي،أو ما اتصل به، كالشعر
الإسلامي،وشعراء الإسلام، والشعراء الإسلاميين، والشاعر الإسلامي، وربما وجدنا في
بعض تلك الكتب نصوصا معزوة إلى شيوخ أقدم عهدا، كأبي عمرو بن العلاء، بها إشارات
إلى ما نحن بصدده، مما يدل على قدم المصطلح، إذ من الثابت استعماله وافرا في القرن
الثاني الهجري، وربما كان ظهوره أواخر القرن الأول، يدلنا على ذلك ورود صيغ قريبة
على ألسنة شعراء القرن الأول، من أمثال الفرزدق (ت:113) القائل:"شعراء الإسلام
أربعة: أنا، وجرير، والأخطل،وكعب الأشقري).(9)
ويغلب على هذا الشوط تقييد المصطلح بالزمن،عند معظم النقاد،إلا ما كان من استثناءات
قليلة.
وأول ما استُعمل الأدب الإسلامي مقابلا للأدب الجاهلي،أي إن الفاصل بينهما زمني،يحد
بظهور دعوة الإسلام.
وقد سئل الأصمعي عن جرير والفرزدق والأخطل فقال: لا أقول فيهم شيئا لأنهم
إسلاميون(10).
ها هو الأصمعي إذن يستعمل مصطلح (الإسلاميين)، قبل استعمال أبي الحسن
الأشعري،بزمان طويل، فالأصمعي يعد من علماء القرن الثاني (وإن مات في أوائل القرن
الثالث)،والأشعري من علماء القرن الرابع،(توفي عام324هـ)رغم الخلاف الظاهر في دلالة
المصطلح بين الرجلين. والمصطلح في كل الأحوال ليس بحديث كما قد يظن.
وقال الأصمعي عن شيخه أبي عمرو بن العلاء،وهو من علماء القرن الثاني:"جلست
إليه عشر حجج، فما سمعته يحتج ببيت إسلامي" (11)،ولك أن تقرأهاببيتِ إسلامي)،على
الإضافة، أو ببيتٍ إسلامي)،على الصفة، وكلا الوجهين مؤكد لما نحن فيه من قدم
المصطلح.
وكان أبو عمرو يقول:"لو أدرك الأخطل يوما واحدا من الجاهلية ما قدمت عليه
أحدا."(12)
وجعل ابن سلاّم الشعراء طبقات،فعدّ منهم من هو (من الجاهليين)، ومن هو (من
الإسلاميين)، ومن هو (جاهلي إسلامي)،مثل حريث بن حافظ المازني(13).ويشرحه قوله عن
أمية بن حرثان بن الأسكر:" وله شعر في الجاهلية وشعر في الإسلام" (14)،وقوله عن
عمرو بن شأس:"كثير الشعر في الجاهلية والإسلام"(15)
وقد جعل في الطبقة لأولى من الإسلاميين جريرا والفرزدق والأخطل.
والأخطل،كما هو معروف،نصراني،متعصب لنصرانيته(16)، ولكن القدماء عدوه (شاعراً
إسلامياً)، لأنهم كانوا في تقسيمهم، أو كان معظمهم، يعتمد الزمن لا سواه.وما دام
الأخطل ممن عاش الحقبة الزمنية الإسلامية، فلا غرو أن يكون عندهم (شاعراً
إسلامياً)،على نصرانيته.
قال الخليفة عبد الملك بن مروان للفرزدق:من أشعر الناس في الإسلام؟قال: كفاك
بابن النصرانية إذا مدح.(17)
وكان أبو عبيدة يقول:شعراء الإسلام الأخطل ثم جرير ثم الفرزدق (18). وأبو
عبيدة يقدم الأخطل على صاحبيه،لا تمنعه نصرانيته من أن يحتل تلك المنزلة المتقدمة،
بالرغم من أن الحديث عن (شعراء الإسلام).
على أن الشاعر الإسلامي عندهم من نشأ في الإسلام، فلذلك اضطرب النقاد في
الشعراء الذين أدركهم الإسلام، وقد سلخوا من أعمارهم في الجاهلية حقبة من
الزمن،فشاع ذلك التصنيف الذي نجده عند ابن رشيق،في جعل الشعراء أربع طبقات:جاهلي
قديم، ومخضرم، وإسلامي، ومحدث.(19)
على أن من النقاد من لم يذكر صفة الخضرمة، فكان حسان بن ثابت والنابغة الجعدي من
القدماء عند المرزباني، لا من المخضرمين ولا من الإسلاميين، وأول الإسلاميين عنده
الفرزدق، فهو (فحل شعراء الإسلام)(20).واستغنى ابن سلام في طبقاته عن ذكر
المخضرمين، واكتفى بالجاهلية والإسلاميين من الفحول،مضيفا إليهم شعراء القرى
العربية وشعراء المراثي،ومن كان من المخضرمين ألحقه بطبقة من الطبقات المذكورة، فقد
ألحق كعب بن زهير بالجاهليين، مثلا ،وجعله في الطبقة الثانية، بينما ذكر حسان بن
ثابث في شعراء القرى العربية.
وهكذا يكون الزمن هو الفيصل في وسم الشعراء بصفة: "الإسلامية"، وتنتهي طبقات
الإسلاميين،عادة، عند آخر عصر بني أمية، ليبدأ عصر المحدثين والمولدين.
على أن من العلماء من أطلق مصطلح الإسلاميين على كل من جاء بعد الإسلام، ولابن
خلدون في هذا تميز واضح، حين يجعل الإسلاميين أعلى طبقة في الكلام من الجاهليين،
لما سمعوا من الكلام المعجز من كتاب الله عز وجل.
لم يكن المعيار الزمني، رغم غلبته، خالصا عند كل النقاد، فقد رأينا أحكاماً تضيف
إلى الزمن عناصر أخرى هي ألصق بالفن، حتى لكأن للجاهليين مياسم فنية ينمازون بها،
وللإسلاميين أخرى يعرفون بها.
فأبو عبيدة، وهو، كما سبقت الإشارة، من يجعل الأربعة المشهورين فحول الإسلام،يقول:
الأخطل أشبه بالجاهلية (21)، أي في مذهبه الشعري.وما أشبه هذا بالحق، ولئن كان
أبو عبيدة لم يقدم تعليلا لذلك، فإن الاستئناس برأي ابن خلدون النقدي يعلل الأمر
ويشرحه. وليس معنى ذلك أن الأخطل لم يسمع الكلام المعجز، المتمثل في كتابه الله
تعالى، فأثر القرآن الكريم واضح في شعره، ولكن معناه أنه لم يتمثل روح القرآن كما
تمثلها صاحباه، وظل تأثره بالقرآن الكريم تأثرا لفظيا وظاهريا. وذلك أمر مفهوم
وطبيعي، فليس من آمن كمن كفر.
وللعقيدة أثر بين في القول الشعري، وهو أمر تنبه إليه ذوو الحصافة في الرأي
والرهافة في الذوق.قال عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، لسليمان بن عبد الملك،وقد
سأله عن جرير والأخطل: "إن الأخطل ضيق عليه كفره في القول، وإن جريرا وسّع إسلامه
قوله،وقد بلغ الأخطل منه حيث رأيت"(22)، وهذا قول منصف، لا ينتقص من فن الأخطل.
ومن يتبينْ يرَ أنّ ما يذهب إليه بعضهم من أن الشعر العربي بعد الإسلام استمر
على جاهليته، مستشهدين بعيون شعر حسان وغيره من مؤسسي القصيدة الإسلامية الأولى رأي
فائل. وإنه لا بد من إعادة النظر في تلك الأحكام انطلاقا من النصوص نفسها أولا، ومن
محيطها ولحظتها الحضارية ثانيا.والذي ينظر إلى قصيدة حسان بن ثابت رضي الله عنه في
فتح مكة، مطرحا ما سبق إليه من أحكام بعض الدارسين، ملتمسا ما فيها من الفن
الإسلامي الجميل، يتبين له الحق.فمن أين كان لشاعر جاهلي أن يقول :
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يـوم يعـين الله فيــه من يشاء
وقال الله قد يسرت جندا هـم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا
في كل يوم من معَـدّ قتــال أو سباب أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا
ونضرب
حين تختـلط الدماء
وقال الله قد أرسلت عبدا يقــول الحق إن نفع البلاء
شهدت به وقومي صدقوه
فقــلتم
ما نجيب وما نشاء
وجبريل أمين الله فيــنا وروح القدس ليـس له كفاء
ألا
أبلغ أبا سـفيانَ عني فأنت مجــوّف نخب هواء
هجوت محمدا فأجبت عنه وعــند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء؟ فشرّكما لخيركما الفداء(23)
وقد ذكر الجاحظ أن هناك أموراً يختص بها الإسلاميون من الشعراء دون الجاهليين، وهذا
يعني أن مصطلح"الشعر الإسلامي"لم يعد تاريخيا خالصا، عند ذوي البصر بالشعر،
فالجاهلي لا يستطيع إدراك أمور بعينها نظرا لطبيعتها الإسلامية.
قد عرض الجاحظ للمحتجين بالشعر لانقضاض الكواكب ورجم الشياطين قبل الإسلام فقال:
"قالوا:زعمتم أنّ الله تعالى جعل هذه الرجوم للخوافي حجّة للنبيّ صلى الله عليه
وسلم، فكيف يكون ذلك رجماً،وقد كان قبل الإسلام ظاهرا مرئيا، وذلك موجود في
الأشعار. وقد قال (بشر) بن أبي خازم في ذلك:
فجأجأها من أقرب الرِّيّ غُــدوةً
ولمّا يُسكّنْهُ مــن الأرض مرتعُ
بأكْلبــةٍ زُرْقٍ ضــوارٍ كأنّها
خطا طيفُ من طول الشّريعة تلمعُ
فجال على نفْرٍ كما انقضَّ كوكبٌ
وقد حالَ دون النقْعِ والنّقْعُ يسْطَعُ
فوصف شوط الثور هارباً من الكلاب بانقضاض الكوكب في سرعته، وحسنه، وبريق جلده.ولذلك
قال الطِّرمّاح:
يبدو وتضمــره البلادُ كـأنّهُ
سيـفٌ على شرَفٍ يُســلّ ويغمـدُ
وأنشد أيضا قول بشر بن أبي خازم:
وتشيح بالعير الفـــــلاة كأنها
فتخاءُ كاسرةٌ هـوتْ من مَرْقَبِ
والـعَيْرُ يَرْهَقُها الحمـارُ وجحشها
ينقضُّ خلْفَهُمَا انْقِضَاضَ الكَوْكَبِ
قالوا: وقال الضبّيّ:
ينالها مهــتكُ أشجارهــا
بذي غُرُوبٍ فيـــه تحْـريبُ
كـأنّهُ حيــن نحا كوكبٌ
أو قبَسٌ بالكــفِّ مشبــوبُ
وقال أوس بن حجر(24)
فانقضّ كالدرّيّ يتبعــــهُ
نقعٌ يثـــور تخاله طُـنُبا
يخفــى وأحياناً يلوح كمـا
رفع المشير بكفّـــه لهبـا
ورووا قوله:
فانقضَّ كالدّرّيّ من متحــدّرٍ
لمعَ العــقيقة جُنْحَ ليلٍ مظلمِ
وقال عوف بن الخَــرِع:
يردّ علينا العَـيْرَ من دون أنفهِ
أو الثّـورَ كالدّرّيِّ يتبعـــه الدّمُ
وقال الأفوه الأودي:
كشهابِ القذْف يرميــكُمْ به
فارسٌ في كفّــه للحرب نارُ
وقال أميّة بن أبي الصلت:
ويرى شياطينا تــروغ مُضافةً
ورواغهـــا شتّى إذا ما تُطْردُ
يُلْقَى عليها في السّمــاء مذلةٌ
وكواكبٌ تُرْمَى بها فتُعَـــرّدُ
قلنا لهؤلاء القوم:إن قدرتم على شعر جاهلي لم يدرك مبعث النبي صلى الله عليه
وسلم ولا مولده فهو بعض ما يتعلق به مثلكم،وإن كان الجواب في ذلك سيأتيكم إن شاء
الله تعالى. فأما أشعر المخضرمين والإسلاميين فليس لك في ذلك حجة.والجاهلي ما لم
يكن أدرك المولد،فإن ذلك ممّا ليس ينبغي لكم أن تتعلقوا به.وبشر بن أبي خازم فقد
أدرك الفِجَار،والنبيّ صلى الله عيه وسلم شهد الفجر، وقال: شهدتُ الفجار،فكنت أنبل
على عمومتي وأنا غلام".(25)
ثم قال الجاحظ، بعدما بين أن في الشعر ما هو مصنوع:
"وأما ما رويتم من شعر الأفوه الأودي،فلعمري إنه جاهلي، وما وجدنا أحدا من الرواة
يشك في أن القصيدة مصنوعة.وبعد فمن أين علم الأفوه أن الشهب التي يراها إنما هي قذف
ورجم، وهو جاهلي،ولم يدّع هذا أحد قط إلا المسلمون؟"(26)
على أن ابن خلدون، كعادته، يخالف كثيرا من النقد السائد قبله، فهو من جهة يتوسع
زمنيا في مفهوم إسلامية الأدب،إذ يجعل كل من جاء بع الإسلام من "الإسلاميين"، ويجمع
أزمنة سياسية متعددة في قَـرَنٍ واحد،فيجعل من شعراء الإسلام:"حسان بن ثابت وعمر بن
أبي ربيعة والحطيئة وجريرا والفرزدق ونصيبا وغــيلان ّ ذا الرمة والأحوص وبشارا".ويتجاوز
هؤلاء جميعا منحدرا إلى "أبي نواس وحبيب والبحتري والرضي وأبي فراس".وهو، من جهة
أخرى، يضيف إلى البعد الزمني في القسمة وجها آخر يتمثل في تأثر هؤلاء الشعراء
بالقرآن الكريم والحديث الشريف، مما جعل كلام الإسلاميين من العرب،عنده، أعلى طبقة
في البلاغة وأذواقها من كلام الجاهليين في منثورهم ومنظومهم. ولا يكتفي بإصدار
الحكم، بل هو يعلل له ويقول:"إن هؤلاء الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية
من الكلام في القرآن والحديث اللذين عجز البشر عن الإتيان بمثلهما لكونهما ولجت في
قلوبهم ونشأت على أساليبها نفوسهم فنهضت طباعهم وارتقت ملكاتهم في البلاغة على
ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية ممن لم يسمع هذه الطبقة ولا نشأ عليها".
لكن هذه النظرة الخلدونية لم تجد للأسف من يفهمها ويتدبرها ويعمل على تطويرها.
فلما كان مطلع عصر النهضة الحديثة آل أمر تاريخنا الأدبي إلى المستشرقين،الذي
طبقوا على أدبنا ما طبقوه على أدبهم، زاعمين أنهم يقدمون بذلك للأدب العربي خيرا
كثيرا،حتى قال الإيطالي كارلو نالينو،عام 1910،بعدما وكلت إليه الجامعة المصرية
تدريس الأدب العربي(27):"إن المطلوب مني ليس إلا أن أطبق على الآداب العربية أساليب
البحث التاريخي التي عادت على تاريخ آدابنا الإفرنجية بطائل عظيم."(28)
والحال أن تاريخنا الأدبي مخالف جوهريا لتاريخ الآداب في الغرب، دون أن ننكر أن بعض
الدراسات الاستشراقية أسهمت في تحريك المياه الرواكد، وتخصيب البحث في مجال
الدراسات الأدبية. إن تاريخ الآداب الغربية يعكس ما عرفه الغرب من قيام حضارات
وانقراض أخرى، على حين ظل الأدب العربي يمثل حلقات مترابطة ، لا تسمح بتقسيمه إلى
مذاهب واتجاهات، بالمفهوم الغربي للمذاهب والاتجاهات، رغم الهزات السياسية التي
عكسها قيام دول وانهيار دول، ضــمن حضارة واحدة، هي الحضارة العربية الإسلامية.
وهكذا قسم المستشرقون تاريخ الآداب العربية إلى ستة أعصر، ولم يشذ عن هذا التقسيم
إلا القليل.
وهذه الأعصر الستة هي:
1-
عصر الجاهلية.
2-
العصر العربي الإسلامي، من ظهور الإسلام إلى انهيار دولة بني أمية.
3-
العصر العباسي الأول، إلى نحو سنة 450هجرية/1058م.
4-
العصر العباسي الثاني، إلى سقوط بغداد سنة 656هجرية/1258م
5-عصر الانحطاط، إلى استيلاء محمد علي على مصر، سنة1220 هجرية/1850م.
6-
عصر النهضة الحديثة الذي ما يزال مستمرا حتى الآن.
وبهذا التقسيم صار الأدب الإسلامي مرتبطا بفترة زمنية محددة، من بزوغ فجر الإسلام
حتى نهاية دولة بني أمية.
ومنهم من يجعل نهاية العصر الإسلامي مع نهاية الخلافة الراشدة، ويجعل عصر بني أمية
عصرا مستقلا.
وقد تابع عدد من العرب المحدثين والمعاصرين المستشرقين في هذا المهيع.
وهكذا جعل أحمد حسن الزيات الأدب الإسلامي وقفا على صدر الإسلام والدولة الأموية،
وقسم الشعراء إلى مخضرمين وإسلاميين، فجعل من المخضرمين كعب بن زهير والخنساء وحسان
بن ثابت والحطيئة،وجعل من الإسلاميين عمر بن أبي ربيعة والأخطل والفرزدق وجريرا
والطرماح بن حكيم.
لم تمنع الأخطلَ نصرانيتهُ من أن يكون ضمن الإسلاميين، عند الزيات، شأنه في
ذلك شأن بعض المتقدمين.
وقد تحدث الزيات في كتابهتاريخ الأدب العربي) عن الأدب الإسلامي والعوامل
المؤثرة فيه، كما تحدث عن مصادره وأنواعه،فكان مما قال:"إن أهم العوامل المؤثرة في
الأدب الإسلامي هي:خمود العصبية الجاهلية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم،ثم
استعارها في عهد بني أمية، ونشوء الروح الدينية،وتغير العقلية العربية، وتحسن
الأحوال الاجتماعية والاقتصادية،وظهور الأحزاب السياسية، واتساع الفتوح الإسلامية،
وتأثير الأمم الأجنبية بلغاتها وعاداتها،واعتقاداتها وأدبها، ثم أساليب القرآن
والحديث، والمأثور الصحيح من الشعر الجاهلي والأمثال." (29)
وهذا كلام عام، كما هو واضح،وغير مرتب ترتيبا منطقيا،ويقف عند ظواهر الأشياء دون
بواطنها.ومن أعجب العجب أن يكون ذلك كذلك، والزيات نفسه يقول قبل صفحات معدودة:
"فالإسلام إذن قد قلب العقلية العربية قلبا،وشن على الجاهلية حربا،ورسم للاجتماع
مثلا أعلى يخالف ما ألفوه،ويناقض ما عرفوه" (30)
وقد نحا يوسف خليف المنحى نفسه عندما جعل العصر الإسلامي يتضمن صدر الإسلام
والعصر الأموي، إلا أنه سمّى شعراء صدر الإسلام مخضرمين،ولم يطلق صفة الإسلاميين
إلا على الشعراء الذين عاشوا في العصر الأموي.
وكذلك كان صنيع شوقي ضيف في (العصر الإسلامي)، من موسوعته عن تاريخ الأدب العربي،
ويتضمن العصر الإسلامي عنده صدر الإسلام وزمن بني أمية.
وكان قد ألمح إلى بعض من ذلك في كتابه:"الفن ومذاهبه في النثر العربي"، حين تحدث
عن" النثر الإسلامي".
وأما عبد القادر القط فقد جعل صفة الإسلامية وقفا على صدر الإسلام، وجعل العصر
الأموي مستقلا، وذلك في كتابه:"في الشعر الإسلامي والأموي"، ويتضح ذلك لا من عنوان
الكتاب وأبوابه فحسب، بل أيضا من مقدمة الكتاب،حيث يقول مبينا مذهبه:"يتفرد عصر
الإسلام والدولة الأموية من بين مراحل تاريخ الأمة العربية بأنه.. الخ .."، وإن
كانت مباحث الكتاب لا تخضع خضوعا قسريا لهذا التقسيم.
وقد ألف داود سلوم كتابا بعنوان:"الشاعر الإسلامي تحت نظام سلطة الخلافة"، وبالرغم
من أن كثيرا من الأحكام الواردة في هذا الكتاب تظل محل نظر، وأن قيمة الكتاب
النقدية مهزوزة، إلا أن تقسيمه يذكرنا بتقسيم ابن خلدون، عندما تجاوز بصفة
الإسلامية عصر بني أمية إلى العباسيين.
وتبقى بعض الجهود المستقلة التي تحرر أصحابها من هيمنة التقسيم التاريخي، في
محاولة لاستنباط تقسيم نابع من طبيعة الأدب العربي نفسه.ومن هؤلاء نجيب محمد
البهبيتي ومصطفى صادق الرافعي.
فأما البهبيتي فنظر إلى العصور نظرة فنية، وهكذا أرخ للشعر العربي حتى نهاية القرن
الثالث، وجعله في ثلاثة عصور:
1-
العصر الفني.
2-
العصر العاطفي.
3-
العصر العقلي.
إلا أننا نتجاوز هذا الكتاب، لأنه لا يعرض في وضوح لما نحن فيه مما له علاقة بمصطلح
الأدب الإسلامي، وإن كان قد عالج قضية ضعف الشعر في صدر الإسلام، تحت مسمى : (ضعف
الشعر في صدر الإسلام نظرية صحيحة)(31).
وأما الوجه الثاني الذي يحتاج إلى وقفة متأنية فهو مصطفى صادق الرافعي.إن الرافعي
وإن كان ساق تقسيم ابن رشيق في جعل الشعراء أربع طبقات:جاهلي قديم، ومخضرم،
وإسلامي، ومحدث(32)، إلا أنه وقف عند التقسيم السياسي الذي قدمه المستشرقون، ونقده
نقدا لاذعا،مبنيا على طبيعة الأدب العربي.
وبالرغم من أن كتاب الرافعي متقدم في الزمن، إذ هو يعود إلى بدايات القرن
العشرين (1911)، إلا أن نظرته الفاحصة جديرة بالتأمل، وكان من الممكن أن تصحح
مسيرة تأريخ الأدب العربي منذ زمن،لو وجدت من يتابع الطريق الذي فطره الرافعي.
يقول:"اجتمع المتأخرون على جعل التدبير في وضع (تاريخ أدبيات اللغة العربية)(33) أن
يقسموا هذا التاريخ إلى خمسة عصور:الجاهلية، فصدر الإسلام، فالدولة الأموية،
فالدولة العباسية إلى سقوطها سنة 656 للهجرة،ثم ما تعاقب من العصور بعد ذلك إلى
قريب من هذه الغاية حيث ابتدأت النهضة الحديثة.
وأول من ابتدع هذا التقسيم المستشرقون من علماء أوربا، قياسا على أوضاع آدابهم،مما
يسمونه
Litterature
فهم
الذين تنبهوا لهذا الوضع في العربية،فجاءوا به كالمنبهة على فرط عنايتهم بفنونها
وآدابها، وحسبهم من ذلك صنيعا" (34)
ويتابع الرافعي منـتقدا:"بيد أن تلك العصور إذا صلحت أن تكون أجزاء
للحضارة العربية التي هي مجموع الصُّور الزمنية لضروب الاجتماع وأشكاله،فلا تصلح أن
تكون أبوابا لتاريخ آداب اللغة التي بلغت بالقرآن الكريم مبلغ الإعجاز على الدهر،
ولم تكد تَطوي عصرَها الأولَ حتى كان أولُ سطر كَتَبَ لها في صفحة العصر الثاني
شهادة الخلود وما بعد أسباب الخلود من كمال.
ثم إن تاريخ الآداب ليس فنا من الفنون العملية التي يحذو فيها الناس بعضهم
حذو بعض، ويأخذ الآخر منها مأخذَ الأول، وتتساوق فيها الأمم على وضع واحد، لأنها لا
تتغير على الجملة في تعرف مادتها وتصرف أداتها حتى يتعين علينا أن نجعل آداب لغتنا
جميلة على آداب اللغات الأعجمية، يفصل على أزيائها، وإن ضاقت به وخرج فيها باذّ
الهيئة مجموع الأطراف متداخل الأعضاء وكأنه مشدود الوثاق،أو مأخوذ الخناق.إنما
التاريخ حوادث قوم بغيتهم، والآداب اللسانية ليست أكثر من مواضعات يتواطأ عليها
أولئك القوم،تخرج منها الحوادث المعنوية التي هي ميراث التاريخ كله في أيديهم من
العادات والأخلاق على أنواعها، فتاريخ الآداب في كل أمة ينبغي أن يكون مفصلا على
حوادثها الأدبية، لأنها مفاصل عصوره المعنوية، والشأن في هذه الحوادث التي يقسم
عليها التاريخ أن تكون بما يحدث تغييرا محسوسا في شكله، وأن تلحق بمادته تنوعا خاصا
بنوع كل حادثة منها ،فإذا لم تكن كذلك لم يكن التاريخ متجددا إلا باعتباره الزمني
فقط، وهذا ليس بشيء،لأن تغير الزمن طبيعة الوجود،من أجل ذلك تجد الأمة التي لا
حوادث لها ليس لها تاريخ."(35)
لقد جئت بكلام الرافعي تاما لأن من شأن التبعيض أن يفسده، ونصه أوفى بالدلالة
على المراد.
فأنت تستطيع في مجال العلوم الطبيعية أو الفزيائية أو الرياضية أن تحكم بأن
معارف المتأخر أوفى قطعا من معارف المتقدم، ولو كان هذا أبوقراط أو ابن سينا، ولكن
مَن مِن الناس يستطيع أن يقول إن هوميروس أو المتنبي أو شكسبير سيتقادم،أو أن فنهم
سيبلى أمام ما ينجزه المتأخرون مهما بلغت عبقريتهم؟
يعتبر الرافعي أدبنا عبر التاريخ أدبا إسلاميا، لأنه وليد الإسلام، ومتشبع
بروح الإسلام، ويقول:" وبديهي أن تعاقب ثلاثة عشر قرنا من تاريخ الأدب
الإسلامي لم ينشئ لغة أفصح مما نطقت به العرب قبل ذلك، ولا جاء بشعر يباين
أشعارهم في الجملة، ولا جعل لأدبائنا مذاهب متميزة في تكوين الدين والسياسة
والعلم،بل ليس في تعاقب تلك العصور الأدبية على الأغلب إلا موتُ رجال وقيام رجال،
وإلا أمور عرضية مما يترك في مادة الأدب آثارا قليلة تدل على اختلاف القرائح وتباين
الغرائز في أولئك الرجال الذين قاموا عليه."(36)
ويربط الرافعي اللغة العربية بالدين، مما يجعل الأدب العربي موسوما بسمة خاصة،لا
توجد في الآداب الأجنبية، فيقول: "إن في لغتنا معنى دينيا هو سرّ حقيقتها، فلا تجد
من رجل روى أو صنّف أو أملى في فن من فنون الآداب أول عهدهم بذلك،إلا خدمة للقرآن
الكريم،ثم استقلت الفنون بعد ذلك وبقي أثر هذا المعنى في فواتح الكتب، والقرآن نفسه
حادثة أدبية من المعجزات الحقيقية التي لا شبهة فيها، وإن لم يفهم سرّ ذلك من لا
يفهمونه.(37)
وعلى هذا يكون الرافعي أول من قدم معنى جديدا، من المحدثين، لمصطلح (الأدب
الإسلامي)، مؤكدا خصوصية ذلك الدب الممتد عبر الزمن،منذ مجيء الإسلام إلى ما شاء
الله تعالى، وجعله مرتبطا باللغة العربية التي هي أساسا لغة القرآن الكريم.وبذلك
يفتح الرافعي الباب أمام المصطلح ليكتسب دلالته المعاصرة.
هوامش:
(6)أو ليغ كرابار:كيف نفكر في الفن الإسلامي،ترجمة عبد الجليل ناظم،وسعيد الحنصالي.دار
توبقال للنشر،ط1، الدار البيضاء 1996.ويضم الكتاب،كما جاء في التمهيد،أهم ما جاء في
المحاضرات الثماني التي ألقاها المؤلف عام 1992في معهد العالم العربي بباريس.
(7)أبو صالح الألفي:الفن الإسلامي،أصوله ،فلسفته،مدارسه.ط2،دار المعارف،لبنان.
(8) للتوسع يراجع كتاب الدكتور أحمد محمد علي (عبده زايد): (عكس الظاهر في ضوء
أسلوب القرآن الكريم ولغة العرب)، دار الصحوة للنشر – القاهرة، ط1، 1412-1992
(9)ويقول د.الشاهد البوشيخيقد يكون هذا المصطلح والذي قبله – يعني مصطلح شعراء
الإسلام وشعراء الجاهلية – هما الصورة الأولى لاصطلاح "الشعراء الجاهليين" و"
الشعراء الإسلاميين" بعد.) انظر: مصطلحات النقد العربي، ص.178
(10) فحولة الشعراء:12
(11) العمدة:1/197
(12) الأغاني:8/284
(13) الطبقات:192
(14) نفسه:190
(15) نفسه:196
(16)مما يدل على تعصب الأخطل لنصرانيته، وحماستــه لدينه،الخبر الذي أورده ابن سلام
في طبقاته(490-491)، فليراجعه من شاء،وانظر أيضا الأغاني:8/310،ولا ينقضه الخبر
الذي أقسم فيه باللات والعزى (8/288)،وأُراه فعل ذلك تماجنا.ومثله يتماجن.
(17) الأغاني:8/285
(18) نفسه.
(19) العمدة:1/233
(20) الموشح:164
(21) الأغاني:8/292
(22) نفسه:288
(23) ديوان حسان بن ثابت، بتحقيق د.وليد عرفات، دار صادر، بيروت،1974، 1/18
(24) سيورد الجاحظ من بعد، (ص.279) أن البيت لشريح بن أوس، لا لأوس بن حجر.
(25) الحيوان:6/272وما بعدها.
(26) الحيوان: 6/ 280 -281
(27) لا نحتاج إلى القول إنه كان يلقي دروسه على طلبته بالعربية، وبعد موته تولت
ابنته مريم نلينو طبع محاضراته كما ألقاها، لم تغير منها شيئا، إلا أنها وضعت لتلك
المحاضرات كلمة تحت اسم (تنبيه) قائلة:" لا يكون هذا الكتاب إلا نص الدروس التي
ألقاها المرحوم الأستاذ كرلو نالينو (المتوفى سنة 1938) في الجامعة المصرية
سنة1910-1911 دراسية،فقد كان المرحوم ألف نص الدروس باللغة العربية
ولكنه كتب الحواشي بالإيطالية بشديد الإيجاز والاختصار، فاعتنيت بنقل
الحواشي إلى اللغة العربية وأضفت إليها ما عثرت عليه من الأخبار المفيدة
الموجودة في بعض الكتب التي طبعت بعد إلقاء هذه الدروس وإنما وضعت هذه الإضافات بين
نصفي مستطيل ."
ولقد رأيت من المفيد إثبات هذا التنبيه لِما سبق إلى أذهان بعض الفضلاء من أن
نالينو ألقى محاضراته على الطلبة العرب في مصر بالإيطالية، وأن ابنته قامت بترجمتها
من الإيطالية إلى العربية، عندما عزمت على إخراجها في كتاب.وما أدري كيف يستقيم في
الذهن أن يعيّنَ أستاذ أعجمي في جامعة عربية،في بلد عربي، ليدرس الطلبة العرب الأدب
العربي واللغة العربية، ثم ينصرف غير راشد عن العربية إلى أعجميته. فمن ترى كان
سيفهمه إذن؟
(28)نفسه:57
(29)تاريخ الأدب العربي، ط 28/1978، دار الثقافة،بيروت،صص 97-98
(30)نفسه:ص.94
(31) تاريخ الشعر العربي:ص.113
(32) تاريخ آداب العرب:3/26
(33) يعلق الرافعي على هذه التسمية قائلا:"هذا هو الاسم الذي ضربت به الذلة على كل
كتاب عربي، وقلما يغيرون منه إلا لفظة (أدبيات)، يبدلونها بآداب... الخ"
(34) يقول الرافعي:أول من ميز الأدب والفنون بالتاريخ هو (باكون) مؤسس الفلسفة
الحديثة، توفي سنة1626 للميلاد،فإنه جعل أقسام التاريخ ثلاثة:التاريخ الديني،وتاريخ
الاجتماع، وتاريخ الأدب والفنون.
(35)تاريخ آداب العرب:1/18-19
(36)نفسه:1/20-21
(37)نفسه:212