قالَ
|
قُلْتُ
|
كَتَبَ كاتِبٌ ، فَقالَ : إِنَّها ( القوس العذراء لشاكر نفسه )
قَصيدَةٌ لُغَويَّةٌ ، يَعْني أَنَّها مَتْنٌ مَنْظومٌ لِحِفْظِ
غَريبِ اللُّغَةِ !
|
هذه تهمتنا الحاضرة - يا مولانا - متى صدقنا !
|
كانَ يَنْبَغي هُنا أَنْ أُتَمِّمَ الْقَوْلَ في نَشْأَةِ
الْأَصْلِ الْأَخْلاقيِّ الَّذي بُنِيَتْ عَلَيْهِ ثَقافَتُنا .
|
فما الذي حال بما يأتي دون ما ينبغي ؟
لا ريب في أنها دعوة إليه .
|
ثَقافَةُ كُلِّ أُمَّةٍ مِرْآةٌ جامِعَةٌ في حَيِّزِهَا
الْمَحْدودِ ، كُلَّ ما تَشَعَّثَ وَتَشَتَّتَ وَتَباعَدَ مِنْ
ثَقافَةِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَبْنائِها عَلَى اخْتِلافِ
مَقاديرِهِمْ وَمَشارِبِهِمْ وَمَذاهِبِهِمْ وَمَداخِلِهِمْ
وَمَخارِجِهِمْ فِي الْحَياةِ . وَجَوْهَرُ هذِهِ الْمِرْآةِ هُوَ
اللُّغَةُ ، وَاللُّغَةُ وَالدّينُ كَما أَسْلَفْتُ ، مُتَداخِلانِ
تَداخُلًا غَيْرَ قابِلٍ لِلْفَصْلِ الْبَتَّةَ .
|
يشبه هذا ما أقوله من اشتمالها على الخطأ مع الصواب !
|
اسْتَمِعْ لِنَصيحَةِ الْحَسَنِ الْبَصْريِّ - رَضِيَ اللّهُ
عَنْهُ ! - : " إِنَّ مَنْ يُخَوِّفُكَ حَتّى تَلْقَى الْأَمْنَ ،
أَشْفَقُ عَلَيْكَ مِمَّنْ يُؤَمِّنُكَ حَتّى تَلْقَى الْخَوْفَ "
، كانَ اللّهُ في عَوْني وَعَوْنِكَ !
|
أو كما قالت البدو المُجَهَّلَةُ ظُلْمًا : " أَمْرَ مُبْكِياتِكِ
لا أَمْرَ مُضْحِكاتِكِ " !
|
هَبَّ مِنْ جَوْفِ الْغَفْوَةِ الْغامِرَةِ أَشْتاتٌ مِنْ رِجالٍ
أَيْقَظَتْهُمْ هَدَّةُ هذَا التَّقَوُّضِ ، فَانْبَعَثوا
يُحاوِلونَ إيقاظَ الْجَماهيرِ الْمُسْتَغْرِقَةِ في غَفْوَتِها
(...) مِنْ هؤُلاءِ خَمْسَةٌ مِنَ الْأَعْلامِ أَذْكُرُهُمْ لِكَ
هُنا مُجَرَّدَ ذِكْرٍ بِاخْتِصارٍ .
|
هم إذن كانوا بعضًا من كلٍّ ، وهي إذن كانت نهضة عامة قضى عليها
الاستعمار الباغي اللعين .
|
يَقَظَةٌ في دِيارٍ تَضُمُّ أَقْدَمَ بَيْتَيْنِ مِنْ بُيوتِ
الْعِلْمِ عَلى ظَهْرِ الْأَرْضِ ، عاشا جَميعًا مُتَواصِلَيْنِ
اثْنا عَشَرَ قَرْنًا - هكذا والصواب " اثْنَيْ عَشَرَ " -
مَوْئِلًا لِلْعِلْمِ وَالْعُلَماءِ - هُمَا الْجامِعُ الْعَتيقُ
بِالْفُسْطاطِ ( جامِعُ عَمْرِو بْنِ الْعاصِ ، رَضِيَ اللّهُ
عَنْهُ ! ) ، والْجامِعُ الْأَزْهَرُ بِالْقاهِرَةِ ، وَهُمَا
اسْمانِ يَتَرَدَّدانِ في أَرْجاءِ الْإِسْلامِ مِنَ الْمَشْرِقِ
إِلَى الْمَغْرِبِ ، وَمِنَ الشَّمالِ إِلَى الْجَنوبِ ؛
فَالْيَقَظَةُ الَّتي تَأْتي مِنْ قِبَلِهِما سَوْفَ تُؤَدّي إِلى
يَقَظَةِ دارِ الْإِسْلامِ كُلِّها ، بِما فيهَا الْيَقَظَةُ
الْمُتَفَجِّرَةُ الْمُتَحَرِّكَةُ الْجَديدَةُ في جَزيرَةِ
الْعَرَبِ . فَإِذا تَمَّ انْدِماجُ الْيَقَظَتَيْنِ فَلا يَعْلَمُ
إِلّا اللّهُ كَيْفَ يَكونُ الْمَصيرُ ؟
|
ولم ألبث منذ أبت من عمان ، أن سكنت روضة مصر العتيقة ، مستمسكا
أنا وابني براء بصلاة الجمعة في جامع عمرو المذكور بالمكانة
الجليلة ؛ فلله الحمد والشكر !
|
كانَ هَدَفُ هذَا الْبَرْبَريِّ الْمُتَحَضِّرِ ( نابليون ) ، أَنْ
يُخَرِّبَ عاصِمَةً مِنْ أَكْبَرِ عَواصِمِ دارِ الْإِسْلامِ
وَأَجْمَلِها ، وَيَتْرُكَها تاريخًا يُرْوى في وَثائِقِ عُلَماءِ
الْحَمْلَةِ الْفَرَنْسيَّةِ ، أَيْ يَتْرُكَها أَثَرًا بَعْدَ
عَيْنٍ ؛ حَتّى إِذا تَمَكَّنَ فِي الْأَرْضِ هُوَ وَجِنْسُه ،
أَنْشَأَ عَلى أَنْقاضِهَا الْبائِدَةِ مَدينَةً فَرَنْسيَّةً
جَديدَةً ، تُعَبِّرُ تَعْبيرًا فَصيحًا عَنِ الْعَبْقَريَّةِ
الْفَرَنْسيَّةِ ، وَالْفَنِّ الْفَرَنْسيِّ ، وَالْجَمالِ
الْفَرَنْسيِّ ، وَالرِّقَّةِ الْفَرَنْسيَّةِ ! يَعْمُرُها
يَوْمَئِذٍ شَعْبٌ فَرَنْسيٌّ أَصيلٌ كَريمُ الْمَحْتِدِ ،
يَخْدُمُه شَعْبٌ عَرَبيٌّ مُسْتَأْنَسٌ مُرَوَّضٌ تَرْويضًا
حَسَنًا عَلى إِلْفِ الْعاداتِ الْفَرَنْسيَّةِ الشَّريفَةِ ،
وَالتَّقاليدِ الْفَرَنْسيَّةِ النَّبيلَةِ ، وَالْفُجورِ
الْفَرَنْسيِّ الْخالِدِ ... كَما سَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ فيما
بَعْدُ ، وَلَيْسَ الَّذي حَدَثَ في دارِ الْإِسْلامِ فِي
الْجَزائِرِ عَنْكَ بِبَعيدٍ !
|
لن يحتاج أعمى ولا أصم إلى حجة أو آية ؛ فالذي كان ببغداد أخت
القاهرة ويكون ، مما يَدِقُّ فيه الأَجَلُّ ، غطى على كل ما يسمع
أو يبصر !
|
حابِسي في مَكاني قِصَّةٌ مُحَيِّرَةٌ لا أَمْلِكُ إِلّا أَنْ
أَقُصَّها عَلَيْكُمْ . وَذلِكَ أّنّي تَلَقَّيْتُ مِنَ
الْأَمانَةِ الْعامَّةِ لِلْجائِزَةِ ( جائزة الملك فيصل ) ،
تَهْنِئَةً بِحِيازَتي إِيّاها هذَا الْعامَ ، عَنْ كِتابي "
الْمُتَنَبّي " ، وَالَّذي نَشَرْتُه سَنَةَ 1976 ، وَلا كِتابَ لي
عَنِ الْمُتَنَبّي سِواهُ . فَلَمّا كانَ بَعْدَ حينٍ ، وَقَرَأْتُ
نَصَّ قَرارِ الْأَمانَةِ الْعامَّةِ - أَذْهَلَني الْعَجَبُ ؛
فَقَدْ تَبَيَّنَ لي كُلَّ التَّبَيُّنِ أَنَّ الْجائِزَةَ
مَمْنوحَةٌ لِكاتِبٍ آخَرَ غَيْري ، كانَ مِنْ تَصاريفِ
الْأَقْدارِ أَنَّ اسْمَه يُواطِئُ اسْمي ، وَاسْمَ كِتابِه
يُواطِئُ اسْمَ كِتابي ، وَقَدْ نَشَرَ هُوَ كِتابَه هذا في سَنَةِ
1936 ، أَيْ مُنْذُ ثَمانٍ وَأَرْبَعينَ سَنَةً . وَمَبْلَغُ
عِلْمي أَنَّ هذَا الْكِتابَ الْقَديمَ قَدْ غابَ هُوَ وَكاتِبُه
مَعًا مُنْذُ سَنَةِ 1937 غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً مُسْتَمِرَّةً
إِلى يَوْمِ النّاسِ هذا . فَإِذا كانَ قَرارُ الْأَمانَةِ
يَشْهَدُ لِسَميِّي الْغائِبِ بِأَنّه مُسْتَحِقُّ الْجائِزَةِ ،
فَإِنَّ تَهْنِئَتَها لي بِالْجائِزَةِ ، وَدَعْوَتَها إِيّايَ
إِلَى الرِّياضِ ، وَوُقوفِي الْآنَ بَيْنَ أَيْديكُمْ - تَشْهَدُ
لي جَميعًا أَكْبَرَ شَهادَةٍ ، بِأَنّي مُسْتَحِقٌّ لَها .
وَلكِنَّ أَخْوَفَ ما أَخافُه ، أَنْ يَؤوبَ الْكاتِبُ الْقَديمُ
مِنْ غَيْبَتِه ، وَيَخْرُجَ عَلَى الْأَمانَةِ الْعامَّةِ مِنْ
سِرْدابِه مُتَأَبِّطًا كِتابَه ، يُطالِبُ بِحَقِّه فِي
الْجائِزَةِ !
|
عَلَّق على كلمة أستاذنا أحدُ رجال هيئة الجائزة ، يعتذر عن سخريته
بجهل تاريخ كتابه الصادر سنة 1936م ، في حياة القمم - بأنه أوتي
الحكمة وفصل الخطاب ؛ ففُصِلَ منها !
|
أَجْمَعْتُ أَمْري عَلَى الْكِتابَةِ ، وَما كِدْتُ ؛ حَتَّى
اخْتَلَطَ عَلَيَّ الْأَمْرُ مَرَّةً أُخْرى ، وَحِرْتُ حَيْرَةً
طَويلَةً كادَتْ تودي بِعَزيمَتي ؛ حَتّى جاوَزَ الْحِزامُ
الطُّبْيَيْنِ ، كَما يُقالُ فِي الْمَثَلِ (...) الطُّبْيُ
بِضَمٍّ فَسُكونٍ حَلَمَةُ الثَّدْيِ مِنْ ذَواتِ الْخُفِّ
وَالْحافِرِ وَغَيْرِها ، فَإِذَا انْتَهَى الْحِزامُ إِلَى
الثَّدْيَيْنِ ، فَقَدْ بَلَغَ أَقْصى غاياتِه ، فَكَيْفَ إِذا
جاوَزَه !
|
هما مثلان واقعان في كلام أستاذنا - رحمه الله ! - لا يفهمهما غير
بدوي ، إلا أن يشرحا ، ولم يشرحا : " جاوَزَ الْحِزامُ
الطُّبْيَيْنِ " - وهو الذي هنا و" الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطانِ
" ، ومبناهما على أنه إذا اشتدت السنة ، وعجفت الإبل ، وضمرت -
تزحزح الحزام أو تزحلق ، وانضمت حلقتاه عند شَدِّه ؛ حتى
تَلْتَقِيا !
|
يَخْتِمُ شِعْرَ هذِهِ السَّنَواتِ الْمُذِلَّةِ بِالْيَأْسِ
وَالضَّياعِ ، بِهذِهِ النَّفْثَةِ ( وَهِيَ آخِرُ ما قالَه أَبُو
الطَّيِّبِ ) :
إِذَا اسْتَشْفَيْتَ مِنْ داءٍ بِداءٍ فَأَقْتَلُ ما أَعَلَّكَ ما
شَفاكا
وَأَنّى شِئْتِ يا طُرُقي فَكوني أَذاةً أَوْ نَجاةً أَوْ هَلاكا
|
سبحان الله !
كيف قلته قبل قولي :
" سُلَّمٌ أَمْ نَفَقٌ أَمْ أُفُق
أَعْجَزَتْنِي الطُّرُق " !
|
قَدْ بَيَّنْتُ ذلِكَ في كِتابي " كِتابُ الشِّعْرِ " .
|
الذي ما عَتَمْتَ بعدما مضيت فيه ، أن أعرضت عنه ، فتركته جسما
ناقصا !
|
" حِلْمُ الْقِطَطِ - وعاميه مضموم القاف - كُلُّه فيران " ، كَما
يُقالُ فِي الْمَثَلِ الْعاميِّ !
|
على رغم اختلاط الضَّبْطَيْنِ اللَّهْجي واللُّغَوي في المثل ، خطر
لي أن يكون أستاذنا ، أولع بـ" الأمثال العامية " ، كتاب أحمد
تيمور باشا ، حبيبه وأستاذه - رحمهما الله ! - الذي تعلق بعقله من
قبل ، ونصائحه وبوحاته ؛ فهو يتخيرها ويتخير لها .
|
هذِه أَوَّلُ مَرَّةٍ ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَسْتَعْمِلُها مِرارًا
بَعْدَ ذلِكَ غَيْرَ مُتَحَرِّجٍ . وَلكِنْ ظَهَرَ ظُهورًا
بَيِّنًا بَعْدَ ذلِكَ في سائِرِ كُتُبِه ، أَنَّه لَمْ يَخْرُجْ
قَطُّ عَنْ أَنْ يَكونَ تَذَوُّقُه هُوَ التَّذَوُّقَ السّاذَجَ
الَّذي أَلِفَه فيما كَتَبَه عَنْ بَعْضِ شُعَراءِ الْجاهِليَّةِ ،
وَعَنْ شِعْرِ الْغَزِلينَ ، وَشِعْر أَبي نُواسٍ وَأَضْرابِه ، في
كِتابِه " حَديثُ الْأَرْبِعاءِ " (...) وَهُوَ مَعْذورٌ في ذلِكَ
، لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذي عَرَفَه مِنْ تَطْبيقِ مَنْهَجي في
تَذَوُّقِ الشِّعْرِ ، وَفي تَذَوُّقِ الْأَخْبارِ أَيْضًا ، كانَ
قَدْرًا لا يَكْفي ؛ فَهُوَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُدْرِكَ
تَذَوُّقَ الشِّعْرِ بِمَنْجاةٍ مِنْ تَأْثيرِ الْأَخْبارِ
الْمَرْويَّةِ ، كَيْفَ يَكونُ - وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَعْرِفَ
تَذَوُّقَ الْأَخْبارِ أَيْضًا مَعْروضَةً عَلَى الشِّعْرِ ، وَلا
كَيْفَ تَكونُ هَيْمَنَةُ الشِّعْرِ عَلَى الْأَخْبارِ ؛ حَتّى
يُزَيِّفَ تَذَوُّقُ الشِّعْرِ مِنْها ما يُزَيِّفُ ، وَيُصَحِّحَ
مِنْها ما يَصِحُّ ، لِكَيْ يَجْلُوَها جَلاءً جَديدًا ،
يَجْعَلُها قادِرَةً عَلى أَنْ تَجْعَلَ حَياةَ أَبِي الطَّيِّبِ
واضِحَةً جَليَّةً مُسْتَوِيَةً - وَلا كَيْفَ يَكونُ ذلِكَ
الصَّحيحُ مِنَ الْأَخْبارِ قادِرًا عَلى أَنْ يَجْعَلَ حَرَكَةَ
وُجْدانِ أَبِي الطَّيِّبِ في شِعْرِه أَشَدَّ ظُهورًا وَوُضوحًا ،
وَيَجْعَلَ صورَةَ حياتِهِ الَّتي دَلَّ عَلَيْها تَذَوُّقُ
شِعْرِه ، أَدْنى إِلَى الْوُضوحِ ، وَأَقْدَرَ عَلى الِالْتِحامِ
بِصورَةِ الْحَياةِ الَّتي يَدُلُّ عَلَيْها ما صَحَّ مِنَ
الْأَخْبارِ (...) وَهذِه هِيَ بَعْضُ الْأُصولِ الَّتي يُمْكِنُ
أَنْ تَجْعَلَ تَذَوُّقَ الشِّعْرِ قادِرًا عَلَى اسْتِخْراجِ
صورَةٍ صَحيحَةٍ مُسْتَوِيَةٍ غَيْرِ مُتَناقِضَةٍ لِحَياةِ
الشّاعِرِ ، وَتَعْصِمَ الْكاتِبَ أَيْضًا مِنْ أَنْ تُضَلِّلَهُ
الْأَخْبارُ ، فَيَرى في شِعْرِ الشّاعِرِ مَعانِيَ بَعيدَةً كُلَّ
الْبُعْدِ عَنِ الْمَعانِي الَّتي يَدُلُّ عَلَيْها تَذَوُّقُ
شِعْرِه جُمْلَةً واحِدَةً ، وَإِلّا خَرَجَتِ الصّورَةُ كُلُّها
مُشَوَّهَةً تَشْويهًا .
|
حديث أستاذنا - رحمه الله ! - إلى طه حسين ، عن تذوق الشعر ،
ودعوته له إليه وهو أحد طلابه - شبيه بحديثي - عفا الله عني ! -
إلى أستاذي الدكتور أحمد مختار عمر - رحمه الله ! - عن " حُبِّ
اللغة " ، ودعوتي له إليه وأنا أحد طلابه . وأعجب ما هنا أن
جوابَيِ الأستاذين طه ومختار ، عن الدعوتين ، واحد : الإنكار
والإعراض !
|
بِالطَّبْعِ كَما نَقولُ - نَحْنُ الْمِصْريّينَ - في دَرَجِ
الْحَديثِ ، لا يوجَدُ شَيْءٌ كَهذَا الَّذي يوهِمُ الدُّكْتورُ
بِكَلامِه أَنَّه كائِنٌ . وَلا يوجَدُ شَيْءٌ كَهذا يُقالُ فيهِ :
إِنَّ شِعْرَ الشُّعَراءِ أَوْ كَلامَ غَيْرِ الشُّعَراءِ ،
يُصَوِّرُهُمْ تَصْويرًا كامِلًا صادِقًا " يُطابِقُ الْأَصْلَ
وَيُوافِقُه " . لا توجَدُ نَظْريَّةٌ كَما سَمّاها ، تَبْلُغُ
هذَا الْحَدَّ مِنَ السُّخْفِ وَالتَّفاهَةِ وَالْإِسْفافِ ،
وَيَحْتاجُ الْمَرْءُ مَعَها " أَنْ يَنْتَظِرَ هذِهِ السِّنَّ ،
وَهذَا الطَّوْرَ مِنْ أَطْوارِ الْحَباةِ " ، وَيَحْطِمَ
الثّامِنَةَ وَالْأَرْبَعينَ مِنْ عُمُرِه ، وَيَنْطَحَ بِقُرونِ
رَأْسِه جِدارَ الْخَمْسينَ ؛ حَتّى يَفْطُنَ وَيُجيدَ الْفِطْنَةَ
، وَحَتّى يُفَكِّرَ وَيُطيلَ التَّفْكيرَ ؛ حَتّى يَتَبَيَّنَ
أَنَّها باطِلَةٌ ! - ثُمَّ يَحْتاجُ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يُيَسِّرَ
عَلى قارِئِهِ الْمِسْكينِ فَهْمَ وَجْهِ بُطْلانِها بِضَرْبِ
الْأَمْثالِ !
|
بل عند الفرنسيين هذه الكلمة التي صارت مثلا عالميا " الْأُسْلوبُ
هُوَ الرَّجُلُ نَفْسُه " ؛ فربما كان الدكتور طه مأخوذا بها ، ثم
دافعا لها !
|