قالَ
|
قُلْتُ
|
احْتَجَّ ( إبليس ) بِأَنَّ النّارَ خَيْرٌ مِنَ الطّينِ !
وَمَنافِعُ الْعالَمِ نَتائِجُ أَرْبَعَةِ أَرْكانٍ : نارٌ
يابِسَةٌ حارَّةٌ ، وَماءٌ بارِدٌ سَيّالٌ ، وَأَرْضٌ بارِدَةٌ
يابِسَةٌ ، وَهَواءٌ حارٌّ رَطْبٌ - لَيْسَ مِنْها شَيْءٌ مَعَ
مُزاوَجَتِه لِخِلافِه إِلّا وَهُوَ مُحْيٍ مُبْقٍ .
|
لما وضعت قصيدتي " قَلِقَة " ، في أنَّ حَبائبي أصنافٌ مختلفةٌ
اختلافَ هذه الطبائع الأربع ، أَوْرَدَتْ عليَّ إحدى تلميذاتي أَنْ
ربما كانت حبيبة واحدة تَتَقَلَّبُ على الطبائع الأربع !
|
مِنْ شَأْنِ الْأَيّامِ أَنْ يُظْلَمَ الْمَرْءُ أَكْثَرَ
مَحاسِنِه ما كانَ تابِعًا ، فَإِذا عادَ مَتْبوعًا عادَتْ
عَلَيْهِ مِنْ مَحاسِنِ غَيْرِه بِأَضْعافِ ما مَنَعَتْه مِنْ
مَحاسِنِ نَفْسِه ، حَتّى يُضافَ إِلَيْهِ مِنْ شَوارِدِ
الْأَفْعالِ وَمِنْ شَواذِّ الْمَكارِمِ إِنْ كانَ سَيِّدًا ،
وَمِنْ غَريبِ الْأَمْثالِ إِنْ كانَ مِنْطيقًا ، وَمِنْ خِيارِ
الْقَصائِدِ إِنْ كانَ شاعِرًا - مِمّا لا أَماراتِ لَها ، وَلا
سِماتِ عَلَيْها !
|
ولقد صبرت على بغي رؤسائي ومنعهم وانفرادهم ، حتى أتتني الرئاسة
منقادة ذليلة تَتَعَثَّرُ في أَرْجُلِها المحامِدُ ؛ فانقلب
المانعون مانحين ، والمنفردون مُتيحين ، ولكن هيهات ؛ " الصَّيْفَ
ضَيَّعْتِ اللَّبَنَ " !
|
هَلِ الْمَجْدُ إِلّا كَرَمُ الْأَرومَةِ وَالْحَسَبِ ، وَبُعْدُ
الْهِمَّةِ ، وَكَثْرَةُ الْأَدَبِ ، وَالثَّباتُ عَلَى الْعَهْدِ
إِذا زَلَّتِ الْأَقْدامُ ، وَتَوْكيدُ الْعَقْدِ إِذَا انْحَلَّتْ
مَعاقِدُ الْكِرامِ ، وَإِلَّا التَّواضُعُ عِنْدَ حُدوثِ
النِّعْمَةِ ، وَاحْتِمالُ كُلِّ الْعَثْرَةِ ، وَالنَّفاذُ فِي
الْكِتابَةِ ، وَالْإِشْرافُ عَلَى الصِّناعَةِ ! وَالْكِتابُ هُوَ
الْقُطْبُ الَّذي عَلَيْهِ مَدارُ عِلْمِ ما فِي الْعالَمِ ،
وَآدابِ الْمُلوكِ ، وَتَلْخيصِ الْأَلْفاظِ ، وَالْغَوْصِ عَلَى
الْمَعانِي السِّدادِ ، وَالتَّخَلُّصِ إِلى إِظْهارِ ما فِي
الضَّمائِرِ بِأَسْهَلِ الْقَوْلِ ، وَالتَّمْييزِ بَيْنَ
الْحُجَّةِ وَالشُّبْهَةِ وَبَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْمُشْتَرَكِ
وَبَيْنَ الْمَقْصورِ وَالْمَبْسوطِ وَبَيْنَ ما يَحْتَمِلُ
التَّأْويلَ مِمّا لا يَحْتَمِلُه وَبَيْنَ السَّليمِ
وَالْمُعْتَلِّ .
|
كأن أبا عثمان يثبت لنفسه من المجد مثل ما أثبت لممدوحه ! وعلى هذا
سيجري المتنبي في القرن الذي يليه :
" نادَيْتُ مَجْدَكَ في شِعْري وَقَدْ صَدَرا يا غَيْرَ مُنْتَحَلٍ
في غَيْرِ مُنْتَحَل " !
|
قَدْ يَكونُ الرَّجُلُ أَفْضَلَ النّاسِ وَيَلي عَلَيْهِ مَنْ هُوَ
دونَه فِي الْفَضْلِ حَتّى يُكَلِّفَهُ اللّهُ طاعَتَه وَتَقْديمَه
، إِمّا لِلْمَصْلَحَةِ وَالْإِشْفاقِ مِنَ الْفِتْنَةِ (...) ،
وَإِمّا لِلتَّغْليظِ فِي الْمِحْنَةِ وَتَشْديدِ الْبَلْوى
وَالْكُلْفَةِ ، كَما قالَ اللّهُ - تَعالى ! - لِلْمَلائِكَةِ : "
اسْجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبْليسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ " ،
وَالْمَلائِكَةُ أَفْضَلُ مِنْ آدَمَ ، وَلِأَنَّ جِبْريلَ
وَميكائيلَ وَإِسْرافيلَ عِنْدَ اللّهِ مِنَ الْمُقَرَّبينَ قَبْلَ
خَلْقِ آدَمَ بِدَهْرٍ طَويلٍ ، لِما قَدَّمَتْ مِنَ الْعِبادَةِ
وَاحْتَمَلَتْ مِنْ ثِقَلِ الطّاعَةِ . وَكَما مَلَّكَ اللّهُ
طالوتَ عَلى بَني إِسْرائيلَ وَفيهِمْ يَوْمَئِذٍ داودُ نَبيُّ
اللّهِ - صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ ! - وَهُوَ
نَبيُّهُمُ الَّذي أَخْبَرَ اللّهُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ .
|
إن المقالة لصحيحة ، بل هي اليوم أصح ماكانت قَطُّ ! ولكن في
الاستشهاد بالملائكة أنهم مفطورون على ما يعملون ، وفي الاستشهاد
بسيدنا داود - عليه السلام ! - أنه كان عندئذ صغيرا !
|
قَدْ شاعَ الْخَبَرُ - وَسارَ الْمَثَلُ - بِقَوْلِهِمْ : "
اطْلُبُوا الْحاجاتِ مِنْ حِسانِ الْوُجوهِ " ؛ فَإِنْ كانَ
الْوَجْهُ إِنَّما وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذي فيهِ النّاظرُ
وَالسّامِعُ وَالشّامُّ وَالذّائِقُ إِذا كانَ حَسَنًا جَميلًا
وَعَتيقًا بَهيًّا ، فَوَجْهُكَ الَّذي لا يُخيلُ عَلى أَحَدٍ
كَمالُه ، وَلا يُخْطِئُ حِوالُه ( طلبه ومحاولته ) .
|
هذا كما في المصرية : " ما يِخيلْشِ عَلَيَّ الْكَلامْ دَهْ " !
|
تَقولُ الْعَرَبُ : " مَنْ أَشْبَهَ أَباهُ فَما ظَلَمَ " ، تَقولُ
: لَمْ يَضَعِ الشَّبَهَ إِلّا في مَوْضِعِه ، لِأَنَّه لا شاهِدَ
أَصْدَقُ عَلى غَيْبِ نَسَبِه وَخَفيِّ نَجْلِه ، مِنَ الشَّبَهِ
الْقائِمِ فيهِ ، الظّاهِرِ عَلَيْهِ !
|
فوضع الشيء في غير موضعه ظلم !
ثم من أمثال المصريين : " اللّي خَلِّفْ ما ماتْش " ؛ فهوَ هوَ
ابْنُه !
|
مِنْ أَكْثَرِ ما يُذْكَرُ لِلسّاكِتِ مِنَ الْفَضْلِ وَيوصَفُ لَه
مِنَ الْمَنْقُبَةِ أَنْ يُقالَ : يَسْكُتُ لِيَتَوَقّى بِه عَنِ
الْإِثْمِ ، وَذلِكَ فَضْلٌ خاصٌّ دونَ عامٌّ . وَمِنْ أَقَلِّ ما
يُحْتَكَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُقالَ : غَبيٌّ أَوْ جاهِلٌ ، فَيَكونَ
في ذلِكَ لازِمُ ذَنْبٍ عَلَى التَّوَهُّمِ بِه ، فَيَجْتَمِعَ
مَعَ وُقوعِ اسْمِ الْجاهِلِ عَلَيْهِ ما وَرَّطَ فيهِ صاحِبَه
مِنَ الْوِزْرِ .
|
كان لنا زميل دائم الصمت ، فمَيَّلْناه أنا وأخي الدكتور فرحان
الطيري ، بين أن يكون حكيما قديرا ، وبين أن يكون جهولا عجوزا ،
فلما امتحناه قسرا انتمى إلى أسفل المُنْتَمَيَيْنِ ! فقلَّتْ
لدينا قيمة صمته الذي نعجز عنه !
|
اعْلَمْ أَنَّ لِصِناعَةِ الْكَلامِ آفاتٍ كَثيرَةً ، وَضُروبًا
مِنَ الْمَكْروهِ عَجيبَةً : مِنْها ما هُوَ ظاهِرٌ لِلْعُيونِ
وَالْعُقولِ ، وَمِنْها ما يُدْرَكُ بِالْعُقولِ وَلا يَظْهَرُ
لِلْعُيونِ ، وَبَعْضُها - وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْعُيونِ وَكانَ
مِمّا يَظْهَرُ لِلْعُقولِ - فَإِنَّه لا يَظْهَرُ إِلّا لِكُلِّ
عَقْلٍ سَليمٍ جَيِّدِ التَّرْكيبِ وَذِهْنٍ صَحيحٍ خالِصِ
الْجَوْهَرِ ، ثُمَّ لا يُدْرِكُه أَيْضًا إِلّا بَعْدَ إِدْمانِ
الْفِكْرِ ، وَإِلّا بَعْدَ دِراسَةِ الْكُتُبِ ، وَإِلّا بَعْدَ
مُناظَرَةِ الشَّكْلِ الْباهِرِ وَالْمُعَلِّمِ الصّابِرِ . فَإِنْ
أَرادَ الْمُبالَغَةَ وَبُلوغَ أَقْصَى النِّهايَةِ ، فَلا بُدَّ
مِنْ شَهْوَةٍ قَويَّةٍ ، وَمِنْ تَفْضيلِه عَلى كُلِّ صِناعَةٍ ،
مَعَ الْيَقينِ بِأَنَّه مَتَى اجْتَهَدَ أَنْجَحَ ، وَمَتى
أَدْمَنَ قَرْعَ الْبابِ وَلَجَ . فَإِذا أَعْطَى الْعِلْمَ حَقَّه
مِنَ الرَّغْبَةِ فيهِ ، أَعْطاهُ حَقَّه مِنَ الثَّوابِ عَلَيْهِ
.
|
أستحسن في أسلوب " بعضها - وإن لم يظهر (...) - فإنه لا يظهر (...)
" ، أن يكون " وإن لم يظهر (...) فإنه يظهر " ، خبر " بعض " مقترنا
بالواو التي تشبه واو اللصوق في النعت ، وهي الواو التي في مثلهم "
لَقَدْ كُنْتُ وَما أُخَشّى بِالذِّئْبِ " ، أي كنت ما أخشى .
ثم أظن أن هذه الكلمة معيار البراعة في كل علم وفن ؛ ينبغي أن
يستولي على العامل في أي منهما عمله ، فيشهر فيه بالصَّناع
المَجْذوب . ثمت ينبغي أن تُذْكَر هنا مقالة أستاذنا الدكتور محمود
الربيعي في الحُبِّ ، أنه تجويد العمل ، هذا ما انتهت به إليه
تجربته الطويلة ، وأنا أوافقه ، وأؤيده .
|
مِنْ مَظالِمِ صِناعَةِ الْكَلامِ عِنْدَ أَصْحابِ الصِّناعاتِ ،
أَنَّ أَصْحابَ الْحِسابِ وَالْهَنْدَسَةِ يَزْعُمونَ أَنَّ سَبيلَ
الْكَلامِ سَبيلُ اجْتِهادِ الرَّأْيِ ، وَسَبيلُ صَوابِ الْحَدْسِ
، وَفي طَريقِ التَّقْريبِ وَالتَّمْويهِ ، وَأَنَّه لَيْسَ
الْعِلْمُ إِلّا ما كانَ طَبيعيًّا وَاضْطِراريًّا لا تَأْويلَ لَه
، وَلا يَحْتَمِلُ مَعْناهُ الْوُجوهَ الْمُشْتَرَكَةَ ، وَلا
يَتَنازَعُ أَلْفاظَهُ الْحُدودُ الْمُتَشابِهَةُ . وَيَزْعُمونَ
أَنَّه لَيْسَ بَيْنَ عِلْمِهِمْ بِالشَّيْءِ الْواحِدِ أَنَّه
شَيْءٌ واحِدٌ وَأَنَّه غَيْرُ صاحِبِه ، فَرْقٌ في مَعْنَى
الْإِتْقانِ وَالِاسْتِبانَةِ وَثَلَجِ الصُّدورِ وَالْحُكْمِ
بِغايَةِ الثِّقَةِ ! (...) فَلَوْ كانَ هذَا الْمُهَنْدِسُ الَّذي
أَبْرَمَ قَضيَّتَه ، وَهذَا الْحاسِبُ الَّذي قَدْ شَهَرَ
حُكومَتَه ، نَظَر فِي الْكَلامِ بِعَقْلٍ صَحيحٍ ، وَقَريحَةٍ
جَيِّدَةٍ ، وَطَبيعَةٍ مُناسِبَةٍ ، وَعِنايَةٍ تامَّةٍ ،
وَأَعْوانِ صِدْقٍ ، وَقِلَّةِ شَواغِلَ ، وَشَهْوَةٍ لِلْعِلْمِ ،
وَيَقينٍ بِالْإِصابَةِ - لَكانَ تَهَيُّبُ الْحُكْمِ أَزْيَنَ بِه
، وَالتَّوَقّي أَوْلى بِه ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ لا يَكونُ عَرَفَ
مِنْ صِناعَةِ الْكَلامِ ما يَعْرِفُهُ الْمُقْتَصِدُ فيهِ
وَالْمُتَوَسِّطُ لَه ! عَلى أَنّا ما وَجَدْنا مُهَنْدِسًا قَطُّ
وَلا رَأَيْنا حاسِبًا يَقولُ ذلِكَ ، إِلّا وَهُوَ مِمَّنْ لا
يَتَوَقّى سَرَفَ الْقَوْلِ ، وَلا يُشْفِقُ مِنْ لائِمَةِ
الْمُحَصِّلينَ ، وَقَضيَّتُه قَضيَّةُ مَنْ قَدْ عَرَفَ
الْحَقائِقَ ، وَاسْتَبانَ الْعَواقِبَ ، وَوَزَنَ الْأُمورَ
كُلَّها ، وَعَجَمَ الْمَعانِيَ بِأَسْرِها ، وَعَلِمَ مِنْ أَيْنَ
وَثِقَ كُلُّ واثِقٍ ، وَمِنْ أَيْنَ غُرَّ كُلُّ مَغْرورٍ !
وَعَلى أَنَّهُمْ يُقِرّونَ أَنَّ فِي الْحِسابِ ما لا يُعْلَمُ ،
وَأَنَّ فِي الْهَنْدَسَةِ ما لا يُدْرَكُ وَلا يُفْهَمُ ،
وَالْمُتَكَلِّمونَ لا يُقِرّونَ بِذلِكَ الْعَجْزِ في
صِناعَتِهِمْ ، وَِبذلِكَ النَّقْصِ في غَرائِزِهِمْ .
|
سبحان الله !
هذه تهمة المشتغلين بالإنسانيات جميعا ، عند المشتغلين بالطبيعيات
جميعا !
ومرَّةً ذكرتُ لأستاذٍ طبيبٍ ، أنني مشغول بطِبِّ الكلمة ، فأحرجني
بأنني غير مضطر في تقدير شغلي ، إلى تلك الصورة ؛ ولا - والله ! -
ما أردت إلا تقريب المعنى ، ولو وجدتُ ضَعَةً ما قلتُ ؛ فقد
فَرَغْتُ من طبقات الأشغال في أحكام الجلال !
|
إِنَّ الَّذي دَعا صاحِبَكَ إِلى ذَمِّ التِّجارَةِ ، تَوَهُّمُه
بِقِلَّةِ تَحْصيلِه أَنَّها تَنْقُصُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ
، وَتَقْتَطِعُ دونَهُما ، وَتَمْنَعُ مِنْهُما ! فَأَيُّ صِنْفٍ
مِنَ الْعِلْمِ لَمْ يَبْلُغِ التُّجّارُ فيهِ غايَةً ، أَوْ
يَأْخُذوا مِنْهُ بِنَصيبٍ ، أَوْ يَكونوا رُؤَساءَ أَهْلِه
وَعِلْيَتَهُمْ ! هَلْ كانَ فِي التّابِعينَ أَعْلَمُ مِنْ سَعيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ أَوْ أَنْبَلُ ؟ وَقَدْ كانَ تاجِرًا يَبيعُ
وَيَشْتَري ، وَهُوَ الَّذي يَقولُ : ما قَضى رَسولُ اللّهِ -
صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ وَآلِه ! - وَلا أَبو بَكْرٍ
وَلا عُمَرُ وَلا عُثْمانُ وَلا عَليٌّ - رِضْوانُ اللّهِ
عَلَيْهِمْ ! - قَضاءً إِلّا وَقَدْ عَلِمْتُه ! وَكانَ أَعْبَرَ
النّاسِ لِلرُّؤْيا ، وَأَعْلَمَهُمْ بِأَنْسابِ قُرَيْشٍ ، وَهُوَ
مَنْ كانَ يُفْتي أَصْحابَ رَسولِ اللّهِ - صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ
، وَسَلَّمَ ! - وَهُمْ مُتَوافِرونَ ، وَلَه بَعْدُ عِلْمٌ
بِأَخْبارِ الْجاهِليَّةِ وَالْإِسْلامِ ، مَعَ خُشوعِه ،
وَشِدَّةِ اجْتِهادِه وَعِبادَتِه ، وَأَمْرِه بِالْمَعْروفِ ،
وَجَلالَتِه في أَعْيُنِ الْخُلَفاءِ ، وَتَقَدُّمِه عَلَى
الْجَبّارينَ .
|
صدقت ؛ فما زال فينا من إذا رابه تاجر قال : بَيّاع ! وكأنه جريء
على بَيْع كل شيء ، حتى الناس - كما يريبه الجزّار ، وكأنه جريء
على جَزْرِ كل شيء ، حتى الناس !
ولكنه هو نفسه لا يستغني عن معنى التجارة ؛ إذ كيف يعيش إذا لم
يُعْطِ ما لديه ، ويَأْخُذْ به ما لدى غيره ، لتتكامل بينهم الحياة
!
أم كيف يغفل عن علامة توفيق المتقين من التجار إلى الحياة الكريمة
، التي في دعوة الحق سبحانه وتعالى ! - أن نشتري فيه ونبيع !
أم هل أنسى كلمة بعض الإسلاميين السياسيين ، حين اتُّهِموا
بالمتاجرة بالدين : " نَعَمْ ، نُتاجِرُ بِالدّينِ كَما يُحِبُّ
رَبُّنا وَيَرْضى " ، أو كما قال !
|