الدين
مقاربة أنتروبولوجيّة
بيروت 2004
تقديم
بدءًا علينا تحديد معنى الأنتروبولوجيا ومعنى أنتروبولوجيا الدين . فلفظة أنتروبولوجيا ترادف الإتنولوجيا ، أي علم الشعوب والمجتمعات البدائيّة من حيث معتقداتها وعاداتها ونظمها الاجتماعيّة . وقد يسمّى هذا العلم أيضًا الأنتروبولوجيا الثقافيّة أو الأنتروبولوجيا الاجتماعيّة . وبهذا المعنى تتميّز الأنتروبولوجيا من السوسيولوجيا ، أي علم الاجتماع ، بأنّ موضوعها هو الشعوب والمجتمعات “ البدائيّة ” ، في حين أنّ موضوع علم الاجتماع هو المجتمعات الحديثة “ المتطوّرة أو المتمدّنة ” . ثمّ قد يكون ثمّة أنتروبولوجيا فلسفيّة تتميّز من الأنتروبولوجيا العلميّة والأنتروبولوجيا الدينيّة .
وعبارة “ أنتروبولوجيا الدين ” قد تأتي بمعنى وصف الإنسان كما يرى إليه الدين أو هذا الدين أو ذاك ، كما أن يُسأل ما هو الإنسان في النظرة المسيحيّة أو في النظرة الإسلاميّة . أمّا المعنى المقصود في هذا البحث ، فهو الأنتروبولوجيا الفلسفيّة متى كان موضوعها الدين أو الأديان . والدين ، أو أيّ دين ، في النظرة الأنتروبولوجيّة ، يُعتبَر ظاهرة ثقافيّة في شكل أنظومة تعبّر عن معنًى هو قصد المطلق .
فالغرض من هذه المحاولة يقتصر على تبيين معالم الطريقة الأنتروبولوجيّة في معالجة الدين . ويقتضي ذلك ، من وجه أوّل ، الوقوف على المبادئ التي تقوم عليها هذه الطريقة الفلسفيّة ، مع ما تتضمّنه من منهج فينومينولوجيّ أي ظواهريّ ، ومنهج هرمينويطيقيّ أي تأويليّ ، وتساؤل فلسفيّ ، ومن وجه آخر ، تطبيق هذا المنهج على الدين متى اعتبره هذا النظر الأنتروبولوجيّ ظاهرةً تقوم الظواهريّة بوصفها وتحليلها ، ويحاول التأويل النفاذ إلى معانيها ، وتسأل الفلسفة هل تدلّ هذه المعاني على وجود حقيقيّ . لذا كان علينا ، في باب أوّل ، نظريّ ، عرض مقوّمات النظر الفلسفيّ الأنتروبولوجيّ ( الفصل الأوّل ) ، ثمّ ، في باب ثانٍ ، تطبيقيّ ، مقاربة أنتروبولوجيّة للدين ، تقوم بعرض موقع الدين في الأنظومة الثقافيّة ( الفصل الثاني ) ، ثمّ بتحليل الأنظومة الدينيّة ( الفصل الثالث ) ، ثمّ بالبحث في قصد المطلق بما هو المعنى الذي تعبّر عنه الأنظومة الدينيّة ( الفصل الرابع ) . يلي ذلك في الختام تساؤل عمّا قد يكون الإنسان ، ذلك الكائن الممتنع اكتماله ( الفصل الخامس ) .
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا البحث الأنتروبولوجيّ في الدين لا يدّعي أنّه البحث الوحيد الممكن متى اعتُمد المنهج الأنتروبولوجيّ . فقد يؤتى بأبحاث أنتروبولوجيّة في الدين مغايرة تمامًا للبحث المعروض في هذا المحاولة . ثمّ لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المنهج الأنتروبولوجيّ ، كأيّ منهج علميّ ، له في آن مقتضياته وحدوده . فالمنهج بحدّ ذاته يقرّر النظر في موضوعه من زاوية معيّنة ، فلا يؤكّد من اعتمده إلاّ ما يظهر له من الشيء الذي اقتطع منه موضوعه . ولا يدّعي معتمد المنهج إدراك الشيء بكلّيّته ، بل يقف عند حدود نظرته إلى الشيء ، بحيث إنّه إذا تعدّاها يكون قد تعدّى مقتضيات منهجه ذاتها . وهذا يعني أنّ كلّ ما في هذه المقاربة من تأكيدات يمكن مساءلته والقبول به أو رفضه .
أمّا مادّة هذه المقاربة ، فقد جمعتُها ، محاولاً الربط المنطقيّ بين أجزائها ، من كتاباتي السابقة . وهذه أهمّها :
العالم العربيّ والتحوّل الاجتماعيّ الثقافيّ – إشكاليّة العلمنة والثورة الثقافيّة . – بيروت 1997 .
في سبيل أنسنة الإنسان . – بيروت 1997 .
في فلسفة الدين . – سلسلة في الدين والفلسفة . – معهد الدراسات الإسلاميّ للمعارف الحكْميّة . -
دار الهادي ، بيروت 2002 . – ( فيه ذكر لكثير من الأبحاث في الدين ) .
المراجع
ar.al-hakawati.net/2012/04/18/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-2/الموسوعة الحكواتي
التصانيف
اصطلاحات