الأفق مخضب بالأرجوان ، والشمس تلفظ أنفاسها الأخيرة ، منحدرة صوب الأفق البعيد ، وأمواج البحر تنساب في سكينة ووقار ، هذا المشهد الرائع كان يستحوذ على جوارح وضاح ، ويأسر لبه ، إنه مشهد طالما حرص أن يمتع ناظريه به، كلما سنحت له الفرصة ، ها هو الآن متجسد أمام ناظريه ، بأدق تفاصيله وأبهى صوره ، ولا عجب بعدها من أن تراه يجلس فوق صخرة ، مطلقا لبصره العنان ، إنه ينظر صوب الأفق البعيد، وتراه يرقب المشهد باهتمام بالغ، وبينما هو على هذه الحال ، عرته نوبة من الخشوع ملكت عليه كيانه ، حيث تجلت له عظمة الخالق سبحانه ، الذي صور فأبدع ، فراح خياله يسبح في ملكوت ربه ، وما هي إلا لحظة ، أو بعض لحظة ، حتى سمع النداء لصلاة المغرب ، فخفق قلبه لهذا النداء الأثير ، وراح لسانه يلهج بذكر الله ، مردداً ما يقوله المؤذن ، وبعدما أتم المؤذن النداء ، توجه وضاح إلى المسجد القريب ، لأداء الصلاة جماعة ، فسرت في أوصاله دفقة من الطمأنينة ، استشعر فيها حلاوة طاعة الله ، والوقوف بين يديه سبحانه ، وبعيد انقضاء الصلاة ، راح يتجاذب أطراف الحديث مع رفقة له ـ في باحة المسجد ـ جمعتهم صحبة المسجد ، وطاعة الله ، فكانت صداقة طاهرة نقية من كل دنس ، ولا غرابة بعد ذلك من أن تجد بينهم الوئام ، والمحبة الخالصة ، وعندما حانت لحظة الوداع ، امتدت الأيدي تشد على الأيدي ، تؤكد الميثاق الذي قطعوه على أنفسهم ، أن يكونوا عوناً لبعضهم البعض للثبات على طاعة الله ، وأن يخلصوا لتلك الأخوة التي جمعت بينهم ، وانصرف الجميع على أمل لقاء قريب متكرر ..
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع الآداب قصة العلوم الاجتماعية