الكثير يعلم عن الدكتور مصطفى محمود انه مقدم العلم والايمان وانه له العديد من المؤلفات العلمية والسياسية وكذلك الدينية ولكن ما يجهله الكثير انه من ابرع الادباء التى انجبتهم مصر فى ادب القصص القصيرة والمسرحيات ...
 
 
فمن اهم اعماله القصصية ... مجموعته القصصية رائحة الدم والتى ضمت عناوين ॥الحصان والشئ المجهول وانشودة الدم وقصص اخرى تنفرد باسلوب ادبى بديع اختص به الدكتور مصطفى محمود نفسه حيث كان يقوم بعرض القصص كاحداث واقعية مر بها وبغض النظر عن كونها وقعت بالفعل ام انها من وحى خيال الدكتور فالمؤكد انك ان بدات فى قرائة احدى هذه القصص لن تترك المجموعة ككل الا بعد ان تكملها حالها حال جميع اعمل الدكتور مصطفى محمود
 
 
والان॥ ساعرض على حضراتكم بعض السطور من احدى هذه القصص تحت عنوان ..... الشئ المجهول
 
 
 
------------------ الشئ المجهول من مجموعة رائحة الدم القصصية بقلم الدكتور مصطفى محمود----------------------
 
 
- يستوى اى وقت واى يوم واى فصل من فصول العام، واى سنة من عمرى، فالكل نسخ متشابهة لاصل واحد ولا شئ غير التكرار ... التكرار الممل ...فحياته تسير...بلا جديد الغدد فيها مثل الامس والحاضر كالماضى .... لا عمق فى احزانه ولا عنف فى مسراته.... لا ضحكات ولا دموع ... وانما بسمات صفراء واشجان عابرة لا تهز القلب ...

وانه يستطيع ان يتنبا بما سيحدث كما تتنبا المراصد بتحركات النجوم.... لان تتابع حياته اصبح اليا يحكمه قانون جامد صارم لا روح فيه...
 
هو سيفتح باب العربة القديمة ويتهيا للنزول ... فينبح الكلب॥ ويقف البواب العجوز يتثائب ويؤدى التعظيم...هو سيطا الممر المرصوف بالحصى ويصعد الدرجات الخمس ويضغط على الجرس....فيطل الخادم الاصلع الذى يؤدى نفس الدور من عشرين سنة ...ليفتح الباب...ويجرى خلفه وهو يعرج ويضئ نور غرفة النوم...ويمسك قطع الاثاث...واحدة بعد اخرى بنفس الترتيب فهو يبدا بالشماعة ثم الكرسى ثم الدولاب....ثم يقف بعد هذا كالتمثال يتلقى المعطف والجاكته وباقى الثياب قطعة قطعة...يعلقها على المشجب، ثم يفتح فمه قائلا نفس الكلمات .....
 
- العشاء جاهز سيدى... هل تريد شيئ ؟
 
فيجيب نفس الاجابة
 
- لا ...وشكرا
 
 
وتمر عشر دقائق وتتيقظ زوجته فتتمطى وتتثاءب وتجلس...ثم تقف فى روب النوم...لتقول الجملة التى لا تتغير
 
- لقد تاخرت كثيرا هذه الليلة ... ان السهر يؤسر على صحتك
 
فيقول فى جفاء كالعادة
- ان صحتى ملكى... وانا حر افعل بها ما شاء وقد نبهت الف مرة الا يعود الكلام الى هذا الموضوع
 
 
ويحاول ان يغضب فى صدق وحرارة ... ولكن هذه الحرارة تنطفئ ، وتتحول الى مجرد ضجر ، وتخونه الكلمات فيسكت ...
ويسرح الطرف الى النافذة المفتوحة حيث الفضاء وحيث المئذنة المضيئة وخفقات الطاحون تطفو وتغرق فى نقنقة الضفادع لبى لبصورة المعلقة بالجدار الى وجه زوجته الفاتن... فتعجز الفتنه ويعجز الجمال ويعجز الشعر الاثيث الفاحم والعينان السوداوان والوجه المستطيل والقوام الشمعى... ويعجز كل هذا عن ان يحرك فيه ساكنا... وكانما العواطف قد ماتت واندثرت فى المقبرة كالعادة
 
 

المراجع

dmostafamahmoud.blogspot.com

التصانيف

أدب  مجتمع   الآداب   قصة