القائد (يشير إلى قافلته): هنا .. توقفوا .. سنَبِيت الليلة هنا. (يتجوَّل داخل المغارة) تبدو المغارة خالية تمامًا .. تبدو هكذا.
(فجأة تضاء الإنارة)
المشهد: مجموعة من النساء والأطفال والشيوخ وقد تحلَّقوا داخل المغارة، وأخذوا في البكاء والعَوِيل، وقد ظهر في خلفية المسرح مناظر مروِّعة لمآسي المسلمين، وقد كُتب عليها بلون الدماء: "وا إسلاماه".
القائد (وقد أخذته الدَّهشة): مسلمون؟
(صمتٌ يلفُّ المكان)
القائد (صارخًا فيهم): أجيبوا .. هل أنتم مسلمون؟ ... هل أنتم مسلمون؟
(يخرج إليه شيخ عجوز .. ويقف قُبالة الجمهور)
الشيخ: ومَنِ القوم إلا هم؟!
القائد: ومن أين جئتم؟
الشيخ (وهو يشير إلى مجموعته): من كل بقاع الأرض .. من البوسنة .. وكوسوفا .. والصومال .. وكشمير .. وأفغانستان .. والصين .. والفلبين .. والشيشان .. حتى من بلاد الإسلام.
القائد (وقد أطرق إلى الأرض): إذن .. هي الحروب والمجاعة.
الشيخ (في حدَّة): ليستِ الحُرُوبُ وَحْدَها التي صَنَعَتْ مأساتنا.
القائد: ماذا تعني؟
الشيخ: إخواننا .. خذلونا .. أسلمونا للأعداء .. لاذوا بالصمت وهم يشاهدون مأساتنا، لم يتحرَّكوا من أجلنا.
القائد: و .. ولكنهم يساعدوننا، يقدمون لنا الطعام .. والكساء!
الشيخ (مقاطِعًا): يُسَمِّنوننا حتى نذبح كالأضاحي.
القائد: لـ .. لـ .. لقد سمعت أنَّهم الآن يجتمعون لنُصرة قضايانا.
الشيخ (في حدَّة): بالكلام .. يجتمعون حول موائد الكلام. اسمعْ .. اسمعْ بربِّكَ ماذا يُصدرون في مؤتمراتهم ومؤامراتهم.
(صمتٌ)
(صوتٌ خارجيٌّ): إنَّنا نُدين ونَشجُب ونَسْتَنْكر وبشدَّة العدوان الصارخ ضدَّ إخواننا المسلمين .. ونطالب الأمن الدُّوَلِي بسرعة التدخُّل من أجل إنقاذهم.
(تصفيقٌ حادٌّ يملأ المسرح).
الشيخ: أسمعتَ؟ لقد تمخَّض الجبل فوَلَد فأرًا .. إنهم يطلبون النُّصرة من أعدائنا، يطلبون لنا الرحمة من جَلاَّدِينا.
القائد: و .. و .. ماذا نريد منهم؟
الشيخ: أليسوا إخواننا في الدِّين والعقيدة؟ أَمَا تداعى النَّصارى لنُصرة إخوانهم في تيمور الشرقيَّة .. وفي جورجيا حتى أقاموا لهم دولة؟
القائد: نعم .. ولكن ..
الشيخ: ولكنه الوَهَن الذي ضرب قلوبهم، حبُّ الدنيا وكراهية الموت. لنا الله .. لنا الله.
(تبدأ مجموعة بالتحرُّك خلف الشيخ الذي يهمُّ بالمغادرة وهم يردِّدون: لنا الله .. لنا الله)
القائد (مستوقفًا الشيخ): إلى أين أيُّها الشيخ؟
الشيخ: لَقَدْ سمعنا أنَّ قائدًا عربيًّا مُسْلمًا اسمه المعتصم أنقذ امرأةً مسلمةً، سنذهب إليه ... ربما أنقذنا.
القائد: آهِ .. لقد مات منذ زمن.
الشيخ: لا بأس .. سنجد معتصمًا آخَر. في رعاية الله يا بني.
(يغادر الشيخ مع مجموعته وهم يردِّدون: لنا الله .. لنا الله. بينما يقف القائد مذهولاً)
القائد (في نفسه): لنا الله .. لنا الله.
(يدخل أحد رجال القافلة مسرعًا)
الرجل (في ذُعْر): سيدي .. سيدي .. الأعدء قادمون .. إنهم يضربون الكهف بطيَّاراتهم، يُلقون بالقنابل المحرَّمة .. يحرقون الأرض الخضراء .. يزرعون الموت في كلِّ مكان .. إنهم قادمون ... قادمون.
القائد: بسرعة، هيا .. اهربوا .. بسرعة.
الرجل: إلى أين يا سيدي؟
القائد: سنبحث عن معتصمٍ آخَر .. هيا بسرعة .. بسرعة.
(يرتفع صوت الطائرات ودويُّ المدافع والقنابل، تُطفأ الإنارة، تختلط الآهات بالصَّرخات)
تغلق السِّتارة.