التوقيعات
التَّـوقيعـات هي واحدة من فنون النثر في الأدب العربي وهي مايوقّع به الخليفة أو الوزير أو الوالي على الشكاوى التي تُرفع إليه. ويعود تاريخها إلى أيام الخليفة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حيث يُنسب إليه توقيع على كتاب وَالِيهِ على العراق، سعد بن أبي وقاص، وكان قد استأذنه في بناء بيتٍ، فكتب إليه: ابنِ ما يكنُّك من الهواجر وأذى المطر.
ويرى بعض المؤرخين أن التوقيعات هي من فنون النثر التي اقتبستها العرب عن الفرس. إلاّ أن توقيع أمير المؤمنين عُمر وغيره يثبت أنها عربية الأصل وليس ذلك بالأمر الغريب على اللغة العربية التي من أبرز مميزاتها الإيجاز المفيد حين تدعو الحاجة.
وقد انتشرت التوقيعات في العصر العباسي، ونُسبت إلى كثير من الخلفاء كالسفَّاح والمنصور والمهدي والرشيد، كما نسبت إلى بعض الوزراء والولاة.
وكثيرًا ما تكون التوقيعات آية قرآنية أو حديثًا شريفًا أو حكمةً أو مثلاً أو بيتًا من الشعر. وقد تكون عبارة مرتجلة من تاسيس الموقّع حسبما تمليه المناسبة.
ومن التوقيعات البليغة توقيع المأمون على رقعة متظلّم: ليس بين الحقّ والباطل قرابة.
ووقّع السفّاح في كتاب جماعة من بطانته يشكون احتباس أرزاقهم: من صبر في الشدّة شارك في النعمة.
ووقّع المنصور على شكوى لأهل الكوفة من عاملهم: كما تكونون يؤمّر عليكم.
ومن التوقيعات التي اقتبست من القرآن الكريم توقيع المهدي في كتابه إلى أحد ولاته حين شكا سوء طاعة رعاياه: ﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين﴾ الأعراف:199 .
وعرف من الوزراء جعفر البرمكي وكانت له توقيعات بديعة منها توقيعه في رقعة أحد عماله: لقد كثر شاكوك وقل شاكروك فإمّا اعتدلت وإمّا اعتزلت.
ويلاحظ أن أسلوب التوقيعات يرتكز على الإيجاز ويحلّى ببعض المحسّنات البديعية كالجناس والمطابقة كما ترتكز أحيانًا على الاقتباس.
المراجع
mawsoati.com
التصانيف
ثقافات اللغة العربية الآداب اللغة العربية النثر