أطفال بلادى يرسمون طرق الأسفار، ولا يصدقون ما فى الكتب المدرسية أو المدرسين، فهم يكذبونهم وينهرونهم ويسخرون من كلماتهم دوما.
ينضم الصغار بسرعة خاطفة بعد مهرجانات حقول أعواد الذرة الناهضة فى الصفوف الممتشقة طازج يخضورها، ومشاتل الأرز وذهب القمح المضموم حصاده ..... إلى محطة التلاقى حين يصل طرف قبة السماء تماس سبيله بحافة الأرض، إننا نراهما فى تطابق صورة واضحة، عند سيرنا على طريق الترعة الكبيرة.
- ليتنا نلضم مخيطهما بمسلة أجولة الحبوب .
يستخدمون التبن فى الأجولة درجات عليها يتم الرقى ، يتمسكون أحيانا بذيول اليعاسيب.
حين يأسرونها الصيادون منهم من قمم أطراف الأعشاب على ضفاف الترع، يرشقونها "بالأشبرة " - سلخة واهنة من الحطب - فى مؤخراتها، ويديرون مراوحهم حولها قبل الاقلاع إلى التحليق، ويدركون الفضاء المدجج بأكاليل الوميض غير المستعار وغير المقترض على ضفاف أنهاره، حين ينعكس على ظلمة صفحة مياه الترعة يظلل الفضاء نضحه، فطَفَا حَبَابُ الريح وراقص المشهد، واوراق السحب تجوب الفضاء لترتشف الرياح .
*******
رؤية بعضهم المعترضه، أن يستلقوا ضوء القمر ولا يشيرون بنظرهم إلى جهته المحجوبة، يحدقون فى خرائط وميض الياسمين المتناثر فى الظلمات، ويتحاشون الشهب لحظة الإنقضاض وتشظى التفتت، ترتج الأصوات جنبات أقراب صدورهم فيطلقونها قذائف يعتقدون أنها تنبت وميضا رائعا، لكن الأشياء المستقبله تمتصها بنهم وتزيدها صمتا .
- لابد أن نقضى الأماسى فوق مراسى السحب ونقطف أكبر قدر من وميض الياسمين
- قبل إنقشاع الغبش
- نعود ببعض النجوم قلائد على الصدور
فلن يخبئنا ضوء النهار، ليس بالمرة دار لها باب أو جدار
- أنا جربته وكان ...............
ولا يمكننا الهبوط على أهداب الشمس (أو أوراق الأشجار فى خباء الظليل)
- كم مرة تسحق هوية ظليل الأشياء فى إنقداح ضحاها.
الأجيال السابقة سافرت فى الطائرات الورقية .
- لكنها ماتت كما تقول الكتب
- عباس إبن فرناس لم يمتطى الفضاء عبر الطائرات الورقية
- لما تذكرون الكتب وتنسون الحقيقة
- كم سافر أبى على أجنحة الحمام
- حمامنا
- لا ....... بالحمام المصاد فى أقفاص الصغار حين يضعون فيها الحب، ويهبط ليس كزائر بل للإلتقاط .
*******
لكنهم فى هذا الجو الحار اقترح أحدهم إنهيار جدران الفراغ وخاف، والآخرين حين فتح لهم أبواب الوصول، هموا يخطفون السحب فى سيالتهم، وآخرين شاطروا جامعى الياسمين، وتجذبهم مشاهد يفرجون فيها عن ومضاته قبل أن يجمعونها كيف تدبر وتقبل، مفتتحها إنبساط بتلات الورود، وإنقباضها ليس ذكرى وميض الماضى، يشعرون أنها تشرع بإنبثاق حوريات جميلات، حتى زادت العتمة وأستباحات نزوح عجائز القرى وإقالتها هناك وهم يمتطون السحب، ولا يتحاشون الخوف، يحدقهم الأولاد مشدوهين .
- إنها كراسة فارغة من الكتابة إلا هذه الرسومات الجذابة .
- ثمارها الكريز ........ مشارفها أحواض اللبان فى الحلاوة .
- ورائحتها فوح الليمون
- لابد من وضع وميض الياسمين فى حجرات ظلماء لتفقس حوريات تتقن الطيران إلى سواحل بلاد الجان المرصعة أرديتهم بالزبرجد والياقوت .
حاولوا شم أنفاس الكرى، لم يفلحوا ، الأرض مندثرة لاترى .
لكنه مع رغبة الصعود لأعلى بإمتطاء درجات سمكت بجوار قرميد السماء، المعد لتزلق الملائكة الكرام، لم يفلحوا تخطى حذر العبور إلى بهو الفضاء، حيث قصور مدن الملائحكة ولباتها الفضة بجوار الذهب، عكست الشمس ضوءها عليهم وثورة متمردى السحب، وإتحاد وميض الياسمين فإمتلأت الدنيا من حولهم بنور شفاف غمر كل الأشياء فكشفهم، حتى وصل الأرض، وأيقظوا هلعها اليومى .
فتساقطوا كأوراق الخريف خوفا من بحث آبائهم عنهم فوق أسرتهم، تفزعهم معاقبة تحية العلم بدأها وعليهم اللحاق بالطوابير التى تقلهم للفصول .
لكن فى الليلة التالية هل يجمعون وميض الياسمين مرة أخرى؟! بطريقة مرتبة ومختلفة .
قال لهم مدرس لأول مرة يرونه اليوم وحكاياتهم تملأها الضحكات : كم يراعة أمسكت يا ولد .
- يراعة ؟!
- نعم ....... ألم تطر بالليل وتمتطيها وهى تلمع كالنار!.
- نعم ...... ولكنه وميض وليس نار
- ألم تروا ْحُبَاحِبِ مُغْمَدَاتِ الأَجْنِحَةِ ، مُضِيئَةٌ ِاللَّيْلِ.
- لا ..... ففى الفضاء الكثير ما تطاير من شَزَر النار والهواء من تصادُم الحجارة
- ألم  يُضيءُ ذنَبُه! لكى تخطئه خشيتك .
لم يجب سوى تواصل صمتهم، وحين حلت الليلة الموعودة استعد الأولاد بكل ما أوتوا بقوتهم وعواطفهم، ليشاهدون الجديد كذلك اليراع الفضائى لأول مرة، لكن آباءهم جمعوا ذكور البط البلدى "المدجج باللحم" من الأسواق حولهم، وذهبوا إلى شيخ الخفر يترجونه إخفاء الأمر عن العمدة وهو يمتنع عن الرضوخ، دون إستثناء إعفاء جميع أسماء أبناءهم من دفاتر المدرسة، ففرح الأولاد بالكون فى حقيقة ضباب السحب ومسامحة فراغهم من ثقل واجبات المدرسة، والتفكير الجدى فى طرق تسلقهم الفضاء أو رؤية النقطة الفعلية لتلاقى قبة السماء بحافة الأرض للهبوط منها على أى من البروج بعد قليل، لكنهم أفاقوا يلسعهم حرور الحقول عمال أجراء يمتلكهم من يدفع.
 

المراجع

odabasham.net

التصانيف

ادب  قصص  مجتمع   قصة