* "أنت على حافة الهاوية" قال لك صديقك طبيب القلب بعدما عاين وفحص. نظرت إليه متسائلاً.. فأعاد كلامه بنبرة حازمة خالطها بعض الأسى. ثم شرح لك بتأنٍ ما يعانيه قلبك من ضعف، وكتب وصفة علاجية قال أنه يأمل فقط أن تساعد على وقف التدهور وسيتم تقييم فعاليتها خلال مدة.
لم يسبق له أن حدثك بهذه الطريقة من قبل. كان حينما تراجعه يكتفي بأن يطلب إليك تناول حبة دواء معينة.. أو يقول لك ببساطة: ابتعد عمَّا يوتِّر وخذ قسطاً من الراحة. لكن كلامه هذه المرة كان مختلفاً وهو يشدد على ما تستدعيه حالتك من انتباه. وحينما أصر على توصيلك إلى البوابة الخارجية للمستشفى بدا لك وكأنه يودعك؟
* * *
لم تخف يوماً من الموت.. بل لم تحسب له حساباً حينما كنت قاب قوسين أو أدنى منه. وأقصى ما فكرت فيه حينها أن يسمح لك بمهلة ريثما تسلم الأمانات التي بحوزتك لأصحابها، وريثما تملأ عينيك ممن ومما تحب ثم ترحل بهدوء كغيمة عابرة.
لكنك تنزعج حينما يتعلق الأمر باحتمال ضعف يصيبك وما يعنيه من افتقاد قدرة وعجز. وهي حالة لا ترغب أبداً في تجربتها. وفي الحقيقة لم يكن كلام صديقك الطبيب هو ما أوحى لك بهذا الشعور المزعج، بل معاينتك لنفسك خلال الفترة الماضية وملاحظتك ما حل بك من وهن فقدت معه القدرة على التفاعل.. وفقدت ما هو أكثر: شهية الحياة.
وكما تعرف جيداً ليس قلبك هو المسؤول عن هذا، بل كان هو الضحية لطريقتك في الحياة. ولو كان ينطق لأخبرك بما فعلته به على مر السنين، فيما كان يحتملك بصبر لم يعد قادراً على مواصلته فَوَهَا!
لا بأس! قد تدفعك هذه المعرفة إلى الاعتذار له! لكنك لا تستطيع أن تقدم له أيما وعد بشيء؛ فأنت أكثر من يعرف أنك ستظل مداوماً على طريقتك إياها رغم معرفتك بأنك "على حافة الهاوية" كما قال صديقك طبيب القلب.
* * *
- قـاب قـوسيـن ؟
- "... لتكــن مشيئتـك"
المراجع
ahewar.org
التصانيف
أدب مجتمع الآداب قصة