انتظار
في تلك الشوارع الخلفية التي لا يدخلها سوى الثوار، تلك الشوارع التي يتم فيها توزيع مناشير الحب السرية عن أعين حراس العشق وقراصنته، جلس ينتظر موعده مع الانتظار ، متزينا بكل زينة وعطر ولهفة، وهو على يقين بان انتظاره هذه المرة سيطول، فقد أقاموا حواجزا على كل المعابر، وشيدوا متاريسا للحب، وحراس جسره متشددين في التفتيش والتدقيق ، وهو لا يملك جواز سفر أو تصريح مرور سقطوا منه في آخر مطاردة لعسس العواطف التي لا ترحم.
في تلك الشوارع المنسية ، الشوارع الجانبية ، والتي تملؤها رائحة الشوق الموجعة أو رائحة الفراق المنفرة، الماطرة بدموع العاشقين ولهاث الخائفين ، وجد نفسه متورطا في مؤامرة الذكريات، ويخوض حربا بالسلاح الأبيض مع الماضي حربا دنكشوتية لا منتصر فيها أحد سوى القدر.
في تلك الشوارع القريبة من بحر الهروب الأخير ، صار يبحث عن مركبا من تلك المراكب ، مراكب الحب التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين في مراكب غير آمنة للهجرة ثم ترميهم في عرض البحر ، فعرض البحر أرحم من ضيق الانتظار الذي لن يأتي .