اهتم الإسلام بالوقت وقد أقسم الله به في آيات كثيرة فقال - تعالى -: ((والعصر إن الإنسان لفي خسر)) وقال - تعالى -: ((والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)) كما قال - سبحانه -: ((والفجر وليال عشر)) وغيرها من الآيات التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في الطاعة.. وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك، فعن معاذ. بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -\"لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به\"وقال - صلى الله عليه وسلم -:\"اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل مرضك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك\".
فالآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الوقت في حياة المسلم فلا بد من الحفاظ عليه ويجب ألا نضيعه في أعمال قد تجلب علينا الشر وتبعدنا عن طريق الهداية، فالوقت يمضى ولا يعود مرة أخرى.. من هنا يجب على المسلم أن يحدد هدفه في الحياة ويجعل وقته كله في طاعة الله وفي الذكر أناء الليل وأطراف النهار..
وعلى المسلم العاقل أن يبحث عن الجليس الصالح الذي يعينه على ذلك ويعينه على حفظ وقته بما ينفعه في دينه ودنياه فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -\"لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي\".
كذلك من العوامل المساعدة على حفظ وقت المسلم أن يتذكر الموت ويعلم أنه سيغادر هذه الحياة ولا يدري حتى ينزل بساحته ملك الموت كما قال - تعالى -: ((كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور))..
فلا شك أن المسلم عندما يتذكر الموت سيحرص على طاعة الله واغتنام الأوقات بما يفيده، فقد قال أحد السلف اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدأ واعمل لأخرتك كأنك لقوت غدا\".
فالوقت ثمين جدا ولا يعدله ثمن وليس كما يقال أن الوقت كالذهب إنما هو أغلى من الذهب لأنه إذا ذهب لا يعود فكن أخي المسلم حذرا ومتيقظا فطنا مدركا أهمية الوقت حتى لا تكون ممن قال الله فيهم ((حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت)) فيا خسارة لمن ذهب وقته وكان حجة عليه يوم الوقوف بين يدي ربه.
ولا شك أن هناك أسباباً عدة وراء تضييع الوقت لعلي أذكر بعضا منها في هذه العجالة.
1- اتباع الهوى.. وقد حذر الله تعلى نبيه داود - عليه السلام - من اتباع الهوى في قوله - تعالى -: ((يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله)) [سورة ص 56].
وقال أحد السلف محذراً من أصحاب الهوى ((احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دينا قد عمته دنياه.. فالخطر كل الخطر حين يتبع الإنسان هواه بمخالفة أوامر الله ونواهيه فيترتب عليه ضياع الوقت وإهدار الجهد.. إن الهوى دائما يأمر صاحبه بالميل إلى الشهوات والملذات وكل ما لا يعود على الإنسان بفائدة أخروية، أيضا من عوائق استغلال الوقت طول الأمل وهذا وحده يسبب آفات عديدة منها.. الكسل عن الطاعة- التسويف بالتوبة - الرغبة في الدنيا- القسوة في القلب وفي هذا قال الإمام البصري ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل.
ومن أسباب إضاعة الوقت الغفلة عن ذكر الله فتجد بعض الناس الساعات الطوال لا يذكر الله إلا قليلاً، فقد روى البيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من ساعة تمر بابن آدم لا يذكر الله - تعالى - فيها إلا تحسر عليها يوم القيامة)) وان ذكر الله هو الفرق بين الحي والميت كما قال - عليه الصلاة والسلام - ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت)).