مرحبًا !
لا أعلم، ولكن هل أخبرك أحدهم سابقًا بأن الكتابة هي نعمة و لعنة ترافق الكاتب طوال حياته ؟! إن لم يخبرك أحدهم، فهأنا ذا أخبرك، أن الكلمات التي تخرج سلسة ، سهلة ، مرتبة و منمقة و معبرة للغاية ، تطن في رأسي ، ولا تهدأ إلا حين تخرج هكذا …
أنا لم أخبرك أيضًا ، و لكنني أكره ظهور تلك الصغيرة بداخلي ، لأنها و في كل مرة تطل من نافذتها الصغيرة و تبتسم ، يقوم أحدهم بأصابتها بزجاجة ، فتتشظي الزجاجة ، حتي ينزف وجه و قلب الصغيرة دمًا ، ربما لم يحب العالم أيٌ منا ، لم يحبني هذا العالم سواء كنت تلك الكبيرة ، أو تلك الصغيرة ، و لكن لا يهم ، أقتربت أن أعتاد ذلك …
لم أخبرك يومًا أيضًا ، أن قلبي قد أُدمي لذلك الحد الذي يجعلني أخشي الجميع ، ولا أستثني من ذلك أحدًا ، حتي أقرب الأقربين ، حتي ذاتي ، و إنني أخشي من ذاتي أكثر مما أخشي الآخرين ، فأنا أؤذيني علي الدوام ، لذلك و في كل مرة أشير بأصابع الأتهام لنفسي .
لم أخبرك أيضًا ، بتلك المرة التي كنت فيها في أحد المواصلات ، و في تلك المرة أنتزعت سماعاتي من أذني ، لأنني سمعت أحدي تلك الأغنيات التي أحب ، و أستمرت قائمة الأغاني التي وضعها السائق في التجلي بين مفضلاتي ، و لوهلة ما نظرت للسائق ، بثوبه الرث ، و أبتسامته الصادقة للغاية ، و بينما هو يغني ، شعرت بأنه أكثر سعادة مني ، و تمنيت لو أكون خالية البال بتلك الدرجة،
بقدر ما أحببت الناس ، و تغذيت علي أبتسامتهم ، بقدر ما أكرههم ، لأنني ما إن أثق بأحد ليمسك يداي ، حتي يدفعني أرضًا مرة آخري ، و إنني علي الرغم من وقوفي وحدي ، أو خطاي البطيئة نحو الهاوية ، و لكنني كنت أفضل حالًا .