إحياء الارض الموات



















الفقهاء يدرسون إستصلاح الاراضى و عمارتها تحت عنوان إحياء الارض الموات و سوف نتناول دراسة هذا الموضوع فى النقاط التالية : أولا : تعريف الارض الموات : هى كل ما لا ينتفع به من الاراضى لانقطاع الماء عنه أو لغلبة الماء عليه و ما اشبه ذلك مما يمنع الانتفاع بها و يشبه ذلك فى زماننا الحالى الاراضى الصحراوية البعيدة عن العمران. و يشترط لكى تعتبر الرض موات ألا يكون منتفعا بها لذلك يشترط الفقهاء أن تكون بعيدة عن العمران بالقدر الذى يجعل من الصعب اعتبارها مرفق من مرافقه . ثانيا : كيف يتحقق احياء الارض الموات : يتحقق الاحياء بوسائل متعددة سواء بالبنيان أو الحرث وأصل الاحياء بالماء (كاشتقاق نهر – استخراج عين – احتفار بئر ) فإن فعل ذلك ثم ابتنى أو زرع أو غرس فذلك كله احياء ما لم تكن من أمال قوم . و يتقرر الاحياء بما يقرره العرف محققا لعمارة الارض و هذا حسب صفة الاحياء فإن أراد إحياء الموات للسكن كان احياؤه بالبناء و التسقيف و ان أراد إحياؤه للزرع و الغرس اعتبر فيه 3 شروط : -جمع التراب المحيط بها حتى يصير حاجز بينها و بين غيرها . -سوق الماء ان كان يبسا و حبسه عنها ان كانت بطائح حتي يمكن زرعها . -حرثها . و هذه الشروط تضمن تهيئة الارض و صلاحيتها للزراعة و غيرها. إذن يتم الاحياء بما يتناسب مع الغرض منه. ثالثا : لمن يثبت الحق فى الاحياء : إن الاحكام فى الاحياء على 3 أوجه الوجه الاول : أن يأتى الرجل الارض الميته فيحييها و يعمرها ثم يأتى رجل أخر فيحدث غرسا أو بنيانا فيستحق الارض الرجل الاول . و يدل على هذا الحكم قول الرسول صلى الله عليه و سلم" من احيا ارض ميتة فهى له و ليس لعرق ظالم حق" فالرجل الثانى صار ظالم لأنه غرس فى الارض و هو يعلم انهاملك لغيره فصار بذلك غاصب فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "من زرع فى أرض قوم بغير اذنهم فله نفقته و ليس له من الزرع شئ" فمن قام بزراعة ارض سبق احياؤها فله ما انفق و تظل الارض ملك للأول الذى قام بالاحياء ابتداء. الوجه الثانى : ان يقطع الامام رجل أرض موات فتصير ملكا للمقطع فيدعها بغير عمارة فيراها غيره على تلك الحالة فيحسبها لا رب لها ( لا مالك لها ) فينفق عليها و يحييها بالغرس و البنيان ثم يخاصم فيها المقطع . و يدل على حكمها أن الرسول صلى الله عليه و سلم اقطع اقواما ارض فجاء اخرون فى زمن عمر رضى الله عنه فأحيوها فقال لهم عمر حين فزعوا إليه تركتموهم يعملون ثم جئتم تغيرون عليهم و كان حكم عمر اما ان يدفع من اقتطعت له الارض ما تكلفه من قام بالاحياء أو يدفع الثانى للأول ثمن الارض . الوجه الثالث : أن يحتجز الرجل الارض أما بقطيعه من ولى الامر و أما بغير ذلك ثم يتركها الزمان الطويل غير معمورة فلا يعمرها و يمتنع غيره من احيائها بسبب حيازته و احتجازه قال الرسول صلى الله عليه و سلم "من احيا أرض ميتة فهى له و ليس لمحتجز حق بعد ثلاث سنين" معنى ذلك انه اذا مضى على احتجازه ثلاث سنوات و لم يعمرها كان الحكم فيها لولى الامر و يكون له ان يدفعها لغيره من الافراد لمن يقدر على عمارتها و حكم الحالة السابقة يوضحه أن الرسول صل الله عليه و سلم أقطع بلال بن الحارث المزنى العقيق أجمع فلما كان زمان عمر رضى الله عنه قال لبلال أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يقطعك لتحجزه عن الناس انما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت علي عمارته و رد الباقى إذن هناك قيدين على الحالة الثالثة القيد الاول : أن يراعي فى الاحياء قدرة الشخص و طاقته على القيام بالاحياء فإذا أقطع من قبل الامام أو قام بالاستيلاء على ما يزيد عن قدرته فلولى الامر ان يسترده منه . القيد الثانى : المده التى ينبغى أن يتم فيها الاحياء 3 سنين و هى كافية لاثبات القدرة والطاقه على الاحياء فإذا انتهت هذه المدة دون أن يتم الاحياء فلولى الامر أن يسترد الأرض و يعطيها لفرد أخر تكون لديه القدرة على الاحياء . و يلاحظ هنا سمو الفكر الاسلامي على القانون الوضعى المستمد من القانون الفرنسى ففى هذا القانون يكفى وضع اليد لمدة 15 سنه لتصبح الارض ملكا لواضع اليد سواء احياها أم تركها موات فهنا يتضح تفوق الفكر الاسلامي على غيره من النظم لانه يبنى حكمه على مصلحة عامة و حث الافراد عى استصلاح الارض و عمارتها بدلا من تركها معطلة و إلا فلا حق لهم فيها و يدل أيضا على تفوق الفكر المالى الاسلامي انه يجعل باب الاحياء مفتوح للجميع سواء المسلمين أو غيرهم من أهل الديانات الاخرى ممن تكون لديهم القدرة على الاحياء إذ الذمي فى تملك ما أحياه هو و المسلم سواء لاستوائهما فى السبب و الاستواء فى السبب يوجب الاستواء فى الحكم و بصفه عامة يقر الاسلام مبدأ عظيم يبيح تشغيل الثروات و عدم تعطيلها و هذا المبدأ هو جواز الزرع بمال قوم بغير اذنهم مادام فى ذلك اصلاح لهم . يدل على ذلك ما رواه البخاري فى حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغاز فمنهم من قال اللهم انى استأجرت أجيرا بفرق ارز فلما قضى عمله قال اعطنى حقى فعرضت عليه فرغب عنه فلم ازل ازرعه حتى جمعت منه بقرا و رعاتها فجاءنى فقال اتق الله فقلت اذهب الى ذلك البقر و رعاتها فخذه فقال اتق الله و لاتستهزئ بى فقلت انى لا استهزئ بك فخذ فأخذه يقول ابن حجر فى شرحه للحديث : قال ابن المنير أنه قد عين له حقه و مكنه منه فبرئت ذمته فذلك فلما تركه وضع المستأجر يده عليه وضعا مستأنفا ثم تصرف فيه بطريق الاصلاح لا بطريق التضييع فاغتفر ذلك و لم يعد تعديا و لذلك توسل به الى الله عز وجل و جعله من افضل اعماله و اقر على ذلك ووقعت له الاجابه فمقصود ذلك انما هو خلاص الزارع من المعصية بهذا القصد . رابعا : طبيعة الحق الذى يثبت للفرد من عملية الاحياء : من يقوم بإحياء الارض هل يكون له حق استغلالها فقط أم يثبت له حق ملكية رقبتها ؟ الفقهاء على أن الاحياء يرتب حق الملكية لمن قام بعملية الاحياء فالحدبث " من أحيا أرضا ميتة فهى له " فالحديث أضاف بلام التمليك فى قوله فهى له و إن كان هناك رأى أخر يرى أن عملية الاحياء لا تغير من شكل ملكية الارض بل تظل الارض ملكا للامام أو لمنصب الامامة و لا يسمح للفرد بتملك رقبتها و ان احياها و انما يكتسب بالاحياء حقا فى الارض دون مستوى الملكية . خامسا : هل يشترط اذن الامام للقيام بالاحياء: يقول الماوردي : من أحيا ارض موات فهى ملكه باذن الامام او بغير اذنه و دليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم من احيا ارض موات فهى له دليل على ان ماكية الموات تثبت بالاحياء لا بإذن الامام و يرى أبو حنيفه انه لايجوز الاحياء إلا بإذن الامام لقول الرسول صلى الله عليه و سلم " ليس لاحد إلا ما طابت به نفس الامام " و بهذا الرأى أخذ ابو يوسف و قال فى تبريره أرأيت رجلين أرادا موضعا واحد فأيهما أحق به ..... و الراجح هو الرأى الذى يوجب ضرورة الحصول على اذن الامام (الدولة) و ترجع ضرورة اشتراط اذن الامام للقيام بالاحياء هو منع الخصومات و النازعات التى تقع بين الافراد . سادسا : نوع الالتزام المالى على محى الارض الموات أى مقدار ما يدفعه من قام بالاحياء الرأىالاول : ما أحى من الموات معشور لا يجوز أن يضرب عليه خراج سواء سقى بماء العشر أو بماء الخراج الرأى الثانى : و منه أبو حنيفه و أبو يوسف ان ساق الى ما أحياه ماء العشر كانت أرض عشر و ان ساق اليها ماء الخراج كانت أرض خراج . و قال محمد بن الحسن : ان كانت الارض المحياه على أنهار حفرتها الاعاجم فهى أرض خراج و ان كانت على انهار أجراها الله عز وجل كدجلة و الفرات فهى أرض عشر . و يقول أبو يوسف و من أحيا أرضا موات مما كان المسلمون افتتحوه مما كان فى أيدى أهل الشرك عنوة و قد كان الامام قسمها بين الجند الذين افتتحوها و خمسها فهى أرض عشر لأنه حين قسمها بين المسلمين صارت أرض عشر فيؤدى عنها الذى أحيا منها شيئا العشر و ان كان الامام حين افتتحها تركها فى أيدى أهلها و لم يكن قسمها بين من افتتحها كما كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه ترك السواد فى أيدى أهله فهى أرض خراج يؤدى عنها الذى أحيا منها شيئا الخراج كما يؤدى الذى كان الامام أقرها فى أيديهم . اذا العبرة فى طبيعة الالتزام المالى المدفوع عن الارض المحياه هى بطبيعة الارض التى يتم فيها الاحياء هل هى أرض عشرية أم أرض خراجية فيؤدى عنها العشر ان كانت عشريه أو الخراج ان كانت خراجية و هذا الرأى هو الراجح لأنه منضبط فى تقسيمه . سابعا : فوائد إحياء الارض الموات : يدعو الاسلام لاستصلاح الاراضى و عمارتها بالزراعة و البناء و غيرها من منطلق مقاومته لفكرة تعطيل الثروات الطبيعية عموما و تجميد بعض الاموال و حبسها عن مجال الاستفادة بها فالإسلام يرفض الاكتناز يقول الله تعالى " يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون " و يقول تعالى " ويل لكل همزة لمزة الذى جمع مالا و عدده " و الاسلام يدعو للإحياء للفوائد العظيمة التى يعود بها على كل فرد و على الدولة و أهم هذه الفوائد : 1.استصلاح الاراضى وعمارتها بالزراعة أو إقامة المبانى أو المصانع يعود بالفائدة حيث : لو استخدمت الاراضى للزراعة فإنه يضيف إلى الاراضى الزراعية الموجودة مساحات جديدة تساهم فى إضافة محاصيل جديدة متنوعة تشبع حاجات الافراد و الدولة و لو أقيم عليها مصانع فإن ذلك يفيد الدولة و يجعل من الارض الموات مصدر انتاجى يأتى بمنتجات جديدة و لو استخدمت فى البناء فإنه سوف يساهم فى حل مشكلة السكان و الاسكان فى الدولة . 2.استصلاح هذه الاراضى و عمارتها يتيح فرص عمالة متعددة فى كافة المجالات الزراعية و الصناعية و العمرانية فيكون الاحياء وسيلة لمكافحة البطالة . 3.تقرير حق الملكية لمن يقوم بالإحياء يوسع من دائرة الملكية بين الافراد لتشمل عدد كبير من افراد المجتمع و بالتالى يعم الرخاء و كل فقير و محتاج سيعمل فى هذه الاراضى بدلا من ذل الحاجة و المسكنة . 4.يهدف الاسلام أيضا من الاحياء ان تصبح اراضى الدولة الاسلامية جميعا عامرة فترد أطماع المغيرين لأن إحياء و عمارة الارض و سيلة لحماية املاك الدولة فى مواجهة أطماع الدول الاخرى . 5.من فوائد الاحياء أيضا انه يضيف مصدر جديد لايرادات الدولة فسوف يقوم من احياها بدفع العشر أو الخراج المقرر عليه حسب طبيعة الارض و بذلك يضيف إلى حصيلة الايرادات التى تعتمد عليها السياسة المالية الاسلامية . 6.الاحياء دعوة حقيقيه لتحسين مستوى معيشة الفرد و الجماعة فمن يحى الارض فله حق تملكها حسب الرأى الراجح للفقهاء و حق الملكية حافز لكل فرد للقيام بالإحياء و يترتب على ذلك تحسين المستوى المعيشى لكل فرد و للدولة و سيقضى على الفقر داخل الدولة . {{ثبت المراجع}}

المصادر والمراجع

www.isegs.com/forum/showthread.php?t=29موسوعة الأبحاث العلمية إحياء الارض الموات



















الفقهاء يدرسون إستصلاح الاراضى و عمارتها تحت عنوان إحياء الارض الموات و سوف نتناول دراسة هذا الموضوع فى النقاط التالية : أولا : تعريف الارض الموات : هى كل ما لا ينتفع به من الاراضى لانقطاع الماء عنه أو لغلبة الماء عليه و ما اشبه ذلك مما يمنع الانتفاع بها و يشبه ذلك فى زماننا الحالى الاراضى الصحراوية البعيدة عن العمران. و يشترط لكى تعتبر الرض موات ألا يكون منتفعا بها لذلك يشترط الفقهاء أن تكون بعيدة عن العمران بالقدر الذى يجعل من الصعب اعتبارها مرفق من مرافقه . ثانيا : كيف يتحقق احياء الارض الموات : يتحقق الاحياء بوسائل متعددة سواء بالبنيان أو الحرث وأصل الاحياء بالماء (كاشتقاق نهر – استخراج عين – احتفار بئر ) فإن فعل ذلك ثم ابتنى أو زرع أو غرس فذلك كله احياء ما لم تكن من أمال قوم . و يتقرر الاحياء بما يقرره العرف محققا لعمارة الارض و هذا حسب صفة الاحياء فإن أراد إحياء الموات للسكن كان احياؤه بالبناء و التسقيف و ان أراد إحياؤه للزرع و الغرس اعتبر فيه 3 شروط : -جمع التراب المحيط بها حتى يصير حاجز بينها و بين غيرها . -سوق الماء ان كان يبسا و حبسه عنها ان كانت بطائح حتي يمكن زرعها . -حرثها . و هذه الشروط تضمن تهيئة الارض و صلاحيتها للزراعة و غيرها. إذن يتم الاحياء بما يتناسب مع الغرض منه. ثالثا : لمن يثبت الحق فى الاحياء : إن الاحكام فى الاحياء على 3 أوجه الوجه الاول : أن يأتى الرجل الارض الميته فيحييها و يعمرها ثم يأتى رجل أخر فيحدث غرسا أو بنيانا فيستحق الارض الرجل الاول . و يدل على هذا الحكم قول الرسول صلى الله عليه و سلم" من احيا ارض ميتة فهى له و ليس لعرق ظالم حق" فالرجل الثانى صار ظالم لأنه غرس فى الارض و هو يعلم انهاملك لغيره فصار بذلك غاصب فقال الرسول صلى الله عليه وسلم "من زرع فى أرض قوم بغير اذنهم فله نفقته و ليس له من الزرع شئ" فمن قام بزراعة ارض سبق احياؤها فله ما انفق و تظل الارض ملك للأول الذى قام بالاحياء ابتداء. الوجه الثانى : ان يقطع الامام رجل أرض موات فتصير ملكا للمقطع فيدعها بغير عمارة فيراها غيره على تلك الحالة فيحسبها لا رب لها ( لا مالك لها ) فينفق عليها و يحييها بالغرس و البنيان ثم يخاصم فيها المقطع . و يدل على حكمها أن الرسول صلى الله عليه و سلم اقطع اقواما ارض فجاء اخرون فى زمن عمر رضى الله عنه فأحيوها فقال لهم عمر حين فزعوا إليه تركتموهم يعملون ثم جئتم تغيرون عليهم و كان حكم عمر اما ان يدفع من اقتطعت له الارض ما تكلفه من قام بالاحياء أو يدفع الثانى للأول ثمن الارض . الوجه الثالث : أن يحتجز الرجل الارض أما بقطيعه من ولى الامر و أما بغير ذلك ثم يتركها الزمان الطويل غير معمورة فلا يعمرها و يمتنع غيره من احيائها بسبب حيازته و احتجازه قال الرسول صلى الله عليه و سلم "من احيا أرض ميتة فهى له و ليس لمحتجز حق بعد ثلاث سنين" معنى ذلك انه اذا مضى على احتجازه ثلاث سنوات و لم يعمرها كان الحكم فيها لولى الامر و يكون له ان يدفعها لغيره من الافراد لمن يقدر على عمارتها و حكم الحالة السابقة يوضحه أن الرسول صل الله عليه و سلم أقطع بلال بن الحارث المزنى العقيق أجمع فلما كان زمان عمر رضى الله عنه قال لبلال أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يقطعك لتحجزه عن الناس انما أقطعك لتعمل فخذ منها ما قدرت علي عمارته و رد الباقى إذن هناك قيدين على الحالة الثالثة القيد الاول : أن يراعي فى الاحياء قدرة الشخص و طاقته على القيام بالاحياء فإذا أقطع من قبل الامام أو قام بالاستيلاء على ما يزيد عن قدرته فلولى الامر ان يسترده منه . القيد الثانى : المده التى ينبغى أن يتم فيها الاحياء 3 سنين و هى كافية لاثبات القدرة والطاقه على الاحياء فإذا انتهت هذه المدة دون أن يتم الاحياء فلولى الامر أن يسترد الأرض و يعطيها لفرد أخر تكون لديه القدرة على الاحياء . و يلاحظ هنا سمو الفكر الاسلامي على القانون الوضعى المستمد من القانون الفرنسى ففى هذا القانون يكفى وضع اليد لمدة 15 سنه لتصبح الارض ملكا لواضع اليد سواء احياها أم تركها موات فهنا يتضح تفوق الفكر الاسلامي على غيره من النظم لانه يبنى حكمه على مصلحة عامة و حث الافراد عى استصلاح الارض و عمارتها بدلا من تركها معطلة و إلا فلا حق لهم فيها و يدل أيضا على تفوق الفكر المالى الاسلامي انه يجعل باب الاحياء مفتوح للجميع سواء المسلمين أو غيرهم من أهل الديانات الاخرى ممن تكون لديهم القدرة على الاحياء إذ الذمي فى تملك ما أحياه هو و المسلم سواء لاستوائهما فى السبب و الاستواء فى السبب يوجب الاستواء فى الحكم و بصفه عامة يقر الاسلام مبدأ عظيم يبيح تشغيل الثروات و عدم تعطيلها و هذا المبدأ هو جواز الزرع بمال قوم بغير اذنهم مادام فى ذلك اصلاح لهم . يدل على ذلك ما رواه البخاري فى حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغاز فمنهم من قال اللهم انى استأجرت أجيرا بفرق ارز فلما قضى عمله قال اعطنى حقى فعرضت عليه فرغب عنه فلم ازل ازرعه حتى جمعت منه بقرا و رعاتها فجاءنى فقال اتق الله فقلت اذهب الى ذلك البقر و رعاتها فخذه فقال اتق الله و لاتستهزئ بى فقلت انى لا استهزئ بك فخذ فأخذه يقول ابن حجر فى شرحه للحديث : قال ابن المنير أنه قد عين له حقه و مكنه منه فبرئت ذمته فذلك فلما تركه وضع المستأجر يده عليه وضعا مستأنفا ثم تصرف فيه بطريق الاصلاح لا بطريق التضييع فاغتفر ذلك و لم يعد تعديا و لذلك توسل به الى الله عز وجل و جعله من افضل اعماله و اقر على ذلك ووقعت له الاجابه فمقصود ذلك انما هو خلاص الزارع من المعصية بهذا القصد . رابعا : طبيعة الحق الذى يثبت للفرد من عملية الاحياء : من يقوم بإحياء الارض هل يكون له حق استغلالها فقط أم يثبت له حق ملكية رقبتها ؟ الفقهاء على أن الاحياء يرتب حق الملكية لمن قام بعملية الاحياء فالحدبث " من أحيا أرضا ميتة فهى له " فالحديث أضاف بلام التمليك فى قوله فهى له و إن كان هناك رأى أخر يرى أن عملية الاحياء لا تغير من شكل ملكية الارض بل تظل الارض ملكا للامام أو لمنصب الامامة و لا يسمح للفرد بتملك رقبتها و ان احياها و انما يكتسب بالاحياء حقا فى الارض دون مستوى الملكية . خامسا : هل يشترط اذن الامام للقيام بالاحياء: يقول الماوردي : من أحيا ارض موات فهى ملكه باذن الامام او بغير اذنه و دليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه و سلم من احيا ارض موات فهى له دليل على ان ماكية الموات تثبت بالاحياء لا بإذن الامام و يرى أبو حنيفه انه لايجوز الاحياء إلا بإذن الامام لقول الرسول صلى الله عليه و سلم " ليس لاحد إلا ما طابت به نفس الامام " و بهذا الرأى أخذ ابو يوسف و قال فى تبريره أرأيت رجلين أرادا موضعا واحد فأيهما أحق به ..... و الراجح هو الرأى الذى يوجب ضرورة الحصول على اذن الامام (الدولة) و ترجع ضرورة اشتراط اذن الامام للقيام بالاحياء هو منع الخصومات و النازعات التى تقع بين الافراد . سادسا : نوع الالتزام المالى على محى الارض الموات أى مقدار ما يدفعه من قام بالاحياء الرأىالاول : ما أحى من الموات معشور لا يجوز أن يضرب عليه خراج سواء سقى بماء العشر أو بماء الخراج الرأى الثانى : و منه أبو حنيفه و أبو يوسف ان ساق الى ما أحياه ماء العشر كانت أرض عشر و ان ساق اليها ماء الخراج كانت أرض خراج . و قال محمد بن الحسن : ان كانت الارض المحياه على أنهار حفرتها الاعاجم فهى أرض خراج و ان كانت على انهار أجراها الله عز وجل كدجلة و الفرات فهى أرض عشر . و يقول أبو يوسف و من أحيا أرضا موات مما كان المسلمون افتتحوه مما كان فى أيدى أهل الشرك عنوة و قد كان الامام قسمها بين الجند الذين افتتحوها و خمسها فهى أرض عشر لأنه حين قسمها بين المسلمين صارت أرض عشر فيؤدى عنها الذى أحيا منها شيئا العشر و ان كان الامام حين افتتحها تركها فى أيدى أهلها و لم يكن قسمها بين من افتتحها كما كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه ترك السواد فى أيدى أهله فهى أرض خراج يؤدى عنها الذى أحيا منها شيئا الخراج كما يؤدى الذى كان الامام أقرها فى أيديهم . اذا العبرة فى طبيعة الالتزام المالى المدفوع عن الارض المحياه هى بطبيعة الارض التى يتم فيها الاحياء هل هى أرض عشرية أم أرض خراجية فيؤدى عنها العشر ان كانت عشريه أو الخراج ان كانت خراجية و هذا الرأى هو الراجح لأنه منضبط فى تقسيمه . سابعا : فوائد إحياء الارض الموات : يدعو الاسلام لاستصلاح الاراضى و عمارتها بالزراعة و البناء و غيرها من منطلق مقاومته لفكرة تعطيل الثروات الطبيعية عموما و تجميد بعض الاموال و حبسها عن مجال الاستفادة بها فالإسلام يرفض الاكتناز يقول الله تعالى " يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون " و يقول تعالى " ويل لكل همزة لمزة الذى جمع مالا و عدده " و الاسلام يدعو للإحياء للفوائد العظيمة التى يعود بها على كل فرد و على الدولة و أهم هذه الفوائد : 1.استصلاح الاراضى وعمارتها بالزراعة أو إقامة المبانى أو المصانع يعود بالفائدة حيث : لو استخدمت الاراضى للزراعة فإنه يضيف إلى الاراضى الزراعية الموجودة مساحات جديدة تساهم فى إضافة محاصيل جديدة متنوعة تشبع حاجات الافراد و الدولة و لو أقيم عليها مصانع فإن ذلك يفيد الدولة و يجعل من الارض الموات مصدر انتاجى يأتى بمنتجات جديدة و لو استخدمت فى البناء فإنه سوف يساهم فى حل مشكلة السكان و الاسكان فى الدولة . 2.استصلاح هذه الاراضى و عمارتها يتيح فرص عمالة متعددة فى كافة المجالات الزراعية و الصناعية و العمرانية فيكون الاحياء وسيلة لمكافحة البطالة . 3.تقرير حق الملكية لمن يقوم بالإحياء يوسع من دائرة الملكية بين الافراد لتشمل عدد كبير من افراد المجتمع و بالتالى يعم الرخاء و كل فقير و محتاج سيعمل فى هذه الاراضى بدلا من ذل الحاجة و المسكنة . 4.يهدف الاسلام أيضا من الاحياء ان تصبح اراضى الدولة الاسلامية جميعا عامرة فترد أطماع المغيرين لأن إحياء و عمارة الارض و سيلة لحماية املاك الدولة فى مواجهة أطماع الدول الاخرى . 5.من فوائد الاحياء أيضا انه يضيف مصدر جديد لايرادات الدولة فسوف يقوم من احياها بدفع العشر أو الخراج المقرر عليه حسب طبيعة الارض و بذلك يضيف إلى حصيلة الايرادات التى تعتمد عليها السياسة المالية الاسلامية . 6.الاحياء دعوة حقيقيه لتحسين مستوى معيشة الفرد و الجماعة فمن يحى الارض فله حق تملكها حسب الرأى الراجح للفقهاء و حق الملكية حافز لكل فرد للقيام بالإحياء و يترتب على ذلك تحسين المستوى المعيشى لكل فرد و للدولة و سيقضى على الفقر داخل الدولة .

المراجع

www.isegs.com/forum/showthread.php?t=29موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث