بحث عن التاريخ الاسلامي . منهج كتابة . أهمية المنهج . مصادر منهج إثبات الحقائق التار



















بحث عن التاريخ الاسلامي . منهج كتابة . أهمية المنهج . مصادر منهج إثبات الحقائق التاريخية أهمية المنهج مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي مصادر طرق إثبات الحقائق التاريخية مصادر تفسير الحوادث والحكم عليها قواعد المنهج العلمي الموضوعية عند علماء المسلمين المحققين



















التاريخ الإسلامي، منهج كتابة. المنهج في الدراسات التاريخية، يعني القواعد والشروط التي يجب مراعاتها عند معالجة أي حدث تاريخي. وتتناول هذه الشروط الكاتب أو المتكلم نفسه، والمصادر التي يستمد منها معلوماته، كما أنها تعني الهدف من الكتابة أو الدراسة، والأسلوب والمصطلحات. أهمية المنهج. يعطي المنهج مدلولين، يختص الأول بالمبادئ والأسس التي يضعها الإسلام لتكون حدودًا تحكم دراسة التاريخ الإسلامي، ويُحتاجها عند تفسير الواقعة التاريخية المعينة والحكم عليها. ويختص الآخر بالقواعد والطرق التي تُتبع في إثبات الحقائق والوقائع التاريخية، ويُحتاجها في إثبات صحة الواقعة موضوع الدراسة، ثم تفسيرها بعد ذلك. وبناء على هذا، فإن الباحث المسلم المؤمن يحتاج نوعين من المصادر: مصادر في طرق إثبات الحقائق والوقائع التاريخية، وأخرى في تفسير وتحليل الحوادث التاريخية والحكم عليها. وسيأتي توضيح ذلك في مصادر هذا المنهج. إن المنهج الإسلامي في تناول أحداث التاريخ الإسلامي منبثق من تصور الإسلام للكون والحياة والإنسان؛ فهو يقوم في أساسه على أركان الإيمان في الدين الإسلامي، ومبني على فهم دوافع السلوك في المجتمع الإسلامي الأول، مما يجعل حركة التاريخ الإسلامي ذات طابع مميز عن حركة التاريخ العالمي الذي لا أثر فيه للوحي الإلهي. وتوزن أعمال ومناهج ومذاهب المؤرخين والباحثين على هذا الأساس من الالتزام بالعقيدة الإسلامية. فليس من حق المسلم أن يتهم أحدًا بناءً على رواية ضعيفة، ثم إذا ثبتت الرواية فإن هناك قيودًا شرعية يلزم مراعاتها في نقد الأشخاص وملاحظة مقاماتهم التي حددها كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد ³؛ لأن الكلام في الأنبياء والصحابة ليس كالكلام في أحد غيرهم، كما أن الكلام في عموم الناس له حدود وضوابط سوف نقف عليها. أما غير المسلم، فإنه عندما يتناول قضايا التاريخ الإسلامي، يتخبط في الظنون والأوهام لإعراضه عن الوحي الرباني، واعتماده في المقام الأول على التفسير المادي للتاريخ، ولذا تأتي نتائج أبحاثه متناقضة. مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي مصادر طرق إثبات الحقائق التاريخية. لقد اعتنى علماء السنة بوضع قواعد وضوابط يعرفون بها صحة المرويات، واتبعوا منهجًا دقيقًا في نقدها، عندما ظهر الوضَّاعون. وينبغي للمؤرخ المسلم أن يطلع على ذلك، ويفيد منه في دراساته التاريخية. والمصادر المهمة في هذا الجانب هي كتب مصطلح الحديث ، وعلم الرجال وعلم الجَرْح والتعديل وعلم علل الحديث. انظر: الحديث النبوي. وهذه الكتب لازمة للمؤرخ لتعينه على نقد الروايات والترجيح بينها ومعرفة صحيحها من سقيمها. أما كتب التاريخ الإسلامي المتخصصة، سواء أكانت مصادر أولية مثل السيرة النبوية لابن إسحاق التي هذبها ابن هشام وعرفت به وتاريخ الطبري ، أم مصادر ثانوية، مثل كتاب الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية لابن الطقطقي (660-709هـ)، فإنها تحوي مادة علمية تاريخية تحتاج تمحيصًا، فهي مصادر في المعلومات التاريخية، وليست مصادر في نقد الأخبار. مصادر تفسير الحوادث والحكم عليها. لما كان منهج كتابة التاريخ الإسلامي يعتمد في أصوله على العقيدة الإسلامية ـ كما ذكرنا ـ لذا يمكن القول بأن مصادر هذا المنهج هي نفس مصادر الشريعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس...إلخ. ففي مجال تفسير الحوادث التاريخية، نجد أنه ليس تفسيرًا تبريريًا، أي أنه لا يعتذر فيه عما حدث في الماضي، إذا كان ذلك مخالفًا لمقاييس العصر الذي نعيش فيه، بل تبرز فيه خصائص الإيمان المستعلي على ما سواه. كما أنه ليس تفسيرًا ماديًا يحصر المؤثرات على حركة التاريخ البشري في العوامل المادية، مثل تبدُّل وسائل الإنتاج ـ كما في الفكر الماركسي ـ أو التفسيرات المعتمدة على أثر البيئة الخارجية ـ من جغرافيا واقتصاد ـ كما في الفكر المادي الغربي، بل يوضح دور الإنسان ومسؤوليته عن التغيير الاجتماعي والتاريخي في إطار المشيئة الإلهية. قواعد المنهج العلمي الموضوعية عند علماء المسلمين المحققين نرسم هنا منهجًا مثاليًا في البحث العلمي كما نراه مطبقًا في مؤلفات المحققين من علماء التاريخ الإسلامي، لاسيما القدماء منهم. ونستطيع أن نلخص سمات أو أصول أو قواعد هذا المنهج في النقاط الآتية: 1ـ استخدام الأدلة والوثائق بعد التأكد من صحتها. 2ـ حسن استخدام الأدلة والوثائق، وذلك باتباع التنظيم الملائم للأداة مع تحرير المسائل وحسن عرضها. 3ـ الإيمان بكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الصحيحة، ومن ذلك: الإيمان بالغيب والجزاء والقضاء والقدر، وردُّ كل ما خالف ذلك. 4ـ تحري الصدق في استقصاء جميع الروايات والأدلة حول الحدث الواحد وإيرادها، ثم الجمع بينها إذا أمكن ذلك، أو الترجيح بين الروايات المختلفة وفقًا للقواعد المقررة في التحقيق، مع الاستعانة بأقوال العلماء الثقات. 5ـ بيان المصادر والمراجع التي استمد منها معلوماته مع الضبط المتقن في نقل الأقوال ونسبتها لأصحابها. 6ـ الاعتماد على النصوص الشرعية والحقائق العلمية ونبذ الخرافات. 7ـ الالتزام بقواعد اللغة العربية، وعدم إخراج اللفظ عن دلالته إلا إذا وجدت قرينة صارفة له عن دلالته المباشرة. 8ـ استعمال المصطلحات الشرعية في الكتابة التاريخية، مثل، المؤمن والكافر والمنافق؛ إذ لكل من هذه المصطلحات صفات محددة ثابتة وردت في القرآن الكريم وأحاديث الرسول ³. ولذا لا ينبغي العدول عن هذه المصطلحات إلى مصطلحات نبتت في أوساط غير إسلامية. كذلك، فإن الحكم على الأعمال والمنجزات الحضارية ينبغي أن تستخدم فيه المصطلحات الشرعية، كالخير والشر والحق والباطل والعدل. 9ـ اعتماد المصادر الشرعية والأصلية وتقديمها على كل مصدر، إذ يجب على الباحث المسلم أن يعتمد على القرآن الكريم ويعتبره مصدرًا أساسيًا في استقاء معلوماته عن الأنبياء والأمم السابقة وسيرة الرسول ³ لأن القرآن الكريم قطعي الثبوت، ويأتي بعده الحديث النبوي في قوة الثبوت. اتبع علماء الحديث منهجًا علميًا دقيقًا في تدوين السنة ـ كما ذكرنا ـ وقد جاء في القرآن والسنة أيضًا الإشارة إلى جملة من القوانين التاريخية، والسنن الربانية مما يعطي الباحث نظرة شمولية وعميقة في التحليل للأحداث. ولا بد أن يكون عالم التاريخ عالمًا بالقرآن وعلومه والحديث وعلومه ليحسن استخدام هذين المصدرين الأساسيين. 10ـ التجرد من الأهواء المذهبية أو العنصرية أو القومية أو السياسية؛ إذ يشترط في المؤرخ المقبول الرواية مجموعة من الصفات والشروط التي يجعلها بعضهم كشروط راوي الحديث النبوي. من المعلوم أن الأخبار التاريخية لا تصل إلى درجة الأحاديث النبوية إلا في النادر، مثل ما جاء مرويًا عن طريق علماء الحديث كأخبار السيرة النبوية وخلافة الراشدين وبعض أخبار الأمم السابقة ورسلها الواردة عن طريق السنة، وإنما غالبها محمول عن الإخباريين وبأسانيد منقطعة، ويكثر فيها المجاهيل، بل إن بعضها يرد بدون إسناد. وإذا تناول المؤرخ أحداث فترة الخلفاء الراشدين وما بعدها، وكانت مصادر مادته من كتب الإخباريين ولا تتعلق بالعقائد والأحكام الشرعية، فهناك قاعدتان أساسيتان يجب ألا يغفل عنهما المؤرخ المسلم، وهما: أ ـ النزعة المذهبية للإخباري، فمن كان متعلقًا بمذهب وفكرة معينة، فهو، لا شك، سيحاول أن يُدخل جميع ما يخدم هذه الفكرة، ولم ينج من هذا الخطر إلا القليل. ب ـ النزعة السياسية للإخباري، ينزع الإخباري في الغالب إلى تلوين الأحداث ووضعها بما يخدم نزعته السياسية، ويرضي القائمين على هذه النزعة، وهنا يجب على دارس التاريخ أن يحدد النزعة السياسية للإخباري الذي يريد أن يأخذ منه، ومدى قربه أو بعده من الحاكم ومدى صداقته وعداوته له. والعداوة حجاب حاجز عن الحقيقة، فلا يُسمع كل كلام الخصم في خصمه، فلا بد من التمحيص. وهذا يعني وجوب أن يكون الإخباري عادلاً. 11ـ معرفة مناهج الإخباريين والمؤرخين القدماء، ونجعل الطبري مثالاً في هذا الجانب لأهميته بوصفه مصدرًا من أبرز مصادر التاريخ الإسلامي في صدر الإسلام وما قبله. فعلى المؤرخ الحديث بصفة خاصة أن يعرف أن الطبري قد استخدم في تاريخه نفس منهج علماء الحديث في نقل الأخبار ـ أي الإسناد ـ إلا أنه اختلف معهم في أمر مهم؛ إذ لم يقم بتجريح أو تعديل رواة أخباره، فقد كان يعتقد أن رواية الأحداث التاريخية ليست في أهمية رواية الأحاديث النبوية، ولذلك لم يتشدد فيها تشدد رجال الحديث، بل ألقى العهدة في الخبر على راويه، وذلك واضح في مقدمته التي قدم بها كتابه تاريخ الأمم والرسل والملوك التي يقول فيها: ¸فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت ذلك من قِبَلِنا، وإنما أُتِي من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا·. ونادرًا ما ينتقد الطبري أخباره أو يرجِّح رواية على أخرى. وهذا المنهج متَّبع عند بعض علماء الحديث وغيرهم، حيث يذكرون ما يبلغهم ويسوقون سنده، ليؤخذ الصحيح ويحتج به ويعرف غير الصحيح ويعتبر به. ولذا ترى في عبارات أهل الجرح والتعديل: يُروَى حديثه ولا يحتج به، ويذكر حديثه للاعتبار ويذكر حديثه للمعرفة. ولهذا لا يكفي في المنهج العلمي السليم الإحالة على الطبري أو غيره من الكتب المسندة دون الحديث عن سند الرواية. فالطبري ـ مثلاً ـ يروي عن مئات الضعفاء والمتروكين الذين لا يعتمدهم المحدِّثون في تلقي الأحكام الشرعية والعقائد والحكم على مواقف الصحابة، رضي الله عنهم، ولهذا أصبح تاريخ الطبري مرتعًا خصبًا لأهل الأهواء من أبناء المسلمين وغير المسلمين، لا سيما المستشرقين. انظر: الاستشراق. 12ـ معرفة حق الصحابة، رضي الله عنهم، وعدالتهم، فالصحابة عدول بتعديل الله تعالى ورسوله عليه السلام، وهو اعتقاد أهل السنة والجماعة، فقد قال فيهم الله تعالى فيما قال: ﴿كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهوْن عن المنكر وتؤمنون بالله﴾ آل عمران: 110 و ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا، ذلك الفوز العظيم﴾ التوبة: 100. و ﴿والسابقون السابقون ¦ أولئك المقربون ¦ في جنات النعيم﴾ الواقعة:10-12. وقال فيهم الرسول ³ فيما قال: (استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ). و (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه ) و (الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ) و(لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق ) ـ يعني الأنصار ـ و(المهاجرون خير أمة أخرجت للناس ). وقال ابن عباس (رضي الله عنه): (لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون). وقال أبو زرعة الرازي ـ شيخ البخاري ـ ¸إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ³ فاعلم أنه زنديق، لأن الرسول ³ عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ³ وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، ¸وهم زنادقة·. وموقف أهل السنة والجماعة من الخلاف الذي شجر بين الصحابة هو صيانة القلم واللسان عن ذكر ما لا يليق بهم وإحسان الظن بهم والترضي عنهم أجمعين، ومعرفة حقهم ومنزلتهم والتماس أحسن المخارج لما ثبت صدوره من بعضهم، واعتقاد أنهم مجتهدون. والنقد الذي يطعن في عدالتهم وعقيدتهم هو نوع من السب الذي نهى عنه الرسول ³. ومعظم العلماء يكفرِّ من وصف الصحابة بالكفر والردة أو الفسق؛ جميعهم أو بعضهم ولهم في هذا تفصيل، وكذلك من سب بعضهم سبًا يطعن في دينهم، وكان ممن تواترت النصوص بفضله كالخلفاء الراشدين، لتكذيبه أمرًا متواترًا. أما سب صحابي لم يتواتر النقل بفضله سبًا يطعن في دينه، فلا يكفره جمهور العلماء؛ بل يفسِّقونه، وذلك لعدم إنكاره أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، إلا أن يسبه من حيث الصحبة. ومن سبهم سبًا لا يطعن في دينهم فيستحق التعزير، وذلك مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد أو الغفلة أو ضعف الرأي. وفي تناول تاريخ الصحابة فقه عظيم لابد أن يلم به دارس التاريخ؛ لأنه من أسس منهج دراسة التاريخ الإسلامي. {{ثبت المراجع}}

المصادر والمراجع

forum.stop55.com/252204.html موسوعة الأبحاث العلمية بحث عن التاريخ الاسلامي . منهج كتابة . أهمية المنهج . مصادر منهج إثبات الحقائق التار



















بحث عن التاريخ الاسلامي . منهج كتابة . أهمية المنهج . مصادر منهج إثبات الحقائق التاريخية أهمية المنهج مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي مصادر طرق إثبات الحقائق التاريخية مصادر تفسير الحوادث والحكم عليها قواعد المنهج العلمي الموضوعية عند علماء المسلمين المحققين



















التاريخ الإسلامي، منهج كتابة. المنهج في الدراسات التاريخية، يعني القواعد والشروط التي يجب مراعاتها عند معالجة أي حدث تاريخي. وتتناول هذه الشروط الكاتب أو المتكلم نفسه، والمصادر التي يستمد منها معلوماته، كما أنها تعني الهدف من الكتابة أو الدراسة، والأسلوب والمصطلحات. أهمية المنهج. يعطي المنهج مدلولين، يختص الأول بالمبادئ والأسس التي يضعها الإسلام لتكون حدودًا تحكم دراسة التاريخ الإسلامي، ويُحتاجها عند تفسير الواقعة التاريخية المعينة والحكم عليها. ويختص الآخر بالقواعد والطرق التي تُتبع في إثبات الحقائق والوقائع التاريخية، ويُحتاجها في إثبات صحة الواقعة موضوع الدراسة، ثم تفسيرها بعد ذلك. وبناء على هذا، فإن الباحث المسلم المؤمن يحتاج نوعين من المصادر: مصادر في طرق إثبات الحقائق والوقائع التاريخية، وأخرى في تفسير وتحليل الحوادث التاريخية والحكم عليها. وسيأتي توضيح ذلك في مصادر هذا المنهج. إن المنهج الإسلامي في تناول أحداث التاريخ الإسلامي منبثق من تصور الإسلام للكون والحياة والإنسان؛ فهو يقوم في أساسه على أركان الإيمان في الدين الإسلامي، ومبني على فهم دوافع السلوك في المجتمع الإسلامي الأول، مما يجعل حركة التاريخ الإسلامي ذات طابع مميز عن حركة التاريخ العالمي الذي لا أثر فيه للوحي الإلهي. وتوزن أعمال ومناهج ومذاهب المؤرخين والباحثين على هذا الأساس من الالتزام بالعقيدة الإسلامية. فليس من حق المسلم أن يتهم أحدًا بناءً على رواية ضعيفة، ثم إذا ثبتت الرواية فإن هناك قيودًا شرعية يلزم مراعاتها في نقد الأشخاص وملاحظة مقاماتهم التي حددها كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد ³؛ لأن الكلام في الأنبياء والصحابة ليس كالكلام في أحد غيرهم، كما أن الكلام في عموم الناس له حدود وضوابط سوف نقف عليها. أما غير المسلم، فإنه عندما يتناول قضايا التاريخ الإسلامي، يتخبط في الظنون والأوهام لإعراضه عن الوحي الرباني، واعتماده في المقام الأول على التفسير المادي للتاريخ، ولذا تأتي نتائج أبحاثه متناقضة. مصادر منهج كتابة التاريخ الإسلامي مصادر طرق إثبات الحقائق التاريخية. لقد اعتنى علماء السنة بوضع قواعد وضوابط يعرفون بها صحة المرويات، واتبعوا منهجًا دقيقًا في نقدها، عندما ظهر الوضَّاعون. وينبغي للمؤرخ المسلم أن يطلع على ذلك، ويفيد منه في دراساته التاريخية. والمصادر المهمة في هذا الجانب هي كتب مصطلح الحديث ، وعلم الرجال وعلم الجَرْح والتعديل وعلم علل الحديث. انظر: الحديث النبوي. وهذه الكتب لازمة للمؤرخ لتعينه على نقد الروايات والترجيح بينها ومعرفة صحيحها من سقيمها. أما كتب التاريخ الإسلامي المتخصصة، سواء أكانت مصادر أولية مثل السيرة النبوية لابن إسحاق التي هذبها ابن هشام وعرفت به وتاريخ الطبري ، أم مصادر ثانوية، مثل كتاب الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية لابن الطقطقي (660-709هـ)، فإنها تحوي مادة علمية تاريخية تحتاج تمحيصًا، فهي مصادر في المعلومات التاريخية، وليست مصادر في نقد الأخبار. مصادر تفسير الحوادث والحكم عليها. لما كان منهج كتابة التاريخ الإسلامي يعتمد في أصوله على العقيدة الإسلامية ـ كما ذكرنا ـ لذا يمكن القول بأن مصادر هذا المنهج هي نفس مصادر الشريعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس...إلخ. ففي مجال تفسير الحوادث التاريخية، نجد أنه ليس تفسيرًا تبريريًا، أي أنه لا يعتذر فيه عما حدث في الماضي، إذا كان ذلك مخالفًا لمقاييس العصر الذي نعيش فيه، بل تبرز فيه خصائص الإيمان المستعلي على ما سواه. كما أنه ليس تفسيرًا ماديًا يحصر المؤثرات على حركة التاريخ البشري في العوامل المادية، مثل تبدُّل وسائل الإنتاج ـ كما في الفكر الماركسي ـ أو التفسيرات المعتمدة على أثر البيئة الخارجية ـ من جغرافيا واقتصاد ـ كما في الفكر المادي الغربي، بل يوضح دور الإنسان ومسؤوليته عن التغيير الاجتماعي والتاريخي في إطار المشيئة الإلهية. قواعد المنهج العلمي الموضوعية عند علماء المسلمين المحققين نرسم هنا منهجًا مثاليًا في البحث العلمي كما نراه مطبقًا في مؤلفات المحققين من علماء التاريخ الإسلامي، لاسيما القدماء منهم. ونستطيع أن نلخص سمات أو أصول أو قواعد هذا المنهج في النقاط الآتية: 1ـ استخدام الأدلة والوثائق بعد التأكد من صحتها. 2ـ حسن استخدام الأدلة والوثائق، وذلك باتباع التنظيم الملائم للأداة مع تحرير المسائل وحسن عرضها. 3ـ الإيمان بكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الصحيحة، ومن ذلك: الإيمان بالغيب والجزاء والقضاء والقدر، وردُّ كل ما خالف ذلك. 4ـ تحري الصدق في استقصاء جميع الروايات والأدلة حول الحدث الواحد وإيرادها، ثم الجمع بينها إذا أمكن ذلك، أو الترجيح بين الروايات المختلفة وفقًا للقواعد المقررة في التحقيق، مع الاستعانة بأقوال العلماء الثقات. 5ـ بيان المصادر والمراجع التي استمد منها معلوماته مع الضبط المتقن في نقل الأقوال ونسبتها لأصحابها. 6ـ الاعتماد على النصوص الشرعية والحقائق العلمية ونبذ الخرافات. 7ـ الالتزام بقواعد اللغة العربية، وعدم إخراج اللفظ عن دلالته إلا إذا وجدت قرينة صارفة له عن دلالته المباشرة. 8ـ استعمال المصطلحات الشرعية في الكتابة التاريخية، مثل، المؤمن والكافر والمنافق؛ إذ لكل من هذه المصطلحات صفات محددة ثابتة وردت في القرآن الكريم وأحاديث الرسول ³. ولذا لا ينبغي العدول عن هذه المصطلحات إلى مصطلحات نبتت في أوساط غير إسلامية. كذلك، فإن الحكم على الأعمال والمنجزات الحضارية ينبغي أن تستخدم فيه المصطلحات الشرعية، كالخير والشر والحق والباطل والعدل. 9ـ اعتماد المصادر الشرعية والأصلية وتقديمها على كل مصدر، إذ يجب على الباحث المسلم أن يعتمد على القرآن الكريم ويعتبره مصدرًا أساسيًا في استقاء معلوماته عن الأنبياء والأمم السابقة وسيرة الرسول ³ لأن القرآن الكريم قطعي الثبوت، ويأتي بعده الحديث النبوي في قوة الثبوت. اتبع علماء الحديث منهجًا علميًا دقيقًا في تدوين السنة ـ كما ذكرنا ـ وقد جاء في القرآن والسنة أيضًا الإشارة إلى جملة من القوانين التاريخية، والسنن الربانية مما يعطي الباحث نظرة شمولية وعميقة في التحليل للأحداث. ولا بد أن يكون عالم التاريخ عالمًا بالقرآن وعلومه والحديث وعلومه ليحسن استخدام هذين المصدرين الأساسيين. 10ـ التجرد من الأهواء المذهبية أو العنصرية أو القومية أو السياسية؛ إذ يشترط في المؤرخ المقبول الرواية مجموعة من الصفات والشروط التي يجعلها بعضهم كشروط راوي الحديث النبوي. من المعلوم أن الأخبار التاريخية لا تصل إلى درجة الأحاديث النبوية إلا في النادر، مثل ما جاء مرويًا عن طريق علماء الحديث كأخبار السيرة النبوية وخلافة الراشدين وبعض أخبار الأمم السابقة ورسلها الواردة عن طريق السنة، وإنما غالبها محمول عن الإخباريين وبأسانيد منقطعة، ويكثر فيها المجاهيل، بل إن بعضها يرد بدون إسناد. وإذا تناول المؤرخ أحداث فترة الخلفاء الراشدين وما بعدها، وكانت مصادر مادته من كتب الإخباريين ولا تتعلق بالعقائد والأحكام الشرعية، فهناك قاعدتان أساسيتان يجب ألا يغفل عنهما المؤرخ المسلم، وهما: أ ـ النزعة المذهبية للإخباري، فمن كان متعلقًا بمذهب وفكرة معينة، فهو، لا شك، سيحاول أن يُدخل جميع ما يخدم هذه الفكرة، ولم ينج من هذا الخطر إلا القليل. ب ـ النزعة السياسية للإخباري، ينزع الإخباري في الغالب إلى تلوين الأحداث ووضعها بما يخدم نزعته السياسية، ويرضي القائمين على هذه النزعة، وهنا يجب على دارس التاريخ أن يحدد النزعة السياسية للإخباري الذي يريد أن يأخذ منه، ومدى قربه أو بعده من الحاكم ومدى صداقته وعداوته له. والعداوة حجاب حاجز عن الحقيقة، فلا يُسمع كل كلام الخصم في خصمه، فلا بد من التمحيص. وهذا يعني وجوب أن يكون الإخباري عادلاً. 11ـ معرفة مناهج الإخباريين والمؤرخين القدماء، ونجعل الطبري مثالاً في هذا الجانب لأهميته بوصفه مصدرًا من أبرز مصادر التاريخ الإسلامي في صدر الإسلام وما قبله. فعلى المؤرخ الحديث بصفة خاصة أن يعرف أن الطبري قد استخدم في تاريخه نفس منهج علماء الحديث في نقل الأخبار ـ أي الإسناد ـ إلا أنه اختلف معهم في أمر مهم؛ إذ لم يقم بتجريح أو تعديل رواة أخباره، فقد كان يعتقد أن رواية الأحداث التاريخية ليست في أهمية رواية الأحاديث النبوية، ولذلك لم يتشدد فيها تشدد رجال الحديث، بل ألقى العهدة في الخبر على راويه، وذلك واضح في مقدمته التي قدم بها كتابه تاريخ الأمم والرسل والملوك التي يقول فيها: ¸فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت ذلك من قِبَلِنا، وإنما أُتِي من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّي إلينا·. ونادرًا ما ينتقد الطبري أخباره أو يرجِّح رواية على أخرى. وهذا المنهج متَّبع عند بعض علماء الحديث وغيرهم، حيث يذكرون ما يبلغهم ويسوقون سنده، ليؤخذ الصحيح ويحتج به ويعرف غير الصحيح ويعتبر به. ولذا ترى في عبارات أهل الجرح والتعديل: يُروَى حديثه ولا يحتج به، ويذكر حديثه للاعتبار ويذكر حديثه للمعرفة. ولهذا لا يكفي في المنهج العلمي السليم الإحالة على الطبري أو غيره من الكتب المسندة دون الحديث عن سند الرواية. فالطبري ـ مثلاً ـ يروي عن مئات الضعفاء والمتروكين الذين لا يعتمدهم المحدِّثون في تلقي الأحكام الشرعية والعقائد والحكم على مواقف الصحابة، رضي الله عنهم، ولهذا أصبح تاريخ الطبري مرتعًا خصبًا لأهل الأهواء من أبناء المسلمين وغير المسلمين، لا سيما المستشرقين. انظر: الاستشراق. 12ـ معرفة حق الصحابة، رضي الله عنهم، وعدالتهم، فالصحابة عدول بتعديل الله تعالى ورسوله عليه السلام، وهو اعتقاد أهل السنة والجماعة، فقد قال فيهم الله تعالى فيما قال: ﴿كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهوْن عن المنكر وتؤمنون بالله﴾ آل عمران: 110 و ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا، ذلك الفوز العظيم﴾ التوبة: 100. و ﴿والسابقون السابقون ¦ أولئك المقربون ¦ في جنات النعيم﴾ الواقعة:10-12. وقال فيهم الرسول ³ فيما قال: (استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ). و (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفه ) و (الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه ) و(لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق ) ـ يعني الأنصار ـ و(المهاجرون خير أمة أخرجت للناس ). وقال ابن عباس (رضي الله عنه): (لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون). وقال أبو زرعة الرازي ـ شيخ البخاري ـ ¸إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله ³ فاعلم أنه زنديق، لأن الرسول ³ عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ³ وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، ¸وهم زنادقة·. وموقف أهل السنة والجماعة من الخلاف الذي شجر بين الصحابة هو صيانة القلم واللسان عن ذكر ما لا يليق بهم وإحسان الظن بهم والترضي عنهم أجمعين، ومعرفة حقهم ومنزلتهم والتماس أحسن المخارج لما ثبت صدوره من بعضهم، واعتقاد أنهم مجتهدون. والنقد الذي يطعن في عدالتهم وعقيدتهم هو نوع من السب الذي نهى عنه الرسول ³. ومعظم العلماء يكفرِّ من وصف الصحابة بالكفر والردة أو الفسق؛ جميعهم أو بعضهم ولهم في هذا تفصيل، وكذلك من سب بعضهم سبًا يطعن في دينهم، وكان ممن تواترت النصوص بفضله كالخلفاء الراشدين، لتكذيبه أمرًا متواترًا. أما سب صحابي لم يتواتر النقل بفضله سبًا يطعن في دينه، فلا يكفره جمهور العلماء؛ بل يفسِّقونه، وذلك لعدم إنكاره أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، إلا أن يسبه من حيث الصحبة. ومن سبهم سبًا لا يطعن في دينهم فيستحق التعزير، وذلك مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد أو الغفلة أو ضعف الرأي. وفي تناول تاريخ الصحابة فقه عظيم لابد أن يلم به دارس التاريخ؛ لأنه من أسس منهج دراسة التاريخ الإسلامي.

المراجع

forum.stop55.com/252204.html موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث