الدواء من أبرز الوسائل الطبية في العلاج. يصف الأطباء الأدوية لعلاج الأمراض أو للوقاية منها. ففي كل سنة ينقذ عقار البنسلين وغيره من مبيدات الجراثيم أعدادًا كبيرة من المرضى المصابين بالتهاب السحايا ومرض الالتهاب الرئوي والعديد من الأمراض المُعدية الخطرة. وكذلك تمنع التحصينات حدوث أمراض الحصبة وشلل الأطفال والجدري، كما تزيل المسكنات الآلام. وقد ساعدت الأدوية ـ بإذن الله ـ الملايين من الناس للعيش لفترات أطول بصحة جيدة.
ومعظم الأدوية التي نعرفها الآن لم تكن معروفة قبل بداية القرن العشرين، فمثلاً نلاحظ أن عقاقير السلفا والمُضادَّات الحيوية وأهم مبيدات الجراثيم لم تُستعمل في العلاج إلاّ في أواخر الثلاثينيات وبداية الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي. فقبل هذا التاريخ مات الكثير من الناس في أنحاء كثيرة من العالم بسبب مرض الالتهاب الرئوي، ولكن استعمال الأدوية الحديثة أدى إلى انخفاض نسبة الوفيات بسبب هذا المرض.
استعمل لقاح مرض شلل الأطفال عام 1955م. وقبل هذا التاريخ كان الفيروس المسبّب لهذا المرض يصيب الآلاف من الناس كل عام. وقد انقرض هذا المرض من العالم الغربي في الوقت الحاضر، ومن ثم تضاعف متوسط عمر الإنسان في الدول الغربية.
ومما هو جدير بالملاحظة أن للأدوية أيضًا قدرة على إحداث المرض أو الموت؛ فقد يحدث الدواء بالرغم من أمانه ضررًا كبيرًا للإنسان إذا أسيء استعماله. فحبوب الأسبرين بالرغم من عدم خطورتها إلا أن لها الكثير من الضحايا من الأطفال الذين يلتهمون أقراصها ظنا منهم أنها قطع من الحلوى. ويمكن لكل دواء أن يقتل إذا أخذ بجرعات كبيرة، وإضافة لهذا فقد انتشر سوء استخدام الكحول والمخدرات وبعض الأدوية الأخرى مما أدى إلى ظهور مشكلات خطرة.
ونستعمل كلمة أدوية ونعني بذلك المستحضرات الدوائية وبعض المواد الكيميائية التي يستعملها بعض الناس مثل الكحول والمخدرات. ولكن علماء الأدوية يطلقون على أي مادة كيميائية ذات تأثير على الجسم الحي اسم دواء. وإذا أخذنا بوجهة نظرهم نجد أن مبيدات الحشرات والأعشاب الضَّارة والكيميائيات الناتجة من عوادم السيارات وغيرها من ملوثات البيئة أنواع من الأدوية، لتأثيرها على الأحياء.
تتناول هذه المقالة بصفة خاصة الأدوية المستعملة في الأغراض الطبية. أمّا المعلومات المفصلة عن سوء استعمال الدواء فيجدها القارئ في مقالات سوء استعمال العقاقير وإدمان المخدرات.
لقد أظهر العلماء في السنوات الماضية نجاحًا ملحوظًا وتقدمًا مبهرًا في مجال بحوث الأدوية، وتمكنوا من معرفة الآثار الجانبية للأدوية بصورة جيدة، وكذلك تم استبدال العديد من الأدوية ذات الآثار الجانبية الخطرة بأدوية أكثر أمانًا. وقد ساعد التقدم في علمي الكيمياء الحيوية ووظائف الأعضاء جميع العلماء لفهم الكثير عن الأدوية بصورة جيدة. فمثلاً على الرغم من أن الأسبرين عُرف بوصفه دواءً منذ بداية القرن العشرين، إلا أن طريقة عمل هذا العقار لم تُكتشف إلا عام 1971م. وساعد هذا الاكتشاف على إدخال استعمالات جديدة لهذا العقار.
قواعد استعمال الأدوية
لا يوجد دواء مأمون على الإطلاق. فالدواء يفيد عندما يستخدم استخدامًا ناسبًا، ويضر عندما يستخدم استخدامًا سيِّئًا. لا تتناول دواءً وُصِف لإنسان غيرك. فالطبيب العام أو طبيب الأسنان هو الذي يحدد ما يناسبك من دواء. فإذا نجح دواء في علاج إنسان فقد لا ينجح معك، وذلك لاختلافكما في العمر والوزن والصفات البدنية الأخرى، وكذلك فقد لا تكون مصابًا بنفس المرض الذي أصيب به غيرك على الرغم من تشابه الأعراض.
لا تحتفظ بما أعطيته من دواء بعد العلاج لـكي تسـتعمله في وقت لاحق. احرص على الحصول على وصفة طبيّة كلما أصبت بالمرض. فبعض الأمراض تتشابه في الأعراض وتختلف في الأسباب.
لا تحتفظ بالأدوية التي تشتريها بغير وصفة طبيّة لفترات طويلة. وذلك لتغيرها كيميائيًا بمرور الزمن. فقد يضُعف تأثير بعض هذه الأدوية أو يزيد نتيجة لتبخر بعض محتوياتها وزيادة تركيز بعضها الآخر. استشر الصيدلي عن مدى صلاحية أي دواء إن لم يكن ذلك مكتوبًا على بطاقة الدواء.
اتّبع جميع الإرشادات في بطاقة الأدوية. فيما يختصُ بكمية ووقت تعاطي الدواء والتحذيرات التي تختص بالحالات التي يجب ألا يؤخذ فيها الدواء. وتجدر ملاحظة خطورة استعمال كميات من الدواء أكثر مما أوصى به الطبيب وخطورة عدم الاهتمام بإرشادات بطاقة الدواء.
أخبر الطبيب أو طبيب الأسنان بأي آثار جانبية أو غير متوقّعة من أي دواء، فقد تُحدث بعض الأدوية آثارًا طبيّة غير حميدة وغير متوقّعة.
أحفظ كل الأدوية في مكان مأمون، وبعيدًا عن متناول الأطفال والحيوانات الأليفة، فقد تُسبّب الجرعات الزائدة من أي دواء مرضًا خطيرًا قد يؤدي إلى الموت.
أنواع الأدوية
يمكن تصنيف الأدوية بطرق متعددة:
- فمثلاً اعتمادًا على أشكالها، يمكن أن تصنف الأدوية إلى كبسولات أو ضبوبات أو سوائل ...
- كما يمكن تقسيمها تبعًا لطريقة تعاطيها بالبلع أو الاستنشاق أو الحقن ...
- أو تبعًا "لتكوينها الكيميائي.
- ولكن علماء علم الأدوية يقسِّمونها حسب تأثيرها الرئيسي في الجسم، وفي هذا التقسيم نلاحظ دخول معظم الأدوية ضمن مجموعة واحدة، تضم نحو اثنتي عشرة مجموعة.
ومن أهم هذه المجموعات:
1. الأدوية القاتلة للجراثيم.
2. الأدوية الواقية من الأمراض المعدية.
3. الأدوية المؤثرة على القلب والأوعية الدموية.
4. الأدوية المؤثرة على الجهاز العصبي.
ولكن يجب ملاحظة تأثير الأدوية على الجسم بأكثر من طريقة، وعلى أكثر من عضو. فبعض الأدوية تؤخذ للتأثير على الجهاز العصبي، ولكنها تؤثر أيضًا على القلب. وفي هذا الجزء من المقالة ستتم مناقشة الأدوية وتصنيفها حسب تأثيرها الرئيسي في الجسم.
الأدوية التي تفتك بالجراثيم
تُقسم الأدوية التي تفتك بالجراثيم أو تساعد الجسم على الفتك بالجراثيم إلى نوعين :
1.المضادات الحيوية.
2. السلفا.
يصف الأطباء هذه الأدوية لعلاج التهاب السحايا ومرض الالتهاب الرئوي والعديد من الأمراض المعدية. وتُبيد الجرعات الكبيرة من عقار البنسلين وغيره من المضادات الحيوية الجراثيم المسببة للأمراض، بينما تُضعف الجرعات الصغيرة من هذه الأدوية قدرة الجراثيم على التكاثر في الجسم، وبذلك تساعد أجهزة المناعة والدفاع في الجسم على التخلّص منها، وتمنع عقاقير السلفا، وبعض المضادات الحيوية نمو الجراثيم وتكاثرها في الجسم، وقد يبيد بعض هذه الأدوية الجراثيم. انظر: المضادات الحيوية؛ السلفا.
الأدوية الواقية من الأمراض المعدية
تُقسم الأدوية الواقية من الأمراض المعدية إلى نوعين:1- اللقاحات 2- الأمصال الضدية والجُلوبيلينات.
ولبعض هذه الأدوية مكانة خاصة وأهمية بالغة، مثل لقاحات التهاب شلل الأطفال الذي لا يوجد له علاج بعد حدوثه.
اللقاحات
توجد أنواع متعددة من اللقاحات، ويختص كل واحد منها بتنبيه الجسم لإنتاج نوع واحد من مواد تُسمى الأجسام المضادة ـ التي تمنع مرضًا واحدًا فقط. ويجعل اللقاح البدن ذا مناعة ضد المرض، وذلك لقدرته على تنبيه الجسم لصنع الأجسام المضادة المقاومة لهجوم المرض. وقد تم تصنيع وتطوير العديد من اللقاحات ضد الكثير من الأمراض المعدية مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة والجدري والسعال الديكي وشلل الأطفال. وقد نجح العقار المضاد للجدري في القضاء على المرض بصورة كاملة. ويرجع آخر تاريخ لحدوث الجدري بصورة طبيعية إلى عام 1977م. انظر: التحصين.
الأمصال الضدية والجلوبيلين
تشابه الأمصال الضدية والجلوبيلين اللقاحات في قدرتها على الوقاية من بعض الأمراض المعدية. ولكنها تختلف عن اللقاحات في احتوائها على الأجسام المضادة في شكلها النهائي بدلاً من احتوائها على المواد التي تنبه الجسم على صنع مثل هذه الأجسام المضادة. ولذلك تعمل الأمصال الضدية والجلوبيلين بسرعة أكثر من اللقاحات في منع المرض والوقاية منه. ويصف الأطباء مثل هذه الأدوية بمجرد تعرض إنسان غير محصَّن ضد المرض للمرض نفسه. وتستعمل المضادات اليوم للوقاية من أمراض مثل الدفتيريا والكزاز. ويستعمل الجلوبيلين للوقاية من أمراض مثل التهاب الكبد وداء الكلب والكزاز. انظر: المصل؛ الجلوبيلين.
الأدوية المؤثرة على القلب والأوعية الدموية
يُطلق على الأدوية التي تؤثر على القلب والأوعية الدموية اسم الأدوية القلبية الوعائية. ويصف الأطباء هذه الأدوية لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية التي تعد أحد أهم الأسباب المؤدية للموت في الأقطار الصناعية. وتوجد من هذه الأدوية أربعة أنواع هي: 1- منظمات ضربات القلب 2- مقويات القلب 3- موسعات الأوعية 4- مخفضات ضغط الدم.
منظمات ضربات القلب
تعمل منظمات ضربات القلب على استقرار ضربات القلب وتنظيمها. ويستخدم الناس هذه الأدوية أساسًا لعلاج تسرع القلب والرجفان، وهي الحالة التي ينبض فيها القلب بغير نظام وبسرعة تفوق السرعة العادية.
مقويات القلب:
تقوِّي مقويات القلب تقلصات وضربات القلب،مما يزيد من دوران الدم إلى أعضاء الجسم المختلفة. وتعطى هذه الأدوية في حالات ضعف ضربات وتقلصات القلب. ومن أقوى هذه الأدوية عقاراً ديجوكسين وديجيتوكسين.
موسعات الأوعية الدموية
تُوسع أو تُمدِّد هذه الأدوية الأوعية الدموية الصغيرة. وتستعمل غالبًا لعلاج ضيق الشرايين التاجية المسؤولة عن حمل الدم إلى القلب. وتعرف الأدوية الموسعة لهذه الشرايين باسم موسعات الشريان التاجي. وتعطى هذه الأدوية لعلاج الضيق الشديد في الشرايين التاجية الذي يسبب آلامًا شديدة في الصدر عند أداء أي عمل مثل التمارين الرياضية أو المشي. ويُسمى هذا المرض باسم الذبحة الصدرية. ومن أكثر الأدوية استعمالاً لعلاج هذا المرض عقاقير نتروجليسرين وثاني نترات الآيزوسوربيد ومحصرات الكالسيوم ومحصرات بيتا.
مخفضات ضغط الدم
تستعمل مخفضات ضغط الدم في علاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني. ومن هذه المخفضات بعض الأدوية الموسعة للأوعية الدموية الصغيرة ذات القدرة على إرخاء العضلات الملساء في جوانب هذه الأوعية، مما يقلل من ضغط الجدر على الدم في الأوعية الدموية. وهناك أدوية أخرى لعلاج ضغط الدم المرتفع والتي تعمل بطرق مختلفة. وفي أغلب الأحيان يصف الأطباء دواءين أو أكثر لكل مريض لتخفيض ضغط الدم.
الأدوية التي تؤثر على الجهاز العصبي
تؤثر معظم الأدوية المشهورة على الدماغ والأجزاء الأخرى من الجهاز العصبي. ومن هذه الأدوية الكحول والكافيين ـ في كل من الكاكاو و القهوة والشاي ـ والحشيش والمخدرات مثل الهيروين والمورفين والحبوب المنومة. وهناك خمسة أنواع من الأدوية المؤثرة على الجهاز العصبي وهي: 1- المسكنات 2- المبنِّجات 3- المهلوسات 4- المنبهات 5- المهبطات.
المسكنات
تعمل المسكنات على تخفيف الآلام وإزالتها بدون أي فقدان للوعي أو إضعاف للحواس الأخرى مثل اللمس أو الذوق. فمثلاً، يزيل المسكن الصداع دون أن يضعف القدرة على الإحساس بالحرارة أو البرودة أو تذوق الطعام.
وتنقسم المسكنات إلى قسمين رئيسيين هما: 1ـ المخدرات 2ـ غير المخدرات. وكلاهما يسكّن الآلام، مع ملاحظة أن المسكنات المخدرة تؤدي إلى النعاس والدوخة. وعند بدء استعمالها قد يشعر متناولها ببعض التغيُّر. ومن أشهر المسكنات غير المخدرة عقار الأسبرين. أما المسكنات المخدرة فتشمل الأفيونات المستخرجة من نبات الخشخاش مثل المورفين، والكوديين، وبعض الأدوية الشبيهة بالأفيونات المركبة أو المنتجة صناعيًا. وتشمل الأفيونات الكوديين والهيروين والمورفين.
يصف الأطباء المسكنات المخدرة لعلاج الآلام الشديدة المصاحبة لمرض السرطان أو الإصابات الخطرة. ولكن مداومة استعمالها تجعل المتعاطي مدمنًا، ومعتمدًا عليها اعتمادًا كليًا، مما يسبب بعض الأمراض والأعراض عند التوقف المفاجئ عن تعاطيها. ولذلك، لا يصف الأطباء هذه الأدوية إلا إذا فشلت المسكنات غير المخدرة. انظر: المخدر.
المبنِّجات
تُفقد المبنجات العامة الشعور بالإحساس في جميع أعضاء الجسم، مما يؤدي إلى فقدان الوعي، ومنها عقاقير الهالوتان والتيوبنتال التي تُعطى عند إجراء العمليات الجراحية. وتثبط المبنجات الموضعية الإحساس بالألم في المناطق التي تُعطى فيها أو تجاورها فقط فيما يعرف بالتخدير الموضعي. ومن هذه الأدوية عقارا الليدوكين والبروكين. ويستعملهما في الغالب أطباء الأسنان والأطباء أثناء العمليات الجراحية في العين أو عند إجراء العمليات الجراحية الأخرى التي لا تتطلب فقدانًا كاملاً للوعي. انظر: التخدير.
المُهَلْوسات
(عقاقير الهلوسة) وتُسبب ـ الهلوسة ـ للإنسان. وهي تلك الحالة التي يرى فيها الشخص أو يسمع أو يحس بأشياء لا وجود لها في الحقيقة. وتُسمى مثل هذه الأدوية أيضًا الأدوية النفسية أو كاشفات العقل. ولهذه الأدوية القدرة على تشويه تصور الإنسان لنفسه، ولما يحيط به من أشياء. ومن أمثلة هذه الأدوية عقاقير ل. س. د. والحشيش والمسكلين. وقد استعملت هذه الأدوية في الماضي في بعض تجارب علاج الأمراض العقلية أو النفسية.
المنبهات
تساعد الجسم على التغلب على النعاس أو الإرهاق والتعب، وتنبه هذه الأدوية الجهاز العصبي وتزيد من فاعليته ونشاطه، ومن هذه الأدوية الكافيين والكوكايين والمنبهات المصنعة معمليًا، ومن الأسماء العامة للمنبهات الميقظات أو المسهرات. انظر: الأمفيتامين.
تُحدث المنبهات تغيرًا وزيادة في النشاطين العقلي والجسماني لمتعاطيها عند استعمالها. ولكن يتبع ذلك شعور بالكآبة والإحباط والقلق والاضطراب والخور النفسي، مما يشجع متعاطيها على أخذ جرعة أخرى لإزالة هذه الآثار. وتتكرر هذه الجرعات، مما يساعد على إدمانها، ولذلك يندر أن يصف الأطباء المنبهات لإزالة أعراض التعب والإرهاق.
المهبطات
وتقلل المهبطات من التوتر والهم والقلق وتثبط الجهاز العصبي، وتضم قائمة المهبطات مجموعات المهدئات والمركنات والكحول.
المهدئات
ويؤدي تعاطيها في جرعات صغيرة إلى تخفيف اضطراب الإنسان أو إزالته، بينما تُحدث الجرعات الكبيرة زيادة في الاطمئنان والنعاس. ويصف الأطباء هذه الأدوية لعلاج الأمراض العقلية الصعبة والمؤلمة، فهي تقلل من حالات الرعب بصورة كبيرة. ويلجأ بعض الناس الذين لا يستطيعون تحمل ضغوط الحياة اليومية إلى تعاطي بعض المهدئات البسيطة بالرغم من عدم معاناتهم من أي مرض عقلي. وجدير بالملاحظة أن مداومة تعاطيها قد يؤدي إلى الإدمان. انظر: المهدئ.
المركِّنات
تشابه المهدئات في قدرتها على تهدئة الاضطرابات وإضعافها أو إزالتها لدى الإنسان، بالإضافة لقدرتها على إحداث النوم. ولذلك يصفها الأطباء لعلاج الأرق ـ أو عدم القدرة على النوم بصورة طبيعية ـ وتعد البربيتورات المصَّنعة معمليًا من أكثر المركنات استعمالاً. ومن هذه الأدوية البنتوباربيتال والسيكوباربيتال، وتُسمى هذه الأدوية بأسماء عامة مثل باربس والمهبطة وكرات الجُوف. وهناك أيضًا مجموعة من الأدوية المركنة اللابربيتورية مثل هيدرات الكلورال والبارالدهيد. وتؤدي المداومة على تعاطي المركنات إلى إضعاف آثارها في الجسم، مما يدفع متعاطيها لزيادة جرعاتها للحصول على آثارها المعهودة. انظر: المركن، العقار؛ البربيتورات، عقار.
الكحول
اسم شائع يُطلق على مادة الكحول الإيثيلي الموجودة في المشروبات الكحولية وفي الخمور. وتُسبب مادة الكحول الاسترخاء والخمول والنعاس عند متعاطيها. وكغيرها من مُهبطات الجهاز العصبي تؤدي المداومة على تعاطيها لحدوث الإدمان عليها. انظر: الكحول.
أنواع أخرى من الأدوية. إضافة لما سبق ذكره من أدوية، يتعاطى الناس كثيرًا من الأدوية الأخرى مثل: 1- مدرات البول. 2- الهورمونات. 3- الفيتامينات 4- مضادات الأورام. 5- كابحات المناعة.
مُدِرَّات البول
تُساعد على زيادة تكوين البول وطرده للخارج. وهي تُستعمل في الحالات التي يضعف فيها عمل الكلى عند حدوث بعض الأمراض. فضعف الكلى يؤدي إلى تراكم الأملاح والماء واختزانهما في الجسم، ولذلك تؤخذ مدرات البول لإصلاح مثل هذه الاضطرابات وتنشيط عمل الكلى. وكذلك تستعمل هذه الأدوية في علاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني.
الهورمونات
من المواد الكيميائية التي يتم تكوينها وإفرازها بوساطة بعض الغدد داخل الجسم. وتعمل هذه المواد على التحكم في العديد من وظائف الجسم وتنظيمها، مثل النمو والتكاثر والتوالد. وتشابه بعض هورمونات الحيوانات هورمونات الإنسان. وقد تمكن العلماء من تصنيع هورمونات تركيبية. وتستخدم الهورمونات الطبيعية والتركيبية بوصفها أدوية بعدة طرق.
ويصف الأطباء الهورمونات للمرضى الذين لا يستطيعون إفراز كميات كافية من الهورمونات في أجسامهم، مثل، مرضى السكري الذين لا يستطيعون إفراز كميات كافية من الإنسولين. وكذلك تستخدم بعض الهورمونات في علاج بعض الأمراض غير المصاحبة بنقص الهورمونات، فمثلاً، يصف الأطباء هورمون الكورتيزول والهورمون المنبه أ. س. ت. ش لعلاج مرض الروماتويد. وكذلك تستخدم بعض الهورمونات لمنع الحمل أو لتنظيم النسل وذلك لقدرتها على التحكم في النشاطات التكاثرية. انظر: الهورمون.
الفيتامينات
من العناصر الأساسية للصحة الجيدة. ويؤدي النقص في بعض هذه المواد إلى ظهور بعض الأمراض، مثل داء الكساح وداء الإسقربوط. وتعد الوجبة الصحيحة المثالية خير مصدر للحصول على كميات معقولة من الفيتامينات، ولكن يلجأ بعض الأطباء لإعطاء بعض الفيتامينات في شكل أقراص أو حقن لبعض المرضى عند الضرورة. انظر: الفيتامين.
مضادات الأورام
تُحطم مضادات الأورام الخلايا السرطانية في الجسم. وبالرغم من اكتشاف العديد من هذه الأدوية وتحسينها، إلا أن جميعها تضرّ بالخلايا الجسدية الصحيحة والسرطانية. وقد استخدمت بعض مضادات الأورام لعلاج بعض مرضى السرطان. يعمل العلماء والباحثون اليوم على اكتشاف أدوية مضادة للخلايا السرطانية فقط.
كابحات المناعة.عندما تتمكن بعض البروتينات الغريبة من الدخول إلى الجسم تعمل بمثابة مستضدات وتحث كريات الدم البيضاء على تصنيع بعض الأجسام المضادة الخاصة بها وإفرازها. انظر: المناعة.
وتحدث هذه العملية نفسها عند نقل عضو من إنسان إلى آخر، حيث يقوم العضو المنقول بعمل المستضد. ويقوم الجسم بتصنيع أجسام مضادة خاصة به، مما يؤدي إلى مهاجمة العضو المنقول بوساطة هذه الأجسام المضادة، وينتج عن هذا تحطيم للعضو المنقول.
وتثبط الأدوية الكابحة للمناعة تكوين الأجسام المضادة بعد نقل أي عضو من شخص إلى آخر. وهي تُستعمل لمنع لفـظ الأعضـاء المنقولة بعد تثبـيتها فــي جـسم المنقول إليه. ومن هذه الأدوية؛ الإزاثيوبرين والسايكلوسبورين.
كيفية عمل الأدوية
على الرغم من أن الأدوية تُعطى بطرق متعددة، إلا أنها تعمل بمجرد وصولها للدم على تغيير سرعة نشاط خلايا الجسم. كيفية تفسير نظرية المستَقْبِل لتأثير الدواء بناء على نظرية المستقبل تحدث الأدوية تأثيرها بارتباطها بجزيئات مستقبلاتها في خلايا الجسم. وفي الأحوال الطبيعية يفرز الجسم جزيئات منشطة ذات قدرة على الالتحام بجزيئات المستقبل. وقد يحدث هذا التفاعل أو الارتباط إبطاء أو تسريعًا في التفاعلات الكيميائية داخل الخلية. وترتبط بعض الأدوية بجزء من المستقبل مما يمنع الجزيئات المنشطة من الارتباط الكامل مع المستقبلات، ومن ثم يكبح نشاط الخلية. تشابه بعض الأدوية الجزيئات المنشطة داخل الخلية بصورة كبيرة، مما يمكنها من الارتباط بصورة كاملة تؤدي إلى زيادة نشاط الخلية .
تعاطي الأدوية
تُعطى معظم الأدوية عن طريق الفم، والبعض منها يُعطى عن طريق الحقن أو الاستنشاق أو المسح على الجلد. ومما يحدد طريقة إدخال الدواء شكله الصيدلاني والغرض من تعاطيه. فالغازات المبنجة لا يمكن إدخالها للجسم إلا عن طريق الاستنشاق، والمراهم لا يمكن الاستفادة منها إلا عن طريق وضعها على الموضع المصاب.
وتوجد بعض المزايا والمساوئ لكل طريقة من طرق تعاطي الأدوية، فمثلاً، نجد أن تعاطي الأدوية عن طريق الفم يُعد من أسهل الطرق. ولكن لا يمكن تعاطي كل الأدوية بهذه الطريقة، فبعض منها يتلف في المعدة عند تعرضه للعصارة الحمضية. أما إذا أعطيت الأدوية عن طريق الحقن فإن تأثيرها يكون سريعًا ولكن قد يصاحب عملية الحقن الشعور بالألم أو زيادة القابلية للإصابة بالعدوى إذا استخدمت الحقنة نفسها لعدة أشخاص.
وهناك طرق جديدة لتعاطي الأدوية. ومن هذه الطرق تعاطي الدواء عن طريق ما يُسمى باللطخة أو الرقعة عبر الجلد. وهي رقعة تحتوي على طبقة من الدواء يتم إلصاقها على الجلد. ومن ثم يتم إفراز الدواء وامتصاص الجلد له ووصوله إلى الدم. ومن الأدوية التي تتعاطى بهذه الطريقة عقار نيتروجليسرين، الذي يساعد على توسيع الشريان التاجي. ومن الطرق الأخرى لتعاطي الدواء طريقة المضخة المغروسة وهي قرص معدني صغير به خزانة صغيرة يمكن ملؤها. وتدخل هذه المضخة في الجسم بعد إجراء عملية جراحية بسيطة يتم فيها فتح الجلد وإدخال المضخة، حيث تستمر هذه المضخة في دفع كميات قليلة من الدواء داخل الجسم عبر الدم. وعند نفاد الدواء يمكن ملء المضخة عن طريق الحقن عبر الجلد.
العمل في الجسم
بعد تعاطي الدواء وامتصاصه ووصوله لمجرى الدم، يصل إلى جميع أعضاء الجسم ويدخل إلى خلايا الأنسجة حيث يحدث تأثيره. وهناك أنواع قليلة من الأدوية لها القدرة على إحداث آثارها قبل الوصول إلى الدم. ومن هذه الأدوية قطرات العيون والمبنجات الموضعية وبخاخات الأنف. وعند امتصاص هذه الأدوية نجد أن آثارها ضعيفة نظرًا لامتصاصها بكميات قليلة جدًا، ولذلك لا تتمكن من إحداث أي تأثير إضافي.
تحدث معظم الأدوية آثارها عبر تغيير نشاط خلايا الجسم. ولتفسير كيفية عمل الدواء أدخل علماء علم الأدوية نظرية المستقبِل. وبناء على هذه النظرية تتحكم التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا في نشاطها. ويتحكم كل تفاعل كيميائي في نشاط الخلية وتحديد سرعتها أو بطئها. ويحدث الدواء تأثيره نتيجة لتغييره لواحد أو أكثر من التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا. ولإحداث هذه الآثار يرتبط كل دواء بجزيئات مستقبِلِة تعمل طبيعيًا على التحكم في التفاعلات الكيميائية داخل الخلايا.
تفسر نظرية المستقبِل كيفية عمل الأدوية وما يمكن أن يعمله الدواء أو لا يعمله داخل الخلية. فبعد ارتباط الدواء بالجزيئات المستقبلة داخل الخلية، يمكن له أن يغير من سرعة التفاعلات الكيميائية التي تتحكم فيها الجزيئات المستقبِلة بصورة طبيعية، ولكنه لا يستطيع إحداث نشاطات جديدة في الخلية.
وفي معظم الأحيان نجد أن التفاعل بين الجسم والدواء ليس عملية ذات اتجاه واحد. فكما يغيّر الدواء من نشاط الجسم، يقوم الجسم بتغيير الدواء وتحويله إلى مواد جديدة ذات فاعلية ضعيفة، مقارنة بالدواء الأصلي، وتسمى هذه العمليات، التحويلات الحيوية أو استقلاب أو أيض الدواء.
وبهذه العمليات يحمي الجسم نفسه من التأثير الدائم للدواء. وتتم معظم هذه العمليات في الكبد، ولذلك نلاحظ بقاء الدواء طويلاً في جسم الإنسان ذي الكبد المريض، ولهذا يقلل الأطباء من جرعات الدواء لمرضى الكبد لتفادي الآثار الجانبية للدواء.
التأثير في الجسم
تُحدث الأدوية آثارًا نافعة وضارة في جسم الإنسان. فعند تعاطي دواء ما لتقوية ضربات القلب وتقلصاته أو إزالة آلامه مثلاً، فإنه يحدث هذه الآثار النافعة المرغوبة. ولكنه في الوقت نفسه يحدث آثارًا جانبية أخرى وخصوصًا إذا كانت جرعته كبيرة.
وتحدث الأدوية آثارها الجانبية وذلك لقدرة الدواء بعد دخوله الجسم للوصول لكل أعضاء الجسم صحيحها ومريضها. فمثلاً يصف الأطباء عقار المورفين لتسكين الآلام الشديدة وإزالتها نتيجة لقدرته للوصول إلى الخلايا، وتغيير نشاط بعضها في الدماغ والنخاع الشوكي، مما يؤدي إلى فقدان الإحساس بالألم. ولكنه في الوقت نفسه يصل إلى أعضاء أخرى ويؤثر على خلاياها، مما يؤدي إلى القيء والإمساك وانخفاض سرعة التنفس وغيرها من الآثار الجانبية الأخرى.
وعمومًا تقوي زيادة جرعة الدواء من آثاره وتَضعُف هذه الآثار بتقليل الجرعة، ولكن قد يختل هذا التناسق من شخص لآخر. فمثلاً قد نجد أن مضاعفة جرعة دواء ما قد تزيد من آثاره ثلاث مرات في شخص ما، بينما لا تحدث أي زيادة في التأثير لدى شخص آخر.
يصف قسم أنواع الأدوية الآثار الإيجابية للأدوية، ولكن هناك بعض الآثار السلبية الضارة تسمى بالآثار الضارة وتنقسم إلى ثلاثة أنواع : 1- الآثار الجانبية 2- آثار فرط الحساسية 3- الآثار السامة. كما يؤدي التعاطي المستديم للكحول والمخدرات وبعض العقاقير الأخرى إلى حالة الإدمان.
الآثار الجانبية
تُسبب كل الأدوية آثارًا جانبية. ويستطيع الأطباء توقعها وإخبار المريض بها. وهي في معظم الأحوال آثار طفيفة لا تمنع استعمال الأدوية.
آثار فرط الحساسية تُسمى بالآثار الأرجية أو الآثار الناتجة عن الحساسية، وتحدث فقط عند بعض المرضى ذوي الحساسية لدواء بعينه، وقد تكون آثارًا بسيطة أو شديدة. فمثلاً نلاحظ عدم استطاعة بعض الناس تعاطي الأسبرين أو البنسلين نتيجة لحساسيتهم المفرطة لهذين العقارين.
الآثار السامة للدواء
تظهر بعد التسمم به ـ أي بعد تعاطي جرعات كبيرة جدًا منه ـ ويمكن أن تؤدي إلى إتلاف خلايا الجسم وقتل الإنسان. فلكل دواء آثار سامة بسيطة، ولكنها تظهر بصورة خطيرة عند تعاطي جرعات كبيرة.
إدمان الدواء
تؤدي المداومة على تعاطي كميات كبيرة من بعض الأدوية مثل الكحول والأمفيتامينات والبربيتورات والمخدرات إلي الاحتياج النفسي والجسدي الدائم لآثارها، ويطلق على مثل هذه الحالة الإدمان. يلازم هذه الحالة غالبًا ما يسمى بمقاومة الجسم أو (تحمل الجسم) لآثار الدواء؛ إذ يشعر المعتاد بضعف أثر الدواء، مما يدفعه لزيادة الجرعة المعتادة للحصول على التأثير السابق المحدث بالجرعات الصغيرة. وتسمى المرحلة التي يظهر فيها الاعتماد النفسي أو الجسدي أو كلاهما معًا بحالة إدمان الدواء. ويصاحب التوقف الفجائي عن تعاطي الأدوية المسببة للإدمان بعض الأعراض التي تسمى بأعراض الانسحاب أو مرض الانسحاب عن الدواء. انظر: سوء استعمال العقاقير؛ إدمان المخدرات.
طرد الجسم للأدوية
يطرد الجسم الأدوية مع بعض الفضلات مع ما يطرد من مخلفات ـ في البول والبراز والعرق والدموع ـ أو عن طريق الزفير في حالة بعض المبنجات الغازية العامة.
كيفية إنتاج الأدوية وبيعها
تُعد صناعة الأدوية وتسويقها من أكبر الأعمال التجارية في عدة أقطار. ونجد أن فرنسا وألمانيا وإنجلترا واليابان وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الأقطار في هذا المضمار. ويختص هذا الجزء من المقالة ببيان كيفية إنتاج الأدوية وبيعها بصورة رئيسية.
مصادر بعض الأدوية
يتم تصنيع معظم الأدوية كيميائيًا في معامل الشركات وتأتي الأدوية الأخرى من النباتات والحيوانات والمعادن والجراثيم. فنبات الخشخاش مثلاً هو مصدر الأفيون الذي تستخرج منه بعض العقاقير المخدرة مثل المورفين والكوديين. ويستعمل ملح الطعام ـ كلوريد الصوديوم ـ وبعض المواد الأخرى لتصنيع المحاليل الوريدية التي تحقن في أوردة بعض المرضى الذين لا يستطيعون الأكل والشرب.
مصادر الأدوية
تقوم الصناعات الصيدلية بإنتاج الأدوية المركبة كيميائيًا بصورة أساسية، وكذلك تقوم بإنتاج بعض الأدوية المستخرجة من النباتات والفطريات والعفن والحيوانات والمعادن والجراثيم والجينات.
المعامل الكيميائية
صنع الكيميائيون الكثير من الأدوية القيمة التي لا توجد طبيعيًا، والتي قد تطابق أو تفوق مثيلاتها المستخرجة من النباتات والفطريات والعفن والجراثيم والحيوانات والمعادن. وتستطيع الشركات تصنيع الدواء وإنتاج كميات كبيرة من الأدوية المصنعة معمليًا وبتكلفة أقل مقارنة باستخلاص الأدوية من الموارد الطبيعية. فمثلاً يستخلص هورمون الهيدروكورتيزون المستعمل لعلاج التهاب المفاصل من الغدد الكظرية للأبقار والأغنام، ولكن يُمكن تصنيع هذا الهورمون كيميائيًا بتكلفة قليلة مقارنة بتكلفة استخلاص وتصنيع الهورمون الطبيعي. وإضافة لهذا نجد أن الآثار الجانبية الخطيرة للهورمون المصنع معمليًا أقل من تلك التي يُحدثها الهورمون الطبيعي.
النباتات والفُطر
تُنتج شركات الأدوية العديد من الأدوية المستخرجة من النباتات والفطر، ومن هذه الأدوية مقويات القلب والمسكنات وبعض المضادات الحيوية. فمثلاً يستخرج عقار الديجيتال المقوي للقلب من أوراق شجرة قفاز الثعلب. ويستخلص البنسلين من الفُطر، ويتم الحصول على عقار المورفين المسكن للألم من مادة الأفيون المستخرجة من عصارة نبات الخشخاش. وهناك أيضًا بعض الأدوية المستخرجة من النباتات ولا تقوم الشركات الدوائية بتصنيعها مثل الحشيش والمسكلين.
الحيوانات
هناك بعض الأدوية المهمة التي يتم استخلاصها من خلايا الحيوانات وأليافها مثل الهورمونات المستخدمة لعلاج أمراض المفاصل ونقص الهورمونات في الجسم. وهناك أيضًا هورمون الإنسولين المستخرج من غدة البنكرياس في الأبقار والخنازير، ويستعمله الملايين من مرضى السكر. وكذلك يصف الأطباء هورمون التايروكسين المستخرج من الغدد الدرقية في الأبقار والخنازير لعلاج بعض المرضى الذين لا تستطيع غددهم الدرقية إنتاج كميات كافية منه.
المعادن
تصنع بعض الشركات الدوائية العديد من الأدوية المستخرجة من المعادن. فمثلاً يتم تصنيع صبغة اليود من معدن اليود، وتستعمل لعلاج الالتهابات الجرثومية في مواضع الجروح والكدمات. وكذلك تصنع نترات الفضة على شكل مسحوق ليوضع على الجروح لإيقاف النزيف ولمنع الالتهابات الجرثومية. وإضافة لهذا يَستعمل الأطباء المحلول المخفف لنترات الفضة لعلاج بعض أمراض العين والجلد.
البكتيريا
نجح علماء الكيمياء والأحياء في عزل بعض الجينات الإنسانية وتغذية البكتيريا بها للحصول على بعض المواد الكيميائية أو الهورمونات الشبيهة بتلك التي تقوم بتصنيعها تلك الجينات في الإنسان. وبعد ذلك يتم عزل ما تم تصنيعه وتنقيته في خلايا البكتيريا واستعماله لعلاج بعض المرضى. ومن هذه الأدوية الإنسولين والإنترفرون، وهو مادة يصنعها الجسم عند تعرضه للالتهابات الفيروسية المعدية. ولهذه المادة أيضًا قدرة على التحكم في الأمراض المسببة بوساطة الفيروسات، ويوجد أكثر من نوع منها يستخدم حاليًا لعلاج بعض الأورام. انظر: الإنترفرون.
التجارب على الحيوانات تُساعد على معرفة مدى فاعلية وسلامة الدواء. وكجزء من هذه الاختبارات يتم وزن الحيوان لمعرفة اختلاف تأثيرات الدواء بين الحيوانات ذات الأوزان المختلفة. بحوث الأدوية وتطويرها. تستمر شركات الأدوية في اكتشاف العديد من الأدوية الجديدة. وعلى الرغم من أن اكتشاف بعض الأدوية قد يكون عن طريق المصادفة، إلا أن اكتشاف معظم الأدوية الحديثة يتم عند تنفيذ فكرة ما تختص بنوع جديد من الأدوية أو تطوير دواء قديم. وبعد تصنيع الدواء يتم اختباره وتطويره ليكون دواء مأمونًا وسهلاً في الاستعمال. وقد تستغرق هذه العملية عشر سنوات وهي عملية مكلفة جدًا.
اكتشاف الأدوية الجديدة
ترجع هذه العملية إلى مسؤولية الباحثين الكيميائيين في الشركات الدوائية، والذين يقومون إما بتركيب الدواء معمليًا أو استخلاصه من المصادر الطبيعية، وهي عملية قد تستغرق ما بين شهور وأعوام. فمثلاً استغرق اكتشاف أحد المضادات الحيوية ـ عقار الأوكسي تتراسايكلين ـ من الباحثين في إحدى الشركات الأمريكية مدة عامين قضوها في اختبار أنواع عديدة من التربة تم استجلابها من عدة مناطق في العالم، وقد بلغت هذه العينات أكثر من مائة ألف عينة. ويُستعمل هذا العقار حاليًا لعلاج التهاب القصبات الهوائية والالتهاب الرئوي و السعال الديكي.
ولكي تتم عملية اكتشاف دواء جديد يجري الباحثون الكثير من التجارب على الحيوانات لمعرفة مدى فاعلية المادة المكتشفة وعدم خطورتها. وتتم التجارب الأولية على الحيوانات الصغيرة مثل، الفئران والجرذان وحيوانات الوبر. وعند نجاح التجارب على هذه الحيوانات، يعطى الدواء لبعض الحيوانات الكبيرة مثل الكلاب والقرود. ويتطلب اكتشاف دواء واحد فعال ومأمونٍ تجريب مئات من الأدوية المصنعة حديثًا. وبعد اكتشاف الدواء تُجْرَى التجارب لمعرفة طريقة عمله، والشكل الصيدلاني الذي يمكن أن يصنع فيه، وكيفية طرد الجسم له، وآثاره الجانبية المتوقعة. وبعد تجميع كل هذه المعلومات ترسل الشركة المكتشفة هذه المعلومات للسلطة المختصة بالأدوية في بلد الشركة طالبة منها الإذن بتجربة الدواء الجديد واختباره في بعض الناس.
التجارب على الإنسان
بعد إعطاء السلطة المختصة بالدواء الإذن للشركة المكتشفة بتجريبه على الإنسان، تخطط الشركة المكتشفة لإجراء نوعين من التجارب السريرية. أولاً يجرب الدواء على مجموعة من المتطوعين الأصحاء. وبعد نجاح هذه التجارب يتم اختبار الدواء على مجموعة من المرضى الذين يعانون من المرض نفسه الذي صنع الدواء من أجله.
ويقوم أحد الأطباء ( الباحثين السريريين) التابعين للشركة بالإشراف على جميع التجارب السريرية، ويعاونه على ذلك مجموعة من الأطباء التابعين لأحد المستشفيات الكبرى، الذين يقومون بتجهيز المرضى المتطوعين للاشتراك في هذه التجارب. ويعتمد عدد المتطوعين ومدة علاجهم بالدواء الجديد على نوع المرض والدواء نفسه. وفي الغالب يشترك مئات وآلاف المرضى في هذه التجارب التي قد تستغرق ما بين شهور وعدة أعوام.
وتُعدّ الاختبارات والتجارب الدقيقة والحذرة من أهم مسؤوليات الشركة المكتشفة للدواء. وكذلك تحرص الشركة المنتجة للدواء والمصالح الحكومية المسؤولة عن الأدوية في أي بلد على حماية المواطنين وصحتهم بعد وصول أي دواء ضار بالصحة إليهم. ولكن يجب أن نتذكر دائمًا حقيقة، أنه مهما كانت درجة الاختبارات والتجارب الأولية من الدقة والحرص، فقد لا تكتشف بعض الآثار الضارة وغير المتوقعة من الدواء. فنحن مازلنا نذكر ذلك المثال المحزن الذي حدث في أوروبا في بداية الستينيات من القرن العشرين حينما تعاطت النسوة الحوامل العقار المركِّن تاليدوميد، مما أدى إلى حدوث تشوهات خلقية لدى الكثير من الأطفال المولودين، ومن ذلك ولادة أطفال بدون أيدٍ أو أرجل، ولكن نسبة حدوث مثل هذه الآثار المفجعة قليلة جدًا.
ويقوم الباحث السريري التابع للشركة المنتجة للدواء مع غيره من العلماء بتقويم نتائج التجارب السريرية للعقار الجديد. وتتم مقارنته بالأدوية الموجودة مسبقًا لعلاج المرض نفسه الذي من أجله صنع الدواء. ويستمر الباحثون كذلك في دراسة آثار الدواء الجديد على الحيوانات. وعند اقتناع الشركة بأن الدواء الجديد ذو فاعلية جيّدة وأمان ممتاز، تطلب من السلطات المختصة بالأدوية السماح لها بإنتاج الدواء وبيعه للجمهور.
تطوير الدواء الذي تم إنتاجه. تقوم الشركة التي اكتشفت الدواء بتطويره في شكل مأمون وسهل للاستعمال قبل بيعه للجمهور. لذلك يسعى الباحثون في الشركة لمعرفة المواد التي يجب إضافتها لمادة الدواء الجديد لكي يتم تصنيعه في شكل كبسولات أو سائل أو أقراص أو أي شكل صيدلاني آخر يمكن استعماله. وتسمى مثل هذه المواد الإضافية المسوغات وهي لا تؤثر على فعالية الدواء. وكذلك يدرس الباحثون ويقررون مدى صلاحية الدواء للاستعمال. وبعد الانتهاء من كل هذه الخطوات تخطط الشركة لإنتاج الدواء بكميات ضخمة.
الإنتاج بالجملة
تنتج الشركات خلال فترة البحوث والتطوير كميات قليلة من الدواء. وبعد ذلك تعمل على التأكد من أن طريقة تصنيع تلك الكميات التجريبية صالحة لتصنيع كميات كبيرة من الدواء وإنتاجه. ولهذا تبدأ الشركة في إجراء اختبارات إنتاج على نطاق ضيق باستخدام إحدى الوحدات الصناعية التجريبية قبل إنتاج الدواء بالجملة. وقد تؤدي هذه التجربة إلى إجراء بعض التغييرات في عملية التصنيع.
تضع الشركة المنتجة جدولاً ليبين بدقة خطة الإنتاج بالجملة؛ وذلك لأن إنتاج أي دواء بكميات كبيرة جدًا قد يؤدي إلى تلفه أثناء تخزينه وقبل بيعه للجمهور. وكذلك تتأكد الشركة من أن كل كميات الدواء قد تم تصنيعها بالطريقة والدقة نفسها. ولذلك يتم فحص عينات عشوائية من كل كمية مصنعة، وإذا ظهر أي خطأ في التصنيع يتم إعادة تصنيع الكمية أو إلغاؤها وإتلافها.
التوزيع والبيع
معمل أدوية
تُقسم الأدوية إلى قسمين: قسم يمكن بيعه بدون وصفات طبية OTC وآخر يستلزم بيعه بإبراز وصفة طبية من طبيب أو طبيب أسنان، حتى يقوم الصيدلي ببيعه. والأدوية التي لا يتطلب بيعها وصفات طبية تشمل الأسبرين وبعض أدوية السعال وتُعد من الأدوية المأمونة.
أسماء الأدوية
يسمى كل دواء باسمين : 1ـ اسم كيميائي 2ـ اسم علمي. وإضافة لهذا يمكن أن يكون لأي دواء اسم واحد أو أكثر من الأسماء التجارية، فمثلاً نجد أن الاسم الكيميائي لأحد الأدوية المدرة للبول هو 6ـ كلورو ـ 3، 4ـ ثنائي هايدرو ـ 7ـ سلفاميل ـ2 هـ1، 2، 4ـ بنزوثياديازين، 1، 1- ثنائي أكسيد. أما اسمه العلمي فهو هايدروكلورثيازيد، ومن أسمائه التجارية: إزيدركس وهايدرودايرل وهايدروسوفليورك.
يصف الاسم الكيميائي التركيب الكيميائي للدواء، ويُعرّف الدواء حقيقة، ولكنه اسم طويل وصعب ـ كما في المثال السابق، ـ ولذلك لا يشيع استعمال هذه الأسماء.
ويُعدّ الاسم العلمي للدواء اسمًا مختصرًا، ويُعطي فكرة عن التركيب الكيميائي للدواء كما هو واضح في دواء (هايدروكلورثيازيد) في المثال السابق، ولكنه لا يصف الدواء بصورة كاملة. ومن ميزاته قصره وسهولة استعماله، مقارنة بالاسم الكيميائي.
وتعطي الشركات المصنعة الدواءَ اسمًا تجاريًّا، ويقوم العديد من الشركات ببيع دواء بعينه، ولكن تحت أسماء تجارية مختلفة، وفي بعض الأحيان تبيع الشركات الأدوية تحت أسمائها العلمية.
نبذة تاريخية
من المحتمل أن تكون شعوب ما قبل التاريخ قد استعملت الأدوية قبل بزوغ فجر أول حضارة في العالم؛ ومن المحتمل أن يكونوا قد اكتشفوا قدرة بعض النباتات على تسكين آلامهم وشفائهم من بعض الأمراض، وربما يكونون قد لاحظوا أيضًا التهام بعض الحيوانات المريضة لبعض النباتات وشفائها، ومن ثم قاموا بتناول هذه النباتات نفسها عند مرضهم.
تاريخ أقدم الوصفات الطبية المكتوبة يرجع لعام 2000 ق.م. وتعتمد معظم هذه الوصفات على النباتات لعلاج الأمراض المختلفة.
الأدوية في الأزمنة الماضية
تُعدّ لوحة الصلصال التي يرجع تاريخها إلى عهد الحضارة السومرية في الشرق الأوسط ـ عام 2000ق.م ـ أول سجل مكتوب لاستعمال الأدوية، وبهذه اللوحة اثنتا عشرة وصفة طبية. وكذلك يحتوي قرطاس مصري يرجع تاريخه لعام 1550ق.م. على أكثر من سبعمائة دواء. واستعمل قدماء الصينيين والرومان الكثير من الأدوية، ويُعدّ الرومان أول من قاموا بافتتاح صيدلية وكتابة أول وصفات طبية تحدد كمية كل مادة يحتوي عليها الدواء.
ولكن على الرغم من استعمال القدماء للعديد من الأدوية، إلا أن معظم علاجاتهم لم تكن ناجحة، وقد يرجع الشفاء الناتج عن تعاطي بعض هذه العلاجات الطبيعية إلى بعض الأمراض التي يشفى منها تلقائيًا بعد مضي عدة أيام من حدوثها، ممايدفع بعض الناس للظن بأن الشفاء قد يرجع لتلك العلاجات. ومن الجانب الآخر علينا أن نعترف بأن هناك عددًا من الأدوية النافعة التي اكتشفها القدماء. فقد استعمل قدماء الإغريق والرومان الأفيون لتسكين الآلام، واكتشف قدماء المصريين زيت الخروع لعلاج الإمساك، كما اكتشف الصينيون أكل الكبد لعلاج فقر الدم.
الدواء عند المسلمين
عندما تطور الطب والدواء في العالم الإسلامي أيام الخلافة العباسية، رأى الأطباء المسلمون أنه لابد من فصل مهنة الصيدلة عن مهنة الطب، بحيث يكون لعلم الأدوية تخصص منفصل. وتم تطبيق ذلك في بغداد ثم في مصر والأندلس. وساعد ذلك على ازدهار مهنة الصيدلة في العالم الإسلامي، واستطاع علماء مسلمون كثيرون التفرغ الكامل للوصفات الطبية وتركيب الدواء، مما أحدث ثورة كبيرة في علم الصيدلة.
أما في أوروبا فقد ظهرت مهنة الصيدلة بوصفها مهنة منفصلة عن الطب لأول مرة في القرن الحادي عشر الميلادي أي بعد ثلاثمائة سنة من تجربة المسلمين الأوائل. وكان ذلك في ألمانيا عندما أصدر الإمبراطور فريدريك الثاني أمرًا بمنع ممارسة الطب أو الصيدلة إلا بإذن خاص. وقام هذا الإمبراطور بدعوة عدد كبير من العلماء المسلمين من الشرق والغرب لتدريس العلوم الطبية في جامعة نابولي، وفي كلية طب سالرنو. والعرب هم الذين وضعوا أسس صناعة الصيدلة فكانوا يجلبون العقاقير من الهند ومن غيرها. ثم راحوا يصنعون مختلف العقاقير ويعالجون بها المرضى، ويدرسونها ويؤلفون الكتب فيها. ويُعد جابر بن حيان (120 - 198هـ، 737 – 813م)، أول من استحضر الحامض الكبريتي وسماه زيت الزاج، وهو أول من اكتشف الصودا الكاوية. وبحث جابر بن حيان كذلك في السموم وفي طرق علاج مضارها. وقسمها إلى سموم حيوانية ونباتية وحجرية. ويُعدّ هذا العالم الإسلامي الجليل في مقدمة العلماء التجريبيين الذين اعتمدوا على التجارب العلمية في المختبرات والمعامل للوصول إلى الحقائق العلمية. وتركت مؤلفاته القيمة أثرًا كبيرًا عند العلماء الذين عاصروه والذين جاءوا من بعده حتى اليوم، ويندهش الكثير منهم لقدرات جابر بن حيان العلمية التي وصلت إلى كل هذه الاكتشافات في القرن التاسع الميلادي. ونجد علماء أوروبا بمختلف قطاعاتهم يشهدون له بالسبق والنبوغ والفضل.
كانت الصيدلة عند المسلمين الأوائل مهنة مستقلة، لها قواعدها وتقاليدها وأسسها. ولا يُسمح للصيدلي آنذاك بممارسة صناعة الصيدلة إلا بعد أن ينجح في الاختبار التأهيلي الذي يعقد له بعد دراسته لعلم الأدوية، ثم يمنح شهادة ترخص له بممارسة المهنة، ويسجل اسمه في كشف الصيادلة الممارسين. وعندما أبدع المسلمون الأوائل في الكيمياء، طبّقوا علومها على الصيدلة، ونتج عن ذلك عدد كبير من الأدوية المركبة. ويقول الأستاذ مييرهوف: إن علم الصيدلة العربي استمر في أوروبا حتى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
كان على طالب الصيدلة أن يدرس دستورًا طبيًا يوضح الطرق التي يجب اتباعها في تحضير الأدوية والعقاقير. وقد تم افتتاح صيدليات لتحضير الوصفات الطبية. وعلى كل صيدلي أن يؤدي قَسَم اليمين قبل أن يمارس مهنة تحضير العقاقير الطبية. وليس هذا فحسب، بل إن الدولة الإسلامية في ذلك الوقت حددت أسعار العقاقير ووضعت رقابة محكمة على الصيدلي ومعامل تحضير الأدوية، تتمثل في تفتيش الصيدليات من وقت لآخر للتأكد من اتباعها لقوانين الدواء السائدة. وإذا ارتكب الصيدلي مخالفة تتعلق بالغش وخيانة الأمانة، فإنه يعاقب عقابًا شديدًا قد يصل إلى الإعدام. والمسلمون هم أول من أسس مدرسة للصيدلة في العالم، وأول من بدأوا في تحضير المركبات الكيميائية المتعلقة بالدواء مثل الكحول وحمض النتريك. وهم أيضًا أول من بدأوا عملية التقطير في التاريخ وطبقوا الكيمياء على علم الأدوية.
وقد ألف الأطباء المسلمون والصيادلة عددًا من الكتب القيمة توضح بالرسم والشرح الطرق الطبية والعلمية لتحضير الدواء من النباتات والأعشاب الطبية والحيوانات والمعادن. ووضحت الرسوم في هذه الكتب شكل الصيدليات الإسلامية التي انتشرت في عواصم البلاد الإسلامية آنذاك، وتوضح الثوب الأبيض الذي كان يرتديه الصيدلي المسلم وهو يمارس مهنته داخل الصيدلية. ولا يزال هذا سائدًا حتى الآن. وقد برع الصيادلة المسلمون الأوائل في تحضير الأشربة من قصب السكر، واستخدام الأملاح المعدنية في تحضير الوصفات الطبية. كما تمكنوا من تحضير الكحول والزيوت العطرية في صيدلياتهم. ومن كتب الصيدلة الإسلامية التي خلفها المسلمون الأوائل ما يلي:
تذكرة الألباب
لمؤلفه ابن داود، يبحث في العقاقير العربية القديمة، ويشمل وصفات طبية من الأعشاب والأدوية. وكان من مراجع الصيدلة المهمة في القرون الماضية. ومن الأعشاب والنباتات الطبية التي وردت فيه ورق السكران لتحضير المخدر الموضعي، وبذر الخلة لعلاج أمراض القلب، وبذرة البقدونس لعلاج احتباس البول. وتبدو أهمية هذا الكتاب في أن علماء أوروبا وأمريكا بدأوا يراجعونه عام 1964م، لاكتشاف أدوية جديدة، وبدأت هذه الأبحاث في هولندا وألمانيا وأمريكا والدنمارك وإيطاليا.
منهاج الدكان ودستور الأعيان
لمؤلفه أبي المنى داود ابن أبي النصر الذي عاش في القرن السابع الهجري. والكتاب من كتب الطب الشعبي. ووردت فيه نصائح مفيدة للصفات التي يجب أن تتوافر في الصيدلي كالأمانة وحسن الخلق والدين والثقة والخوف من الله تعالى.
الرحمة في الطب والحكمة
يتحدث في الطب الشعبي، ويصف بعض العقاقير المستخدمة لعلاج داء الثعلبة والبهاق وآلام المفاصل والظهر وضيق التنفس، وأمراض الكبد والطحال، وحصى المثانة والبواسير والبول الدموي وطرق الحجامة والفصد وعلاج الحروق.
وقد حرصت الدولة الإسلامية على أن تأمر الأطباء الأوائل بأن يكتبوا ما يصفونه من دواء للمريض على ورقة خاصة كانت تسمى التذكرة أو النسخة أو الصفة أو الوصفة الطبية. ولازال استخدام هذا النظام ساريًا إلى يومنا هذا. وقد اختار مجمع الصيدلة البريطاني جالت اليوناني وابن سينا الطبيب الإسلامي بوصفهما أعظم اثنين في التاريخ كان لهما الفضل في علم الصيدلة. وكان الصيادلة في الحضارة الإسلامية يُختارون بحذر شديد، ويجب أن يتحلوا بصفات الأمانة والكفاءة. وكان لكل صيدلية أمين يحافظ عليها ويُشرف على أدويتها. وفي كل مستشفى كان هناك مكان لصيدلية تقوم بتحضير العقاقير وصرفها للمرضى إضافة إلى قسم لتدريس علوم الصيدلة والطب.
يقول بنجامين لي جوردان في كتابه القرون الوسطى والنهضة الأوروبية في تاريخ الطب: ¸إن أول من وضع الصيدلية لتصبح جزءًا من المستشفى هم علماء العرب•. ويورد عبدالله الدفاع في كتابه أعلام العرب والمسلمين في الطب أن العلماء المسلمين قد وضعوا في كل مستشفى صيدلية منذ القرن الثاني عشر الميلادي وهكذا فإن فكرة إنشاء صيدلية داخل المستشفى هي فكرة نقلها العالم عن الحضارة العربية الإسلامية التي طبقتها قبل أكثر من ثمانية قرون.
ومن أهم مراكز الطب والصيدلة في الحضارة الإسلامية، الإسكندرية وبغداد ودمشق وجنديسابور في بلاد فارس. وظهر صيادلة مسلمون كان لهم فضل كبير في تصنيف علم الأدوية: مثل أبي يوسف الكندي (185- 252هـ، 801 - 866م)، وحنين بن إسحاق (194- 265هـ، 809 ـ 869م)، وعلي بن سهل الطبري (المولود عام 154هـ - 770م)، وأبي بكر الرازي (240- 320هـ، 854 - 932م)، وعلي بن العباس الأهوازي (المتوفى عام 384هـ، 994م)، وأبي القاسم الزهراوي (324 - 404هـ، 935 - 1013م)، وأبي الريحان البيروني (351 - 440هـ، 962 - 1048م) وابن سينا (371 - 429هـ، 981 - 1037م) وأبي عمران القرطبي (529 - 601هـ، 1134 - 1204م) وأبي محمد بن البيطار (575 - 646هـ، 1179 - 1248م).
أما زكريا بن محمد القزويني (605 ـ 682هـ، 1208 - 1283م)، فقد كتب عن التداوي والعلاج واتبع منهجًا خاصًا في عرض الوصفات الطبية؛ فقد كان يذكر خواص المادة الطبية المستخدمة في الوصفة حسب ما وصل إليه أطباء زمانه ومن قبلهم. واستطاع القزويني أن يستخدم عدة طرق من المعالجة مثل: الشرب والمضمضة والأكل والتحاميل والتعليق والتدخين والنثر والرش والمسح والطلي والتبخير والشم، ويشمل العلاجات الخارجية والداخلية. وتمكن من تقسيم الأدوية إلى ثلاثة أنواع هي:
الأدوية المعدنية:
وتشمل المعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص، والأحجار كحجر الورق وحجر الصدف وحجر المطر وحجر البلور وحجر الرحا وغير ذلك، والأجسام الدهنية كالزئبق والكبريت والنفط والعنبر.
الأدوية النباتية:
وهذه قسمها إلى قسمين: قسم الأشجار كالتوت والبلوط والسرو والكافور والنخل. وقسم النجوم مثل الأرز والترمس والثوم والخردل والريحان.
الأدوية الحيوانية:
وهذه مستخلصة من الحيوانات كالبقرة والفرس والجاموس والأرنب والظبي والأسد والثعلب والذئب. ومن الطيور كالبلبل والإوز والحمام والكروان والعقاب. وتشمل الوصفة الطبية هنا أجزاء الحيوان كالعظم واللحم والجلد والإفرازات واللبن.
الأدوية في العصور الوسطى
خلال العصور الوسطى (400 – 1500م)، ضعف الشغف بالعلم والتعلم في أوروبا، ولذلك لم يضف الأوروبيُّون إلا قليلاً من الأدوية وخصائصها، وعلى العكس من ذلك أضاف الأطباء العرب الكثير من المعلومات عنها، إضافة لما وصل إليهم من علم عنها من قدماء الرومان والصينيين، وقد نقل العرب كل هذه المعلومات إلى أوروبا. وخلال العصور الوسطى اشتدت الحاجة للأدوية، مما أدى إلى انتشار الصيدليات في أوروبا بعد انتشارها في العالم العربي. ولكن حتى ذلك الوقت لم يكن هناك علم عن كيفية عمل أعضاء الجسم، وأسباب الأمراض المعدية، وطريقة عمل الأدوية، وبذلك استمر تعاطي الناس للكثير من الأدوية الفاشلة والمضرة، والقليل من الأدوية المفيدة.
التقدم العلمي
أظهر الأطباء والعلماء خلال القرنين السادس والسابع عشر الميلاديين تقدمًا مهمًا في علم الأدوية وفي بعض حقول العلم الأخرى، مما أدى إلى تحسين الأدوية وتطويرها.
ففي أوائل القرن السادس عشر الميلادي بدأ الطبيب السويسري فيليبس بارسيلسوس في استعمال المعادن مثل الرصاص والزئبق لعلاج العديد من الأمراض، ولكن تطلب تطوير الأدوية تقدمًا في معرفة بنيان الجسم ووظائف الأعضاء.
وفي عام 1543م، نشر الطبيب البلجيكي أندرياس فزاليوس أبو التشريح أول كتاب عن وصف الجسم وتركيبه، مما أدى لبطلان الكثير من الاعتقادات الخاطئة التي كانت سائدة سابقًا عن تشريح الجسم. وفي بداية القرن السابع عشر الميلادي اكتشف الطبيب الإنجليزي وليم هارفي الدورة الدموية وكيفية دوران الدم في الجسم بعد ضخه بوساطة القلب. وفي أواخر القرن السابع عشر الميلادي اكتشف العالم الهولندي الهاوي أنطون فان ليفنهوك الجراثيم بعد استعمال بعض المجاهر البدائية. ولكن تجدر الملاحظة إلى أن دور الجراثيم في الأمراض لم يثبت إلا في القرن التاسع عشر الميلادي.
الثورة الدوائية
بدأت الثورة الدوائية في القرن الثامن عشر الميلادي ومازالت مستمرة حتى الآن. وخلال هذه الفترة تمكن العلماء من اكتشاف المئات من الأدوية وكيفية عملها ومسببات الأمراض وكيفية عمل وظائف أعضاء الجسم. وأدّى استعمال الأدوية إلى ظهور ثورة كبيرة في ممارسة الطب وتطور علم الأدوية وصار علمًا مهمًا، كما صارت صناعة الدواء من أكبر الصناعات.
وفي عام 1796م، تمكّن الطبيب الإنجليزي إدوارد جنر من إدخال طريقة التلقيح للوقاية من مرض الجدري المميت، إذ قام بتلقيح طفل بقيح تم أخذه من امرأة مصابة بمرض جدري البقر، مما أدى إلى إصابته بهذا المرض البسيط مقارنة بمرض الجدري.
وبعد ذلك حقن الطبيب جنر الطفل بمادة الجدري ولم يصب الطفل بهذا المرض، وذلك لأن تعريض جسم الولد لجرثومة جدري البقر أكسبت جسمه مقاومة ومناعة ـ ضد مرض الجدري المميت. ودفع هذا الاكتشاف العلماء للبحث عن لقاحات ضد الأمراض المختلفة، مما أدى إلى ظهور علم المناعة وتطوره.
وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي تعلم العلماء كيفية استخراج الأدوية من النباتات، حيث تم استخراج المورفين عام 1806م. وبعد ذلك بسنوات قليلة تم استخراج دواء الكينين واستخلاصه، إضافة إلى بعض الأدوية النباتية الأخرى.
وخلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي أدخل كل من الأمريكيين، الطبيب كروفورد لونج وطبيب الأسنان وليم مورتون ـ كل على حدة ـ طريقة استعمال المبنجات للمساعدة في إجراء العمليات الجراحية. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي تمكن العالم الفرنسي لويس باستير والطبيب الألماني روبرت كوخ من ترسيخ نظرية ربط الأمراض بالجراثيم وإقرارها. فقد برهن باستير على قدرة الجراثيم على إحداث الأمراض المعدية وإمكانية الوقاية من الأمراض بقتل الجراثيم المسببة لها، وكذلك تمكن كوخ من ابتكار طريقة تحديد الجراثيم المسببة لكل مرض.
وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، أجرى العالم الألماني بول إيرليخ العديد من الأبحاث على جهاز المناعة والأورام السرطانية، وقد ساعدت هذه الأبحاث في تطوير حقلي المناعة والمعالجة الكيميائية في الطب الحديث.
وخلال القرن العشرين الميلادي تسارعت خطى التقدم في الثورة الدوائية، إذ تم اكتشاف معظم الأدوية الأساسية المعروفة الآن. فقد تم استخراج أول هورمون ـ وهو الأدرينالين ـ عام 1898م، بوساطة عالم الأدوية الأمريكي جون إبل. وفي العشرينيات من القرن العشرين تمكن فريق أبحاث برئاسة الطبيب الكندي فريدريك بانتنج من اكتشاف هورمون الإنسولين واستخلاصه، وقد أنقذ الملايين من مرضى السكر.
وفي أوائل القرن العشرين أيضًا أدخل العالم الألماني. بول إيرليخ طريقة المعالجة الكيميائية لعلاج الأمراض المعدية، وفي هذه الطريقة تستخدم المواد الكيميائية للفتك بالجراثيم المسببة للأمراض، ولتحطيم الخلايا السرطانية. ففي عام 1910م، اكتشف إيرليخ عقار أرسفينامين ـ المعروف بالاسم التجاري سالفارسان ـ بوصفه أول دواء من المعالجات الكيميائية، مما مهد لاكتشاف العديد من المضادات الحيوية وعقاقير السلفا.
وفي عام 1928م، تم اكتشاف البنسلين بوصفه أول مضاد حيوي، حيث اكتشفه العالم الإنجليزي ألكسندر فليمنج. وفي عام 1935م، تمكن الطبيب الألماني جيرهارد دوماك من اكتشاف عقار برونتوسيل وهو أول دواء من مجموعة السلفا، ومن ثم تم اكتشاف العديد من هذه المركبات والمضادات الحيوية التي برهنت فاعليتها الأكيدة في علاج العديد من الأمراض المعدية.
وفي عام 1903م، تم اكتشاف البربيتورات المخفضة لنشاط الجهاز العصبي والعضلات. وفي أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين تم استعمال الأمفيتامينات لتنشيط الجهاز العصبي. وفي الخمسينيات من القرن العشرين تم اكتشاف بعض المهدئات، وفي خلال الستينيات من القرن نفسه تم إدخال حبوب تنظيم النسل والولادة، أو حبوب منع الحمل واستعمالها.
نمو الصناعة الدوائية. حتى بداية القرن العشرين الميلادي كان عدد الشركات المصنعة للأدوية قليلاً جدًا، ويقوم الصيادلة بتحضير معظم ما يبيعونه من دواء وإعداده في صيدلياتهم الخاصة. ولكن بعد حدوث التطورات الكبيرة في عالم الأدوية، ظهرت الصناعة الدوائية الحديثة، وذلك لاكتشاف الكثير من الأدوية التي يتطلب تحضيرها وتصنيعها أجهزة خاصة، ولايمكن تصنيعها في صيدليةٍ خاصة. وكذلك ساعدت الثورة الصناعية في أوروبا على اكتشاف طرق جديدة لتصنيع الأدوية بالجملة، مما أدى إلى ظهور الشركات الدوائية الأوروبية الضخمة التي تحكمت في عالم الصناعة الدوائية لعدة سنين.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فيرجع تاريخ بدء صناعة الدواء إلى عهد الثورة الأمريكية في الفترة من 1775 إلى 1783م. وبعد هذه الثـورة تبنَّى مُوزِّعُو الأدوية ـ أثناء الحرب مع غيرهم من رجال الصناعة ـ طرق الصناعة الدوائية الضخمة التي بدأت حديثًا في أوروبا.
ساعدت الحرب الأهلية الأمريكية في الفترة من 1861 إلى 1865م، في ظهور احتياج كبير للأدوية وسوق رائجة لها أدت إلى نمو الصناعة الدوائية الأمريكية وتطورها، حيث توسعت هذه الصناعة لتواكب احتياجات القطر الدوائية. وأدى التوسع في هذه الصناعة إلى تصدير الأدوية لبعض أقطار العالم، واستمر هذا التطور حتى الآن، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر المنتجين للأدوية والمصدرين لها.
وبمرور الزمن زاد الاحتياج العالمي للأدوية وزاد عدد الاكتشافات الجديدة للأدوية، وعملت الصناعات الدوائية على مواكبة هذه الاحتياجات العالمية. وعملت على اكتشاف المزيد من الأدوية العالمية والمزيد من الأدوية الحديثة. ونلاحظ اليوم احتلال الولايات المتحدة للمرتبة الأولى في قائمة الدول المصنعة للأدوية.
وعلى الرغم من أن الأدوية قد أفادتنا في الوقت الحاضر بصورة هائلة، إلا أنها أدت إلى ظهور أسوأ المشكلات التي تجابهنا وتتحدانا الآن ـ ألا وهي مشكلة سوء استعمال الدواء والإدمان. فمن جانب واحد ساعدت الأدوية على التحكم في الكثير من الأمراض وعلاجها وتسكين الآلام والتوترات، وساعدت أجسامنا على العمل بصورة طبيعية، ولكنها في الوقت نفسه و نتيجة لتوفرها وإساءة استعمال بعضها ـ مثل الكحول والمخدرات وبعض الأدوية الأخرى ـ أدت إلى إدمان الملايين لها واعتـمادهم عليها، وزاد من هذه المأساة التصنيع والاستعمال غير القانوني لبعض الأدوية.
وتتمثل الاحتياجات التي تواجهنا اليوم في اكتشاف أدوية حديثة ممتازة تقل في آثارها الجانبية عن بعض الأدوية الموجودة حاليًا لعلاج بعض الأمراض مثل السرطان والاضطرابات القلبية الوعائية وغيرها من الأمراض المميتة أو التي تسبب العجز. ففي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين الميلادي زاد علماء الأدوية من جهودهم في اكتشاف مثل هذه الأدوية. وقد نسمع قريبًا نجاحهم في اكتشاف دواء يبطئ من عملية الشيخوخة. معالم التطور الدوائي خلال القرن العشرين
1903م اكتشاف دواء بربتال ـ أول مجموعة البربيتورات.
1910م ظهور المعالجة الكيميائية. وتستخدم هذه الطريقة المواد الكيميائية للفتك بالجراثيم المسببة للأمراض.
1922م اكتشاف هورمون الإنسولين، حيث اكتشفه فريق البحث برئاسة الطبيب الكندي فريدريك بانتنج. وتم استعمال الهورمون لعلاج السكر.
1928م اكتشاف البنسلين بوصفه أول مضاد حيوي. اكتشفه العالم الإنجليزي ألكسندر فلمنج.
الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي بدأ استعمال الأمفيتامينات في العلاج الطبي.
1935م تم اكتشاف عقار برونتوسيل أو مجموعة السلفا. اكتشفه الطبيب الألماني جيرارد دوماك.
الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي طوّر العلماء عدة تركيبات اصطناعية مهمة للمهدئات التي استخدمت على نطاق واسع. تم اكتشاف عدد من المهدئات المصنعة معمليًا وتطويرها.
1960م ظهور أقراص منع الحمل.
السبعينيات من القرن العشرين الميلادي كَثَّف علماء الأدوية والباحثون من جهودهم لاكتشاف أدوية جديدة لعلاج السرطان وغيره من الأمراض التي لم يسيطر عليها العلم الطبي حتى الآن. وكذلك طوّر علم هندسة الجينات المورثات وطرق اتحاد حمض د.ن.أ. (البصمة الوراثية). الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين الميلادي تم استخدام طرق اتحاد حمض DNA تجارياً لإنتاج الإنترفرون والأنسولين وبعض الأدوية البروتينية الأخرى. طوّر الباحثون أساليب علاج باستخدام أجسام مضادة وحيدة الخلية.
المراجع
موسوعة المعرفة
التصانيف
علم الأدوية العلوم التطبيقية