الجريمة، علم . يُعنى علم الجريمة بدراسة الجريمة والمجرمين والسلوك الإجرامي والقضاء الجنائي دراسة علمية. ويقوم علماء الجريمة بالبحث في العوامل ذات العلاقة بالجريمة. كما يدرسون الأفراد بغية التوصل إلى معرفة: كيف ولماذا يُقْدم بعض الناس على ارتكاب الجرائم. وتشمل معظم البحوث في علم الجريمة ميادين متعلقة بالجريمة، مثل: علم الاجتماع وعلم النفس والطب النفسي.
يساعد علم الجريمة على فهم طبيعة الجريمة، حيث تساعد نتائج أبحاثه قادة المجتمعات والمسؤولين عن تطبيق القانون في جهودهم الرامية إلى منع الجريمة. كما يساهم علماء الجريمة في التوصل إلى أفضل السبل لعلاج المخالفين.
يُدَرَّسُ علم الجريمة بصفة عامة في كلية الحقوق أو الطب أو علم الاجتماع، التابعة لأحد المعاهد أو الجامعات. كما أن في بعض الجامعات أقسامًا خاصة بعلم الجريمة، أو القضاء الجنائي. وقد أكّدت الدراسات في علم الجريمة على العلاقة بين السمات البيولوجية والسلوك الإجرامي. لكن علم الجريمة اليوم، يركز كثيرًا على الأسباب الاجتماعية والبيئية التي تدفع الأفراد لارتكاب الجرائم، لذلك تزداد أهمية الدور الذي يضطلع به البحث الاجتماعي في علم الجريمة.
ماذا يدرس علماء الجريمة
يُكرِّس علماء الجريمة الكثير من البحث لدراسة العوامل الشخصية أو العوامل الأخرى التي تؤدي إلى ارتكاب الجرائم، إذ تتناول معظم الأبحاث في علم الجريمة الأوضاع البيئية التي ترتبط بالجرائم. وتركز بعض الدراسات على العلاقة بين الجريمة والعوامل البيولوجية الأخرى مثل: تركيب الدماغ والاضطرابات الكيميائية. كما تؤكد أبحاث أخرى على الدور الذي تقوم به عواطف الناس ودوافعهم في السلوك الإجرامي.
تُسْتَخْدَمُ نظريات علم الاجتماع وأساليبه بمثابة المنطلق الأساسي في معظم الدراسات التي تُعنى بالأسباب البيئية التي تقف وراء الجرائم، ويبحث كثير من العلماء في العلاقة بين الجريمة والمشكلات الاجتماعية الأخرى، بما فيها الفقر والمساكن السيئة والاكتظاظ السكاني. كما يدرس بعضهم كيف يُكتَسَب السلوك الإجرامي من خلال معاشرة الناس، بمن فيهم المجرمون ممن لا يحترمون القانون.
ويدرس علماء الجريمة كذلك علم العقاب، وهو علم معاقبة المخالفين وعلاجهم. وخلال العقد الأول من القرن العشرين، بدأ علماء العقاب بتأكيد أهمية إعادة تأهيل؛ أي معالجة المجرمين بهدف إعادتهم إلى ممارسة حياتهم المفيدة، إلا أن الدراسات التي أُجريت في السبعينيات، أظهرت عدم جدوى إعادة التأهيل. ويوصي علماء الجريمة اليوم بأهمية العقاب أكثر من أي وقت مضى وبسرعة تقديم المتهمين للمحاكمة، وبفرض أحكام عادلة ومتجانسة، وتأمين سجون يُراعى فيها قدرٌ أكبر من الاعتبارات الإنسانية.
ولايعتقد معظم علماء الجريمة أن أساليب البحث الجنائي جزء من علم الجريمة. فالذين يقومون بالبحث عن الأدلة الجنائية وأعمال التحري الأخرى التي يقوم بها المخبرون هم عادة أعضاء في قوات الشرطة. انظر: الشرطة.
مناهج علم الجريمة
أحد علماء الجريمة يجري مقابلة شخصية مع مجرم جزءًا من دراسة للحالة. وتساعد المقابلات الشخصية علماء الجريمة على معرفة الصفات الشخصية والأوضاع الاجتماعية التي تسبب السلوك الإجرامي.
يستخدم علماء الجريمة أساليب متنوعة في بحوثهم؛ أهمها: الدراسات الإحصائية ودراسات الحالات.
تساعد الدراسات الإحصائية علماء الجريمة على تكوين نظرياتهم واختبارها. ويستعمل هؤلاء الخبراء مُعدلات إحصاءات من أجل دراسة معدلات الجريمة وسمات المجرمين. كما تساعد الإحصاءات علماء الجريمة على إيجاد العلاقة بين معدلات الجريمة وبعض الأوضاع الاجتماعية، أو البدنية، فعلى سبيل المثال، من الممكن أن تبين تلك الدراسات أن معدّل الجريمة يرتفع مع ارتفاع نسبة الفقر والبطالة. ويستعمل علماء الجريمة بصفَة عامة الإحصاءات التي تجمعها المؤسسات الحكومية.
يستعمل علماء الجريمة كذلك الإحصاءات من أجل معرفة الصفات الشخصية والظروف الاجتماعية السائدة بين المجرمين، أكثر منها بين الناس الآخرين. كما يقارن الباحثون عادة مجموعة من المجرمين بأخرى من غير المجرمين، الذين يشبهون الخارجين على القانون في معظم النواحي الأخرى. وبهذه الطريقة يمكن قياس الفوارق بين المجموعتين؛ فربما كانت سمةٌ شخصية معينة، أو وضع اجتماعي معين يسود بين المجرمين، أحد الأسباب الكثيرة التي تؤدي إلى السلوك الإجرامي.
دراسة الحالات. يبحث عالم الجريمة، في دراسته لحالة ما،جميع الصفات الشخصية والظروف الاجتماعية التي تؤثر في مجرم معين. كما يدرس الباحث تاريخ عائلة المجرم وبيئته، ووضعه البدني، وحالته النفسية، وكثيرًا من العوامل الأخرى. وتساعد جميع هذه التفاصيل على معرفة مدى تأثير أوضاع بعينها على سلوك الفرد الإجرامي. وتُجْرى دراسة بعض الحالات على مجموعات من مجرمين معينين، مثل، مرتكبي جرائم الاغتصاب أو عصابات الأحداث. كما يمكن لعالم الجريمة، أن يستخدم تاريخ حالة من الحالات من أجل وضع نظرية حول تطور السلوك الإجرامي.
نبذة تاريخية
بدأ علم الجريمة في الظهور بوصفه مجالاً دراسيًا مستقلاً في القرن الثامن عشر الميلادي. ففي عام 1764م قام أحد خبراء الاقتصاد الإيطاليين ويدعى سيزر بونيسانا مركيز دي بيكاريا بتأليف كتاب بعنوان في الجرائم والعقوبات. وقد أصبح هذا الكتاب أساس المدرسة التقليدية في علم الجريمة.
وقد احتج بيكاريا وأتباعه ضد العقوبات الصارمة التي كانت تُنزل بالمجرمين عادة في ذلك الوقت. وقالوا إن الهدف الوحيد من العقوبة يجب أن يكون منع ارتكاب الجريمة في المستقبل. وقد افترض بيكاريا أن المجرمين يتمتعون بحرية الإرادة، وأن تصرفاتهم تأتي بدافع المتعة أو الألم. وكان يعتقد أن من الممكن منع ارتكاب الجريمة عن طريق حتمية العقاب وسرعة تطبيقه، بدلاً من قسوته. ويقول بيكاريا إن كل من انتهك قانونًا معينًا يجب أن ينال العقوبة ذاتها، بغض النظر عن السن والجنس والثروة، أو المكانة الاجتماعية. وتعد مبادئ المدرسة التقليدية بشكلها المعدل أساس القانون الجنائي اليوم في كثير من البلدان.
أما المدرسة الإيجابية في علم الجريمة، التي تعرف بالمدرسة الإيطالية فقد تطورت في أواخر القرن التاسع عشر. وقد نقلت هذه المدرسة التركيز بصفة عامة في علم الجريمة، من الجريمة ذاتها إلى دراسة المجرمين والأسباب المحتملة وراء تصرفاتهم. ويعتقد الإيجابيون أن السلوك الإجرامي، ينتج عن أوضاع لايمكن للمجرم التحكم فيها.
كان أبرز زعماء المدرسة الإيجابية سيزر لومبروسو، وهو طبيب إيطالي وقد درس كثيرًا من المجرمين وتوصل إلى أن بعض الصفات البدنية ميزت هؤلاء المجرمين عن بقية الناس. إلا أن أفكاره ثبت بطلانها، على الرغم من أن منهجه العلمي في دراسة الجريمة، أرسى ركائز علم الجريمة الحديث.
وفي القرن العشرين الميلادي، اقترح علماء الجريمة أنواعًا شتى من النظريات في الجريمة. فقد طور إدوين سذرلاند ـ وهو من علماء الجريمة الأمريكيين ـ نظرية المصادقة التفاضلية، التي تنص على أن السلوك الإجرامي بأكمله، يُكتسب من خلال مصادقة المجرمين أو الخارجين على القانون. ويعتقد آخرون من علماء الجريمة، أن بِنْية المجتمع تدفع بعض الناس إلى اللجوء إلى أساليب إجرامية، سعيًا وراء الحصول على مكاسب كالثروة أو المكانة الاجتماعية. ومع ذلك يقول علماء آخرون إن المجتمع هو الذي يتسبَّب في الجريمة. وهكذا فإنه ليس من الممكن الحد من معدّل الجريمة، أو القضاء عليها، إلا بتغيير نظام المجتمع نفسه.
المراجع
www.mawsoah.net/maogen.asp?th=0$$main&fileid=startالموسوعة العربية العالمية
التصانيف
اصطلاحات