ليلى طالبة بالصف الثالث، لا تحضر وجبة الافطار معها للمدرسة، تحضر أحيانا متأخرة في الصباح وملابسها غير نظيفة وشعرها غير مسرح، علاماتها تدهورت عن الصفين الاول والثاني رغم انها كانت ممتازة ولكن أصبحت في مستوى جيد فقط.. في احد الايام تغيبت عن المدرسة وفي اليوم التالي جاءت وعلامات حروق من الدرجة الثانية على جسدها في يديها ورجليها. أما سمير الطالب بالصف الاول الابتدائي فان المشرف الاجتماعي خلال مناوبته الاسبوعية صادف ان سمع صراخا بالحمام العام للطلبة فدخل لاستكشاف الامر وتبين ان الطالب سمير المعروف بهدوئه داخل الحمام ومعه طالب آخر مشاكس بالصف الثالث الاعدادي. بينما ماجدة الطالبة في الصف السادس الابتدائي فقد وجدت المدرسة من خلال تصحيح دفترها صورا اباحية، وبعد أيام كثر تغيبها عن المدرسة، ولاحظت المدرسة ان ماجدة بعد عودتها للمدرسة كثيرة الاستئذان للذهاب للحمام، علاوة على كثرة التقيؤ داخل الصف أحيانا. تلك الحالات الثلاث حالات مفترضة تمت مناقشتها وبحثها واقتراح الحلول لها وكيفية التعامل معها، خلال ورشة العمل الثانية للمدرسين بعنوان: \"حماية الطفل من التحرش الجنسي\"، التي نظمتها لجنة حماية الطفل من سوء المعاملة والاهمال التابعة للرعاية الصحية الاولية بوزارة الصحة برئاسة د. سمية الجودر. وقد عقدت الورشة مؤخرا في جمعية الهلال الاحمر ضمن خطة شاملة لتنظيم ورش عمل أخرى مشابهة بهدف توعية وتثقيف المدرسين والمشرفين الاجتماعيين بالمدارس وكذلك أولياء الأمور والطلاب في مجالات سوء المعاملة والاهمال والاعتداء بجميع أنواعه على الأطفال.. وذلك خلال فترة زمنية مدتها ثلاث سنوات. الأقارب وذوو الثقة: حضر ورشة العمل 20 مدرسا ومدرسة ومشرفا ومشرفة اجتماعية ضمن نطاق منطقة البديع وأوضحت د. سمية الجودر ان 65% من حالات الاعتداء الجنسي تكون من قبل الاقارب وذوي الثقة. وتشير إلى ان هناك ما يزيد على 200 حالة عرضت على اللجنة خلال عشر سنوات من عمرها تراوحت ما بين اعتداء جسدي وجنسي وإهمال، مشيرة الى ان المشكلة تتركز في رفض أولياء الأمور التعامل مع المشكلة وتفضيلهم كتمانها والسكوت عنها، خوفا من الفضيحة وخاصة اذا تم الكشف عن الفتاة والتأكد من سلامة غشاء البكارة. خلال ورشة العمل قدمت د. سمية الجودر كلمة حول مهارات الحياة الاساسية في المجتمع المدرسي وعرفتها بالقدرة على التكيف والسلوك الايجابي للمواقف المختلفة التي تعطي الشخص القدرة على التعامل بفاعلية مع متطلبات وتحديات الحياة اليومية وتتمثل في القدرة على اتخاذ القرار وايجاد الحل المناسب مع أهمية توافر التفكير النقدي والابداعي لدى الشخص الذي يتعامل مع المشكلة في ظل القدرة على الاتصال الفعال والوعي بالذات والتعاطف تركيزا على التكيف مع المشاعر والتكيف مع الضغوط. علامات الاعتداء: من جهة أخرى تطرقت د. سمية الجودر في محاضرتها الى العلامات التي تبين ان الطفل تعرض لاعتداء جنسي وقسمتها الى علامات سلوكية وأخرى انفعالية أو وجدانية وثالثة جسدية. وأوضحت العلامات السلوكية انها تتمثل في اتخاذ سلوك جنسي مثل أن يلعب الطفل بالعرائس بطريقة جنسية، كثرة الغضب والعدوان والهروب من المنزل، تغير في السلوك مثل النوم بطريقة مكورة كالجنين في بطن أمه أو مص الاصابع (أي النكوص لمداخل أولية من عمره فيها احساس بالامان)، تدهور في مستوى الدراسة، اضطراب في النوم مع وجود كوابيس، صعوبة التركيز على أي عمل يقوم به. أما العلامات الانفعالية أو الوجدانية فتتمثل في وجود مزاج حزين أو مكتئب، وجود قلق وخوف من مكان معين (في الغالب هو المكان الذي حدث فيه الاعتداء كالخوف من دخول دورة المياه في بعض الاحيان)، الانعزالية، قلة الثقة بالذات، تأنيب الضمير والاحساس المستمر بالذنب. بينما تتمثل العلامات الجسدية في آلام بالبطن، آلام في الجهاز التناسلي (البولي والاخراجي)، وجود بقع دم في الملابس الداخلية للطفل، وجود أمراض تناسلية مثل السيلان أو الزهري وفي بعض الاحيان الايدز، تكرار التهاب المجرى البولي للطفل، التبول أو التبرز اللااراديين. ودعت د. سمية الجودر كل أب وكل أم الى ان يبدأوا مبكرا تدريب ابنائهم على حماية أنفسهم وخاصة من الاعتداء الجنسي ويفضل ان يكون مبكرا في العام الرابع من العمر، لان هذه المرحلة هي أكثر المراحل من عمر الطفل المستهدفة للاعتداء الجنسي.. وأكدت خطأ سلوك الآباء بالخوف من الحديث عن أي شيء له علاقة بالجنس مع أطفالهم خوفا من ان يكون هذا الحديث غير مناسب لعمرهم لكن الحقيقة ان أطفالنا اليوم مختلفون مع العولمة ووجود الاقمار الصناعية ووسائل الاتصال الحديثة مثل الانترنت مما يعرضهم مبكرا جدا لهذه المسائل الجنسية. نصائح ذهبية.. واللمسات أنواع تعتبر محاضرة فاطمة الجيب \"عضوة\" اللجنة وضابطة تمريض في المنطقة الثانية بالمنامة قيمة لما تضمنته من نصائح ذهبية موجهة إلى الآباء والمدرسين توضح لهم فيها كيف يعلمون الاطفال ويوعونهم لحماية أنفسهم من الاعتداء الجنسي إذ يجب على كل الآباء والامهات اتباع تلك الطرق للوقاية من ضمنها التعرف إلى نوع اللمسة التي يقوم بها الكبار معه وتدريبه على التعرف إليها وابلاغ الوالدين بها اذا حدثت وهي ثلاثة أنواع من اللمسات: اللمسة الجيدة: وهي ان يربت الكبار على كتف الطفل أو يقبلوه ومرة واحدة بطريقة عادية. اللمسة المشكوك فيها: وهي ان هذا الشخص يقبل الطفل بطريقة قد تضايق الطفل، اما لكثرتها وإما لنفس طريقة التقبيل، أو الطبطبة بطريقة غريبة حيث تكون لفترة طويلة أو قد تصل إلى الاجزاء الحساسة من جسم الطفل. اللمسة السيئة: وهي محاولة الشخص لمس الاجزاء الجنسية الخاصة بالطفل. ومن ضمن النصائح أيضا تعليم الطفل كيف يقول: (لا) للشخص الذي يحاول الاعتداء عليه وان يبتعد عن أي شخص يشك في سلوكه تجاهه دون أي خجل أو خوف مع أهمية ابلاغ الوالدين. وإن هدده هذا الشخص أبلغ والديه. كما يجب أن يدرب الطفل على كيفية حماية نفسه إذا شعر بأن هذا الشخص يحاول عمل شيء لا يرغب فيه مثل كيفية الهروب من الشخص وكيفية الصراخ مع الحفاظ على وجود مسافة بين الطفل والشخص الذي أمامه ومن الضروري أن يكون هذا التدريب عن طريق اللعب بحيث لا يحدث أي نوع من الخوف لدى الطفل. وفيما يتعلق بطريقة علاج الطفل الذي تعرض لاعتداء جنسي تؤكد فاطمة الجيب أهمية علاج الطفل وحمايته في المستقبل من التعرض لمثل هذه التجربة القاسية حتى لا يصل إلى مرحلة يكون فيها أحد الممارسين للاعتداء الجنسي على الأطفال الآخرين إذا تكرر الاعتداء الجنسي عليه. أما بالنسبة إلى كيفية الحديث مع الطفل للتعرف إلى مدى تعرضه للاعتداء الجنسي فلابد من جعل الطفل يتكلم بطريقته والحوار معه بنفس الطريق، دون أن نشعره بأننا نحاول الاستفسار عن شيء ما علما بأن معظم الأطفال قد لا يستطيعون سرد القصة كاملة بل يعطون معلومات متفرقة في كل مرة.. لذلك لابد للمتحدث مع الطفل أن يكون هادئا دون أن يظهر مشاعر الخوف والهلع مع إدخال مشاعر التقدير والإحساس بما يعانيه من قبل الأسرة والمحيطين به وإقناعه بأن ما يتعرض له يجب الا يخشى من قوله مع تهدئة روعه وإشعاره بالأمان واستمرارية مشاعر الحب تجاهه دون لومه، ومن المهم عدم إصدار وعد بأنك لن تخبر أحدا بل إن هناك إجراءات لابد أن تتخذ لحمايته. نقاشات وتعليقات: بعدها تمت مناقشة الحالات السابق ذكرها وكيفية التعامل معها من خلال ورشة العمل ومن ثم تحدثت كل مجموعة عن نتائج مناقشاتها ومن أبرز ما جاء في النقاشات أهمية التصرف بهدوء تام في أي حالة من الحالات دون إثارة انتباه الطلبة الآخرين مع أهمية إعادة تأهيل المعتدى عليه كما طالب الحاضرون بالسعي إلى نشر الوعي بين الأهالي وخاصة أن هناك معاناة لدى المدرسين والمشرفين الاجتماعيين تتمثل في سوء الاتصال بأولياء الأمور. وبرزت نقطة مهمة هي أن المدرس أو المشرف الاجتماعي إذا لاحظ ما هو غير طبيعي على الطفل في المدرسة مما يجعله يشك في الأمر بإمكانه الاتصال بقسم رعاية الطفولة والأمومة الموجود في كل المراكز الصحية وبحث الأمر مع المختصين هناك. من جهة أخرى أشار أحد الحاضرين ردا على قائل: إن قانون الأحوال الشخصية لا بد أن يتضمن رادعا للمعتدي أو أن هناك قانونا يجبر المعتدي على الزواج بالمعتدى عليها وإن لم يكن قادرا على تحمل أعباء الزواج فأشار هذا الحاضر إلى أن القانون لن يردع أي شخص إذا لم يوجد توجه رسمي وإعلامي واجتماعي نحو نشر الفضيلة ضد الرذيلة التي تستشري في مجتمعاتنا. وإحدى المشاركات علقت على نقطة مهمة هي أن معظم حالات الاعتداء والتحرش تكثر في المدارس الابتدائية الإعدادية لذلك طالبت بفصل المدارس الابتدائية عن الإعدادية للحد من هذه المشكلة وأجابها الآخرون بأن هناك توجها من قبل وزارة التربية إلى هذا الفصل بالفعل. حوارات هامشية في لقاءات لـ \"أخبار الخليج\" على هامش ورشة العمل: اعتبر داود ملا حسن (مدرس) أن ورشة العمل هذه تكتسب أهمية قصوى في ظل الهجمة الشرسة من الثقافة الغربية ومؤامرة نشر الانحلال التي تستهدف جميع فئات المجتمع العربي، ودعا إلى الإكثار من مثل هذه الورش وبشكل مكثف. وبسؤاله عما إذا كان قد واجه حالات اعتداء على الأطفال نفى ذلك ولكنه أفاد أنه سمع عن بعض الحالات وبلغته أمور تورط فيها أناس لا يتوقع أن يتورطوا فيها مما يؤكد انخفاض الوازع الديني والأخلاقي ونقص الاستقرار النفسي. واقترح وجود تنسيق مكثف بين الإعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون مع لجنة حماية الطفل من سوء المعاملة وكذلك المدارس من أجل اعداد برامج تهدف إلى التركيز وتسليط الأضواء على قضايا الاعتداء لحل هذه المشاكل وتوعية أولياء الأمور. وعبر محمود الشاخوري (مرشد اجتماعي) عن أهمية هذه الورشة التي تعتبر من أساسيات إعداد المدرس أو المشرف الاجتماعي وأصبح غريبا عدم مناقشة هذه الأمور في ظل العصر الذي نعيشه إذ لابد من مناقشتها بصورة علمية للتقليل من استشرائها مع وضع الحلول لها. وأشار إلى أن مثل هذه الدورات عبارة عن تنمية ووقاية وعلاج. وأشار ردا على سؤالنا حول ما إذا كان قد واجه مثل هذه الحالات فأفاد أنه واجه حالات تحرش وليس حالات اعتداء فعلي وتعامل معها بهدوء وتعقل ورغم أن أحد الطلاب فصل مدة شهر عقابا له فانه لا أحد علم عن السبب تجنبا للإثارة والفضائح. نداء إلى لجنة حقوق الإنسان: أما بسمة سيد سعيد (مدرسة) فتؤكد أنها حققت استفادة من هذه الورشة فرغم معرفتها بعض المعلومات مسبقا فان الورشة أشعرتها بأهمية تلك المعلومات وأضافت إليها وعن الحالات التي واجهتها في المدرسة أشارت إلى أنها واجهت حالة اعتداء على إحدى الطالبات لكن تم تجميد المحاولات لأن أهل البنت غير راضين بالتدخل. ووجهت نداء إلى لجنة حقوق الطفل بالسعي إلى إصدار قانون لحماية الطفل حتى من ذويه إذا تعرض للخطر من قبلهم. ليلى عبدالمحسن الجمري (معلمة نظام فصل) أشارت إلى أن المعلومات بالورشة لم تكن جديدة عليها لكن الإجراءات الممكن اتباعها كانت جديدة عليها مثل تدخل اللجنة في حل الإشكال وإمكانية اللجوء إلى وزارة الصحة التي لها دور فعال في حل المشكلة. وأوضحت انها من خلال خبرتها مع الأطفال مدة عشر سنوات مر عليها العديد من المواقف وآخرها حالة من هذا النوع وصلت أيضا إلى طريق مسدود بسبب رفض الأهل والخوف من الفضيحة. ودعت بدورها إلى توعية وتثقيف المجتمع بأكمله بحقوق الطفل التي لا تقتصر على الجوانب المادية فقط بل تشمل الجوانب المعنوية فالطفلة إذا لم تعط الحب والكلمة الجميلة من قبل والديها فسوف تتأثر من أي كلمة حلوة تسمعها من ذوي النفوس الضعيفة الذين يضمرون لها الشر وبالتالي الانحراف. اقتراح جدير بالبحث أثنت زهراء عبدالله العصفور (مرشدة اجتماعية) على القاعدة الذهبية التي شرحتها فاطمة الجيب في محاضرتها وذكرت أن المعلومات التي اكتسبتها من الورشة سوف توصلها إلى المدرسات وأولياء الأمور لكي تعم الفائدة. واقترحت إدخال موضوع الاعتداء والتحرش في منهج مادة التربية الأسرية كطريقة سهلة ومباشرة للتوعية كمقرر مدروس يصل أيضا إلى ولي الأمر. وقائع يندى لها الجبين : في احدى المدارس تم اكتشاف حقيقة مؤلمة هي ان ثلاثة أرباع طالباتها تعرضن لتحرشات جنسية وقد اكتشفت المدرسة ان المعتدين هم من العاملين في البرادة والمكتبة و\"الكراج\" بجوار المدرسة، وحاولت المدرسة ان تتصرف عن طريق وزارة التربية ولجنة السلمانية لحماية الطفل للحد من هذه الظاهرة فتمت السيطرة على الأمر. وهناك العديد من الحالات التي يندى لها الجبين ولا يمكن نشرها ولكن تؤكد د. فضيلة المحروس رئيسة لجنة حماية الطفل بالسلمانية علمها بتلك القضية حيث اعتدى صاحب الكراج المجاور للمدرسة على الطالبات اللاتي لا تتعدى اعمارهن ست سنوات وسبع سنوات، وتم ابلاغ الشرطة لكن أهل صاحب الكراج (كبير في السن) لهم سطوة في المنطقة من خلال طبيعة عملهم ويمارسون الإرهاب على الأهالي حتى أن أحد أهالي القرية طلع من سكنه خوفا منهم وصاحب الكراج ما زال في مكانه يتحدى الجميع رغم فعلته المشينة. وتقول: نتمنى من خلال حركة الاصلاح الوطني بالبلاد أن نتمكن من القضاء على تلك الظاهرة. وأشار الى أن هناك العديد من حالات الاعتداء على الأولاد والبنات فهناك بعض العصابات في مدينة عيسى يخطفون الأطفال ويعتدون عليهم ولكن لجنة حماية الطفل لا يصل إليها إلا قمة جبل الجليد العائم علما بأن مدرسات المدرسة المذكورة آنفا قد تم زجرهن زجرا شديدا على بوحهن بالقضية للمسئولين. وأكدت د. فضيلة المحروس اهمية نشر كل المعلومات وكل القضايا المشابهة حتى يعي المجتمع المشكلة ويقدم الأهالي التوعية اللازمة لأطفالهم لحمايتهم وحتى يتكلم كل من لديه معلومات من أجل ردع المعتدين، وبالطبع نحن لا نقصد التشهير أو الإثارة أو الفضائح ولكن الهدف نشر الوعي.. وخاصة أن اللجنة ترى يوميا حالات اعتداء، مؤكدة أن هناك ما يزيد على 200 حالة اعتداء تم الابلاغ عنها، فما بالك بما لم يتم الإبلاغ عنه وأكثره خوفا من الفضائح والقيل والقال والمشكلة تستفحل. وزودتنا د. فضيلة بأحدث الأرقام والاحصائيات التي تشير الى أن 77% من المعتدين على الأطفال هم من المعروفين للطفل سواء كانوا من الأهل أو الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء أو ذوي الثقة و23% فقط من الغرباء.. و82% من حالات الإيذاء الجنسي تتم في أماكن آمنة للأطفال ومألوفة لديهم

المراجع

www.swmsa.net/articles.php?action=show&id=162موسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث