تشكو بعض من الأمهات من كون أطفالهن في حالة حركة مستمرة ومن كونهم يعانون من صعوبة بالغة في الاستجابة للطلبات البسيطة.بالإضافة إلى كون الطفل يلعب لفترة قصيرة بلعبه، وينتقل بسرعة من عمل إلى آخر وإن كان الطفل قد دخل المدرسة فهو يعاني من تدهور الأداء المدرسي بسبب عدم قدرته على التركيز، إن مثل هذه الأعراض تشير في كثير من الأحيان إلى إصابة الطفل بحالة تدعى اضطراب فرط النشاط أو اضطراب نقص الانتباه ... فما هي هذه الحالة وهل من سبيل إلى علاجها؟
التعريف:
يعد اضطراب فرط النشاط اضطراباً عصبياً سلوكياً لدى الطفل، حيث يكون الطفل المصاب مفرطاً في النشاط واندفاعياً، ولا يستطيع التركيز على أمر ما لأكثر من دقائق فقط.
مدى انتشاره:
تدل الدراسات على أن هذا الاضطراب يصيب حوالي (3 - 5%) من الأطفال في سن (5 – 18) سنة، وهو يصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة (4: 1) على الأقل.
أسباب فرط النشاط الزائد:
حتى الآن لم يعرف السبب المباشر لفرط النشاط الزائد، ولكن يذكر الخبراء والمختصون أسباباً يخمنون أنها تؤثر في فرط النشاط عند الطفل، وهي كما يلي:
1. الوراثة، حيث يصل احتمال تكرار الإصابة في نفس العائلة إلى (30%) وخاصة بين الأقرباء الذكور.
2. العوامل البيولوجية: وهي ترجع إلى وجود خلل في وظائف المخ المسؤولة عن الانتباه، أو اختلال التوازن الكيميائي للناقلات العصبية ولنظام التنشيط الشبكي لوظائف المخ. ويمكن أن يؤدي إلى هذا الخلل عوامل بيئية، مثل:
أ. عوامل قبل وأثناء الولادة، فقد تتعرض الأم أثناء الحمل للإشعاع، أو تناول المخدرات أو الخمور، أو بعض العقاقير الطبية، أو الإصابة ببعض الأمراض المعدية، كالحصبة الألمانية، أو الزهري، أو الجدري، أو غيرها، مما يؤدي إلى تلف المخ بما فيه مراكز الانتباه.
ب. الحوادث: فإصابة مخ الجنين - أثناء الولادة، أو بعدها، أو في السنوات المبكرة من طفولته - بارتجاج نتيجة حادث أو ضربة على رأسه، يمكن أن يؤدي إلى إصابة بعض المراكز العصبية في المخ.
ج. الأمراض المعدية: فتعرض الطفل لأي عدوى ميكروبية، أو فيروسية- كالحمى الشوكية، أو الالتهاب السحائي، أو الحمى القرمزية، أو الحصبة الألمانية– ربما يؤدي إلى إصابة المراكز العصبية في المخ المسؤولة عن الانتباه، خاصة الفص الجبهي، والفصوص الخلفية للمخ.
د. التسمم بالتوكسينات (مواد سامة): كالتسمم بمادة الرصاص التي تدخل في طلاء لعب الأطفال الخشبية، وطلاء أقلام الرصاص.
3. بعض أنواع الغذاء، مثل: محسنات الطعام الصناعية، والشوكولاته، والمواد السكرية، وهي لا تؤدي إلى اضطراب في الانتباه، ولكنها تؤدي إلى ارتفاع مستوى النشاط الحركي نتيجة زيادة الطاقة لديه.
4. عوامل اجتماعية ونفسية، مثل: عدم الاستقرار داخل الأسرة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
أعراض اضطراب فرط النشاط:
1. عدم التركيز وتشتت الانتباه: حيث تسيطر على الطفل مؤثرات صوتية أو مرئية، أو سرحان بأفكار وذكريات معينة، مما يجعله سهل التشتت، ولا يستمر في نشاط واحد، ويصبح سريع النسيان، وقليل التركيز.
2. النشاط الزائد: فهو يشعر دائماً بدافع غير منطقي يحضه على فعل أي شيء، فهو يبدو دوماً في حركة مستمرة لا يستطيع التحكم بها، وقد يظهر ذلك على شكل اهتزاز الساق أو القدم، أو تحريك القلم.
3. الاندفاعية: فقد يتكلم أو يتصرف الطفل بشكل غير لائق ووقت غير مناسب، دون التفكير بالعواقب وما قد يترتب على ذلك من نتائج، وقد يكون أيضاً سريع الهيجان والعصبية.
4. عدم الإشباع: فلا يبدو على الطفل أنه يرضى بأي شيء، وقد يستمر بالحديث عن الموضوع نفسه، أو يسأل بشكل مستمر، أو يتدخل في شأن غيره.
5. ضعف في المهارات الاجتماعية: حيث لا ينسجم مع من هم في عمره، وقد يتصرف بسذاجة أو بطريقة يفرض بها نفسه على باقي المجموعة في محاولة للتحكم بهم.
6. ضعف التناسق الحركي: قد تبدو حركة جسمه غير متناسقة أو خرقاء، كأن يسقط ما بيده، أو يتعثر في ما يمر به.
7. الفوضى وعدم الترتيب: والتي تبدو في سلوك الطفل في تعامله مع الأشياء من حوله.
8. المزاجية والعناد.
9. صعوبات في المدرسة: فبالرغم من أن أغلب من يعاني من هذا الاضطراب لديهم مستوى ذكاء طبيعي، إلا أن معظمهم يواجه صعوبات تعلم ناتجة عن عدم القدرة على التركيز والانتباه، والعديد منهم لديهم صعوبات أكثر تحديداً، مثل: عسر القراءة، أو مشاكل في اللغة والمحادثة.
علاج اضطراب فرط النشاط:
يتضمن العلاج عدة محاور هي: العلاج السلوكي، والعلاج التعليمي، والعلاج الغذائي، والعلاج الدوائي، والنتائج العلاجية مشجعة عموماً، فـ (50%) من الحالات يتركون العلاج بعد (3) سنوات.
1. العلاج السلوكي: ويتضمن تدريب الطفل على زيادة التركيز، والتخفيف من فرط النشاط، وتعديل السلوك المزعج، وتستعمل في ذلك مختلف الأساليب السلوكية، ومنها:
· التدعيم الإيجابي: وذلك بمنح الطفل مجموعة من التعليمات؛ يمنح عند التزامه بها مجموعة من النقاط، فإذا وصل إلى عدد معين من النقاط؛ فإن ذلك يؤهله للحصول على مكافأة، أو هدية، أو مشاركة في رحلة، أو غيرها.
· جدولة المهام والأعمال والواجبات المطلوبة، والاهتمام بالإنجاز على مراحل مجزأة مع التشجيع والمكافأة؛ وذلك بشرح المطلوب من الطفل له بشكل بسيط ومناسب لسنه واستيعابه، والاستعانة بوسائل شرح مساعدة لفظية وبصرية؛ مثل: الصور، والرسومات التوضيحية، والكتابة لمن يستطيعون القراءة.
· وضوح اللغة وإيصال الرسالة: والمقصود أن يعرف الطفل ما يتوقع منه بوضوح وبدون غضب، وعلى والده أن يذكر له السلوك اللائق في ذلك الوقت، فيقول له الأب مثلاً: (إن القفز من مكان إلى آخر يمنعك من إتمام رسمك لهذه اللوحة الجميلة)، أو: (إن إكمالك لهذه الواجبات سيكون أمراً رائعاً). والمهم هنا هو وضوح العبارة والهدف للطفل، وتهيئته لما ينتظر منه، وتشجيعه على القيام والالتزام بذلك.
· التدريب المتكرر على القيام بنشاطات تزيد من التركيز والمثابرة، مثل: تجميع الصور، وتصنيف الأشياء، والكتابة المتكررة، وغير ذلك.
· الإبعاد المؤقت عند ظهور السلوك الاندفاعي أو العدواني.
· تعديل درجة الإثارة في البيئة المنزلية، مثل: توفير الغرفة الهادئة في المنزل للمذاكرة، مع إبعاد المؤثرات الصوتية والبصرية؛ مثل: التلفاز، والألعاب، والألوان الصارخة المثيرة.
· الابتعاد عن الأماكن الصاخبة مثل الحفلات والأسواق التجارية والازدحام.
2. العلاج التعليمي:
وهو علاج خاص في عدد من الحالات بسبب نقص التحصيل الدراسي، ويتعلق بالفترة التي يتواجد فيها الطفل بالمدرسة، ويشتمل على النقاط التالية:
· قد يحتاج الطفل المصاب إلى التعليم الفردي.
· يفضل عموماً وجود عدد قليل من الأطفال في نفس الفصل الدراسي.
· يجب أن تكون النشاطات ضمن مجموعات صغيرة.
· يطلب من الطفل الجلوس في المقاعد الأمامية؛ لزيادة الضبط والمراقبة بالنسبة للحالات الأشد.
· زيادة المراقبة والمتابعة في فترة الاستراحة، ودروس الرياضة، وأثناء ركوب الحافلة.
· ينبغي أن يراعي المعلم أن الطفل ليس متخلفاً عقلياً، ولكنه مشتت الانتباه.
· يجب أن تكون الدروس والواجبات قصيرة.
· على المعلم أن يستخدم الألوان والأرقام والأشكال لمساعدة الطفل على التركيز.
3. العلاج الغذائي:
قد يكون من المفيد تجنب الأغذية المحتوية على الأصباغ الملونة وبعض المواد الكيميائية، وربما يفيد ذلك (5 - 10%) من الحالات.
وتشير بعض الدراسات إلى أن معظم الأطفال مفرطي النشاط يظهرون حساسية تجاه المواد الكيميائية والمواد الملونة والمضافة، إلى جانب مركبات كيميائية تسمى (الساليسيلات) وتوجد في الأطعمة التي تبدو صحية.
من المهم أن تلاحظ الأم على الطفل نوع الأطعمة التي يفضلها ويتناولها بكثرة، فربما يكون هذا النوع بالتحديد هو سبب المشكلة، حيث إن المادتين اللتين يرجح أن تكون أكثر تهيجاً هما: البندورة، والمشروبات بنكهة البرتقال.
ولكن يبقى هذا كله في طور الدراسة والبحث، ولا يستطيع أحد الجزم به حتى تستقر الدراسات على شيء ما.
4. العلاج الدوائي:
تفيد المنبهات العصبية في علاج فرط النشاط الحركي لدى الطفل، فهي تؤدي إلى هدوء الطفل، وزيادة فترة التركيز عنده، ولكن ينبغي أن لا تعطى هذه الأدوية إلا للأطفال ممن هم في سن المدرسة، وأهمها (الريتالين) و(الدكسيدرين) مع العلم أنها لا تصرف إلا تحت إشراف طبيب الأطفال، وأهم التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية هي: الصداع، والأرق، وقلة الشهية.
ويجب أن لا يكتفى بالعلاج الدوائي، وإنما ينبغي أن يترافق مع أنواع العلاج الأخرى.
هل تعلم
أن اضطراب فرط النشاط يشكل ما بين (30٪) إلى (50٪) من مجموع الاضطرابات النفسية والعقلية عند الأطفال؟
أن دراسات حديثة بينت أن الأطفال مفرطي الحركة يعانون من حساسية زائدة تجاه بعض الأطعمة، بسبب الملونات والمواد المضافة والسكريات والمواد المحلاة؟
أن ظهور النشاط المفرط يكون في سن الثالثة تقريباً، ولكنه يتضح بشكل جلي في سن دخول المدرسة؟
أن ما بين ثلث ونصف الأطفال المصابين بفرط النشاط يصبحون طبيعيين لا فرق بينهم وبين الآخرين عندما يصلون إلى سن الشباب؟
أن اضطراب فرط النشاط يظهر بنسبة (92%) في التوائم وحيدة البويضة، بينما يظهر بنسبة (33%) في التوائم ثنائية البويضة؟
أن الأطفال الذين لديهم فرط الحركة قد يكونون محبوبين من كبار السن؛ نظراً لكسرهم الحواجز المتعارف عليها بين الأطفال ومن يكبرهم سناً؟
أنه يستحيل نسيان ما يفعله الطفل المفرط في الحركة، حيث يكون النشاط الزائد والانتباه المضطرب واضحين تماماً؟
أن تشخيص فرط النشاط أصبح يدخل ضمن تشخيصات الطب النفسي؟
أن بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن قلة النوم عند الطفل على المدى الطويل قد تكون سبباً في إصابة الطفل باضطراب فرط النشاط؛ كما عند الأطفال المصابين بتضخم اللوزتين مثلاً؟
المراجع
mayoclinic.org
التصانيف
حياة أطفال طب أطفال العلوم الاجتماعية