صادق جلال العظم

صادق العظم.. مفكر درس الفلسفة واستغرقته السياسة

مولده ونشأته:

وُلد صادق جلال العظم في سنة 1934 في العاصمة السورية دمشق لأسرة تنتمي لعائلة سياسية عريقة وهي من أصل تركي، وكان والده جلال العظم من أحد العلمانيين السوريين المعجبين بتجربة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا.

دراسته وتكوينه:

درس صادق العظم المرحلة الابتدائية في مدينة دمشق والثانوية في المدرسة الإنجيلية في مدينة صيدا في لبنان، ومن بعدها التحق بالجامعة الأميركية في مدينة بيروت حيث حصل على البكالوريوس في الفلسفة عام 1957.

وبعد ذلك سافر إلى الولايات المتحدة ليكمل مسيرته الدراسية العليا في جامعة ييل فحصل على الماجستير في الآداب عام (1959) والدكتوراه في الفلسفة الحديثة عام (1961)، وكانت رسالة تخرجه عن الفيلسوف الألماني إيمانويل كانتْ.

التوجه الفكري:

اتخذ العظم الفكر الشيوعي وكانت الماركسية هي الموجه الأساسي لآرائه ومواقفه، حيث وصفها في أحد كتبه بأنها "من أهم نظرية شاملة صدرت في العلوم" بينما تحدث "إن الدين بديل خيالي عن العلم". كما ويعتبر من أكبر العلمانيين في العالم العربي القائلين بضرورة الفصل بين الدين والحياة والرافضين لوجود أي مرجعية دينية "للأفكار العلمية والفلسفية".

من أبرز أعماله ومسؤولياته:

تولى العظم الكثير من الوظائف والمسؤوليات، فبعد حصوله على الدكتوراه عاد إلى بلاده في عام 1962 حيث بدأ العمل كأستاذا للفلسفة في جامعة مدينة دمشق، وانتقل عام 1968 للتدريس في الجامعة الأردنية بعمّان، ثم عاد لمدينته دمشق فترأس قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية بكلية الآداب خلال الفترة بين (1993-1998).

كما درّس في كل من الجامعة الأميركية ببيروت، وجامعات هارفارد ونيويورك وبرنستون بأميركا، وجامعات هومبولت وهامبورغ وأولدنبورغ بألمانيا، وفي جامعة أنتويرب ببلجيكا، وجامعة توهوكو باليابان.

وانتخبه كتاب سوريون في اجتماع في القاهرة العظم كرئيسا لرابطة الكتاب السوريين التي تأسست مطلع العام 2016 بوصفها تجمعا مستقلا للكتاب السوريين من مختلف التيارات الأدبية والفكرية خارج إطار الهيئات الرسمية.

التجربة الفكرية:

تأسست تجربته الفكرية منذ البداية على المعارك الضارية التي اشتبك فيها مع مقولات التراث والحداثة والجدل الفلسفي الديني، مما عرضه لكثير من الانتقاد وأثار عليه غضب شرائح مجتمعية عديدة. فقد حوكم بسبب كتابه "نقد الفكر الديني" الصادر سنة 1969 إثر نكسة حزيران سنة 1967، وصدر عليه حكم بالسجن مطلع سنة 1970 لكن المحكمة أعلنت براءته لاحقا في نفس السنة.

وفي الوقت الذي اعتبره الكثيرون "علمانيا ملحدا"؛ يصفه أنصاره ومريدوه بأنه داعية إلى "التمسك بالعلوم والمعارف المادية في عالم عربي يشهد انحسارا لدور العقل"، ولذلك فإنه "يواجه استبداد العادات المتوارثة بيقظة العقل المتجددة".

وكانوا يرون بأنه "قدم إسهامات فكرية في نقد المؤسسة الدينية" واحتل بها "مكانه في طليعة المفكرين الذين تصدوا للموروثات الدينية والسياسية"، حتى صار "أحد أشهر العقلانيين العرب".

وفي 14 سبتمبر/أيلول عام 2016 أصدر العظم -رفقة نحو 150 من الكتاب والفنانين والصحفيين السوريين وصفوا أنفسهم بأنهم "ديمقراطيون وعلمانيون"- بيانا مشتركا أدان السياسات الأميركية والروسية في بلادهم "بأقسى العبارات لمقاربة القوتين المتدخلتين في سوريا (الولايات المتحدة وروسيا) لشأننا السوري، وعملهما -منذ سنة 2013 على الأقل- على إلحاق كفاح السوريين التحرّري بحرب ضد الإرهاب…، دون ذكر لمليشيا حزب الله والمليشيات الطائفية الأخرى التي تحارب إلى جانب الأسد".

يتحدث العظم معرفا بنفسه ومنهجه: "أقدم نفسي كمثقف ومفكر وكاتب حاول ما استطاع الاقتداء بالحكمة السقراطية القائلة بأن الحياة غير المفحوصة جيدا غير جديرة بأن تعاش أصلا (…)، مع رفضي كل محاولة لرفع أي موضوعات -مهما كانت- فوق مثل هذا الفحص أكان فرديا أم جماعيا، باسم توجه الناس نحو السماء وباسم القداسة والمقدسات".

من مؤلفاته:

أصدر العظم -منذ عام 1968- مؤلفات عديدة تعالج الفكر والسياسة والفلسفة، منها: "النقد الذاتي بعد الهزيمة"، و"نقد الفكر الديني"، و"الاستشراق والاستشراق معكوسا"، و"دفاعا عن المادية والتاريخ"، و"ذهنية التحريم، سلمان رشدي وحقيقة الأدب".

ومن مؤلفاته أيضا: "دراسات في الفلسفة الغربية الحديثة"، و"الإسلام والعلمانية"، و"هل يقبل الإسلام العلمنة" (باللغة الفرنسية)، و"عسر الحداثة والتنوير في الإسلام" (باللغة الألمانية)، و"الإسلام والغرب اليوم" (بالإنجليزية).

الجوائز والأوسمة:

في سنة 2004 نال العظم "جائزة ليوبولد لوكاش للتفوق العلمي" التي تمنحها جامعة توبنغن الألمانية، ومنحه "معهد غوته" وسام الشرف الألماني عام 2015.

وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016 أعلنت عائلته تأسيس "مؤسسة صادق جلال العظم" متحدثة بإن الهدف منها هو المحافظة على "إرث صادق جلال العظم الفكري والثقافي واستمراريته".

كما أعلنت "مؤسسة اتجاهات – ثقافة مستقلة" مطلع ديسمبر/كانون الأول عام 2016 فتحها باب التقدم إلى "جائزة بحثية استثنائية تحمل اسم العظم، وتتوجه إلى الباحثين المتميزين في مجالات الثقافة والفنون من السوريين والفلسطينيين السوريين".

وفاته:

رحل صادق جلال العظم في يوم الأحد 11 ديسمبر/كانون الأول من عام 2016 في ألمانيا بعد صراع طويل مع المرض.

:


المراجع

aljazeera.net

التصانيف

آل العظم  مواليد 1934  مفكرون سوريون  فلاسفة سوريون  علماء سوريون  فلاسفة لا دينيون  دمشقيون  خريجو الجامعة الأمريكية في بيروت  خريجو جامعة يايل   الفلسفة