أشْعُرُ بِحَالَةٍ مِنَ الْحُزْنْ .
اَلدُّولَارُ يَهْبِطْ .
اِحْتَفَظْتُ بِهِ فَتْرَةً عَلَى أَمَلِ أَنْ يَرْتَفِعْ .
لَكِنَّهُ فِي هُبُوطٍ شِبْهِ دَائِمْ .
أَخَافُ أَنْ يَنْتَكِسَ اَلدُّولَارُ وَأَنْتَكِسَ مَعَهْ .
أُرِيدُ أَنْ أَسْحَبَ مَا تَبَقَّى مَعِي مِنْ دُولَارَاتٍ وَأُحَوِّلَهَا إِلَى الْجُنَيْهِ الْمِصْرِي.
لَعَلَّ هَذِهِ الدُّولَارَاتِ الْمُتَبَقِّيَةَ تُسَاعِدُنِي عَلَى الْحَيَاةِ الصَّعْبَةِ الَّتِي أُحِسُّ بِهَا بَعْدَ عَوْدَتِي مِنْ أُوغَنْدَا .
غَلَاءُ الْأَسْعَارْ .
يَا اللَّهْ!!!
كِيلُو اللَّحْمِ الضَّانِي .
كُنْتُ أَشْتَرِيهِ بِتِسْعَةِ جُنَيْهَاتٍ فِي أُوغَنْدَا .
وَكِيلُو اللَّحْمِ هُنَا فِي مِصْرَ بِسِتِّينَ جُنَيْهاً .
مَا هَذِهِ اللَّارَحْمَةُ وَاللَّاذِمَّةْ؟!!!
أَذْكُرُ أَنَّنِي ذَهَبْتُ إِلَى بَنْكِ الِائْتِمَانِ الزِّرَاعِي .
وَمَعِي دَفْتَرُ نُقُودِي .
كَانَ رَصِيدِي سِتَّةَ جُنَيْهَاتْ .
وَحَصَلْتُ عَلَى جُنَيْهَيْنِ فَائِدَةْ .
فَأَصْبَحَ رَصِيدِي ثَمَانِيَةَ جُنَيْهَاتْ .
وَفِي الْعَامِ التَّالِي أَخَذْتُ دَفْتَرَ تَوْفِيرِي وَذَهَبْتُ إِلَى
الْبَنْكِ .
وَجَدْتُ الْمُوَظَّفَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ الْجَمَالِ وَقَدَّمْتُ لَهَا الدَّفْتَرَ قَائِلاً: لَوْ سَمَحْتِ يَا أَبْلَة مَدِيحَةْ .
سَجِّلِي لِي الْفَوَائِدْ .
أَخَذَتِ الدَّفْتَرْ .
وَعَرَضَتْهُ عَلَى الْكُومْبِيُوتَرْ .
ثُمَّ جَاءَتْ بِالدَّفْتَرْ .
وَأَخَذَتْ تُشَطِّبُ مَا فِيهِ مِنْ بَيَانَاتٍ-قَائِلَةً لِنَفْسِهَا وَلِي أَمَامَ عُمَلَاءِ الْبَنْكِ :
هَلْ هُنَاكَ دَفْتَرٌ رَصِيدُهُ ثَمَانِيَةُ جُنَيْهَاتْ ؟!!!
وَرَمَتِ الدَّفْتَرْ عِنْدَهَا فِي الْبَنْكِ وَلَمْ تُعِدْهُ إِلَيْ .
كَظَمْتُ غِيْظِي .
وَقُلْتُ لَهَا – بِهُدُوءٍ تَامْ - :
لِمَاذَا تَفْعَلِينَ ذَلِكَ يَا سَيِّدَتِي ؟!!!
قَالَتْ: لَقَدْ تَحَوَّلَ الدَّفْتَرُ إِلَى إِيرَادَاتْ.
كَتَمْتُ الْحُزْنَ فِي قَلْبِي .
وَذَهَبْتُ إِلَى بَيْتِي .
فَتَحَوَّلَتْ هَذِهِ السَّيِّدَةُ فِي قَلْبِي وَفِي نَفْسِي إِلَى سَيِّدَةٍ قَبِيحَةْ .
فِعْلاً .
مَا الْجَمَالُ إِلَّا جَمَالُ الْأَخْلَاقْ .
بَعْدَ فَتْرَةٍ قَرَّرْتُ أَلَّا أَتَعَامَلَ مَعَ هَذَا الْبَنْكِ الَّذِي يُضَيِّعُ الْحُقُوقْ .
أَهَكَذَا تَضِيعُ حُقُوقَ النَّاس؟!!!
فِي السَّنَوَاتِ الْمَاضِيَةِ كَانَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَحْدُثَ مَوْقِفٌ مِثْلَ هَذَا .
كَتَمْتُ هَمِّي فِي نَفْسِي .
وَبَعْدَ أَيَّامٍ ذَهَبْتُ إِلَى نَفْسِ الْمُوَظَّفَةِ .
لَوْ سَمَحْتِ يَا مَدَامْ .
أُرِيدُ سَحْبَ جَمِيعِ أَرْصِدَةِ أَوْلَادِي .
فَقَالَتْ:أَنْتَ بِعْتَنَا بِذَلِكْ ؟!!!
لَمْ أَرُدْ .
وَقُلْتُ - لِأَحَدِ الْعُمَلَاءِ الَّذِي كَانَ بِجِوَارِي - : هِيَ الَّتِي بَدَأَتْ .
حَدَثَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ فَعَلَتْ كَذَا وَ كَذَا..مُتَخَطِّيَةً حُدُودَ الْأَخْلَاقْ
وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَذْهَبُ إِلَى بَنْكٍ آخَرَ مُوَظَّفُوهُ عَلَى خُلُقْ .
خَرَجْتُ مُنْهِياً جَمِيعَ تَعَامُلَاتِي مَعَ هَذَا الْبَنْكِ وَجَمِيعِ مُوَظَّفِيهْ .
يَا اللَّهْ!!!
تَذِكَّرْتُ أَنَّهُ كَانَ لِي دَفْتَرُ تَوْفِيرٍ فِي بَنْكِ الْأَسْكَنْدَرِيَّةْ بِالْجُنَيْهِ الْمِصْرِي رَصِيدِهُ سِتُّونَ جُنَيْهاً وَ دَفْتَرُ آخَرُ بِاَلدُّولَارِ الْأَمْرِيكِي فِي نَفْسِ الْبَنْكِ رَصِيدِهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دُولَاراً .
فَلْأَذْهَبْ إِلَى مَدِينَةِ الْمَحَلَّةِ الْكُبْرَى وَآخُذُ الدَّفْتَرَيْنِ وَأَسْأَلْ:
فَلَرُبَّمَا تَحَوَّلَا إِلَى إِيرَادَاتْ .
ذَهَبْتُ إِلَى الْبَنْكِ .
وَلَمْ أَسْأَلْ مُوَظَّفَ الصَّرْفْ .
بَلْ سَأَلْتُ أَحَدَ مُوَظَّفِي الِاسْتِعْلَامَاتِ الَّذِي كَانَ أَمَامَهُ كُومْبِيُوتَرْ .
فَقُلْتُ لَهْ: مِنْ فَضْلِكْ
أُرِيدُ أَنْ أَعْرِفَ رَصِيدِي فِي هَذَيْنِ الدَّفْتَرَيْنْ .
فَأَخَذَهُمَا وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُمَا قَدِ اسْتُهْلِكَا وَتَحَوَّلَا إِلَى إِيرَادَاتْ .
فَقُلْتُ لَهْ: شُكْراً .
وَخَرَجْتُ مِنَ الْبَنْكِ حَزِيناً أَضَعُ يَدَيَّ بَيْنَ قَلْبِي .
قَائِلاً - فِي نَفْسِي - :
أَخْشَى أَنْ تَتَحَوَّلَ حَيَاتُنَا فِي هَذَا الْبَلَدِ إِلَى إِيرَادَاتْ .
المراجع
odabasham.net
التصانيف
ادب قصص مجتمع قصة