خوله مناصرة
لا شك أن كلا منا قد مرت عليه أوقات قاسية خلال مرحلة الطفولة والمراهقة، شعر خلالها بأن الأهل غير منطقيين، ومتسلطين، ومستبدين في معاملتهم، ويفتقرون إلى تفهم أساسيات التعامل، وربما شعرنا أحيانا بأنهم الخصم الذي يعمل على تدمير سعادتنا، ولا بد أن الكثيرون منا قد عقدوا العزم على معاملة أبنائهم بشكل مختلف، وبأنهم سيكونون أكثر تفهما وديمقراطية، لكن هذا نادرا ما يحدث ، ففي اللحظة التي نصبح بها آباء أو أمهات تنقلب الأمور، وتتبخر التعهدات، ونبدأ بالتصرف باعتبار أننا الأكبر والأكثر حكمة وتجربة، والأقدر على القيادة والتوجيه، مما يخلق صراعا لا ينتهي على السلطة بين الآباء والأبناء، ويوسع الفجوة بين الأجيال.
يعتبر الآباء التقليديون من أصحاب المدرسة القديمة في التربية أن واجبهم يقتضي توجيه أطفالهم وحمايتهم من عثرات الزمان، وان على الأطفال أن يفعلوا ما يطلب منهم، بدون احتجاج أو مناقشة، ولكن لسوء حظ الآباء، فإن هذا الأسلوب سوف يؤدي إلى التحدي، والخداع، وانهيار التواصل بين الآباء والأبناء.
وعلى النقيض من ذلك، فهناك الآباء الديمقراطيون الذين يتبعون مدرسة تربوية ليبرالية، ترتكز إلى مبدأ المساواة والانفتاح، ويعتقدون أن لكل طفل الحق في التعبير عن رغباته وآرائه، مما يساهم في تجسير الفجوة بين الأجيال. إلا أن الآباء الذين يتبنون فكرة أن أطفال يعرفون أفضل قد يجدون أن الأمور ترتد عليهم بشكل سلبي. فرغم أن الأطفال قد يشككون بسلطات الوالدين، ويرغبون بلعب دور العارف بكل شيء، وأنهم لا يحتاجون لحكمة الآباء وإرشادهم، فإن تركهم لمواجهة مصيرهم سوف يؤدي إلى إرباكهم، ويسبب لهم القلق والتوتر، لذلك يجب أن يدركوا عاجلا أم آجلا بأن الأهل دائما بمثابة شبكة الأمان بالنسبة لهم.
وينصح الأهل بتبني منهجية تربوية وسطية، فلا يكونوا متسلطين، ولا متساهلين، ومن الضروري أن يتعلم الأبناء احترام آباءهم، وفي نفس الوقت يجب أن يشعرهم الأهل بالمقابل باحترام أفكارهم وآرائهم.
وفيما يلي مجموعة من النصائح للحد من الجدل العقيم والمماحكة بين الآباء والأبناء:
1- من المتوقع أن يمتحن الطفل المثير للجدل صبرك، فحاولي تجنب الانتقاد، والتوبيخ، وفرض العقوبات عليه. فهذا لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور، وتوسيع الفجوة بينكما.
2- تحاشي استخدام جمل مثل: “لا تسأل” و “افعل ما أمرتك به” و “لأنني قلت ذلك” لأنها ستضعك وطفلك في موضع الخصومة، فهي جمل سلبية، ستؤدي إلى مزيد من العناد والمكابرة، وتعزز اعتقاده بأنه ضحية، وأنه قد أسيء فهمه.
3- حاولي أن تجعله يرى الأمور من زاويتك، واسأليه كيف سيشعر لو انك قللت من احترامه أو تكلمت معه بوقاحة، وهي الطريقة التي يتكلم بها معك، وافتحي عينيه على حقيقة أن الحوار الجدلي يحتاج إلى شخصين.
4- عاتبيه بحزم ولطف عندما يظهر عدم الاحترام ، وحاولي تحقيق ذلك بروح بناءة. كأن تقولي له أنك على استعداد للاستماع إلى وجهة نظره، ولكن بشرط تخفيض صوته والتكلم بأدب وهدوء
5- عندما يتحول الجدل إلى معركة غاضبة وتوتر، ينصح بأخذ بعض استراحة أو وقت مستقطع لتهدئة الطرفين. وحذري طفلك من أنه لن يحقق أي انجاز وهو في هذا الوضع المتوتر، وسوف نناقش هذه المسألة عندما تمر نوبة غضب الطرفين.
6- اجعلي طفلك يشعر بأنك تهتمين برأيه. وعلميه مناقشة احتياجاته ورغباته دون أن يتصرف بعدوانية وجدل
7- حاولي دائما توضيح منهجيتك التأديبية والتربوية لطفلك.
8-لا تكوني دائما متصلبة وصارمة، وحاولي أن تكوني مرنة ومتساهلة في تطبيق القواعد في مناسبات معينة خاصة إذا عرض طفلك قضيته بشكل مقنع، ودون أن يتصرف بشكل عدائي أو عدواني.
المراجع
موسوعه الصحة العامة وتربية الطفل
التصانيف
حياة أطفال طب أطفال