كيف نعلم أطفالنا آداب التعامل واللباقة 

خوله مناصرة

يستطيع طفلك الصغير أن يكون مهذبا بشكل مدهش ليوم أو يومين، وفي اليوم التالي سيدفعه الفضول وحب الاستطلاع ليبصق الحليب عليك ليرى ما يمكن أن يحدث، كم هذا متناقض؟ لكن الأطفال وحتى الصغار جدا منهم يستطيعون أن يتعلموا أكثر من لو سمحت و شكرا فأنت تعلمين طفلك قواعد السلوك السليم كل يوم على شاكلة النصائح التالية: لا تركض في الشارع، لا تضع يدك على المدفأة، لا تضرب الأطفال الآخرين، فالأطفال يتشكلون بشكل رائع لأنهم يعرفون حدودهم دائما، وتعليم آداب التعامل ما هو إلا تحديد لقواعد وقوانين الحياة والمجتمع الموجهة للطفل.

وكبداية، يجب أن تبدأي بتحديد أهداف معقولة، فأنت لا تستطيعين أن تحصلي على طفل معصوم من الخطأ في سـن الرابعة، لكن يمكنك مثلا أن تضعي بعض الشروط الأساسية التي تنطبق على أي شخص عندما يجلس إلى مائدة الطعام؛ كمسح الفم بالفوطة وليس بالأكمام، والاسـتئذان قبل ترك طاولة الطعام، وعدم التحدث والفم مملوء بالطعام، علميه التصرف الصحيح، وعوديه على استخدام كلمة تذكيرية للقيام به، أو استخدام الإشارة فقط، ويجب أن تكوني حازمة ومنطقية في نفس الوقت، فالجلوس إلى المائدة بالنسبة لطفل كثير الحركة لمدة عشرين دقيقة مهمة صعبة لكن يمكنه أن يتدبر أمره مع خمس عشرة دقيقة، وقد ترغبين في تحديد أهداف تراكمية، باعتبار أن التعليم تراكمي. يمكنك مثلا أن تستعملي سـاعة منبهة، فتحددي الوقت بداية بعشر دقائق تزيدينها دقيقة أو اثنتين تدريجا، توقعي خلالها عدة محاولات للانزلاق في كرسيه، ولكن هذا يبقى ضمن المقبول، وحاذري أن يفهم طفلك أن آداب المائدة هي فقط سـلوك استعراضي في حالة وجود ضيوف، وإنما هي نهج يجب إتباعه بشـكل مسـتمر، فشجعيه على ذلك.
وهناك آداب يجب أن يتبعها كل شخص، بدون تحميل الطفل الكثير من التوجيهات التي تجعلكما تحاولان الالتزام بها، أو الإبقاء عليها على أحسن وجه دون جدوى، فحددي أولا مجموعة من الخطوط الأسـاسية لمهارات اجتماعية ترغبين أن يعتادها طفلك مثل: السـلام عليكم و إلى اللقاء عند حضور الأهل والأقارب للزيارة، والرد الهادئ والمهذب على الهاتف، ويمكن لطفل في السـادسة أن يتعلم القول آسـف لا تستطيع أمي الرد على الهاتف الآن وشكر الشخص المتصل، ويمكنك أن تطبعي كلمة شكرا بالألوان مع صورة وتعلقيها أمامه، وتعزيز سلوكه هذا بشكل دائم حتى تصبح نمطا سـلوكيا يوميا.
ويمكن البدء بإعطاء مثال، فالأشياء أسهل في التطبيق من النظرية، فمثلا: إذا كان زوجك يقف أمام الثلاجة، وأردت أن تتناولي شيئا منها فبادري إلى القول عن إذنك فبهذه الطريقة البسيطة توفري لطفلك مشاهدة سلوك يمكن التعلم منه والبناء عليه، فيشاهد الطفل تطبيقا عمليا للقواعد التي وضعتها الأم، والفكرة الأساسية هي جعل المجاملة والسـلوك المهذب سـلوكا عفويا ونمطا حياتيا يمارسه يوميا، بدون أن يثير ضجة كبيرة حوله.
ويمكن للطفل أن يفهم بعض آداب التعامل من خلال مفهوم احترام الآخرين، فمثلا يمكنك أن تشرحي لطفلك الممارسـة الخاطئة عند مقاطعة كلام الآخرين بأن تسأليه كم يحس بالاسـتياء عندما يقاطعه شخص آخر، ويحاول أن يلفت نظره أثناء حديثه عما فعله أثناء الاسـتراحة في المدرسـة.
ومن الضروري التعامل مع الطفل بأدب واحترام، وتطبيق قواعد التهذيب واللباقة، واستغلال كل فرصة متاحة لتعليمه وتدريبه على آداب السـلوك، فالأطفال يحبون أن يشعرهم الكبار بالتقدير اللازم، فحتما سـيحبون قولك لأحدهم أثناء الجلوس على المائدة هل تتكرم وتمرر لي الملح؟.
وقبل المناسـبات الاجتماعية ذكري طفلك بما تتوقعين منه خصوصا إذا كانت المناسـبة حدثا غير مألوف، ويمكنك مراجعة بعض المبادئ السـلوكية أثناء اصطحابه معك لتلك المناسبة، بحيث يستطيع الطفل أن يتذكر عند الوصول أن يلقي التحية ويسـلم على الموجودين، وقد ينسى أو يخطئ، وهذا شيء طبيعي لا يستدعي منك أن تثوري عليه. وحاذري أن تحرجيه أمام أصدقائه أو الضيوف.
ومن المفيد أن تجلسي معه بعد حضور حفلة معينة، أو مناسبة عامة، ومناقشته حول مشاهداته لتصرفات الأطفال الآخرين، بحيث يتعلم التمييز بين التصرف السليم والتصرف الخاطئ، ولا تفعلي ذلك إلا إذا كنت متأكدة أنكما لن تلتقيا الطفل سيء السلوك في القريب العاجل، لأن طفلك حتما سـيشير إليه قائلا  انظري أمي هذا هو الولد قليل الأدب.
وأخيرا اعلمي انه ليس من العدل بالنسـبة لطفلك بأن يكبر معتقدا بأن آداب التعامل غير مهمة، لأن أصدقاءه يعلمون أنها مهمة، وكلما كبر الأطفال، فإنهم يكونون أفكارهم وانطباعاتهم عن بعضهم بعضا، ويدركون من هو المسـتهتر، وقليل التهذيب، والمتسـلط، والمتهور، وبمسـاعدتك يستطيع طفلك أن يكتسـب سمعة كطفل رائع مهذب ومحبوب.





المراجع

alrai.com

التصانيف

حياة   أطفال   طب أطفال   العلوم التطبيقية   العلوم الاجتماعية