غَادَاكِ مِنْ بَحْرِ الرَّوَاعِدِ مُسْبِلُ |
وَسَقَتْكِ أَخْلاَفُ الْغُيُومِ الْحُفَّلُ |
وجرَتْ بلَيلِ الذَّيْلِ وانِيَة َ الخُطا |
مِسْكِيّة َ النفَحاتِ فيكِ الشمْأَلُ |
للهِ ما حُمِّلْتِ من ثِقلِ الهوى |
يومَ استقلَّ قَطينُكِ المُتحَمِّلُ |
وَلَطَالَمَا قَضَّى الشَّبَابُ مَآرِبِي |
فيكِ اختِلاساً والحوادثُ غُفَّلُ |
أيامَ لا تُعصى الغَواية ُ في هوى |
الْغِيدِ الْحِسَانِ وَلاَ تُطَاعُ الْعُذَّلُ |
والبِيضُ تَسْفِرُ لي فأصدِفُ مُعرِضاً |
عَنْهَا وَتُنْجِزُنِي الْوُعُودَ فَأَمْطُلُ |
مَا خِلْتُ أَنَّ جَدِيدَ أَيَّامِ الصِّبَى |
يَبْلَى وَلاَ أَنَّ الشَّبِيبَة َ تَنْصُلُ |
أَتَغَزُّلاً بَعْدَ الْمَشِيبِ وَصَبْوَة ً |
سَفَهاً لِرَأْيِكَ شَائِباً يَتَغَزَّلُ |
هَيْهَاتَ مَا لِلْبِيضِ فِي وَدِّ کمْرِىء ٍ |
إرْبٌ وَقَدْ وَلَّى الشَّبَابُ الْمُقْبِلُ |
أعرضْنَ لمّا أنْ رأَيْنَ بلِمَّتي |
أمثالُهُنَّ وقُلنَ داءٌ مُعْضِلُ |
وَلَرُبَّ مَعْسُولِ الْمَرَاشِفِ وَاللِّمَى |
مِنْ دُونِهِ سُمْرُ الذَّوَابِلِ تَعْسِلُ |
مُتقَلِّدٍ عَضْبَ المضاربِ خَصرُهُ |
من حَدِّ مَضربِهِ أرَقُّ وأنحَلُ |
كالظبْيِ يومَ السِّلمِ وهْوَ لفَتْكِهِ |
يَوْمَ الْوَغَى لَيْثُ الْعَرِينِ الْمُشْبِلُ |
نَادَمْتُهُ وَالصُّبْحُ مَا ذَعَرَ الدُّجَا |
والليلُ في ثوبِ الشبيبة ِ يَرفُلُ |
وكأنَّ أَفرادَ النجومِ خَوامسٌ |
تدنو لوِردٍ والمَجرَّة َ مَنهَلُ |
فأَدارَ خمرَ مراشفٍ ما زلتُ بالصَّهباءِ عن رَشَفاتِها أَتعَلَّلُ |
ـصَّهْبَاءِ عَنْ رَشَفَاتِهَا أَتَعَلَّلُ |
مَشمولة ً ما فَضَّ طينَ خِتامِها |
ساقٍ ولا أَنحى عليها مِبْزَلُ |
وَلَرُبَّ أَبْيَضَ صَارِمٍ مِنْ لَحْظِهِ |
يُحْمَى بِهِ ثَغْرٌ لَهُ وَمُقَبَّلُ |
يُذْكي على قلبِ المُحبِّ رُضابُهُ |
جمرَ الغَضا وهْوَ البَرُودُ السَّلْسَلُ |
لَقَدِ کسْتَرَقَّ لَهُ الْقُلُوبَ مُهَفْهَفٌ |
من قَدِّهِ لَدْنٌ وطَرفٌ أكحَلُ |
يَا شَاكِي اللَّحَظَاتِ شَكْوى مُغْرَمٍ |
يَلقاكَ وهْوَ من التجَلُّدِ أعزَلُ |
أَصْمَتْ لَوَاحِظُكَ الْمَقَاتِلَ رَامِياً |
أَفَمَا يَدِقُّ عَلَى سِهَامِكَ مَقْتَلُ |
أغنَتْكَ عن حملِ السلاحِ ونَقلِهِ |
نَجْلاَءُ أَمْضَى مِنْ ظُبَاكَ وَأَقْتَلُ |
لَوْلاَ نُصُولُ ذَوَائِبِي لَمْ تَلْقَنِي |
مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ فِي الْهَوَى أَتَنَصَّلُ |
أمسَتْ تَلومُ على القناعة ِ جارة ٌ |
سَمعي بوَقعِ مَلامِها لا يَحفِلُ |
عَابَتْ عَلَيَّ خَصَاصَتِي فَأَجَبْتُها |
مِنَنُ الرِّجَالِ مِنَ الْخَصَاصَة ِ أَثْقَلُ |
قالتْ تنَقَّلْ في البلادِ فقَلّما |
فَاتَ الْغِنَى وَالْحَظُّ مَنْ يَتَنَقَّلُ |
فالمرءُ تَحْقُرُهُ العيونُ إذا بدا |
إعْسَارُهُ وَيُهَابُ وَهْوَ مُمَوَّلُ |
يا هذه إنَّ السؤالَ مَذَلّة ٌ |
وَوُلُوجُ أَبْوَابِ الْمُلُوكِ تَبَذُّلُ |
كُفِّي المَلاَمَ فَكُلُّ حَظٍّ مُعْرِضٍ |
عنّي بإقبالِ الخليفة ِ مُقبِلُ |
أَلمُستَضيءُ المُستَضاءُ بهَديِهِ |
والساجِدُ المُتَهَجِّدُ المُتَبَتِّلُ |
أَلْمُسْتَجَابُ دُعاؤُهُ فَالْغَيْثُ مَا |
قَنِطَ الثَّرى بدُعائِهِ يَتنزَّلُ |
أَلمُستَقِرُّ من الخلافة ِ في ذُرى ً |
شَمّاءَ لا يَسْطِيعُها المُتَرَقِّلُ |
قَرْمٌ إذَا غَشِيَ الْوَغَى فَعِتَادُهُ |
مَدْروبة ٌ زُرقٌ وسُمْرٌ ذُبَّلُ |
ومُطَهَّمٌ في السَّرْجِ منهُ هضبة ٌ |
ومثهنّدٌ في الغِمدِ منهُ جدوَلُ |
ما رَدَّ يوماً سائلاً ولهُ سُطا |
بأسٍ يُرَدُّ بها الخَميسُ الجَحفَلُ |
جَذلانُ يَكثُرُ في النَّدى عُذَّالُهُ |
إنَّ الكريمَ على السَّماحِ مُعَذَّلُ |
يَعْفُو عَنِ الْجَانِي فَيُوسِعُ ذَنْبَهُ |
عَفْواً وَيُعْطِي سَائِلِيهِ فَيُجْزِلُ |
جَارٍ عَلَى سُنَنِ النَّبِيِّ وَسُنَّة ِ |
الْخُلَفَاءِ مِنْ آبَائِهِ تُتَقَبَّلُ |
عن جُودِهمْ رُوِيَتْ أحاديثُ النَّوى |
وبفضلِهمْ نطقَ الكتابُ المُنزَلُ |
لا يُرتَضى عملٌ بغيرِ وَلائهمْ |
فيهمْ تَتِمُّ الصالحاتُ وتَكمَلُ |
إنْ كُنْتَ تُنْكِرُ مَأْثُرَاتِ قَدِيمِهِمْ |
فاسأَلْ بها "يا أيها المُزَّمِلُ" |
شرَفاً بني العباسِ شادَ بناءَهُ |
لَكُمُ فَأَعْلاَهُ النَّبِيُّ الْمُرْسَلُ |
مَا طَاوَلَتْكُمُ فِي الْفِخَارِ قَبِيلَة ٌ |
إلاَّ وَمَجْدُكُمْ أَتَمُّ وَأَطْوَلُ |
شَرَّفْتُمُ بَطْحَاءَ مَكَّة َ فَکغْتَدَتْ |
بِكُمُ يُعَظَّمُ قَدْرُهَا وَيُبَجَّلُ |
أنتمْ مصابيحُ الهُدى والناسُ في |
طرُقِ الجهالة ِ حائرُ ومُضَلَّلُ |
فَکسْلَمْ أَمِيرَ الْمُسْلِمِينَ مُشَيِّداً |
مَا شَيَّدُوا وَمُؤَثِّلاً مَا أَثَّلُوا |
يَلْقَى الأَمَانَ عَلَى حِيَاضِكَ وَالأَمَا |
ني في جَنابِكَ خائفٌ ومُؤَمِّلُ |
إنْ فَاضَ سَيْبُكَ فَالْبُحُورُ جَدَاوِلٌ |
أَوْ صَابَ غَيْثُكَ فَالْغَمَامُ مُبَخَّلُ |
أو راعَنا جَدبٌ فجُودُكَ مَورِدٌ |
أو غالَنا خَطبٌ فبأسُكَ مَعقِلُ |
سُسْتَ الأنامَ بسِيرة ٍ ما سارَها |
فِي النَّاسِ إلاَّ جَدُّكَ الْمُتَوَكِّلُ |
لا حُرمة ُ الدينِ الحنيفِ مُضاعة ٌ |
كلاّ ولا حقُّ الرعايا مُهمَلُ |
هذَّبْتَ أخلاقَ الزمانِ وطالما |
كَانَتْ حَوَادِثُهُ تُسِيءُ وَتَجْهَلُ |
وعمَمْتَ وغَمامُ جُودِكَ مُسْبِلٌ |
أنْ لا يَصوبَ بها الغَمامُ المُسبِلُ |
وبمدحِهِ مِيزانُ أعمالي إذا |
خفَّتْ موازينُ القيامة ِ تَثْقُلُ |
كُنْ لي بطَرفِكَ راعياً يا من لهُ |
طَرْفٌ بِرَعْيِ الْعَالَمِينَ مُوَكَّلُ |
فَاللَّهُ نَاصِرُ مَنْ نَصَرْتَ وَذَائِدٌ |
عمَّنْ تَذُودُ وخاذلٌ من تَخذُلُ |
حَلَّلْتَنِي مِنْ جُودِ كَفِّكَ أَنْعُماً |
تَضفو ملابِسُها عليَّ وتَفْضُلُ |
وفتحْتَ بابَ مكارمٍ ألفَيْتُهُ |
في عصرِ غيرِكَ وهْوَ دوني مُقفَلُ |
وَوَقَفْتَ مِنْ شَرَفِ الْخِلاَفَة ِ مَوْقِفاً |
مِنْ دُونِهِ سِتْرُ النُّبُوَّة ِ مُسْبَلُ |
وَرَأَيْتُ مِنْ حُسْنِ کخْتِيَارِكَ مَنْظَراً |
عجَباً تَحارُ لهُ العقولُ وتَذهَلُ |
دَارَاً رَفَعْتَ بِنَاءَهَا وَوَضَعْتَهَا |
لِلْجُودِ فَهْيَ لِكُلِّ رَاجٍ مَؤْئِلُ |
دَاراً أَقَامَ بِهَا السُّرُورُ فَمَا لَهُ |
عن أهلِها عمْرَ الزمانِ تَرَحُّلُ |
يُغْضي لعِزَّتِها النواظرَ هَيبة ً |
فيَرُدُّ عنها طرفَهُ المُتَأَمِّلُ |
حَسَدَتْ مَحَلَّتَهَا النُّجُومُ فَوَدَّ لَوْ |
أَمسى يُجاوِرُها السِّماكُ الأعزَلُ |
ورفَعْتَها عن أنْ تُقبِّلَ منْ بها |
شَفَة ٌ فَأَضْحَتْ بِالْجِبَاهِ تُقَبَّلُ |
هيَ ملجَأٌ للخائفينَ وعِصمة ٌ |
ومُعَرَّسٌ للطالبينَ ومَنزِلُ |
غَنِيَتْ عَنِ الأَنْوَاءِ أَنْ تَغْشَى لَهَا |
رَبْعاً وَفِيهَا الْعَارِضُ الْمُتَهَلِّلُ |
تُزهى على أخَواتِها فكأنّها |
أَدْمَاءُ مِنْ ظَبَيَاتِ وَجْرَة َ مُغْزِلُ |
فَاتَ الأَوَائِلَ شَأْوُهَا فَلَوِ کحْتَبَتْ |
في آلِ حربٍ لادَّعاها الأخطَلُ |
تَمْشِي وَلِلأَغْرَاضِ مِنْهَا صَارِمٌ |
عَضْبٌ وللأحسابِ منها صَيْقَلُ |
مِدَحاً يُخَيِّرُهَا لِعِزِّ جَلاَلِكُمْ |
عَبْدٌ لَهُ حُرُّ الْكَلاَمِ مُذَلَّلُ |
إنْ كانَ للشُّعراءِ من تَيّارِها |
وَشَلٌ فَلِي مِنْهَا سَحَائِبُ هُطَّلُ |