لا يعرف الناس عن فيتامين د سوى أنه موجود في دهن السمك، وأنه يقل في فصل الشتاء خصوصا في الدول التي لا تشرق الشمس فيها كثيرا. لكن من المفيد حتما أن نعرف عنه أكثر من ذلك، لأنه يمكنه أن ينقذ حياتنا. اشتهر فيتامين د لأعوام طويلة لدوره كمكمّل ضروري للكالسيوم، ومساعدة العظام على امتصاص هذا العنصر الهيكلي الأساسي. إلا أن البحوث الطبية الأخيرة أكدت أن هذا الفيتامين قادر على أكثر من ذلك بكثير، فكما يفسر الدكتور مايكل ف. هوليك، صاحب كتاب «فيتامين د = الحل»، فإن «كل خلية من خلايانا تملك مستقبلات لفيتامين د، وهي قادرة بالتالي على استيعابه». يعتمد كثير من وظائف جسدنا الحيوية على هذا الفيتامين، ويبدو أنه عنصر مفصلي للوقاية من أمراض كثيرة، ابتداء من أوجاع الرأس النصفي، مرورا بالكآبة، وانتهاء بالسرطان. المشكلة أن معظمنا نملك في دمائنا نسبة منخفضة جدا من فيتامين د، وتحصل أجسادنا بشكل طبيعي على هذا الفيتامين من الشمس، وتحديدا من الأشعة فوق البنفسجية (يو في بي). وفي الأيام الشتوية تكون أشعة الشمس قليلة في بعض الدول لدرجة أنها لا تكفي لاكتساب الفيتامين المذكور، بالرغم من أنه يمكن أن يحمينا من أمراض كثيرة، منها الإنفلونزا، والسرطان، ومرض باركنسون. فقد تبين للعلماء من كلية الطب في جامعة ييلز، أن الأشخاص الذين لديهم معدل عال من فيتامين د، يتعرضون للأمراض الفيروسية بمعدل مرّتين أقل من الذين يعانون من قلّته. وعندما يمرضون، فأنهم يتعافون بسرعة. ما سبب ذلك؟ يأمر فيتامين د كرياتهم البيضاء لانتاج البروتين الذي يقتل العدوى. سلاح ضد السرطان أما في ما يتعلق بالسرطان، ففيتامين د ينظم بعض الجينات المسؤولة عن نمو وبقاء الخلايا، ويفعل ذلك بشكل ذكي جدا. وفي حال نما الورم في نهاية المطاف، فإن هذا الفيتامين يعيق وصول الدم إليه. وبسبب ذلك فإن نسبة تعرض الأشخاص الذين لديهم كمية مرتفعة من فيتامين د أقل بمعدل 30 – %50 في ما يتعلق بسرطان الصدر، وأقل بمعدل %50 فيما يتعلق بسرطان الأمعاء الغليظة. وقد أجرى معهد دان فاربر بحثا أثبتت نتائجه أن نسبة التعرض للوفاة بين المصابين بسرطان الأمعاء الغليظة ممّن يتمتعون بكمية مرتفعة من فيتامين د، هي أقل بنسبة %39. .. وضد مرض باركنسون في شهر يوليو من العام الماضي صدر في مجلة «أرشيف علم الأعصاب» مقال يشير إلى أن فيتامين د يحمي المخ، وينظم معدل الكالسيوم، ويقوي النبضات الكهربائية بين الخلايا العصبية ويحرر الخلايا من السموم. وبذلك يتصدى لهجوم باركنسون الموجه مباشرة ضد المخ. القلب والمزاج يعانيان أيضا يكون خطر التعرض لتقلص الشرايين أعلى بنسبة %80 لدى الأشخاص الذين يعانون انخفاضا في معدل فيتامين د، وهذا ما بيّنته دراسة طويلة الأمد أجريت في جامعة جون هوبكينز بولاية ميريلاند. ويمكن أن يكون سبب ذلك أن فيتامين د يؤثر في أكثر من 200 من الجينات ويراقب الالتهابات، كما أنه من المحتمل أن يكون له تأثير على ضغط الدم. الشيء الآخر الذي يخضع لصلاحية فيتامين د، يتمثل بانتاج الانسولين، وبالتالي لن يتفاجأ أحد إذا أشرنا إلى مساهمة هذا الفيتامين بمسألة التحكّم بمرض السكّر. لكن يجب إيلاء اهتمام خاص لوجوده لدى الأطفال، فهؤلاء الذين يعانون معدلا منخفضا من فيتامين د، يكونون معرضين بمعدّل 200 مرة أكثر للإصابة بمرض السكر من النوع الأول. وإذا كنتم لم تقتنعوا بذلك بعد فاعلموا أن المعدل الكافي من فيتامين د في دمائكم سيحميكم من أعراض الصداع النصفي، أوجاع الرأس، والاكتئاب. والآن لديكم ما يكفي من الأسباب لكي تطلبوا من طبيبكم أن يجري لكم فحص دم سريع. كيفية زيادة المخزون لقد عرفنا الأمراض التي يمكن أن يسببها نقص فيتامين د، لكن كيف نحصل عليه؟ الوسائل متعددة، أولها التعرض للشمس قليلا. وإذا كنتم لا تستطيعون التعرض للشمس الحقيقية، فإن أول تعويض عن ذلك هو الأشعة الاصطناعية، أي جهاز السولاريوم. وبرغم وجود مجموعة من الانتقادات الموجهة ضد هذا الجهاز وأهمها ما يفيد بأن التعرض لموجاته أمر غير صحي، إلا أنه لا يمكن التنكّر لمنفعة واحدة مرتبطة به. فهو يساعد بالفعل على إضافة معدل فيتامين د، لأنه يحتوي على الأشعة فوق البنفسجية (يو في بي). لكن إذا كنتم ترغبون فعلا في الحصول على كمّيتكم من فيتامين د في صندوق ضوئي، لا تفعلوا ذلك بشكل متكرر. أما بالنسبة للوسيلة الثانية فستجدون فيتامين د في دهون السمك وفي زيت كبدة السمك، لأن الأسماك تخزّن فائضها من فيتامين د هناك تحديدا، كما يمكنكم العثور عليه في الزبدة والحليب الطازج. أما الحل الأسهل فمتمثل بالأقراص أو القطرات التي تباع في الصيدليات. حتى أن بعضها يمنح للأطفال الرضّع مثل «إينفادين»، لكن يمكنكم إيجاد معايير أقوى للبالغين. وعادة يتم تحديد معيار فيتامين على العبوة بمقياس IU وهو ما يعني «الوحدة الدولية» (انترناشيونال يونيت). وبالنسبة للنساء الحوامل أو المرضعات، فإن ما يسري عليهن في هذا المجال هو مماثل لأنواع الفيتامينات الأخرى وما شابه، أي يجب عليهن مراجعة الطبيب لكي ينصح بالنوع الملائم لهن. فتناول جرعات كبيرة جدا من فيتامين د خلال الحمل قد يشكل خطرا ملحوظا على الجنين. الأفضل والأكثر ضمانة سيكون كما جرت العادة «اختيار القليل من كل شيء». عرّضوا أنفسكم قليلا لأشعة الشمس، كلوا قليلا من السمك، تناولوا القليل من القطرات التي تباع في الصيدلية، إذا اتبعتم هذه النصيحة، فإنكم بالتأكيد ستستقبلون فصل الربيع الدافئ بصحة جيدة. عوامل الخطر إذا أجبتم بنعم على أي من الأسئلة التالية، فمن الممكن أنكم تستقبلون كمية قليلة من فيتامين د. بشرتكم سمراء؟ إذا كان جلدكم يحتوي على الكثير من مادة الميلانين، فإنكم تمتصون كمية أقل من أشعة الشمس. فالأشخاص ذوو البشرة السمراء يعانون دائما نقص الفيتامين د. تعتمدون عليه من الأقراص؟ تم تحديد الكمية اليومية من فيتامين د في العام 1997 وكثير من الاختصاصيين يعتقدون أن هذا المعدل لم يعد صالحا منذ زمن بعيد. فقد أظهرت عدة دراسات على سبيل المثال أن كمية فيتامين د الموجودة في معظم المستحضرات التي تحتوي على مجموعة من الفيتامينات الأخرى المخصصة ليوم واحد، لا تخفض أبدا خطر ترقق العظام لدى النساء الطاعنات في السن. لكن الكمية المضاعفة قادرة على ذلك. تعانون السمنة؟ يتخزن فيتامين د في الدهون، وفي حال كان لديكم مخزون فائض من الدهون فإن كمية أقل من فيتامين د تجري في دمائكم. وبالتالي كلما كان مؤشر كتلة الجسم لديكم (BMI ) أعلى، كان لديكم معدل أقل من فيتامين د. الخبر الجيّد هو أن ارتفاع معدل استهلاككم لفيتامين د سيساعدكم على خفض الوزن. وفي إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة مينيسوتا تناقصت دهون الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بمعدل أعلى من فيتامين د بشكل سريع، بما فيها الدهون الخطيرة المتراكمة في منطقة البطن. تستعملون كميات كبيرة من الكريمات الواقية من الشمس؟ في الواقع إذا كنتم تحمون أنفسكم من الشمس، فإنكم تمنعون أنفسكم أيضا من الحصول على الفيتامين د. وفي أستراليا، البلد الذي توجد فيه نسبة كبيرة من أمراض سرطان الجلد، لا تتردد الهيئة الطبية المعروفة باسم «مجلس السرطان» في تقديم نصيحة للناس لكي يعرّضوا أنفسهم لأشعة الشمس لوقت قليل طبعا، ومن دون أي مستحضر واق ضد الأشعة.

المراجع

sehha.com/art/details-4646.htmlالموسوعة الطبية العربية

التصانيف

تغذية  فيتامينات