ماهو مبدأ عدم التناقض ؟
أما مبدأ عدم التناقض, هو المبدأ القائل بأن التناقض مستحل, فلا يمكن أن يتفق النفي والاثبات, في حال من الأحوال. وهذا واضح. ولكن ما هو هذا التناقض الذي يرفضه هذا المبدأ, ولا يمكن للعقل قبوله؟ فهل هو كل نفي وإثبات؟ كلا. فان كل نفي لا يناقض أي إثبات, وكل إثبات لا يتعارض مع كل نفي, وإنما يتناقض الاثبات مع نفيه بالذات لا مع نفي إثبات آخر, ووجود الشيئ يتعارض بصوره أساسية مع عدم ذلك الشيئ, لا مع عدم شيء آخر. ومعني تعارضها أنما لا يمكن أن يتوحدا أو يجتمعا. فالمربع ذو أربعة "أضلاع. وهذه خقيقة هندسية ثابتة, والمثلث ليس له اربعة أضلاع, وهذا نفي صحيح ثابت أيضاً, ولا تناقض مطلقاً بين هذا النفي وذلك الاثبات, لأن كلا منهما يتناول موضوعاً خاصاً, يختلف عن الموضوع الذي يتناوله الآخر. فالاضلاع الأربعة ثابتة في المربع, ومنفية في المثلث فلم ننف ما أثبتنا أو نثبت ما نفينا. وإنما يوجد التناقض إذا كنا نثبت للمربع أضلاعاً أربعة, وننفيها عنه أيضا, وأيضا, أو نثبها للمثلث وننفيها عنه في نفس الوقت.
وبهذا الاعتبار نص المنطق الميتافيزيقي, على أن التناقض إنما يكون النفي والاثبات الموحدين في ظروفهما. فإذا اختلفت ظروف النفي مع ظروف الاثبات, لم يكن الاثبات والنفي متناقضين. ولنأخد عدة أمثلة للنفي والاثبات المختلفين في ظروفهما:
مثال (أ)
الأربعة زوج. الثلاثة ليست زوجاً. فالتفي والاثبات في هاتين القضيتين, لا تناقض بيتهما, لا ختلاف كل منهما عن الآخر بالموضوع الذي يعالجه. فالاثبات تعلق بالأربعة, والنفي تعلق بالثلاثة.
مثال (ب)
الأنسان سريع التصديق حال الطفولة. الإنسان ليس سريع التصديق في دور الشباب والنضوج. فقد تعلق النفي والاثبات في هاتين القضيتين بالإنسان. ولكن كلا منهما له زمانه الخاص, الذي يختلف عن الزمان الآخر, فلا يوجد تناقض بين النفي والاثبات.
مثال (جـ)
الطفل ليس عالماً بالفعل. الطفل عالم بالقوة. أي يمكن أن يكون عالماً. وهنا أيضاً نواجه نفياً وإثبات غير متناقضين. لأننا في القضية الأولى لم ننف نفس الاثبات, الذي تحتويه القضية الثانية, فالقضية الأولى تنفي وجود صفة العلم لدى الطفل, والقضية الأخرى لا تثبت وجود الصقة. وإنما تثبت إمكانها, أي قابلية الطفل واستعداده الحاص لاكتسابها. فقوة العلم هي التي تثبتها هذه القضية للطفل. لا وجود العلم له فعلاً.
وهكذا نعرف أن التناقض بين النفي والاثبات, إنما يتحقق فيما إذا اشتركا في الموضوع الذي يتناولانه, واتفقا في الشروط والظروف المكانية والزمانية وغيرها. وأما إذا لم يتحدد المفي والاثبات في كل هذه الشروط والظروف, فليس بينهما تناقض. ولا يوجد الشخص أو المنطق الذي يحكم باستحالة صدقها في هذا الحال.
المراجع
ويكيبيديا الموسوعة الحرة
التصانيف
فلسفة