كان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر 1879- 1940، على الرغم من تباين الأراء فيه، رجلا وطنيا من طراز فريد ، كان مفكّرا مدبرا متدبرا قادرا على العمل والحركة، منجزا، منفتحا على الجميع قابلا للتطور والتفاوض والإنجاز والبناء على ما سبق. وقد بقي الدكتور عبد الرحمن الشهبندر مُختلفا ومتميزا بتفوق عن غيره من الزعماء المعاصرين له. ولا شك في أن سوريا فقدت برحيله جزءا من روحها الصاعدة نحو السمو العقلي، وكان موته درسا أتاح الانتباه إلى ضرورة تخليص الوطنية من النباتات الكفيلة بخنق الحركة المتقدمة على نحو ما حدث بفُقدان حياة هذا المناضل على يد أبناء قومه.
ولد الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في دمشق في 6 تشرين الاول من سنة 1879 لم يكن يكبره من زعماء الحركات الوطنية السورية الذين استمروا في الجهاد بعده إلا هاشم الأتاسي (المولود 1875) وفارس الخوري (المولود1873) ومع هذا فقد كانت مكانته الفكرية أرفع من كل التالين له على الرغم من أنه لم يُتوّج حياته السياسية بوظائف الرئاسة. كان والده السيد صالح الشهبندر وطنيا شهما معطاء، مات حين كان ابنه عبد الرحمن في السادسة من عمره، وبعد أن تلقى عبد الرحمن تعليمه العام في دمشق انتقل لدراسة الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت وتخرج وهو في السابعة والعشرين من عمره (1906) .
تلمذته للشيخ طاهر الجزائري
انطلقت حياة الدكتور عبد الرحمن الشهبندر السياسية في رحاب الدين قبل أن يدخل للجامعة إذ أنه انضم إلى حلقة وندوة ومريدي المفكر الإسلامي المشهور الشيخ ظاهر الجزائري، وكان من معارضي السلطان عبد الحميد، وقد عبّر الدكتور عبد الرحمن الشهبندر عن بعض أفكاره في مقال له نُشر في المقطم في مصر، فكاد يُسجن لولا أن شفع له صغرُ عمره .
لما اكمل الدكتور عبد الرحمن الشهبندر دراسة الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت رأت الجامعة بذكائها أن تحتفظ به فيما يُشبه وظائف المعيدين فاختارته للتدريس وليكون طبيبا للطلبة، لكنه آثر العودة إلى دمشق في 1908 فعاود الاتصال ببعض معارضي الحكم العثماني وانضم إلى عبد الحميد الزهراوي، لكنه اضطر للهرب إلى العراق والهند ومصر وعُهد إليه في مصر برئاسة صحيفة الكوكب فلما اكتشف أن الصحيفة إنجليزية التوجه ترك منصبه.
القبض على الشهبندر
وحين أذيع تقرير كراين في سنة 1922، قرّر الفرنسيون محاسبة الشهبندر على عمله فيه، فألقوا القبض عليه، وحكم عليه بالسجن لمدة عشرين سنة ، والنفي إلى بيت الدين "في لبنان"، ثم إلى جزيرة أرواد السورية في البحر المتوسط، وبعد أقل من سنتين قضاهما في السجون، صدر الأمر بإطلاق سراحه، فسافر في رحلة طويلة إلى أوروبا وأميركا لشرح القضية السورية
الاغتيال
في 6 تموز من سنة 1940 حدث حادث اغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في عمارة الشنواني في حي الشعلان في دمشق وقد استشهد هذا الزعيم العظيم في عيادته غدرا، دخل إليه قاتلوه على أنهم مرافقون لمريض وبينما هو يُعنى بمريضه أطلق عليه النار واحد منهم وهو " أحمد عصاصة" فقتله برصاصة في الرأس وقد اضطربت التغطية الإعلامية لاغتيال الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وسيق بعضها بحيث تتوجه سهام الشك في قادة الكتلة الوطنية الذين كان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر يُعارضهم، وفي ظل توتر الجو السياسي والحياة الحزبية أُلصقت التهمة بثلاثة من زعماء الكتلة هم سعد الله الجابري وجميل مردم ولطفي الحفار (وثلاثتهم من رؤساء الوزارة التالين) فاضطر هؤلاء ومعهم شكري القوتلي وغيره من الزعماء إلى الهروب خارج سوريا وبخاصة أن السلطات الفرنسية التي كانت لا تزال موجودة أصدرت مذكرة توقيف بحقّهم في 15 تشرين الاول من سنة 1940.
المراجع
aljazeera.net
التصانيف
سياسيون سوريون سياسيون سوريون مغتالون وزراء خارجية سوريون سياسيين العلوم الاجتماعية شخصيات التاريخ