سَلامٌ عَلَيْكُمْ، لا وَفَاءٌ وَلاَ عَهْدُ، |
أما لَكُمُ من هَجرِ أحبابكُمْ بُدُّ |
أأحبَابَنا قَدْ أنجَزَ البَينُ وَعْدَهُ |
وَشيكاً، وَلمْ يُنْجَزْ لنَا منكُمُ وَعْدُ |
أأطلالَ دارِ العَامرِيّةِ باللّوَى، |
سَقَتْ رَبعَكِ الأنوَاءُ، ما فعلَتْ هندُ؟ |
أدَارَ اللّوَى بَينَ الصريمَةِ والحمَى، |
أمَا للهّوَى، إلاّ رَسيسُ الجَوَى قَصْدُ |
بنَفْسِيَ مَنْ عَذّبْتُ نَفسِي بحُبّهِ، |
وإنْ لمْ يكُنْ منهُ وِصَالٌ، وَلاَ وِدّ |
حَبيبٌ مَنِ الأحبابِ شطّتْ بهِ النّوَى، |
وأيُّ حَبيبٍ ما أتَى دونَهُ البُعْدُ |
إذا جُزْتَ صَحْرَاءَ الغُوَيْرِ مُغَرِّباً، |
وَجَازَتْكَ بَطْحَاءُ السّوَاجيرِ يا سَعْدُ |
فقُلْ لبَني الضّحّاكِ: مَهْلاً، فإنّني |
أنا الأُفْعُوَانُ الصِّلُّ والضّيغمُ الوَرْدُ |
بَني واصلٍ مَهْلاً، فإنّ ابنَ أُختكم |
لَهُ عَزَماتٌ هَزْلُ آرَائهَا جِدّ |
متى هِجْتُمُوهُ لا تَهيجوا سوَى الرّدى، |
وإنْ كانَ خِرْقاً ما يُحَلُّ لَهُ عَقْدُ |
مَهيباً كَنَصْلِ السّيفِ لوْ قذفت بهِ |
ذُرَى أجإٍ ظَلّتْ وأعلامُه وَهْدُ |
يَوَدُّ رِجَالٌ أنّني كُنتُ بَعضَ مَنْ |
طَوَتْهُ المنايا، لا أرُوحُ وَلا أغدُو |
وَلَوْلا احتمَالي ثِقْلَ كُلّ مُلمّةٍ، |
تَسُوءُ الأعادي، لم يَوَدّوا الذي وَدّوا |
ذَرِيني وإيّاهُمْ، فحَسبي صَرَيمَتي |
إذا الحَرْبُ لمْ يُقدَحْ لمُخْمِدِها زَنْدُ |
وَلي صَاحبٌ عَضْبُ المَضَارِبِ صَارِمٌ، |
طَوِيلُ النِجَادٍ، ما يُفَلُّ لَهُ حَدّ |
وَبَاكِيَةٍ تَشْكُو الفرَاقَ بأدْمُعٍ |
تُبَادِرَها سَحّاً، كَمَا انتَثَرَ العِقْدُ |
رَشَادَكِ لا يُحْزِنْكِ بَينُ ابنِ همّةٍ |
يَتُوقُ إلى العَلْيَاءِ لَيسَ لَهُ نِدّ |
فَمَنْ كَانَ حُرّاً فَهْوَ للعَزْمِ والسُّرَى، |
وَللّيلِ من أفعالِهِ، والكَرَى عَبدُ |
وَلَيْلٍ، كأنّ الصّبحَ في أُخرَيَاتهِ، |
حُشَاشَةُ نَصْلٍ، ضَمّ إفرِندَهُ غِمدُ |
تَسَرْبَلْتُهُ والذّئْبُ وَسْنانُ هاجِعٌ، |
بعَينِ ابنِ لَيلٍ، ما لهُ بالكَرَى عهدُ |
أُثيرُ القَطا الكُدْرِيَّ عَنْ جَثَماتهِ، |
وَتألَفُني فيهِ الثّعَالبُ، والرُّبْدُ |
وأطْلَسَ مِلْءِ العَينِ يَحملُ زَوْرَهُ، |
وأضْلاعُهُ منْ جَانبَيْهِ شَوًى نَهْدُ |
لَهُ ذَنَبٌ مثلُ الرِّشَاءِ يَجُرّهُ، |
وَمَتنٌ كَمَتنِ القَوْسِ أعوَجُ، مُنْأدّ |
طَوَاهُ الطّوَى حَتّى استَمَرّ مَرِيرُهُ، |
فَما فيهِ إلاّ العَظْمُ والرّوحُ والجِلْدُ |
يُقَضْقِضُ عُصْلاً، في أسرّتها الرّدى، |
كَقَضْقَضَةِ المَقْرُورِ، أرْعدَهُ البَرْدُ |
سَمَا لي، وَبي منْ شدّةِ الجوعِ ما به، |
ببَيداءَ لمْ تحسسْ بها عَيشَةٌ رَغْدُ |
كلانا بها ذِئْبٌ يُحَدّثُ نَفْسَهُ |
بصَاحبهِ، والجَدُّ يُتْعِسُهُ الجَدّ |
عوَى ثمّ أقْعَى، وارتَجَزْتُ، فهِجْتُه، |
فأقْبَلَ مثْلَ البَرْقِ يَتْبَعُهُ الرّعْدُ |
فأوْجَرْتُهُ خَرْقَاءَ، تَحسبُ رِيشَها |
على كوْكبٍ يَنقَضُّ واللّيلُ مُسوَدّ |
فَما ازْدادَ إلاّ جُرْأةً وَصَرَامَةً، |
وأيْقَنْتُ أنّ الأمْرَ منْهُ هوَ الجِدّ |
فأتْبَعْتُهَا أُخرَى، فأضْلَلْتُ نَصْلَها |
بحَيثُ يكونُ اللُّبُّ والرُّعبُ والحِقْدُ |
فَخَرّ وَقَدْ أوْرَدْتُهُ مَنهَلَ الرّدَى |
على ظَمَإٍ، لَوْ أنّهُ عَذُبَ الوِرْدُ |
وَقُمْتُ فجَمّعتُ الحَصَى، فاشتَوَيتُه |
عَلَيْهِ، وللرّمضَاءِ من تحته وَقْدُ |
وَنلْتُ خَسيساً منهُ، ثمّ تَرَكْتُهُ، |
وأقْلَعْتُ عَنهُ، وَهْوَ مُنْعَفِرٌ فَرْدُ |
لَقَدْ حَكَمَتْ فينا اللّيالي بجَوْرِها، |
وَحُكمُ بَناتِ الدّهرِ لَيسَ لَهُ قَصْدُ |
أفي العَدلِ أنْ يَشقَى الكَرِيمُ بجَوْرِها، |
ويأخُذَ منها صَفوَها القُعدُدُ الوَغْدُ |
ذَرِينيَ من ضَرْبِ القِداحِ على السُّرَى، |
فعَزْميَ لا يَثنيهِ نَحسٌ، ولا سَعدُ |
سأحملُ نَفْسِي عندَ كلّ مُلمّةٍ |
على مثلِ حدّ السّيفِ أخلَصَهُ الهندُ |
ليَعْلَمَ مَنْ هَابَ السُّرى خَشيةَ الرّدى |
بأنّ قَضَاءَ الله لَيسَ لَهُ رَدّ |
فإنْ عشتُ مَحموداً فمثلي بغَى الغنى |
ليَكسِبَ مالاً، أو يُنَثَّ لَهُ حَمْدُ |
وإنْ مُتُّ لمْ أظفَرْ، فلَيسَ على امرِىءٍ |
غَدا طالباً، إلاّ تَقَصّيهِ، والجُهْدُ |