ضَلالا لَهَا، ماذا أرادَتْ إلى الصّدِّ، |
وَنحنُ وُقُوفٌ من فرَاقٍ على حَدِّ |
مُزَاوِلَةٌ إنْ تَخْلِطِ الوُدّ بالقِلَى، |
وَمُزمعَةٌ إنْ تُلحِقِ القُرْبَ بالبُعْدِ |
رأتْ لِمّةً عَلَيّ بَيَاضاً سَوَادَها |
تَعَاقُبُ مُبْيَضٍّ عَلَيها، وَمُسْوَدّ |
فَلا تَسألا عَنْ هَجْرِها، إنّ هَجرَها |
جنى الصّبرِ يُسقَى مُرُّهُ من جنى الشّهدِ |
وَلا تَعجَبَا من بُخلِ دَعدٍ بنَيلها، |
وفي النّفَرِ الأعلَينَ أبخَلُ منْ دَعْدِ |
أضَنَّ أخلاّءٌ، وَضَنَّ أحبّةٌ، |
فَلا خِلّةٌ تُصْفي، ولا صِلّةٌ تُجدي |
أيَذْهَبُ هذا الدّهرُ لمْ يَرَ موْضِعِي، |
وَلمْ يَدْرِ ما مقدارُ حَلّي وَلا عَقْدِي |
وَيَكسَدُ مثلي، وَهوَ تاجرُ سُؤدَدٍ، |
يَبيعُ ثَمينَاتِ المَكَارِمِ، والحمدِ |
سَوَائِرُ شعْرٍ جامعٍ بُدَدَ العُلا، |
تَعَلّقنَ مَنْ قَبلي، وأتعَبنَ مَن بَعدِي |
يقدر فيها صانع متعمل |
لإحكامها تقدير داود في السرد |
خَليليّ، لوْ في المَرْخِ أقدَحُ إذْ أبَى |
رِجالٌ مُؤاتَاتي، إذا لكَبَا زَنْدِي |
وَمَا عَارَضَتْني كُدْيةٌ، دونَ مَدْحِهم، |
فكَيفَ أرَاني دونَ معرُوفهمْ أُكْدِي |
أأضرِبُ أكْبَادَ المَطَايَا إلَيْهِمِ، |
مُطَالَبَةً منّي، وَحَاجاتُهمْ عندِي |
أبَى ذاكَ أنّي زَاهدٌ في نَوَالِ مَنْ |
أرَاهُ لنَقصِ الرّأيِ يزْهدُ في حَمدِي |
لأفحش تقصير الغني عن العلا |
كما يفحش الإقطار بالحازم الجلد |
رَحيلَ اشْتِيَاقٍ مُبْرِحٍ وَصَبَابَةٍ، |
إلى قرْيَةِ النّعمانِ، والسّيّدِ الفَرْدِ |
إلى سابقٍ لا يَعلَقُ القَوْمُ شَأوَهُ |
بسَعْيٍ، وَلاَ يُهْدَونَ منهُ إلى قَصْدِ |
إلى أبيَضِ الأخلاقِ، ما مَرّ أبْيَضٌ |
منَ الدّهْرِ إلاّ عن جَدى منهُ أوْ رِفْدِ |
جَديرٌ، إذا ما زُرْتَهُ عَنْ جَنَابَةٍ، |
وإنْ طَالَ عَهدٌ أنْ يكونَ على العَهْدِ |
وَإنْ أنا أهدَيتُ القَرِيضَ مُجَازِياً، |
فلَنْ يوكَسَ المُهدى إلَيهِ ولا المُهدي |
مُزَايَدَةٌ منّي وَمنْهُ، وَكُلُّنَا |
إلى أمَدٍ وَافَى النّصِيبَ من البُعْدِ |
تَشَذّبَ مَنْ يُعْطي الرّغَائبَ دونَهُ، |
وَبَانَ بهِ مَا بَانَ بالكَوْكَبِ السّعْدِ |
فَمنْ أينَ جئنا جَمّةً من عَطائِهِ، |
وَرَدْنا وَسَيْرُ العِيسِ خِمس إلى الوِرْدِ |
يَغُضُّ عَنِ المَرْفُوعِ منْ دَرَجَاتِهِ، |
وإنْ زِيدَ في سُلطانِ ذي تُدْرَإ نَجْدِ |
وَيُخشَى شَذاهُ، وَهوَ غَيرُ مُسَلَّطٍ، |
وَقَد يُتَوَقّى السّيفُ والسّيفُ في الغِمدِ |
إذا قارَعُوهُ عَن عُلا الأمرِ قارَعُوا |
صَليبَ الصَّفَا من دونها خَشِنَ الحَدّ |
ثَوَابَةُ، أوْ مَهْرَانُ يَقْتَضِيَانهِ الـ |
ـسّمُوَّ اقتضَاءَ الوَعدِ من مُنجِزِ الوَعدِ |
وَلَلسّيفُ ذو الحَدّينِ أجنى على العِدى، |
وأبأَسُ في الجُلّي من السّيفِ ذي الحَدّ |
مُعَوَّلُ آمَالٍ، يَرُحْنَ نَسيئَةً، |
وَيُصْبحُ مُنْسَوْها مُلَيَّينَ بالنّقْدِ |
وَقَدْ دَفَعوا بُخلَ الزّمانِ بجُودِهِ، |
وَلاَ طبّ حتّى يُدفَعَ الضّدُّ بالضّدّ |
مُقيمينَ في نُعْمَاهُ لا يَبرَحُونَها، |
فَواقاً وَلَوْ بَاتَ المَطيُّ بهمْ يَخْدِي |
يَفُوتُ احتفَالَ القَوْمِ أوّلُ عَفوِهِ، |
وَقد بَلَغُوا، أوْ جَاوَزُوا آخرَ الجُهْدِ |
مُخَفَّضَةٌ أقدَارُهُمْ، دونَ قَدْرِهِ، |
كما انخَفَضَتْ سُفلى تِهَامَةَ عن نَجدِ |
فكَمْ سَبَطٍ منهُمْ، إذا اختَبَرَ امرُؤ |
عُلالَتَهُ، ألْفَاهُ ذا خُلُقٍ جَعْدِ |
وَوَاجِدِ ملك أعوَزَتْهُ سَجيّةٌ، |
تُسَلّطُهُ يَوْماً عَلى ذلكَ الوَجْدِ |
فعُسرُكَ لا مَيْسُورُ نُكدٍ أشَائمٍ، |
وَهُونُكَ لا مَرْفُوعُ أحمِرَةٍ قُفْدِ |
لقَدْ كنتُ أستَعدي إلى الدّهرِ مَرّةً، |
فجئتُكَ من عَتبٍ على الدّهرِ أستعدي |
وَما كنتُ إذْ أنْحَى عَليّ بلاجيءٍ |
إلى فئَةٍ منْهُ، سَوَاكَ، وَلاَ رَدّ |
تَمُرُّ بأعْلَى جَرْجَرَايَاءَ صُحبَتي |
وَقد عَلموا ما جَرْجَرَايَاءُ من عمدي |
وَلاَ قِصْرَ بي عن ضَامنٍ، مُتَكَفِّلٍ |
بَوَائقَ ما يَطوِي الزّمانُ، وما يُبدي |
فأشْهَدُ أنّي في اختِيَاركَ دونَهُمْ |
مُؤدًّى إلى حَظّي، وَمُتّبِعٌ رُشْدي |
وأعْلَمُ أنّ السُّبْلَ مَا فَجَأتْكُمُ، |
بزَوْرٍ منَ الأقْوَامِ، مثلي، وَلا وَفْدٍ |