سلُوا، بعدَ تسآلِ الوَرى عنكمُ، عنْي، |
فقد شاهدوا ما لم يرَوا منكمُ منّي |
رأوْني أُراعي منكُمُ العَهدَ لي بكُم، |
وأحسنَ ظَنّاً منكمُ بي بكُمْ ظَنّي |
وقد كنتُ جمّ الخوفِ من جَور بُعدكم |
فقد نِلتُ لمّا نالَني جَوركُم أمني |
خطَبتُ بغالي النّفسِ والمالِ وُدَّكم، |
فقد عزّ حتى باتَ في القلبِ والذّهنِ |
ولمّا رأيتُ العِزّ قد عزّ عندَكم، |
ولا صبرَ لي بينَ المنيّة ِ والمنّ |
ثَنيتُ عِناني مَع ثَنائي علَيكُمُ، |
فأصبَحتُ والثّاني العنانِ هُوَ المُثني |
وليسَ أنيسي في الدُّجَى غيرُ صارِمٍ |
رَقيقِ شِفارِ الحَدّ مُعتَدِلِ المَتنِ |
وطِرْفٍ كأنّ المَوجَ لاعَبَ صَدرَهُ |
فيُسرعُ طَوراً في المِراحِ ويَستأني |
أميلُ بهِ بالسهلِ مرتفعاً بهِ، |
فيُحزِنُهُ إلاّ التّوَقّلَ في الحَزْنِ |
وما زالَ عِلمي يَقتفيني إلى العُلَى ، |
فيَسبُقُ حتى جاهَدَ الأكلَ بالأذْنِ |
وزرتُ ملوكاً كنتُ أسمعُ وصفهم، |
فيُنهِضُني شَوقي ويُقعِدُني أمني |
فلمّا تلاقينا، وقد برحَ الجفا، |
رأتْ مُقلَتي أضعافَ ما سمعتْ أُذني |
خطبتُ بوُدّي عندَهمْ لاهبَاتِهِمْ، |
فأصبحتُ بالعزِّ الممنَّعِ في حِصنِ |
إذا ما رأوني هكذا قيل: هكا ذا |
| ولو شاهَدوني راغباً رَغبوا عَنّي |
إذا ما أقمتُ الوزنَ في نظمِ وصفهم، |
تَجودُ يَداهمْ بالنُّضارِ بِلا وَزنِ |
تُعَيّرُني الأعداءُ بالبَينِ عَنهُمُ، |
وما كان حكمُ الدّهرِ بالبينِ عن إذني |
وتزعمُ أنّ الشِّعرَ أحنى فضائلي، |
وتُنكِرُ أفعالي، وقد علِمَتْ أنّي |
وقد شاهدتْ نثري ونظميَ في الوَغى ، |
لهامِ العِدى والنّحرِ بالضّرْبِ والطّعنِ |
وإن كان لَفظي يخرُقُ الحُجبَ وقعهُ |
ويدخُلُ أُذنَ السامعينَ بلا إذنِ |
ورُبّ جَسيمٍ منهُمُ، فإذا أتَى |
بنُطقٍ حمدتُ الصّمتَ من منطق اللُّكن |
ومستقبحٍ حتّى خبرتُ خِلالَهُ، |
فأيقنَ قلبي أنّهُ يوسفُ الحُسنِ |
فإن حَسدوا فَضلي وعابوا مَحاسِني، |
وذلكَ للتقصيرِ عنَها وللضِّغْنِ |
وتلكَ لعَمري كالنّجومِ زَواهرٌ، |
تقرُّ بها الحُسادُ رغماً على غَبنِ |
مَحاسِنُ لي من إرثِ آلِ مَحاسنٍ، |
وهَلْ ثَمَرٌ إلاّ على قَدَرِ الغُصن |
أظَلُّ وأُمسي راقدَ الجارِ ساهراً، |
سواميَ في خوفٍ وجاريَ في أمْنِ |
كأنّ كرَى عينيّ سيفُ ابنِ حمزة ٍ، |
إذا استُلّ يَوماً لا يَعُودُ إلى الجَفن |
فتًى لم تزَلْ أقلامُه وبنانُهُ، |
غذا نابَ جدبٌ، نائباتٍ عن المُزنِ |
ولوْ خَطّ صَرْفُ الدّهرِ طِرْساً لقصدِه |
لخطّ على العُنوانِ من عبدِهِ القِنِّ |
فتًى جلّ يوماً أن يُعَدّ بظالِمٍ |
لغَيرِ العِدى والمالِ والخَيلِ والبُدن |
ولاعُدّ يوماً في الأنام بغاصبٍ
|
أعادَ الأعادي في الحُروبِ تَجارِباً، |
جبالاً غدتْ من عاصفِ الموتِ كالعِهنِ |
فإنْ فلّتِ الأيّامُ في الحَربِ حدَّهُ، |
فما زالَتِ الأيَامُ في أهلِها تجني |
وإنْ أكسبتني بالخطوبِ تجارباً، |
فقد وهبتْ أضعافَ ما أخذتْ منّي |