الديار وراءك
حسن المطروشي*
الديارُ وراءكَ ،
ذاكرةُ البيدِ جارحةٌ ،
أوْهَمَتْكَ المَطالعُ
واليقظاتُ المَهيبةُ للبحرِ ،
أوْهَمَكَ الظلُّ ( قُلْ فتنةُ السنديانِ وغَفْلَتُهُ ) ،
أوْهَمَتْكَ البراري
تَبيتُ جِوارَكَ دائخةٌ في ولاداتها وجواثيمها ،
أوْهَمَتْكَ البروقْ.
الديارُ وراءكَ ،
والريحُ ضالعةٌ في العروقْ!
الديارُ وراءكَ ،
تلك مضاربُها والطلولُ ،
وتلك المواقدُ غارقةٌ في رمادِ المواويلِ ،
تلك هضابُ الجميلةِ ،
كنتَ تساورها بالقصيدةِ يوماً ،
وهذي نياقُك سائبةٌ في مياهِ الشروقْ .
الديارُ وراءكَ
فارقْتَها مُذْ هتفْتَ إلى صاحبيكَ
( الصدى والدخانِ ) :
قِفا نَحْكِ سيرةَ أحجارِنا للعراءْ .
الديارُ وراءكَ ،
والآن ها أنتَ
مرتبكٌ في الزمانِ على حدةٍ كالمقولةِ ،
خُضْتَ البحارَ التي لسْتَ تألفها
وتلبَّسْت بالعزلاتِ الأشدِّ خواءً ونأياً ،
شهدْتَ انصهارَ المواسمِ كأساً .. فكأساً ،
شهدْتَ أفولَ السلالاتِ إبَّانَ هجْعَتِها ،
وشهدْتَ عويلَ العواصفِ عند حوافِّ النهاراتِ ،
كنتَ تسوقُ اليمامَ إلى حلمكَ النبويِّ
لكيْ تسَعَ الأرضُ زقزقتينِ ،
وإمَّا تأوَّلَكَ المبْحرونَ وسابِلةُ الليلِ
أوْغلْتَ حتى تساقطْتَ مثل الوشايةِ
فوق ضفافِ العصور ...
العصور التي انزلقَتْ كلُّها في ظلامِ الوراءْ ؟!
*
شاعر عماني