هذي القصيدة نظمتُها في وَلَدي الأولُّ
الذي أسميتُه ضِيَاءْ حين كان في المهدِ صبياً، وذلك في شهر أيار من سَنَةِ سِتٍ
وستينَ وتسعمائةِ وألفٍ وكان عمره أربعة أشهر، استيقظت على صوته عند الفجرِ
وَبَدَأَتْ روحي تُنَاغِيهِ بهذه الكلمات، والآنَ وبعد مرور أربعٍ وعشرينَ من
السنين رَجَعتُ إلى القصيدة فاستخرَجْتُها من دفاتر الذِّكرياتِ وأضفتُ إليها
ورمَّمتُ بعضَ مَبَانيها من جديد، وأوضحتُ بعضَ مَعَانيها ليدُّبَّ في أوصالها نبضُ
الحياة وتعود إليها نضارةُ الشبابْ.
ملحوظة:
الظلمة لا يقهرها إلا الضياء، (وضياء) هو أول مولود للشاعر من أولاده الذكور، لقد
استعاض عن ظلمة العمى الذي لازمه منذ أن بلغ سنته العاشرة حيث فَقَدَ بصره بعد
إصابته بمرض الجدري، فعوّضه الله بهذا المولود الذي أسماه (ضياء) فكان حقيقة ضياءً
لعينيه وضياءً لشعره وكلمته وضياءً لحياته كلها.
تَـلـهُـو مع الأحلامِ في المهدِ
وتـحـرِّكُ الأطرافَ في iiجَذَلٍ
أفـأنـتَ في الصلواتِ iiمبتهلٌ
أَمْ أنـتَ فـي الملكوتِ iiمنطلقٌ
مـتـنـقـلٌ في روضها iiغَرِدٌ
بـيـن الـمـلائكِ سابحٌ iiجذِلٌ
قـلـبٌ نَـأَتْ عنه الهمومُ iiفلا
وفـمٌ عـن الفحشاء ذو iiخَرَسٍ
وطـفـولـةٌ فيها الحياةُ صفتْ
وأنـا الَّـذي قـد بِـتُّ iiمُدَّثراً
لـيـلٌ تـطاولَ رُحْتُ iiأقطعهُ
وهـمـومُ أفـكـارٍ تُـجاذبني
وأعـدُّ أيَّـامـي وحـاضِرَها
مـا يـنـفعُ الماضي iiوغابرهُ
يـا لـلـسَّرير يَضُمُّ iiمضجعه
والـقُـبْـلَـةُ النَّشْوى نُعَلُّ iiبها
وعـبـيـرُ طـيبٍ نستحمُّ iiبه
أبُـنَـيَّ إن جُزْتَ الحياة iiعلى
ورأيـتَ نُـعْـمـاها iiوشدَّتها
فـاحـفظْ عهودَ الأوفياءِ iiوَمَنْ
واردُدْ حقوقاً لو صَعْدتَ لها الـ
وإذا تـجـهَّـمَـتِ الحياةُ iiفَقُلْ |
|
كـالْـطَّـيرْ بين خمائلِ iiالوردِ
طَـلْـقَ الْـمُنَى مُتفائِلَ iiالسَّعدِ
لـلـه بـيـن الـشُّكر والحَمدِ
كـالـرُّوح أَمْ فـي جنَّة الْخُلْدِ
رانٍ إلـى وِلْـدَانِـهَـا iiالمُرْدِ
مـسـتـمـتعٌ بالعيشةِ iiالرَّغْدِ
يـشـكـوُ مـن الآلام iiوالسُّهْدِ
ويـدٌ عـن الآثـامِ فـي iiقَـيْدِ
عـنـد الـفقيرِ وواسع iiالرِّفْدِ
مـن مضجعِ الأحزانِ في iiبُرْدِ
بـين الأسى وقصائدي iiوحدي
كـالـمـوج بين الجَزْرِ iiوالمَدِّ
يـغـنـي عـن التِّذكار iiوالعدّ
قـد صار مثل الميْتِ في iiاللَّحدِ
فـي أضـلـعٍ أَحْنَى من iiالمهدِ
مـعـسـولةٌ أحلى من iiالشَّهدِ
كـالـمـسـك والريحانِ iiوالنَّدِّ
جـسـرٍ مـن الآمـالِ iiمـمتدِّ
ودرجـتَ بـيـن اللهو iiوالجِّدِّ
أَوْفَـى مـن الأبـنـاءِ iiبالْعَهْدِ
أفـلاكَ لا تـسـتطيعُ من iiرَدِّ
مـا أجـمـلَ الأيامَ في iiالْمَهْدِ |