يا سادتي عذراً..

وددت لقائكم في ساحة المسرى.

و لكني

هنا ما زلت من زمنٍ ..

أقاسي لوعة المنفى على أرضي .

و تذبحني سنين الدهر إذ مرت

لتطوي في الأسى عمري .

و لكني

أقاتلها بصخرٍ سلّه صبري .

*****

فخلف السلك لي أرضٌ

و لي بيتٌ و لي حقلٌ و لي شمسُ

و لي بدرٌ و لي كونُ

صبغت بلونهِ عمري ...

بنيت البيت من عرقي .

بطوبٍ ملئه طينٌ

و طوبٍ ملئه حبي ...

و لي في البيت أسرارٌ

و لي ذكرى

تخفف من مدى حزني.

سراج البيت لي شمسٌ...

يضيء الروح في جسدي .

و يدفعني بلا عجزٍ

لكي أنساب في فرحي .

و أجرارٌ من الفخار أملئها...

بطيب العيش

قبل الماء من نبعي.

و خبزٌ كنت أصنعه

على الطابون أخبزه.

وأجمعه بخير الأرض زوادة.

وأحملها إلي البيدر.

لألقى في الربا زوجي و أبنائي...

بكدٍ يحرثوا الأرضَ

وحُبٍ يبذروا القمحَ.

لكي تعلوا سنابلها تعانق

قبة المسرى.

زرعناها, بذرنا القمح فيها.

وارتوت تلك السنابلُ

قبل ماء النبعِ من عيني .

وبتنا تحت ضوء البدر يجمعنا

سلام الله في حبٍ...

وأنغامٍ لها ذكرى.

لنغدو مع شروق الشمس ِ

نحصد ما زرعنا في الربا .

لكننا

*****

لم نحصد؛!

و لم نجمع!..

فزعنا قبل أن تصحو

شموس الصبح أو تشرق.

وأشلاءٌ غدا الأحباب يا لهفي .

وآهاتٌ و أحزانٌ ..

كست من يومها دهري .

وعاد النهرُ كي يجري ..

بلونٍ أحمرٍ قاني.

وترسلها إلى الآفاق ..

شمسٌ  همهّا حالي ...

*****

فلملمنا بقايانا ..

وسرنا حيث لا ندري.

وتدفعنا إلى المجهول..

تدفعنا مدافع.

ويردينا رصاص الغدر..

يردينا بلا وازع .

و صرنا في الدنا حيرى

بلا اسمٍ

بلا بيتٍ

بلا وطنٍ

سوى أنّي أنا اللاجئ .

وتعطف غوثهم حيناً

بأكياسٍ وخيماتٍ..

لتنسينا بها الواقع.

وتبقى أرضنا ثكلى..

ويملكها يهود الغدر

يا لهفي بها قابع.

*****

تحشرج صوتها..

والدمع يهمي .

والقلب كاد من الأسى يسرى.

أطالت صمتها حيناً..

فقلت بلهفتي عودي

وقصي جدتي عودي.

بصوتٍ خافتٍ قالت:

ألا يكفي..

تكلمنا و نادينا و ما

من سامعٍ يصغي...

قضيتنا على رفٍ بخلف

زمانهم رفعت.

ولكني سأحميها وأفديها

وأدفع للثرى عمري .

تعالي يا ابنتي اقتربي ..

أنا منها ولكني ..

سيرحل يا ابنتي عمري.

خذي هذا بيمناك..

خذي المفتاح وانتظري .

غداً سنعود بالحناء يا وطني .

غداً سنعود يا وطني.

              


المراجع

odabasham.net

التصانيف

شعر  أدب  قصائد  شعراء