رعــاك الـلَّـه يــا أرض الـكـنانةْ ... وشــاد عــلاك خـفـاقاً وصـانـهْ
وأعـلى مـنك ما ترجو الغوالي ... ومـــا تـشـتاقه الـجـلّى وزانــه
وبــوّأك الــدراري وهــي تـزهو ... بــأنـك أنـــت أرفـعـهـا مـكـانة
بـنـوك الـشـهب والأيـام تـدري ... وأدري أنــهـم أهـــل الـفـطـانة
وأهــل الـعـلم والـفـن الـمجلّي ... وأهــل الـصـبر فـيـه والـتـقانة
بــنـاة لـلـحـضارة مـنـذ كـانـت ... بــنـوهـا بـالـجـمال وبـالـمـتانة
ومــذ كـانـوا فـهـم والـخلد نـدّ ... يـسـامـرهم ويـمـنحهم رِعـانـه
ويـرضـيـهم ويـعـلـيهم مـكـانـاً ... ويـهـديهم كـمـا رغـبـوا عِـنانه
وأدنـاهم وقـد صـنعوا المعالي ... فـكانوا حـيث حـلّوا مـهرجانه
وذاقــوا دهـرهـم حـلـواً ومـراً ... رضــوه مـكـدراً ورضـوا أمـانه
فـما خـافوا إذا عـصفت عـوادٍ ... ولا بــطـروا إذا أعـطـى لَـيـانه
مـآثـرهم حـسـان طــال فـيـها ... فـخار الـدهر إن ذكروا حِسانه
وإنــي عـاشق يـا مـصر حـسناً ... يميس على ثراك و لا مَجانة*
أيـا مـصر التي كرمت وطابت ... خـذي مـن عـاشق صب جَنانه
وشـعـري فـيك عـرفان وشـكر ... فـمـنك نـهـلت مـن قـدم بـيانه
سـكـنتِ جـوانحي أمّـاً رؤومـاً ... وقـد جـمعت إلـى الودّ الرزانة
ولـلـدنـيـا الـرحـيـبـة أنـــت أمّ ... تـصون وإن غـلا الثمن الأمانة
مـنحت الـناس جـودك حاتمياً ... ولا عـيـب ســرى فـيـه فـشانه
أبــحـت نـــداك لـلـعافين ورداً ... وقــد أتـرعـت مـن كـرم دنـانه
ومــا طـوي الـبساط ولا ذووه ... ومـا غـابوا ومـا نقصوا خوانه
ومــا مـنت عـوارفك الـزواهي ... فــجـود الـحـر يـنـسيه لـسـانه
يـكـون الـمـنُّ مــن كــرم دعـي ... وجـودك قـد أعزّ الصدق شانه
* * * ... * * *
أمــصـر وأنــت مـهـد لـلـمعالي ... بــنـيـت بــكـل غـالـيـة كـيـانـه
فـخار الـعرب كـنت ولا أغـالي ... وتـاج الـشرق مـرفوع الـمكانة
وأمَّ الـمـسـلمين ولـــم تــزالـي ... وبـيـتاً قــد أبـحت لـهم جِـنانه
وحـصـناً مـانـعاً ظـلـم الـليالي ... وكـفـاً هــز فـي الـبلوى سـنانه
وصُــنْـتِ الــضـاد عـالـيـةً ذراه ... وكـنتِ وقـد غَنيتِ له الخزانة
حـذار حـذار حـولك ألـف عـادٍ ... وأعـــداء الـفـضـيلة والـديـانة
ومـن رامـوك بـالسوأى وضلوا ... ومن رضعوا مع الغدر الخيانة
وأنــــت وحــبـلـك الـرحـمـن ... فـهـم فـانون والـباقي الـكنانة
يـموت الظلم فيك وإن تمادى ... ويـدفن فـي ثـراك ومـن أعانه
ومـــا جـــاء الــغـزاة إلـيـك إلا ... وعـــادوا بـالـصَّغَار وبـالـمهانة
* * * ... * * *
حـبـاك الـلَّـه نـيلك وهـو غـدق ... أتـــاح لــكـل مـحـروم جـفـانه
فـطاب بفضله الوادي وطابت ... عــلـى الـشـطين أثـمـار وبـانـة
فـكـان الـجـود أروع مــا تــراه ... وقـــد بـهـرت مـكـارمه زمـانـه
وأجـود مـنه عـمرو وهو يعلي ... على الفسطاط في جذل أذانه
هـمـا نـيلان مـن فـضل ونـبل ... ومــجـد تـعـلم الـدنـيا هـجـانه
* * * ... * * *
سـألت الـقلب أي الأرض خـير ... مـقـامـاً طـيـبـاً؟ قــال الـكـنانة
رعاك اللَّه يا أرض الكنانةْ=وشاد علاك خفاقاً وصانهْ
وأعلى منك ما ترجو الغوالي=وما تشتاقه الجلّى وزانه
وبوّأك الدراري وهي تزهو=بأنك أنت أرفعها مكانة
بنوك الشهب والأيام تدري=وأدري أنهم أهل الفطانة
وأهل العلم والفن المجلّي =وأهل الصبر فيه والتقانة
بناة للحضارة منذ كانت=بنوها بالجمال وبالمتانة
ومذ كانوا فهم والخلد ندّ=يسامرهم ويمنحهم رِعانه
ويرضيهم ويعليهم مكاناً=ويهديهم كما رغبوا عِنانه
وأدناهم وقد صنعوا المعالي=فكانوا حيث حلّوا مهرجانه
وذاقوا دهرهم حلواً ومراً=رضوه مكدراً ورضوا أمانه
فما خافوا إذا عصفت عوادٍ=ولا بطروا إذا أعطى لَيانه
مآثرهم حسان طال فيها=فخار الدهر إن ذكروا حِسانه
وإني عاشق يا مصر حسناً=يميس على ثراك و لا مَجانة*
أيا مصر التي كرمت وطابت=خذي من عاشق صب جَنانه
وشعري فيك عرفان وشكر=فمنك نهلت من قدم بيانه
سكنتِ جوانحي أمّاً رؤوماً=وقد جمعت إلى الودّ الرزانة
وللدنيا الرحيبة أنت أمّ =تصون وإن غلا الثمن الأمانة
منحت الناس جودك حاتمياً=ولا عيب سرى فيه فشانه
أبحت نداك للعافين ورداً=وقد أترعت من كرم دنانه
وما طوي البساط ولا ذووه=وما غابوا وما نقصوا خوانه
وما منت عوارفك الزواهي=فجود الحر ينسيه لسانه
يكون المنُّ من كرم دعي=وجودك قد أعزّ الصدق شانه
* * *=* * *
أمصر وأنت مهد للمعالي=بنيت بكل غالية كيانه
فخار العرب كنت ولا أغالي=وتاج الشرق مرفوع المكانة
وأمَّ المسلمين ولم تزالي=وبيتاً قد أبحت لهم جِنانه
وحصناً مانعاً ظلم الليالي=وكفاً هز في البلوى سنانه
وصُنْتِ الضاد عاليةً ذراه=وكنتِ وقد غَنيتِ له الخزانة
حذار حذار حولك ألف عادٍ =وأعداء الفضيلة والديانة
ومن راموك بالسوأى وضلوا=ومن رضعوا مع الغدر الخيانة
وأنت ــ وحــبلك الرحمن ــ =فهم فانون والباقي الكنانة
يموت الظلم فيك وإن تمادى= ويدفن في ثراك ومن أعانه
وما جاء الغزاة إليك إلا=وعادوا بالصَّغَار وبالمهانة
* * *=* * *
حباك اللَّه نيلك وهو غدق=أتاح لكل محروم جفانه
فطاب بفضله الوادي وطابت=على الشطين أثمار وبانة
فكان الجود أروع ما تراه=وقد بهرت مكارمه زمانه
وأجود منه عمرو وهو يعلي=على الفسطاط في جذل أذانه
هما نيلان من فضل ونبل=ومجد تعلم الدنيا هجانه
* * *=* * *
سألت القلب أي الأرض خير=مقاماً طيباً؟ قال الكنانة