پترونيوس
هذه المقالة هي عن المؤلف الروماني پترونيوس. لمعلومات عن الاستخدامات الأخرى للاسم، انظر پترونيوس (توضيح).
پترونيوس
Petronius
بترونيوس، صورة من كتاب Favissae, بقلم هنريكوس سپور، Gerardi Muntendam, 1707، ص. 101.
ولد: ح. 27 م
مساليا (مارسليا القديمة)
توفي: ح. 66 م
كوماي
الوظيفة: روائي
أعظم أعماله: ساتيريكون Satyricon
«مصرع پترونيوس»، بريشة قسطنطين إيگوروڤيتش ماكوڤسكي، 1904
گايوس پترونيوس أربيتر Gaius Petronius Arbiter (ح. 27–66 م) كان رجل بلاط روماني في عهد نيرون. ويـُعتقد أنه مؤلف ساتريكون Satyricon، الرواية الساخرة التي يـُعتقد أنها كـُتبت في عهد نيرون.
ولسنا واثقين من أن بترونيوس الذي لا يزال كتابه المسمى الساتريكون Satyricon يجد له كثيراً من القراء هو نفسه كيوس بترونيوس Caius Petronius الذي قُتل بأمر نيرون بعد عام من مقتل لوكان. وليس في الكتاب كله كلمة واحدة يمكن أن يُستدل منها على هويته؛ ولا يذكر تاكيتوس في وصفه القوي البليغ لهذا "الحاكم الظريف" كلمة واحدة عن هذه الآية الأدبية التي بلغت في سوء السمعة. وتعزى نحو أربعين مقطوعة فكهة إلى كاتب يدعى بترونيوس ومنها بيت يكاد يمثل فلسفة لكريوشيوس كلها وهو: "إن الخوف هو الذي أوجدالآلهة في العالم أول الأمر"(3) ولكن هذه النتف أيضاً لا تذكر شيئاً يفصح عن حقيقة مؤلفها.
الساتيريكون - طبعة پيير پيثو، پاريس 1587 (Exemplar Th. Völker، برلين)
وكتاب الساتريكون مجموعة من الهجاء يغلب على الظن أنها كانت في ستة عشر كتاباً لم يبق منها إلا الكتابان الأخيران، وحتى هذين الكتابين ناقصان. واسمها مشتق من ساتوري Saturae اللاتينية ومعناها "خليط"-وهي تارة نثر وتارة شعر، وتختلط فيها المغامرت في الفلسفة، وجراحة المعدة بالصيد، وهي مدينة في صورتها هذه لكتب منبس Menippus الهجائية؛ ومنبس هذا فيلسوف سوري كلبي Cynic كان يقيم في گدارا Gadara وفيها كتب مؤلفه عام 60 ق.م، ومنها "القصص الميليزية" Milesian أو الروايات الغرامية التي انتشرت في العالم ذي الحضارة اليونانية. وإذ كان ما لدينا من أمثلة أهذا النوع من الكتابات إنما يرجع إلى ما بعد عصر بترونيوس فإن كتاب الساتريكون يمتاز عن أمثاله من الكتب بأنه أقدم رواية قصصية معروفة.
ولا يكاد الإنسان يصدق أن رجلاً مترفاً أرستقراطياً نبيلاً، اشتهر بذوقهِ الراقي، ينزل إلى الدرك الذي نزل إليه كتاب الساتريكون. إن كل ما فيهِ من الشخصيات تالعاملة من العامة، والأرقاء السابقين، وكل ما فيه منم المناظر مأخوذ من أسفل أنواع الحياة؛ وبه ينتهي فجاءة العهد الأغسطي الذي كانت تؤخذ فيه موضوعات الأدب من حياة الطبقات العليا. فإنكلبيوس Encolpius الذي تروى القصة على لسانهِ زان، مخنث، كاذب، لص، يرى من الطبيعي أن يكون كل ذي عقل على شاكلته. وهو يقول عن نفسه وعن صديقه: "لقد اتفقنا فيما بيننا على أن نختلس كل ما تصل إليه أيدينا كلما أتيحت لنا فرصة الاختلاس، لنملأ به خزينتنا المشتركة"(4). وتبدأ القصة في بيت للدعارة، يلتقي فيه إنكلبيوس بأسكيلتوس Ascyltos بعد أن لجأ هذا إلى ذلك المكان فراراً من محاضر في الفلسفة، ومغامراتهما بين مدن إيطاليا الجنوبية وكهوفها هي الرباط الذي يربط أجزاء القصة المبعثرة، كما أن تنازعهما على جبتون Giton الغلام الرقيق الوسيم هو الذي يفرق بينهما في قصة اللصوص الغرامية. ويصل الرجلان آخر الأمر إلى بيت التاجر تريملكيو Trimalchio، ثم يدور الجزء الباقي لدينا من الكتاب حول وصف السنا تريملكيونس Cina Trimalchionis وهو أعجب غداء في الأدب كله.
وتريملكيو هذا عبد سابق جمع ثروة طائلة واشترى ضياعاً واسعة، يحيا حياة المترفين الحديثي النعمة، بين جدران قصر وفي جو ملئ بالاضطراب. وقد بلغت ضياعه من الاتساع حداً لا بد معه من كتابة صحيفة يومية يعرف بها مكاسبه، وهو يطلب إلى ضيوفه أن يشربوا ويقول:
"إذا لم يعجبكم الخمر استبدلت به غيره، ولست مضطراً إلى شرائهِ وذلك ما أحمده للآلهة. إن كل ما يُسيل لعابكم في هذا المكان قد جاءني من إحدى مزارعي التي لم أرها بعد؛ ولكنهم يقولون لي إنها في طريق ترسينا Terracina وتارنيم، وإني أفكر في أن أضم صقلية لأملاكي الصغيرة الأخرى، حتى إذا ما أردت أن أسافر إلى أفريقية استطعت أن أسير مجأوراً لشواطئ أملاكي...وإذا ما حدثتكم عن الفضة فإني أحدثكم عنها حديث الخبير؛ فعندي منها أقداح في حجم دنان الخمر...وعندي ألف جفنة تركها مميوس Mummius لسيدي...وأنا أشتري الأشياء بأبخس الأثمان وأبيعها بأغلاها؛ وقد يكون لغيري من الناس آراء غير هذه الآراء(5). وهو رغم هذا رجل ظريف، يسب عبيده ولكنه يعفو عنهم من فوره، وهم من الكثرة بحيث لا يعرف صورته منهم إلا عشرهم، وهو لا ينسى أنه في الأصل عبد مثلهم ولذلك يقول عنهم قولاً كريماً: "إن العبيد رجال قد رضعوا اللبن الذي رضعناه...وسوف يشرب عبيدي إذا طال بهم العمر الماء الذي يشربه الأحرار". وهو يبرهن على حسن نواياه بأن يأمر بإحضار وصيته وقراءتها على ضيوفه فيجدون فيها أموالاً مخصصة لقبريته التي يختمها بقولهِ مفتخراً إنه "اغتنى من لاشيء، وإنه ترك وراءه ثلاثين مليون سسترس، وإنه لم يستمع قط إلى فيلسوف"(6).
واختص وصف العشاء بأربعين صفحة، وإن عدداً قليلاً من الجمل لتكفي لوصف نكهته:
وكانت لدينا صينية مستديرة نقشت على أطرافها أبراج النجوم، وقد وضع الخادم على كل برج خير مايلائمه من الطعام؛ فوضع جلبان الضأن على برج الحمل ولحم البقر على برج الثور...ورحم خنزيرة لم تلد على برج السنبلة...ووضع على برج الميزان كفتين في إحداهما فطيرة وفي الأخرى كعكة...وأقبلت أربعة راقصات مسرعات ليرفعن الغطاء عن الطعام. وكان من تحته طيور محشوة، وبطون خنازير، يتوسطها أرنب، وفي الجوانب أربعة تماثيل لمارسياس Marsyas يخرج من مثاناتها حساء متبل يقع على سمك يسبح في الصحاف...ثم جاءت صينية أخرى عليها خنزيرة، علقت في أنيابها سلال مثقلة بالبلح، ومن حولها صغارها مصنوعة من الفطائر... ولما دفع الخادم السكين في جانب الخنزيرة طار منها طير السماني وحط كل واحد على ضيف من الأضياف(7).
ثم تدخل الحجرة أربعة خنازير بيضاء ويختار الضيوف ما يريدون أن يطهى لهم منها؛ ويشوى لهم ما يختارونه وهم يطعمون؛ ويؤتى لهم به، فإذا قطع خرجت من بطنه أمعاؤه المحشوة والفطائر. وإذا قدمت الحلوى لم يجد أنكلبيوس لديه شهية لنتأولها، ولكن ترملكيو يحث ضوفه على الأكل ويؤكد لهم أن الحلوى قد صُنعت كلها من لحم الخنزير. ويدلى خطاف من السقف، يحمل لكل ضيف إبريقاً من المرمر مملوءاً بالعطر ويملأ العبيد أقداحاً فارغة بالخمر المعتق. وتذهب الخمر بعقل تريملكيو فيغازل غلاماً، وتحتج عليه زوجته البدينة، ويقذفها بكأس في رأسها ويقول: "إن هذه العاهر السورية الرقاصة ضعيفة الذاكرة، فلقد انتشلتها من سوق النخاسة وجعلتها امرأة، وهاهي ذي تنفخ أوداجها كالضفدعة....وهذه سنة الخلق إذا ولدت في علية تحت سطح منزل، فلن تستطيع أن تنام في قصر"(8) ثم يامر قهرمانه أن يبعد تمثالها عن قبره "وإلا فإنها ستؤنبني حتى بعد أن اموت".
هذا كتاب في الهجاء القوي المقذع، واقعي في تفاصيله وحدها، ولا يصدق إلا على قسم صغير من الحياة الرومانية. وإذا كان كاتبه هو بترونيوس الذي عاش في عهد نيرون، وجب علينا أن نعده هجاء مقذعاً للأغنياء المحدثين من الأرقاء المحررين، كتبه رجل من الأشراف، ولم يكسب قط بعملهِ ما كان له من المال. والكناب كله خلو من الرحمة ليس فيهِ شيء من العطف على الناس، ولا يهدف إلى مثل أعلى، ويرى كاتبه أن الفساد وسوء الخلق أمر طبيعي لا غبار عليهما، وتعرض فيه حياة السوقة من الناس عرض من يستمتع بها ويعجب بها ولا يعلق بكلمة ما عليها. وفي هذا الكتاب تنساب الأقذار انسياباً سريعاً إلى الأدب الروماني، وتحمل إليه أحكام أصحابها، وأذواقهم، وألفاظهم الوقحة، وحيويتهم المرحة. وترى القصة أحياناً تصل إلى أعلى درجات السخف والبذاءة والسباب لتي تتوج ملحمة جرجنتوا وبنترجول، وتعد تمهيداً لقصة "الأتان الذهبية" لأپوليوس Apuleius وتضارعها جيل بلاس Gils Blas التي كُتبت بعدها بسبعة عشر قرناً، وتواصل قصتنا ترسترام شاندي Tristram Shandy، وت جونز Tom Jones ما في قَصَصِها من التواء، وجملة القول أن هذا الكتاب هو أعجب كتاب في الأدب الروماني كله.
المراجع
www.marefa.org/index.php/%D9%BE%D8%AA%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88%D8%B3موسوعة االمعرفة
التصانيف
الأبحاث