أسحبُ سفينتي
على ضيقِ المضاحلِ والأرصفةِ
في آخرِ المدنِ
منذُ عهدي بهِ
هامشا بعيدا
طريقٌ مزفتٌ يصلُ بينَ مدينتين
يحاذي أطراف قريةٍ من البساتينِ ذات الظلال الدافئة
غيَّبت عنها الحياة
ليسَ الحبُّ مدينتي
ليسَ مدينتي وليس مدينة أحد
أسحبُ وجهي خلفي
لا أنعطفُ لا أدور
يكبرُ سر تصاغر الأشياء في قلبي
قد غيّبني الصوتُ الأخير
الحبُّ لم يعد إلا لأهلهِ
 نافذة سحريه
وسرير مريض
حقيبتي طافحةٌ بالرسائلِ والقصائد والقصص
أغتصبُ ضحكةٍ مستسلمة
تمرُّ بي دائما ضحكات من هذا النوع
حين أخمِّن أن الجهاتَ كل الجهات في أفقنا مشتركه
موجودة
هكذا
مجردُ تخمين
سحر استشعارات وآمال...و...و..
فكرةٌ جامدةٌ لسِمَة أخلاقية في رأس كل إنسان
حين يسمو الحس فيبعده عن اليقين
يحملها معه كالبندقية المملوءة بالثقة
وعلى رصيفٍ ما
تضحكهُ كالمجنون
مُعَوِّضاً كل المواهب...
أحرقتُ رسائلي كلها
كانتْ قصائد الحب تحاولُ الانفلات خوفا من الحريق
وصدى صوتها إيقاع غريبٌ يضربُ في الليل
وأنا لا أتورَّع عن وضع قدمي بازْدِراء على رقبة قلبي المهزوم
حتى أصبحَ مهجوراً
ليست الطبيعة هي اللحن الذي يمتطي الأرض
حين تبدو فكرة ما في الأفقِ المنحني كصفّاً حاملا أوهامك
اللحن هو الجوعُ في قرارة روحك أنت
يؤكّدُ الأشياء
في طبعك الذي تَرزَح تحته الدهشة الأولى
وأنت مكسوا بأسمال وأسمال
خلفك صرحا من ملامحِ العصبية والنفور
هي فرحة العين نراها دائما نبع من الأمل الوفير
همسٌ متبادلٌ مع الطبيعة يبحثُ عن إجابة لسؤال ما
تضربُ أصواته رأسك فوق صفحة الوجه الصافي من الشراسة والنور
وأنتَ تغزو السكون مثقلا بالعبثِ واليأس
تلتقي بنفسك العارية
أجلْ
بِضعة أمتارٍ من هنا للصمت الحانق
وتفلس من عوالم ليست لكَ أبداً
تقفان معاً بلا مواعيد مسبقة
تحدثك عن الشمس في أواخر أيلول
ومن الشمس إلى الشمس التي أشرقت قبلها
ترسُمها لك
تبدو وكأنها تتشكّل كخطوط متعرجة على خريطةِ السماء الواسعة
وربما ككتاب جيد....ووحيد لا تطاله الرؤية
أو لوحة
لا تميز بها في العتمة بعض التعابير
رفاهية قديمه تغطي هذا الكوكب المظلم
تختزلُ آلاف الأميال من
الوضوح ساطع الجمال الذي يلحُّ عليك ويرهقك
وحينَ تضجر من نفسك تصطدم
عل عتبة ما
بلحظة ما
هذه مغامرة الصمت الأكيدة
يستولي دائماً على أنغامِ المتشرّدين الباردة الجسد
يبشّرك بشتاءٍ آخر
وأنت تصغي لأبواق البعث من أيدي السماء
تحملك شيئا فشيئا,  تحرقُ جحيم فظاظتك
أيها الكائنُ القبيحُ المتّسخُ المتعبُ
في غرفك الضيقة المزدحمة بالحواس
تضرِبُ في الّليل أنفاسك
لتهرب من هواء احتراقك الفاسد
تمتصّ عيونك اللحظات ملجوما بأحزانك
وتضرِبُ في اّلليل
بعيداً عنِ الواقعِ كّله
لتُبعث من جديد رحلة الألف ميل  
في حضرة شهودٍ من الدِّفء بجرسه المنهك
والحيرة المزمنة بصُحبتك
كأنَّكما صديقين قديمان كانوا أرواحا أكثر منهم أجسادا
يلتقيان بعد فراقٍ طويل
تتبادلان الحديث بجرأة وبلا حذر
باستخفافٍ هادئٍ للعْمرِ يتفتَّتُ مكركما
تَضرِبان اّلليل هلاككما الأبدي
وتَضرِبان الّليل غضاضتكما الفتيه
وتَضرِبان اّلليل المخالف للمألوف
وتَضحكان الحياةِ هزلاً وغروراً
وتصطنعان ازدراء لكل الأشياء اللصيقة بالحب
وتخرقان أبسط قوانين القلب
وتقتلان الشتاء القادم
حتى
يتكسر
وجهيكما.

 

 ليس الحب مدينتي.

بقلم: نائله خطيب.


المراجع

odabasham.net

التصانيف

شعر  شعراء  أدب   الآداب