تجسد الرواية قصة الصراع الابدي (الانسان والحياة )..بين الانسان والانسان من جهة، والانسان وقساوة قوى الطبيعة من جهة اخرى.. وترمز الى قوة الارادة ورباطة الجاش والثار للذات بكل مفاهيمها اذا مااستجمعها الانسان ليصل الى مايريد فيتمكن من عمل المستحيل في سبيل تحقيق ذلك.

(سانتيكو) الصياد العجوز او شيخ البحر الذي اصطاد سمكة المارلين العظيمة وصرع القرش ليثبت ذاته وانه مازال قادرا على العطاء رغم تقدمه بالسن وثارا من الصيادين الذين نعتوه بالعجز والنحس..

رحلته التي استغرقت اربعا وثمانون يوما استهلها برفقة غلام صغير كان يحب العجوز ويرعاه لكنه لم يحصل على سميكة واحدة عند مرافقته بالبحر مما حدا بابويه ان يمنعانه من مرافقة العجوز ووصفه بالمنحوس..تركه الغلام وعمل عند صياد اخر لكنه كان يحز في نفسه رؤية العجوز عائدا في المساء وهو يلملم اذيال خيبته والزورق فارغ، فكان يهرع اليه يلملم الحبال وعدة الصيد والشراع الابيض الذي كان بالنسبة اليه كعلم الاستسلام والهزيمة..

كان العجوز عازما على الانتقام لكرامته التي استباحها الصيادون بسخريتهم، فقرر في اليوم الخامس والثمانون خوض المغامرة، فنزل البحر وحيدا تتملكه مشاعر شتى من الالم والثار ..

وضع الطعم وعلقت به سمكة المارلين الكبيرة التي تفننت كي تفلت منه لكن دون جدوى، وبدلا من ان يسحبها سحبته وراءها بحركات دائرية وكانه شئ صغير في مهب اعصار كبير ورغم اعجابه الشديد بهذه العملاقة وتشبثها بالحياة لكن عليه ان يقتلها لان في النهاية يجب ان يكون رابحا واحدا، ورغم معاناته الشديدة في التغلب عليها ورغم محاولاتها اليائسة لقلب القارب لكنه تمكن منها اخيرا بعد ان اعطته درسا في الاصرار والتحدي، فبعض الاحيان ياخذ الانسان درسه وعبرته من حيوان او ماشابه ليكون له ندا وليس بالضرورة ان يكون انسانا، فالطبيعة فيها مايكفي من العبر والدروس ..

وتستمر معاناة (سانتياغو) شيخ البحر وبالفعل انه شيخ البحر بما جسده من اصرار على استجماع كل ما اوتي من قوة لاثبات ذاته فكان ملحمة انسانية بمنتهى الاصرار والتحدي لاثبات قوة الارادة..

كان على سانتياغو التغلب على القرش بعد ان اثارته دماء مارلين تاركة خطا احمرا وسط البحر يثير لعابه..

خاض العجوز معركته مع القروش بما تبقى لديه من قوى خائرة وتمكن منهم بعد عدة نزالات كادت ان تودي بحياته، كان يستذكر كل مواطن القوة في اوج عظمته وشبابه في حانات كازابلانكا وهو يمارس لعبة اليد الحديدية فتعطيه دفعة من الادرنالين لكي يستمر في المقاومة..في البداية كان يفكر بكمية اللحم المكتنزة في جسم المارلين ومن يستحق ان ياكلها وكمية النقود التي سيحصل عليها، لكن سرعان ماتلاشت الرغبة في جمع المال لتحل محلها الرغبة في العودة الى الحياة..

وصل سانتياغو الشاطئ بهيكل مارلينته التي جعلته يتربع من جديد على عرش الصيادين بعد ان اثبت ذاته وارادته وهزم كل مامن شانه ان يحط من قدره كانسان وان يضعه في ميزان العجز المقيت وان الانسان قادرا على العطاء رغم كل شئ..

ولد ارنست همنغواي الروائي الامريكي في ولاية الينوا عام 1899

وتعتبر روايتة الشيخ والبحر من روائع الروايات في القرن العشرين ذات السرد الممتع المشوق التي تشد القارئ بكل مشاعره ليعيش حالة البطل الواحد الذي يتفانى من اجل تحقيق هدفه..

مريم لطفي



المراجع

almothaqaf.com

التصانيف

روايات أمريكية  روايات   الآداب