حياء الخلافة العباسية في مصر بعد أن سقطت في بغداد رُوّع المسلمون بسقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية في (30 محرم 656 هـ ـ 6/2/ 1258م) في أيدي المغول . بعدما ظلت تحكم معظم أنحاء العالم الإسلامي خمسة قرون، وكذلك روعوا بمقتل الخليفة المستعصم،ويعد المؤرخ ابن الأثير سقوط الخلافة كارثة لم يحل مثلها بالعالم من قبل. ويقول: فلو قال قائل منذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم وإلى الآن: لم يبتلَّ العالم بمثلها لكان صادقًا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقابلها ولا ما يدانيها، ثم اجتاح المغول الشام، حتى كانت معركة عين جالوت في (26 رمضان سنة 658هـ ـ 3/9/ 1260م) . التي أوقفت زحف المغول،وكان من نتائج هذا النصر أن أصبح أمر إعادة الخلافة العباسية ممكنًا، فما إن علم السلطان قطز بطل معركة عين جالوت، حين قدم دمشق بوجود أمير عباسي يدعى "أبا العباس أحمد" حتى استدعاه، وأمر بإرساله إلى مصر، تمهيدًا لإعادته إلى بغداد، وإحياء الخلافة العباسية. ولما تولى بيبرس الحكم بعد مقتل قطز أرسل في طلب الأمير أبي العباس أحمد، الذي كان قد بايعه قطز في دمشق، لكنه لم يحضر، وسبقه إلى القاهرة أمير آخر من أبناء البيت العباسي اسمه "أبو القاسم أحمد" واستعد السلطان الظاهر بيبرس لاستقباله فخرج للقائه. ولما وقع نظر السلطان على هذا الأمير العباسي ترجل عن فرسه إجلالا له، وعانقه، وركب معه يتبعهما الجيش حتى وصلا إلى القلعة، وهناك بالغ السلطان في إكرامه والتأدب معه، فلم يجلس على مرتبة ولا فوق كرسي بحضرة هذا الأمير العباسي. وفي يوم الإثنين (13 رجب 659 هـ ـ 19/6/ 1260 م) عقد السلطان مجلساً بالقلعة حضره القضاة والعلماء والأمراء، وشيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام، وكبار رجال الدولة، وفي هذا المجلس شهد العرب الذين قدموا مع الأمير العباسي بصحة نسبه. وأقر هذه الشهادة قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز وحكم بصحة نسبه وبايعه بالخلافة، ثم قام بعد ذلك الظاهر بيبرس وبايعه على العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، وأخذ الأموال بحقها، وصرفها في مستحقتها، ثم قام الحاضرون بمبايعة الخليفة الذي تلقب باسم الخليفة المستنصر بالله. خرج السلطان مع الخليفة إلى دمشق، ثم خرج الخليفة لمواجهة المغول الموجودين قي بغداد، الاّ ان الخليفة خسر المعركة التي وقعت بالقرب من الأنبار في (محرم 660 هـ ـ كانون الأول 1261م)، وقُتل هو ومعظم من كان معه، في المعركة. ثم أستدعى بيبرس الأمير "أبي العباس أحمد" الذي سبق أن بايعه قطز، فوصل إلى القاهرة في (ربيع الآخر 660 هـ ـ آذار 1262م) واحتفل بيبرس بقدومه، وأنزله البرج الكبير بقلعة الجبل. وعقد له في (8 من محرم 661 هـ ـ 21 /11/ 1262م) مجلسًا عامًا بالديوان الكبير بالقلعة، ولقب بالحاكم بأمر الله، وبايعه السلطان على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، فلما تمت البيعة وقُلّد أمور البلاد والعباد أُحييت الخلافة العباسية للمرة الثانية بالقاهرة واستمرت الخلافة العباسية بمصر إلى أن فتحها العثمانيون على يد السلطان "سليم الأول".

المراجع

www.alrashead.net/index.php?partd=2&derid=1783

التصانيف

سياسة