صلاح الدين الأيوبي يقطع الخطبة للخليفة الفاطمي ويعلن انتهاء الدولة الفاطمية استأثر وزراء الدولة الفاطمية بالنفوذ منذ النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وبدأ عصر الوزراء الذين يقبضون على مقاليد الأمور ويختارون ويستبدون بالأمر دون الخلفاء الفاطميين. ويُسيِّرون شؤون الحكم حسبما يريدون، وبرز عدة وزراء كالأفضل بن بدر الجمالي في عهد المستعلي بالله، والآمر بأحكام الله،حتى تولى الوزارة صلاح الدين الأيوبي في عهد الخليفة العاضد، آخر خلفاء الفاطميين. ولاية العاضد في ظل سيطرة الوزراء على الدولة، اختار طلائع بن رزيق الوزير الفاطمي "عبد الله بن يوسف بن الحافظ" من أبناء البيت الحاكم خليفة للدولة، ولقبه بالعاضد لدين الله، سنة (555هـ ـ 1160م)، وعمره لا يتجاوز عشر سنين)، وكان من عادة الوزراء في نهاية عصر الدولة الفاطمية اختيار خلفاء من صغار السن. حتى يسهل عليهم تصريف شؤون الدولة دون تدخل من أحد، غير أن العاضد نجح بمساعدة بعض الأمراء في التخلص من وزيره المستبد بالأمر دونه سنة (556هـ ـ 1161م) وأحل مكانه في الوزارة ابنه العادل بن طلائع، وظل في الوزارة سنتين حتى خلعه "شاور" والي الصعيد سنة (558هـ ـ1163م). الصراع على الوزارة ونظرا لأن منصب الوزارة كان محط أنظار كثيرين من قادة الجيش وكبار رجال الدولة؛ فقد قامت منافسات للظفر بهذا المنصب؛ فنجح "ضرغام" أحد كبار رجال الدولة في خلع شاور. وجلس مكانه في منصب الوزارة؛ فهرب شاور إلى الشام مستنجدا بـ"نور الدين محمود" صاحب دمشق؛ ليعيده إلى منصبه، وفي الوقت نفسه استنجد ضرغام بـ"عموري" الصليبي ملك بيت المقدس. لبى كل من نور الدين محمود وعموري نداء مَن استنجد به؛ فأرسل نور الدين حملة بقيادة أسد الدين شيركوه، ومعه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي وعمره سبعة وعشرون عاماً. وحضر الصليبيون إلى مصر بقيادة عموري، وتتابعت حملات نور الدين وعموري على مصر، حتى بلغ عددها ثلاثا، وانتهى الأمر بهزيمة الصليبيين، وانتصار حملة نور الدين، والقضاء على الوزيرين المتنافسين، وتقليد أسد الدين شيركوه منصب الوزارة . عملة ذهبية تحمل اسم العاضد آخر خليفة فاطمي أصبح أسد الدين صاحب السلطان الفعلي في البلاد بعد أن اختاره العاضد وزيرا له، ولقبه بالملك المنصور أمير الجيوش، وقلده جميع أمور الدولة، فاستطاع في فترة قصيرة قضاها في الوزارة أن يقبض على زمام الأمور في البلاد غير أنه تُوفِّي بعد أن ظل في منصبه ما يقرب من ثلاثة أشهر، وخلفه في منصبه ابن أخيه صلاح الدين. صلاح الدين والنهاية شرع صلاح الدين في تثبيت مركزه في البلاد، وتقوية نفوذه وسلطانه؛ فاستمال قلوب الناس نحوه بحسن سياسته، وكسب ثقتهم بعدالته ونزاهته، فأسند مناصب الدولة إلى أنصاره. وأبعد كبار رجال الخليفة عن القاهرة، وأضعف نفوذهم، وأخذ إقطاعاتهم ومنحها لرجاله وقواده، ومنع الخليفة من الاتصال بالناس؛ فصار سجين قصره، وجعل اسم نور الدين محمود يأتي في الخطبة بعد الخليفة الفاطمي. أثار ذلك حنق أهل القصر وأتباع الخليفة الفاطمي وجنده من السودان؛ فدبروا مؤامرة لاغتيال صلاح الدين في أواخر سنة 564هـ غير أنه علم بالمؤامرة؛ فقبض على زعيمها، وقمع الثائرين عليه. ثم خطا صلاح الدين خطوة كبيرة نحو القضاء على الدولة الفاطمية بإحلال المذهب السني محل الفكر الشيعي؛ فعمل على إنشاء المدارس لتدريس المذهب السني. وكانت المدرسة الناصرية التي أُنشِئت في الفسطاط لتدريس المذهب الشافعي أول مدرسة أنشأها صلاح الدين في مصر، ثم تلاها بإنشاء مدرسة أخرى لتدريس المذهب المالكي، ثم تبعه أفراد أسرته ورجال دولته، فأنشؤوا مدارس أخرى لتدريس المذهب السني. ثم عزز ذلك بتعيين صدر الدين عبد الملك بن درباس الشافعي قاضيا للقضاة؛ فجعل القضاء في سائر الديار المصرية شافعية؛ فاستعاد بذلك المذهب السني قوته، وأخذ الفكر الشيعي في الاختفاء تدريجيا حتى لم يبقَ له أنصار في مصر. وعلى الرغم من انفراد صلاح الدين بحكم مصر دون أن ينازعه منازع، لكنه لم يسارع إلى إقامة الخطبة للخليفة المستضيئ بنور الله العباسي، وأعرض في بادئ الأمر عن تنفيذ رغبة نور الدين محمود في إحلال اسم الخليفة العباسي محل الخليفة الفاطمي، واعتذر بتخوفه من أن يثير هذا العمل غضب أهل مصر. غير أن صلاح الدين إزاء إصرار نور الدين محمود جمع أمراء جيشه ليستشيرهم في أمر قطع الخطبة للخليفة الفاطمي؛ فترددوا كثيرا، لكن فقيها يدعى "الأمير العالم" . قطع هذا التردد وأبدى عزمه على القيام بهذا الأمر، حيث صعد المنبر في أول جمعة من شهر ( محرم 567هـ ـ أيلول 1171م) قبل الخطيب ودعا للخليفة العباسي فلم يعارضه أحد. وفي الجمعة الثانية أمر صلاح الدين الخطباء في مساجد الفسطاط والقاهرة بإسقاط اسم العاضد من الخطبة، وذكر اسم الخليفة العباسي محله، معلنا بذلك نهاية الخلافة الفاطمية، وتبعية مصر للخلافة العباسية. وكان العاضد إذ ذاك مريضا فلم يعلمه أهله وأصحابه، ثم لم يلبث أن توفي بعد ذلك بعدة أيام، وبموته انتهت الدولة الفاطمية . التي حكم خلفاؤها الأوائل رقعة شاسعة امتدت من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا، ودُعي لأحد خلفائها على منابر بغداد عاصمة الخلافة العباسية عاما بأكمله.

المراجع

www.alrashead.net/index.php?partd=2&derid=1783

التصانيف

سياسة