لطغرائي المتوفى (514هـ وقيل515هـ): وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الأصبهاني
أصـالَةُ الرَّأيِ صانَتْني عنِ الخَـطَلِ
- وحِليةُ الفَضـْلِ زانَـتْني لَدَى العَطَـلِ
مَـجدي أخـيراً ومجدي أولاً شـَرَعٌ - والشَّمسُ رأدَ الضُّحى كالشَّمسِ في الطَّفَلِ
فيمَ الإقـامَةُ بالـزَّوراءِ لا سَـكَـني - بِـها ولا ناقَـتـي فـيـها ولا جَمـَلي
ناءٍ عن الأهـلِ صِفرُ الكـَفِّ مُنفردٌ - كالنَّصْلِ عُـرِّيَ مَثـنـاهُ عنِ الخِـلـَلِ
فـلا صديقٌ إليهِ مُشـتكَى حـَزَنـي - ولا أنيـسٌ إلـيـهِ مُـنتهـى جـَذَلـي
طـالَ اغترابيَ حـتَّى حَنّ راحـلتَي - ورَحْـلـُها وقـنـا العَسَّـالةِ الـذُبـُلِ
وضـَجَّ من لَغَبٍ نِضوي وعَجَّ لِـما - يلقاهُ قلـبي وَلَـجَّ الـرَّكبُ فـي عَـذَلي
أريدُ بَـسطةَ كفٍّ أستـعيـنُ بـهـا - على قضـاءِ حقـوقٍ لـلعُـلى قِـبَـلي
والـدَّهرُ يعكِسُ آمـالي ويُقـنعُنـي - من الغنيـمـةِ بـعدَ الكَـدِّ بالـقـَـفَلِ
وذي شَطاطٍ كـصَدرِ الرُّمحِ مُـعتقِلٍ - بـمثـلِهِ غـيـرِ هَـيّـَابٍ ولا وَكَـلِ
حُـلوِ الفَكاهةِ مُرِّ الجِدِّ قـد مُزجَـتْ - بقَسـوةِ الـبـأسِ منـهُ رِقَّـةُ الغَـزَلِ
طَـردتُ سَرحَ الكَرَى عن وِرْدِ مُقلتِهِ - واللَّيلُ أغـرَى سَـوامَ النَّومِ بالمـُـقَلِ
والرَّكبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَربٍ - صاحٍ وآخـرَ من خَمرِ الكـرى ثَمِـلِ
فقـلتُ أدعـوكَ للـجـُلىَّ لتَنصُرَني - وأنـتَ تَخذُلُني في الحـادِثِ الجَـلـَلِ
تـنامُ عَيني وعينُ النَّجـمِ سـاهـرةٌ - وتـستَحيـلُ وصِبغُ اللـيـلِ لـم يَحُلِ
فـهلْ تُعـينُ على غَيٍّ هَمَمـتُ بـه - والـغَيُّ يَزْجُرُ أحيـاناً عَـنِ الفَـشـَلِ
إنّـي أُريدُ طُروقَ الحـيِّ من إضَـمٍ - وقـد حَمَتهُ رُمـاةٌ مـن بَـنـي ثُعـَلِ
يَحـمونَ بالبيضِ والسُّمْرِ الـلِّدانِ بهِ - سُـودَ الغَدائرِ حُـمرَ الحـَليِ والحُلـلِ
فَـسِرْ بِنا في ذِمامِ الليلِ مُـهتـديـاً - بنـفحَةِ الطِّيبِ تَـهديـنا إلى الحِـلـَلِ
فالـحبُّ حيثُ الـعِدى والأُسْدُ رابضَةٌ - حـولَ الكِناس لـها غـابٌ من الأَسـَلِ
نَـؤُمُّ ناشئةً بالجِـزعِ قـد سُـقـيتْ - نِصـالُـها بـمياهِ الغُـنْـجِ والكَـحـَلِ
قـد زادَ طـيبَ أحاديثِ الكِرامِ بـها - ما بـالـكرائِـمِ من جُـبنٍ ومـن بَخَلِ
تـبيتُ نـارُ الهَوى منهنَّ فـي كـبدٍ - حَـرَّى ونـارُ القِرَى منهمْ على القـُلَلِ
يـقتُلنَ أنضاءَ حُبٍّ لا حَـراكَ بـهمْ - ويَنـحَـرونَ كِـرامَ الخـيـلِ والإبـلِ
يُـشفَى لـديغُ العَـوالي في بيوتِهـمِ - بـنهلةٍ مـن غَـديرِ الخـمرِ والعَسـَلِ
لعـلَّ إلمامـةً بالـجزعِ ثـانـيـةً - يَدِبُّ مـنها نسـيمُ البُـرءِ فـي عِلَـلي
لا أكـرهُ الطَّعنةَ النَّـجلاءَ قد شُفِعَتْ - بـرشفـةٍ مـن زُلالِ الأعـينِ النُّجـلِ
ولا أهابُ الصِّفاحَ البيضَ تُسـعدُنـي - بـاللَّمحِ من خَلَلِ الأسـتارِ فـي الكِلَـلِ
ولا أُخــلُّ بغـزلانٍ أُغـازلُـهــا - ولـو دَهَتني أُسـودُ الغـابِ بالغيـَلِ
حُبُّ السَّلامـةِ يَثـني هـمَّ صـاحبِـه - عنِ المعالي ويُغري المرءَ بالكَسـَلِ
فإنْ جَـنَحـتَ إلـيهِ فاتَّـخـذْ نَفَـقـاً - في الأرضِ أو سُلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ
ودَعْ غِـمارَ العـُلى للمُقدِمـينَ علـى - رُكوبِـهـا واقتَنـعْ منهـنَّ بالبَلـَلِ
يَرضى الذَّليلُ بخـفضِ العيشِ يَخفـضُهُ - والعِزُّ عـندَ رَسـيمِ الأينـُقِ الذُّلـُلِ
فادرأْ بهـا في نُحـورِ البـيدِ جافـلـةً - مُعارضاتٍ مثـاني اللُّـجـمِ بِالجُدُلِ
إنَّ العُـلى حدَّثتنْـي وهـيَ صـادقـةٌ - فيما تُحـدِّثُ أنَّ إلعـِزَّ في النـُّقَـلِ
لو أنَّ في شـرفِ المـأوى بُـلوغَ مُنىً - لم تبرحِ الشَّمسُ يومـاً دارةَ الحَمَـلِ
أهبتُ بالحـظِّ لو ناديـتُ مُسـتـمعـاً - والحظُّ عنّـيَ بالجُهّـَالِ في شُـغـلِ
لـعـلّـَهُ إنْ بـدا فضـلي ونقصُهُـمُ - لِعيـنهِ نـامَ عنـهمْ أو تنـبـَّهَ لـي
أُعـلِّـلُ النَّفسَ بـالآمـالِ أرقُبُـهـا - ما أضيقَ العيشَ لولا فَسـحةُ الأمـلِ
لم أرضَ بالعـيشِ والأيـامُ مقبـلـةٌ - فكيفَ أرضى وقد ولَّتْ علـى عَجَـلِ
غـالىَ بـنـفسيَ عِرفـاني بقيمـتِها - فصُنْتُها عن رخـيصِ الـقَدرِ مُبـتذَلِ
وعـادةُ النَّصْلِ أن يَـزهـو بجـوهرِهِ - وليسَ يعـمـلُ إلا في يَـديْ بَطـَلِ
مـا كنتُ أوثِرُ أنْ يمـتـدَّ بي زَمنـي - حتَّـى أرى دولـةَ الأوغادِ والسـِّفلِ
تَقَدَّمَتْـني أنـاسٌ كــانَ شَـوطُهُـمُ - وراءَ خـطويَ إذْ أمشي على مَـهَلِ
هذا جـزاءُ امـرئٍ أقرانُـهُ دَرَجـوا - مـن قبلهِ فتمنَّى فُسـحـةَ الأجـلِ
وإنْ عـلانيَ مَنْ دوني فـلا عـجـبٌ - لي أُسـوةٌ بانحطاطِ الشمسِ عن زُحلِ
فـاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَـجـرٍ - في حـادثِ الدَّهرِ ما يُغني عن الحيَلِ
أعـدَى عَـدوِّكَ أدنى منْ وثَـقتَ بـهِ - فـحاذِرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَـلِ
فإنَّـمـا رجـلُ الدُّنـيـا وواحـدُها - مـَنْ لا يُعوِّلُ فـي الدُّنيا على رَجُـلِ
وحُسـنُ ظنـِّكَ بـالأيـامِ مَـعْجِـزةٌ - فـظُنَّ شرّاً وكُنْ منها عـلى وَجـَلِ
غـاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ - مـسافةُ الخُلْفِ بينَ القَـولِ والعمـلِ
وشـانَ صِدْقَـكَ بيـنَ الناسِ كذبُهـُمُ - وهـلْ يُطابَـقُ مُعـوَجٌّ بمُـعتـدلِ
إنْ كـانَ ينجـمُ شـيءٌ في ثَباتـهـمِ - على الـعُهودِ فسَبقُ السَّيـفِ للعـَذَلِ
يـا وارِداً سُـؤرَ عيشٍ كـلُّـهُ كّـدّرٌ - أنفقتَ صَفـوَكَ فـي أيامِـكَ الأولِ
فيـمَ اقـتحامُكَ لُـجَّ البحـرِ تركبـُهُ - وأنتَ تكـفيكَ مـنهُ مُصّـَةُ الوَشـَلِ
مُـلكُ القناعةِ لا يُخـشى عليـه ولا - يحـتاجُ فـيه إلى الأنصارِ والخَـوَلِ
تـرجو البقاءَ بدارٍ لا ثبـاتَ لـهـا - فـهلْ سـمـعتَ بـظلٍّ غـيرِ مُنتقلِ
ويـا خـبيراً عـلى الأسـرارِ مُطَّلعاً - أُصمتْ ففي الصَّمتِ منجاةٌ مـن الزَّلّلِ
قـد رشَّـحوكَ لأمـرٍ إنْ فـطِنتَ لهُ - فـاربأْ بنفسِكَ أنْ تَرعى مـعَ الهَـمَلِ
المراجع
saaid.net
التصانيف
شعر ملاحم شعرية الفنون