(إلى أخي الكاتب المسرحي / الناقد / الشاعر المبدع سعدي عبد الكريم : صدىً لقصيدته "احتمال")
يا مُقرَّحَ الأجفان :
أعرفُ أنَّ دمعَ الرجولة
أكثرُ خشونة ً من المِبْرَد ..
هلّا أعَرْتني صبرَك
فقد خجلتُ من صراخي ..
صراخي الذي لم يتجاوز
حدودَ تلافيف ِ دماغي ..
دماغي العاطل عن العمل
مُذ أعلن الفرحُ عصيانه على حزني ..
" دجلة " لمّا تعُدْ أنثايَ الذهبية
و " الفرات ُ " لمّا يُعُدْ فحلا ً..
الحزنُ أخصى حتى الأنهار ..
والنخلُ كاد يحني رأسَه
خَجَلا ًمن المياسم التي
لا تدرأ الجرادَ
عن خِدور التويجات ..
البراعمُ هزيلة ٌ أجسادها
وضباعُ الليل قد سَمُنَت يا صديقي ..
أحداقي تعبتْ من افتراش الأفق
ولاثمة " هدهد " بشرى
يحطُّ على شجرة صندوق بريد الحياة ..
**
جيلانِ وأنا أجمعُ غبار السفر
لأصنع منه وطنا ً
يسع نورسة وبضع حمائم ..
فمتى أجمعه
إذا كانت الريح تُذري الغبار
وتنفخ في نار احتراقي؟
عشرون دورة شمس
وأنا أركض في براري الحلم
فمتى أقف على أرض اليقظة
أنا الراكض حولي كحصان الناعور ؟
كيف لي أن أسأل أمي
لأعرف منها
ما إذا كانت قد ولدتني على ظهر ناقة
أو
في مسلخ ؟
**
حانوتُ البقالة ِ
صار يبيع القماشَ الأبيض ..
والمَنْجَرُ لم يُنجِزْ بعد
سرير طفلتي ..
منذ ستّ ٍ وهو منشغِلٌ بصنع التوابيت ..
ياذا الوجع الجليل
هلا سألتَ " كوثر "
إنْ كان ثمة فسحة ٌ على مقربةٍ من حديقتها
هناك في الأعالي
لنقيمَ عليها كوخا ولو بالإيجار أفرشه بنبضي
وتسقفه بمناديلك ..
مناديلك المطرزة بدمعك الخشن ..
أعرف أنك سترفض دخول الفردوس
ما لم يُسمحْ لك
بإدخال العراق معك ..
أنا مثلك ياصديقي ... ولكن :
هل تعتقد أن الحِيتان
ستُبقي من سمكة الوطن ولو زعنفة واحدة ؟
**
لا عليك يا ابن عبد الكريم ..
فالأباطرة .. الدهاقنة .. السماسرة :
ينامون آخرَ الليل
ومسدساتهم المُهَيّأة للإطلاق تحت الوسائد
خشية َ شبح ٍ في مرآة
أو كابوس ٍ في حلم ..
بينما نحن :
ننامُ أوّل الليل
لانضع الخناجر والمسدسات تحت الوسائد ..
ولا الحرس الليلي أمام الأبواب ..
ليس لأننا ننعم بالأمان ِ
ولكن :
لأن الساحات العامة والأرصفة والحدائق
لا أبواب لها !!
المراجع
odabasham.net
التصانيف
شعر شعراء أدب