تعبر السياسة عن عملية صنع قرارت ملزمة لكل المجتمع تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات ونخب حسب أيديولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي. والسياسة هي علاقة بين حاكم ومحكوم وهي السلطة الأعلى في المجتمعات الإنسانية، حيث السلطة السياسية تعني القدرة على جعل المحكوم يعمل أو لا يعمل أشياء سواء أراد أو لم يرد. وتمتاز بأنها عامة وتحتكر وسائل الإكراه كالجيش والشرطة وتحظى بالشرعية.

ومع أن هذه الكلمة ترتبط بسياسات الدول وأمور الحكومات فإن كلمة سياسة يمكن أن تستخدم أيضا للدلالة على تسيير أمور أي جماعة وقيادتها ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع الواحد، بما في ذلك التجمعات الدينية والأكاديميات والمنظمات.وأيضاً السياسة هي القيام على الشئ بما يصلحه أي المفترض أن تكون الإجراءات والطرق وسائلها وغاياتها مشروعة فليست السياسة هي الغاية تبرر الوسيلة وليست العاب قذرة فهذا منطق المنافقين الانتهازين .

ويذهب بعض الباحثين الى ان سائل الإعلام السياسية هي وسائل اتصال تملكها أو تحكمها أو تديرها أو تؤثر فيها كيانات سياسية، بهدف الترويج لآراء هذه الكيانات. والمصطلح الشبيه وسائل الإعلام المعيارية يؤكد على السمات الاجتماعية والفنية لوسائل الإعلام نفسها في تشكيل القرارات. وقد لعب هارولد إينيس ومن بعده مارشال مكلوهان - وهما مُنظِّران إعلاميان كنديان - دورًا مؤثرًا في تطوير هذه النظرية.

رغم أنه من اليسير التعرف على وسيلة الإعلام السياسية في قناة تليفزيونية أو مجلة أو صحيفة رسمية تعلن بوضوح انتمائها لجهة ما، قد تكون هناك مخاوف عميقة بشأن إخضاع الاتصالات للمصالح السياسية وحياد وسائل الإعلام التي لا تعلن عن انحيازاها الحزبي.

وهذا التأثير لا يكون واضحًا دومًا، ويؤدي إلى قبول الناس للأفكار التي يطرحها مَن يأملون في التحكم في الاتصالات من أجل مصلحة المجتمع، أو في تحول مَن كانوا يؤيدون في السابق حرية الاتصال وتمكين الأقليات إلى الاعتراض عليها.

والإنترنت كمنظومة اعلامية تكنولوجية اتصالية ساهم بقدر كبير  من خلال المميزات التي عرف بها في السماح بالتفاعلية والتعددية وتبادل الآراء ومناقشة جميع القضايا، والنظر للمسائل والمواضيع من مختلف الزوايا،  وذلك من خلال تمكين مختلف الدول والجماعات والأقليات والافراد من انشاء مواقع لها على الشبكة والتعبير عن قيمها وهويتها وقضاياها كما تراها هي وليس كما تراها الاحزاب او الانظمة السياسية او الجماعات الأخرى، لذا تتعدد  التوجهات السياسية والدينية والثقافية المختلفة والتي تعبر عن أفكار وآراء الجميع بكل حرية في الفضاء الإلكتروني.

ويذكر د. محمد لعقاب الأستاذ المحاضر بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر في كتابه "تأثير الإنترنت على العمل السياسي.. أوباما نموذجا". انه  يستطيع الكثير من الأشخاص التعبير عن أفكارهم وانتقاداتهم بكل حرية على الإنترنت من خلال ما يعرف بالمدونات الشخصية أو مواقع فيسبوك وتويتر وغيرها والتي تمثل جزءا من محاولات اختراق حاجز الصمت ووسائل المنع التي تستخدمها الحكومات أمام وسائل الاعلام  الحرة وحرية التعبير. الأمر الذي مكن الجمهور الافتراضي الموجود في الشبكة العنكبوتية  وبتكاليف بسيطة الكتابة والتعبير عن آرائهم وانتقاداتهم بكل حرية.وهنا يستفيض الكاتب بالشرح في مؤلفه عن دور تكنولوجيا المعلومات الجديدة في إعادة تشكيل الديمقراطية من خلال ظهور نظام سياسي جديد يميزه بروز الجمهوريات الإلكترونية وزيادة سلطة المواطنين، وذلك أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جعلت من الجيل الثالث (جيل مجتمع المعلومات) أول جيل من المواطنين يستطيع أن يرى ويسمع ويصدر رأيا على زعمائه في وقت واحد وفورا.

وعليه فالحكومات اليوم سوف تواجه باستمرار ضغط الرأي العام الذي أصبحت المعلومات الجديدة والآنية بين يديه، وعلى هذه الحكومات أن تستعد لمواجهة كل أشكال الضغوطات من قبل الرأي العام .

إضافة إلى ذلك يرى الكاتب أن النظام السياسي الجديد يعرف بروز ظاهرة المعارضة الإلكترونية، فالمعارضة اليوم ليست بالضرورة حزبا معتمدا له وجود قانوني وتسمية ومقر اجتماعي ورئيس، فبإمكان الجميع اليوم عن طريق الإنترنت أن ينتقدوا ويعارضوا السياسات والقرارات والشخصيات المسؤولة ويطرحوا البدائل حتى لو كانت من قبل جماعات غير مرغوب فيها وليس لها وجود قانوني.

وفي هذا السياق يضرب الكاتب مثالا بالمدونين المصريين الذين تمكنوا من تشجيع الشباب للنزول إلى الشوارع ضمن حركة "كفاية" والمطالبة بإصلاحات ديمقراطية في مصر، صحيح أنهم لم ينجحوا في تحقيق التغيير إلا أنهم نجحوا لأول مرة في إنزال آلاف الناس إلى الشوارع وحشد الشباب وكذلك التنسيق فيما بينهم.

وفي خضم العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 27 ديسمبر/ أيلول 2008، لعبت شبكة الإنترنت دورا بالغ الأهمية في حشد التضامن والحركة الشعبية تجاه القضية، فمواقف الأنظمة العربية لم تكن في مستوى طموحات الشعوب العربية، ورغم توجهها لمنع المسيرات والتظاهرات المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، إلا أن المدونين العرب ومواقع فيسبوك وغرف الدردشة الإلكترونية تمكنت من كسر الحصار الذي فرضته الأنظمة، فهي في نظر الكاتب تمكنت من تنظيم "مسيرات إلكترونية" و"تجمعات افتراضية" دون الحصول على رخصة من وزارات الداخلية وأجهزة الأمن العربية، بل إن تلك المواقع والمدونات ساهمت في الزج بملايين العرب إلى الشوارع لتنظيم مسيرات في تحد عملي للأنظمة التي عجزت حتى عن تنظيم الغضب الشعبي.

وفعلا إذا تمكن الناس من التواصل وتبادل الأفكار والتجمع حول المعتقدات وجمع الأموال والتبرعات وحشد التأييد، فإن الأنظمة تصبح في وضعية "تسلل" حسب التعبير الرياضي.

وتأتي قدرة شبكة الإنترنت بوصفها وسيلة لزيادة الاهتمامات السياسية في أنها تتيح للناس  نشر أي موضوعات أو مواد يمكن رؤيتها في كل أرجاء العالم.

كما أنها تيسر عملية المزج بين النص والمعلومات المسموعة والمرئية بأساليب من شأنها رفع مستوى الاهتمام بالمحتوى الذي تحمله الشبكة، هذه الأخيرة أصبحت واسطة مهمة يستطيع المواطنون من خلالها التفاعل وفهم الامور التي تعترض شؤون الحياة ومنها السياسية .


المراجع

godjustic.blogspot.com

التصانيف

تصنيف :تكنولوجيا    العلوم الاجتماعية