استطاع فريق طبي سعودي في طب وجراحة العيون من القيام ب 12 عملية زراعة قرنية ناجحة في مركز النخبة الطبي الشهر الماضي باستعمال تقنية الإنتراليز في معظم الحالات لمرضى أعمارهم متفاوتة، منها 6 عمليات جزئية أمامية وعمليتين جزئية خلفية تدعى باسم عملية (الديسك) والتي ساعدت على استعادة القدرة على الرؤية بنسبة 95% عند هؤلاء المرضى، وبهذا يتشكل أمل جديد لمرضى زراعة القرنية والقرنية المخروطية في مراكز العيون التابعة للقطاع الخاص.

ونستضيف اليوم الدكتور علي الخيري رئيس الفريق... استشاري طب وجراحة العيون، وتخصص دقيق في جراحات القرنية والماء الأبيض والليزك والتهابات القزحية، والحاصل على الزمالة السعودية والبريطانية في طب وجراحة العيون والذي أجرينا معه هذا الحوار..... د. الخيري... عرفنا أولا بالقرنية؟ القرنية بأنها ذلك الجزء الدائري الشفاف الذي يقع في مقدمة العين ويغطى القزحية.

وهناك مجموعة من الأمراض تعمل على إصابة طبقات القرنية العلوية مثل: القرنية المخروطية، وبعض أمراض القرنية الوراثية، أو بعض ندب القرنية، وهناك بعض الأمراض التي تصيب الطبقات السفلية من القرنية مثل: ارتشاح القرنية بعد عمليات الماء الأبيض المعقدة، وقد يصل المرض درجة تستدعي استبدال القرنية بقرنية أخرى سليمة تأخذ من شخص آخر متوفى حديثاً ومجرى عليها اختبارات دقيقة لتحديد سلامتها وخلوها من الأمراض المعدية ومحفوظة في وسط يحافظ عليها لمدة لا تزيد عن شهر، وهو ما يدعى (زراعة القرنية الكاملة).

ولقد تطورت عمليات زراعة القرنية في السنوات الأخيرة بحيث أصبح بالإمكان الآن وفي مركز النخبة الطبي الجراحي زراعة جزء من القرنية سواء الجزء الأمامي أو الخلفي بحسب الجزء المراد استبداله في القرنية المريضة. ومن بين كل أنواع جراحات زراعة الأعضاء (القلب- الرئة- الكلى) فإن زراعة القرنية هي أكثر تلك الجراحات انتشاراً ونجاحاً، حيث تتميز زراعة القرنية بنسبة نجاح عالية قد تفوق نجاح زراعة أي عضو آخر من أعضاء الجسم.

ما هو دور المشرط الضوئي في عملية زراعة القرنية؟

استعمال جهاز الإنتراليز أو المشرط الضوئي (ليزر الفيمتو ثانية) يمكننا من قطع الجزء المريض من القرنية بدقة فائقة واستبداله بجزء سليم وبالتالي تفادي مضاعفات الرفض والمضاعفات الجراحية التي قد تحدث مع الزرع الكامل للقرنية.

كما أن القطع الناتج هو قطع متساوي وذو سماكة واحدة، وذلك بعكس المشرط الآلي، والذي تكون السماكة الناتجة عن القطع به غير متساوية وغير دقيقة، بالإضافة إلى ذلك فإن قطع القرنية بدقة ميكروسكوبية لا تتاح لليد البشرية ومع استخدام مواد تستعمل كغراء حيوي ربما تغنينا عن استخدام الغرز في المستقبل القريب مما يبشر بالتخلص من مشاكل الأستيجماتيزم (Astigmasim) التي تحدث بعد زراعة القرنية الكاملة بالطريقة التقليدية.

وتتخلص فكرة عمل المشرط الضوئي بإطلاق نبضة ليزر صغيرة جدا مقدارها لا يتعدى عدة مايكرونات من أشعة الليزر تحت الحمراء ولمدة قصيرة جدا مقدارها فيمتوثانية Femtosecond (1 على مليون المليار جزء من الثانية)، ورغم قوة طاقة نبضة الليزر تلك إلا أن تسليطها داخل القرنية لهذه المدة القصيرة يجعلها تتحول إلى فقاعة دقيقة تقوم بفصل الأنسجة عن بعضها البعض دون أن تحدث أية أضرار للأنسجة المجاورة.

وحتى تكون الرؤية جيدة يجب أن يتوفر عاملان مهمان في القرنية:

1 - أن تكون القرنية شفافة تماماً.

2 - أن تكون ذات سطح مستوي الكروية خالي من الاستيجماتيزم.

ما هي دواعي زراعة القرنية؟

تظهر ضرورة زراعة القرنية في حالات منها:

  • - بعض الأمراض الوراثية المسببة لعتامة القرنية.
  • - القرنية المخروطية (زيادة تحدب القرنية).
  • - ندب القرنية الناتجة من العدوى الفيروسية أو الإصابات.
  • - رفض الجسم للقرنية بعد جراحة سابقة لزراعتها.
  • - تجعد القرنية بسبب إصابتها.
  • - ارتشاح القرنية بسبب ضعف الخلايا المبطنة للقرنية.

كيف تتم الزراعة؟

قبل الجراحة بعد قرار الطبيب وموافقة المريض على إجراء زرع للقرنية يتم التنسيق لتوفير قرنية سليمة من شخص سليم لا يعاني أي أمراض معدية مثل الالتهاب الكبدي أو الإيدز. يوم الجراحة يحضر المريض المستشفى صباح يوم الجراحة، والجراحة في حد ذاتها غير مؤلمة وتجرى تحت تخدير موضعي أو كامل وذلك حسب عمر المريض وحالته الطبية.

وعند زراعة القرنية يتم إزالة جزء دائري من وسط القرنية المريضة ويتم استبداله بجزء مشابه من القرنية الجديدة، حيث يقوم الطبيب بواسطة الميكروسكوب الجراحي بأخذ القياسات اللازمة لتحديد مساحة جزء القرنية المراد قطعها من عين المريض ومساحة جزء القرنية المراد زراعتها، وبعد ذلك يتم قطع القرنيتين باستخدام ليزر الفيمتوثانية، بعد ذلك يتم تثبيت القرنية المزروعة في عين المريض باستخدام خيوط جراحية قطرها أقل من قطر رمش العين، بعدها تغطى العين ويخرج المريض من غرفة العمليات. بعد الجراحة عودة النظر الطبيعي بعد عملية ترقيع القرنية قد يستغرق مدة ربما تصل إلى أسابيع، وذلك يعتمد على سرعة التئام الجرح وسلامة الأنسجة الأخرى للعين. وكما هو الحال في زراعات الأنسجة فإن احتمالات رفض النسيج المزروع.

ولكنها نسبة لا تتعدى 5%، والعلامات المعروفة للرفض هي احمرار في العين أو تدهور الرؤية أو الشعور بألم حاد في العين، فإذا لوحظت إحدى هذه العلامات ينبغي الرجوع إلى الطبيب بأسرع وقت ممكن حتى لو حدث ذلك بعد سنوات من إجراء العملية وعادة يصف الطبيب للمريض بعض الأدوية التي تحتوي ضمن تركيبها على مادة الكورتيزون.

وهذه المركبات تساعد الجسم على تقبل الأنسجة الغريبة عنه وعدم رفضها، فلذلك يجب استعمالها باستمرار حسب التعليمات الطبية، لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة كاملة حسبما يرى الطبيب. ويجب الإدراك أن الاستمرار في استخدام هذه الأدوية مهم جداً حيث يؤدي تركها فجأة إلى تعرض القرنية للرفض، كما ينبغي أن يكون المريض المستخدم لتلك المستحضرات تحت إشراف طبي دقيق لما هو معروف عنها من أعراض جانبية.

هنا تتضح أهمية المحافظة على المواعيد الطبية في المستشفى للتأكد من سلامة القرنية وعدم وجود أي مضاعفات للأدوية. ما هي درجة أمان الزراعة؟ نسب نجاح إجراء جراحة زراعة القرنية صارت عالية مقارنة بالماضي، فالتقدم التكنولوجي في صناعة الخيوط والتي أصبحت أقل سمكاً من شعر الإنسان، بالإضافة إلى استخدام المجهر الجراحي الذي يضمن الرؤية الواضحة للجراح ساعدت في نجاح زراعة القرنية.

عمليات (الديسك) حدثنا عن عملية الزراعة الجزئية الخلفية للقرنية... أصبح الآن من الممكن استبدال بطانة القرنية وزراعتها فبطانة القرنية هي عبارة عن صف واحد من الخلايا لا تزيد سماكته عن 30-50 مايكرون، وهي رقيقة جداً وعند اعتلالها تصبح بحاجة إلى زراعة جزء داعم لها وهو ما يسمى غشاء (ديسيميت). ما هي الحالات التي تعالج بهذه الطريقة؟ الحالات التي تعالج بهذه الطريقة هي حالات اعتلال القرنية، وفشل القرنية المزروعة الذي يصيب القرنية بعد زراعتها، واعتلال بطانة القرنية الخلقي أو الوراثي، وانفصال بطانة القرنية الناجم عن عمليات العيون بعد إصابتها بالماء الأبيض أو الماء الأزرق، أو زراعة العدسات داخل العين، وغيرها من العمليات.

نتائج مبهرة ما مدى نجاح الزراعة الجزئية للقرنية؟ تصل نسبة نجاح مثل هذا النوع من الجراحات إلى 95% إذا اتبعت الأساليب الصحيحة لإجرائها وذلك مقارنة بطرق أخرى لهذا النوع من الجراحة، كما أن نجاح هذا النوع من الجراحة أفضل بكثير من طريقة زراعة القرنية لا سيما إن زراعة القرنية يعتريها الكثير من المخاطر رفض الجسم للقرنية المزروعة، أما في عمليات (الديسك) فإن نسبة رفض الجسم للجراحة فهي أقل من 5%.



المراجع

al-jazirah.com

التصانيف

حياة  صحة  صحة عمومية   العلوم التطبيقية   العلوم الاجتماعية