يتساءل المراقبون السياسيون عن معنى المفاوضات غير المباشرة التي وافق عليها وزراء الخارجية العرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهل هذا النوع من المفاوضات هو الذي سيؤدي إلى التوصل إلى اتفاق مع الإسرائيليين وبالتالي إلى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس؟.

منذ قيام السلطة الفلسطينية وقبل ذلك أي منذ بدء الاتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في العاصمة النرويجية أوسلو والمفاوضات مستمرة بين الطرفين ولم تؤد هذه المفاوضات إلى أي نتيجة وعندما يكون هناك بعض التقدم تستقيل الحكومة الإسرائيلية ويأتي رئيس وزراء جديد حيث يعيد هذا الرئيس المفاوضات مع السلطة الفلسطينية إلى نقطة الصفر ويبدأ مارثون هذه المفاوضات من البداية.

عندما تسلم الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما سلطاته الدستورية أعلن بأنه ستكون القضية الفلسطينية من أهم أولوياته وأن المفاوضات يجب أن تبدأ بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل وعين السيد جورج ميتشيل مبعوثا خاصا له إلى المنطقة وقام هذا المبعوث بتسع جولات التقى خلالها مع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين لكن بدون أن يصل إلى أي نتيجة بسبب الموقف الإسرائيلي المتعنت وبسبب رفض بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وقف عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس رفض التفاوض مع إسرائيل ما دامت عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية مستمرة والإدارة الأميركية لم تستطع إقناع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وقف الاستيطان ولو لشهر واحد لذلك فقد قدمت اقتراحها بإجراء مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين ، والفلسطينيون ومعهم العرب وافقوا على ذلك لإظهار حسن النية كما يفعلون دائما وهم يعلمون مسبقا بأن هذه المفاوضات لن تؤدي إلى أية نتيجة لأن عمليات الاستيطان في الضفة الغربية مستمرة وكذلك في مدينة القدس ولأن الأحزاب الإسرائيلية المشاركة في الحكومة الإسرائيلية هي أحزاب يمينية متطرفة لا يمكن أن توافق على إعطاء الفلسطينيين دولة مستقلة أو الانسحاب من الضفة الغربية المحتلة وفي حال وافق نتنياهو على أي شكل من أشكال الانسحاب الإسرائيلي ولو جزئيا من الأراضي الفلسطينية المحتلة فسوف تنسحب هذه الأحزاب من الحكومة وبالتالي سوف تستقيل حكومة نتنياهو بعد أن تدعو لانتخابات جديدة وهكذا سيبقى مسلسل التفاوض مستمرا إلى ما لا نهاية ونحن دائما نصر على إظهار حسن النية للإسرائيليين.

لا ندري من يضحك على من فالإدارة الأميركية صاحبة اقتراح المفاوضات غير المباشرة غير قادرة على إجبار حكومة نتنياهو لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية ولو ليوم واحد فهل تقدر على تحقيق أي تقدم في عملية السلام عن طريق المفاوضات غير المباشرة؟.

يعتقد المراقبون السياسيون بأن الحكومة الإسرائيلية تريد كسب الوقت فقط ولن تقدم أي تنازلات للفلسطينيين وها هي عمليات الاستيطان مستمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة ورئيس بلدية القدس أعلن بأنه سيحول أحد أحياء القدس إلى منطقة سياحية بعد أن يطرد السكان العرب من منازلهم ويهدم هذه المنازل والضفة الغربية ما زالت مقطعة الأوصال بالحواجز العسكرية التي حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم والاجتياحات الإسرائيلية مستمرة بشكل شبه يومي للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.

على كل حال ستمر الأربعة أشهر التي حددها وزراء الخارجية العرب وهي مدة التفاوض غير المباشرة مع الإسرائيليين ولن يحصل أي تقدم في مفاوضات السلام وسنعود من جديد إلى نقطة الصفر والمستفيد الوحيد من ذلك هم الإسرائيليون الذين سيستمرون في عمليات الاستيطان والتهويد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نزيه القسوس   جريدة الدستور