لا يختلف إثنان على أن الأغنية الأردنية فقدت بريقها ووهجها وأصبحت الساحة الفنية مليئة بالإغنيات التي ليس لها طعم أو لون أو رائحة وتفتقد إلى أبسط مقومات الطرب الأصيل وصرنا نسمع أغاني تصب كلها في نفس السياق وعلى نفس الوتيرة من الألحان مع بعض الإستثناءات البسيطة.
لقد إفتقدنا ذلك النمط من الأغاني التي كانت تداعب أرواحنا وتعشعش في قلوبنا لأن هذه الأغاني جزء من تراثنا ومن تاريخنا فقد أمر المرحوم الشهيد وصفي التل عندما كان مديرا للإذاعة والتوجيه المعنوي بجمع الأغاني الشعبية والتراثية من القرى والأرياف الأردنية وإعادة إنتاجها بقالب فني مناسب فكان المرحوم الشيخ رشيد زيد الكيلاني يتولى إعادة صياغة بعض الأبيات وتشذيب الكلمات والمرحوم جميل العاص يتولى صقل الألحان لتتناسب مع روح العصر وما زلنا حتى الآن نردد أو نستمتع عند سماعنا (يا زريف الطول ، وإتخسى يا كوبان ، وبردى بردى ، وقلبي معك مرهون) وعشرات الأغاني الأخرى الجميلة. كما لا ننسى المبدع توفيق النمري ولوحي بطرف المنديل ، وعالبرج العالي ، والمبدع روحي شاهين (يا حسين حنا وردي شاليشك) وعشرات الأغاني غيرها ومحمد الأدهم وعيسى البله وإميل حداد وغيرهم من الذين جعلوا الأغاني الأردنية تداعب أرواحنا. أما جميل العاص هذا الموسيقار الكبير فلا يمكن أن ننسى روائعه التي لحنها من قصائد حيدر محمود (أرخت عمان جدائلها ، والضفتان توآمان ، وعلى عيون النشامى... الخ.
هذه المقدمة نسوقها لنتحدث عن إحدى المبادرات الجميلة والرائعة لأمانة عمان الكبرى فقد إستقطبت الدائرة الثقافية في الأمانة مجموعة من الفنانين الأردنيين الذين كانوا يعملون في الإذاعة في عصرها الذهبي أمثال إميل حداد عازف القانون وعيسى البله وكرامه حداد عازفا الكمان وروحي شاهين عازف الشلو وسامي حداد عازف العود وعدد من الفنانين الذين لا تحضرني أسماؤهم والفنان المبدع صخر حتر الذي يقود الفرقة الموسيقية حيث تقيم هذه الفرقة مساء كل أربعاء سهرة أردنية بمشاركة المطربة سلوى والمطربين إسماعيل خضر ومحمد وهيب وفؤاد حجازي وبشاره الربضي وعدد آخر من المطربين حيث يتحفون الحضور بأغاني الزمن الجميل في سهرة أردنية أصيلة بإمتياز يغنون فيها كل الأغاني التي يحبها الأردنيون والتي كانت دائما محور سهراتهم وأعراسهم.
أما الجمهور الذي يحضر هذه السهرات فهو جمهور متميز بكل هذه الكلمة من معنى فنجد بعض الأساتذة الأكاديميين وبعض المثقفين ومجموعة من الفنانين وعدد من العائلات الأردنية التي جاءت مع كامل أفرادها لتستمتع بهذه السهرات الأردنية.
إن من يحضر هذه السهرة الأسبوعية يشعر بعطش الناس للطرب الأصيل الذي إفتقدوه منذ زمن طويل ويلاحظ مشاعر الفرح والبهجة على وجوه الحضور الذين إفتقدوا الفن الأصيل ولم يعودوا يرددوا إلا الأغاني الأردنية التي تداعب وجدانهم حتى أنك تسمع العديد من الحضور وهم يشاركون المطربين غناءهم.
شكرا لأمانة عمان هذه المبادرة الرائعة والتي نتمنى أن تستمر لفترات طويلة قادمة.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة نزيه القسوس جريدة الدستور