من أهم الخطوات التي تجري على طريق الإصلاح الآن هي الوصول إلى توافق حول قانون جديد للإنتخابات وبغض النظر عن شكل ومضمون هذا القانون فإن هناك بعض المؤشرات التي يجب أن نضعها أمام لجنة الحوار الوطني التي ستضع تصورا توافقيا لهذا القانون قبل أن يصيغه المشرعون القانونيون بصيغته التي ستقدم إلى مجلس النواب.

في كل الإنتخابات السابقة كان الناس يحتجون على بعض المرشحين الذين يسكنون في العاصمة عمان ومن النادر أن يزوروا مدنهم بل إن بعضهم لم يزر مدينته منذ سنوات طويلة جدا ولم يسكن هذه المدينة في حياته أبدا ويقول هؤلاء الناس كيف يمكن لهؤلاء أن يمثلونا وهم لا يعرفون ماذا تحتاج محافظاتنا أو مدى معاناة البعض وعندما ينجحون لا يعودون إلى محافظاتهم أبدا وإذا ما راجعهم أحد لمساعدته يحاولون التملص بكل الطرق والأساليب حتى أن هؤلاء يغلقون هواتفهم عندما يعرفون أن المتصلين يريدون منهم خدمة ما أو مساعدة.

معظم المواطنين في محافظات المملكة يعتقدون إعتقادا جازما بأن من يمثلهم في مجلس النواب يجب أن يكون من سكان هذه المحافظات ويعيش فيها باستمرار لأن هذا الشخص يعرف هموم محافظته ويعرف أوجاع الناس واحتياجاتهم وسيبقى دائما بينهم يلتقون معه دائما ويتحدثون عن مشاكل محافظتهم وهمومها ولا يستطيع أن يتملص من أبناء هذه المحافظة الذين إنتخبوه لأنه واحد منهم وبيته بين بيوتهم وهمهم هو نفس همه لذلك فإن هؤلاء الناس يريدون أن يكون نوابهم من ابنائهم الذين يعيشون معهم وليس من أولائك الذين لم يعيشوا في مدنهم أبدا.

يقول أحد المواطنين بأن قريبه الذي ولد في العاصمة عمان وعاش فيها رشح نفسه في إحدى المرات للإنتخابات النيابية في مدينته الأصلية وقد فتح هذا المواطن بيته لهذا القريب كمقر إنتخابي وتزعم حملته الإنتخابية ودفع من جيبه مبالغ كبيرة من طعام وشراب ومصاريف أخرى إلى أن نجح هذا الشخص وعاد إلى عمان وبعد عدة أشهر إقترح هذا المواطن على قريبه النائب أن يأتي إلى مدينته التي إنتخبته ليلتقي ببعض المواطنين الذين وقفوا معه على غداء يقيمه هذا المواطن في بيته لكنه رفض بشدة وكان يتصرف بفوقية مع أي شخص إنتخبه إذا ما راجعه لشأن ما.

الخلاصة من هذه المقدمة أن عددا كبيرا من المواطنين يتمنون أن يتضمن قانون الإنتخاب الجديد فقرة تنص على أن أي مواطن يريد أن يرشح نفسه للإنتخابات النيابية يجب أن يكون سكنه ومعيشته في المنطقة التي يريد أن يترشح عنها حتى يكون قادرا على التعامل مع قضايا هذه المنطقة لأنه يعرفها معرفة تامة ويعرف أيضا ما يريده المواطنون الذين إنتخبوه في تلك المنطقة.

هذا الإقتراح سيلاقي بالتأكيد معارضة شديدة والذين سيعارضونه هم النواب الذين نجحوا عن مناطقهم وهم لا يعيشون في هذه المناطق لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح ونتمنى أن يدرس هذا الإقتراح من قبل لجنة الحوار الوطني دراسة معمقة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نزيه القسوس   جريدة الدستور