يصر الرئيسان اليمني علي عبد الله صالح والليبي معمر القذافي على البقاء في السلطة حتى لو قتلا نصف شعبيهما فالعقيد القذافي يتربع على كرسي الحكم في ليبيا منذ الأول من شهر أيلول عام 1969 والرئيس اليمني تسلم السلطة منذ أكثر من ثلاثين عاما.

في ليبيا بدأت الإحتجاجات في مدينة بنغازي بشكل سلمي لكن الأوامر صدرت للكتائب الموالية للعقيد القذافي بقمع المحتجين وإطلاق الرصاص الحي عليهم مما جعل بعض رموز الجيش الليبي ينشقون عن كتائب القذافي وينضمون للمحتجين وعندما سقط العشرات من المواطنين الليبيين الأبرياء برصاص الجيش الليبي أعلن الشعب الليبي في منطقة بنغازي الثورة المسلحة ردا على ما قامت به كتائب القذافي من مجازر بشعة ثم امتدت هذه الثورة لتشمل معظم أنحاء ليبيا وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا وقد ارتكبت كتائب القذافي مجازر وحشية بشعة ضد الشعب الليبي وقصفت المدن والقرى بالصواريخ والمدفعية الثقيلة ودمرت المنازل والمؤسسات وقتلت الآلاف وجرحت الآلاف أيضا وشردت عائلات بأكملها خوفا من عمليات الإتصاب التي كان يقوم بها أفراد كتائب القذافي وكل ذلك من أجل أن يبقى هذا الرجل متربعا على كرسي الحكم مدى الحياة لأنه يعتبر أن ليبيا عبارة عن مزرعة ورثها عن آبائه وأجداده ويجب أن يورثها لأبنائه .

أما في اليمن فنحن جميعا نعرف بأن الشعب اليمني من أفقر شعوب العالم ولا توجد خطط للتنمية أو النهوض بالإقتصاد هناك والفساد مستفحل إلى درجة أن بعض المقربين من الرئيس صالح سواء من رجال الحكم أو من أقربائه الذين وضعهم في قمة الهرم هم الفئة التي تستمع بمقدرات الشعب اليمني وقد شاهدت بنفسي كيف يغدق الرئيس على بعض المنافقين الذين يؤلفون كتبا عنه حتى أنني إطلعت على شيك بمئة ألف دولار لباحث مغمور لأنه ألف كتابا عن الرئيس اليمني .

في اليمن أكثر من إثنتي عشرة مليون قطعة سلاح من مختلف الأنواع لكن الشباب اليمنيين الذين يطالبون برحيل الرئيس صالح يصرون على أن تكون ثورتهم سلمية وبالرغم من العدد الكبير من القتلى الذين سقطوا برصاص جنود النظام إلا أن هؤلاء الشباب ما زالوا يصرون على أن ثورتهم يجب أن تبقى ثورة سلمية وستسمر كذلك إلى أن يرحل علي عبد الله صالح ويرحل معه أقرباؤه الذين يشغلون أهم المناصب القيادية في الجيش وفي الأمن العام .

الرئيس صالح يصر على البقاء في السلطة بعد أكثر من ثلاثين عاما من الحكم ويدعي بأنه جاء إلى الحكم عن طريق صناديق الإقتراع وأن الشعب اليمني هو الذي إختاره وهو يريد أن يبقى إلى نهاية الفترة المحددة لرئاسته وهذا الإدعاء يثير بالطبع سخرية معظم المحللين السياسيين لأننا جميعا نعرف كيف يجري الإقتراع وكيف يتم التزوير وكيف يحصل الرئيس على تسعة وتسعين بالمئة من أصوات الناخبين .

أما في ليبيا فلم تجر إنتخابات رئاسية منذ ان تسلم القذافي الحكم في العام 1969 فهو يدعي أنه ليس رئيسا لليبيا بل قائدا للثورة ولا ندري عن أي ثورة يتحدث فالملك إدريس السنوسي كان رجلا متقدما في السن ويقضي معظم وقته خارج البلاد وعندما قام القذافي وزملاؤه بإنقلابهم لم تطلق طلقة واحدة وقد بارك البريطانيون والأميركيون هذا الإنقلاب لأنهما كانا يستطيعان إجهاضه لو أرادا ذلك لأن بريطانيا وأمريكا كان لهما قاعدتان عسكريتان كبيرتان في ليبيا .

على كل حال فإن النصر في النهاية للشعوب مهما كانت التضحيات كبيرة وسيعلم الظالمون في النهاية أي منقلب ينقلبون .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   نزيه القسوس   جريدة الدستور