اليوم، يقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلبا الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وعاصمتها القدس وبالرغم من الضغوطات الشديدة والكبيرة التي مورست على الرئيس عباس من الادارة الأميركية ومن بعض لأطراف الأخرى.
وبالرغم من التهديدات الاسرائيلية بعدم دفع الأموال الخاصة بالسلطة الفلسطينية التي تحصلها اسرائيل لهذه السلطة سواء من الرسوم الجمركية أو بعض الضرائب الأخرى الا أن الرئيس عباس أصر على موقفه ولم يتراحع عنه أبدا وكانت حجته دائما جملته المشهورة أعطوني البديل فالمفاوضات مع الطرف الاسرائيلي مستمرة منذ حوالي عشرين عاما ولم تسفر عن أي نتيجة والوضع السياسي والاقتصادي في الضفة الغربية سيىء جدا بسبب الاحتلال الاسرائيلي والممارسات التي يقوم بها جيش الاحتلال وقطاع غزة منفصل عن الضفة الغربية ويحكم من قبل حركة حماس والفلسطينيون يعيشون في ظل ظروف صعبة جدا ولا يمر يوم لا تعتقل فيه السلطات الاسرائيلية عددا من الفلسطينيين حتى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية تجاوز العشرة آلاف معتقل، لذلك فمهما كانت تبعات الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ومهما اتخذت اسرائيل من اجراءات انتقامية ضد الفلسطينيين وسلطتهم فان الوضع الذي سينتج عن ذلك لن يكون أسوأ من الوضع الذي يعيشونه حاليا.
الطلب الفلسطيني اذا ما عرض على مجلس الأمن الدولي، فان المراقبين السياسيين يتوقعون أن تعمل الولايات المتحدة اما بالايعاز لمندوبين اثنين بالتغيب عن الجلسة حتى لا يحصل الطلب الفلسطيني على تسعة أصوات من أصوات أعضاء المجلس والبالغة خمسة عشر صوتا وهذا اذا ما حدث فسوف ينقذ الادارة الأميركية من الاحراج لأنها لن تستعمل حق النقض «الفيتو» أو أنها ستستعمل حق النقض «الفيتو»، وهذا كما يتوقع هؤلاء المراقبون أن يسيء الى صورة هذه الدولة العظمى عند العرب والمسلمين ويجعلها هدفا مؤكدا لبعض المنظمات المتطرفة.
أما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالمراقبون السياسيون يتوقعون أن يحصل الطلب الفلسطيني على الأصوات اللازمة لاقراره أي خمسين بالمئة من الأصوات زائد واحد وهذا ما سيجعل اسرائيل ومعها الولايات المتحدة تثوران ضد هذا الاجراء، وقد هدد بعض أعضاء الكونغرس الأميركي بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية في حال حصولها على الاعتراف الدولي.
اسرائيل تقول على لسان رئيس وزرائها أن الدولة الفلسطينية يجب أن تعلن عن طريق المفاوضات لكن هذه المفاوضات التي جرت خلال العشرين عاما الماضية لم تسفر عن أي نتيجة وعمليات الاستيطان في مدينة القدس والضفة الغربية مستمرة على قدم وساق بل ان رئيس الكنيست الاسرائيلي طالب حكومته قبل حوالي عشرة أيام بضم الضفة الغربية الى اسرائيل.
جلالة الملك عبدالله الثاني، قال في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية ونشرت يوم الثلاثاء الماضي ان المسؤولين الاسرائيليين يدفنون رؤوسهم في الرمل، أي أنهم لا يريدون أن يتعاملوا مع الوقائع كما هي وحذر من أنه اذا ما استعملت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية فستواجه شرق أوسط يعتبرها جزءا من المشكلة.
ان تحذيرات جلالة الملك هذه يجب أن تؤخذ على محمل الجد من قبل اسرائيل والولايات المتحدة التي تدعمها بلا حدود، فنظرة جلالته الى المستقبل نظرة ثاقبة ورؤيته لما يمكن أن يحدث نتيجة لهذه المواقف غير المنطقية وغيرالمقبولة هي رؤية شاملة ومبنية على مؤشرات سياسية يعرفها ويقدرها حق تقدير.
يعتقد المراقبون السياسيون أن اسرائيل ستكون الطرف الخاسر في النهاية، فلو جمعت جميع أسلحة العالم عندها فلن توفر هذه الأسلحة الأمان والسلام لها وستكون دائما قلقة على مستقبل أبنائها وهنالك شواهد كثيرة في التاريخ يمكن أن يقرأها المسؤولون الاسرائيليون لكنهم مع الأسف لا يقرأون أبدا.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة نزيه القسوس جريدة الدستور